محمد صخر الماطري... نفوذ مالي وسياسي بنكهة إسلامية معتدلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لم تمرّ تصريحات صهر الرئيس التونسيّ الشاب محمد صخر الماطري حول سعيه إلى ترسيخ التديّن في البلاد والتي أدلى بها إلى وكالة "فرانس برس" للأنباء منذ أيام مرور الكرام. فالشاب ذو النّفوذ المالي والإعلاميّ ومؤخّرًا السيّاسيّ ليس مجرّد مستثمرًا أوعضو لجنة مركزيّة عادي في الحزب الحاكم، فهو بحسب متابعين خليفة الرئيس بن علي الذي يختتم ولايته الأخيرة دستوريًّا.
إسماعيل دبارة من تونس: يحمل صهر الرئيس التونسيّ محمد صخر الماطري 28 سنة مشروعًا إسلاميًا معتدلاً يرمي إلى "ترسيخ التدين المعتدل في بلد عرف بعلمانيته، لمواجهة الغلو والتطرف" على حدّ تعبيره، مما أثار ريبة علمانيّ تونس وإسلامييها على حدّ سواء.
"إيلاف" من تونس حاورت كلاّ من صالح الزّغيدي القياديّ في الجمعيّة الثقافية للدفاع عن العلمانية في تونس والإعلاميّ المقيم في لندن لطفي زيتون لتسليط الضوء على سطوع نجم محمد صخر الماطريّ سياسيًا وإعلاميًا في هذه الفترة من تاريخ تونس التي توصف بـ"الحساسة".
المال والإعلام و..السياسة
فهد محمد صخر بن المنصف الماطري هو ابن العقيد منصف الماطري صديق الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وزميل دفعته في مدرسة سان سير الفرنسية، شارك والده المنصف الماطري في عملية انقلاب فاشلة ضد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة سنة 1962 والتي قادها حينها لزهر الشرايطي، وقد حكم على والد صخر الماطري بالإعدام ثم خفف الحكم عنه ليطلق سراحه بعد مدة. والماطري متزوج من السيدة نسرين بن علي الابنة البكر للرئيس التونسي.
ويمتلك محمد صخر الماطري عدة شركات واستثمارات على غرار شركة الشحن التونسية المقدر ثمنها ب 100 مليون دينار، كما يدير "مجموعة أميرة الماطري" التي تتوزع استثماراتها على قطاعات الصحة والسياحة والصناعات الغذائية ومشاريع العقارات الضخمة، بالإضافة إلى ادارته شركة "النقل للعربات الصناعية" إلى جانب شركة "حلق الوادي لملاحة الترفيه" وهي شركة متخصصة في السياحة البحرية علاوة على سلسلة مخازن "المغازة الكبرى" كما يملك شركة "نستلي تونس".
ويملك الماطري كذلك 16% من أسهم البنك الإيطالي Monte De Pasche De Sienna ليبيعها بعد إتمام صفقة الخصصة لأحد أطرافها البنك الاسباني Sentender وليتحصل على مبلغ 22 مليون دينار، ويمتلك أيضا أربع شركات عقارية تحصلت على النصيب الأكبر من مشروع الاستثمار الإماراتي العملاق سما دبي ( المقدرة قيمته ب14 مليار دولار) والذي أعلن عنه في تونس سنة 2007.
في العام 2007 أنشأ الماطري الذي يملك مجموعة من المؤسسات العاملة في قطاع السيارات الفاخرة وصناعة الأدوية والعقارات، أول إذاعة دينية أطلق عليها اسم " إذاعة الزيتونة " نسبة إلى جامع الزيتونة الشهير بتونس.
أما إعلاميًا، فقد أحكم الماطري قبضته على مجموعة "دار الصباح" التي تدير صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار هما "الصباح" (ناطقة بالعربية) و"لوتون" (ناطقة بالفرنسية) وجريدتين أسبوعيتين ناطقتين بالعربية هما "الصباح الأسبوعي" و"صباح الخير".
وذكرت مجلة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية إن رجل الأعمال الشاب الماطري يعتزم إطلاق قناة تلفزيونية خاصة ستكون متخصّصة في الشؤون الدينيّة بحسب بعض التسريبات. وفي الـ 16 من شباط/ فبراير 2009، أعلن البنك المركزي في تونس عن موافقته على إصدار رخصة إنشاء أول بنك إسلامي تونسي تحت مسمى "بنك الزيتونة" مملوك لصهر الرئيس التونسي الشاب.
يقول الإعلامي لطفي زيتون لإيلاف: "ظاهرة السيد صخر الماطري في الحياة السياسية وصعوده السريع لا يمكن قراءتهما إلا في إطار ما سماه الفيلسوف الألماني هيغل "مكر التاريخ" the cunning of history. فهل هناك أكثر مكرًا من أن يصبح محور الاهتمام السياسي في تونس شابًا سليل أسرة يوسفية (نسبة إلى صالح بن يوسف أحد معارضي الرئيس بورقيبة) تحالف ابنها (والد صخر) وزملاؤه من الضباط "اليوسفيين" مع من تبقى من قيادات الحركة الزيتونية للانقلاب على بورقيبة ومثل فشلهم نهاية لكلا التيارين.
ويتابع زيتون: "أن تكون لمثل هذا الشاب -بما تحمله عائلته من تراث سياسي- طموحات سياسية فهو أمر مشروع رغم أن المخيال الشعبي التونسي يتوجس من المزج بين السياسة والمال. والخطوات التي يقوم بها السيد صخر تدل -إلى حد الآن على الأقل- على حذر شديد وذكاء في استعمال المال في المجال السياسي. السيد الماطري يقوم بأعمال مثل إطلاق اللحية ونشر القرآن وتنظيم الدروس الدينية كان القانون يجرمها إلى وقت قريب والرمز الذي يتحرك تحته (الزيتونة) له تداعيات تاريخية وسياسية لا تخفى، كما أن سيطرته على دار الصباح لا تخلوأيضا من دلالة سياسية تاريخية فهي الصحيفة المستقلة التي انحازت إلى "اليوسفيين" في وجه بورقيبة قبل أن يتم ترويضها بعد انهزام سندها السياسي وغيابه نهائيا عن ساحة الفعل".
القياديّ بالجمعية الثقافية للدفع عن اللائكية (العلمانية) في تونس، الحقوقي صالح الزغيدي المعروف بدفاعه عن تطبيق العلمانية، يرى أنّ هناك في المّدة الأخيرة الكثير من التهويل حول مكانة السيد محمد صخر الماطري على الساحة العامة، والسياسية منها بالخصوص".
ويقول الزغيدي لإيلاف : "إشرافه على اجتماع للحزب الحاكم مند بضعة أشهر، ثم صعوده إلى اللجنة المركزية للحزب نفسه، وقع حسب اعتقادي تضخيمهما أكثر من اللزوم..الكل يعلم أن اللجنة المركزية لا سلطة لها بتاتًا، بل لا حضور فعلي لها حيث تجتمع مرة كل سنة أوسنتين، إضافة إلى أن عدد أعضائها يقارب المئتين على ما أعتقد، حتى أن المتتبعين للأحداث السياسية أنفسهم لا يعرفون بالضبط من هم أعضاء هذه اللجنة، ناهيك عن المواطنين العاديين، من جهة أخرى، يتناسى البعض أننا في نظام الحزب الواحد وفي نظام رئاسوي، وينجر عن هذا أن السلطة المطلقة هي بين يدي رئيس الدولة..فلا حكومة ولا مكتب سياسي لأن الأعضاء فيهما لا نفوذ حقيقي لهم بل كل واحد منهم يخضع للسلطة المطلقة لرئيس الدولة / رئيس الحزب ويأتمر تماما بأوامره".
شبح " التوريث "
تشير عدّة قراءات وتكهنات إلى أنّ الفريق الحاكم في تونس يقوم بـ"إعداد" الشاب الماطريّ لخلافة الرئيس بن علي، إلا أنّها تظلّ قراءات غير مدعومة بأدلة موثوقة، فالحكومة لم تلمّح إلى ذلك في حين يستند الملاحظون إلى البروز الإعلامي والسياسيّ لصخر الماطري للإقرار بأن معضلة "التوريث" ستطال الجمهورية التونسية خلال الأعوام المقبلة.
"هي محاولات من بعض الأطراف المعارضة للهروب من مواجهة الاستحقاقات الحقيقية في الحد من تغوّل السلطة وقد تكون بعض الأجنحة داخل السلطة لها دور في هذا التضخيم لإغراض غير خافية" يقول الإعلاميّ والكاتب لطفي زيتون ويضيف: "نحن أمام فترة رئاسية تمتد على خمس سنوات. الأصل أن يتهيأ فيها المجتمع المدني والسياسي ليكون على استعداد للعب دور في عملية التداول التي لا بد آتية سياسيا أوبيولوجيا. عوض أن تتحرك النخب من اجل فرض الإصلاحات التي يتطلبها حاضر البلاد ومستقبلها سواء خلال هذه الفترة الرئاسية الأخيرة للرئيس الحالي أوفي الفترة القادمة لخلفه أياّ كان، عوض ذلك تتلهى النخب بالبحث عمن يخلف بن علي فيما يشبه عملية التنجيم".
ويرى زيتون أنّ "الخلافة في تونس ليست شأنا داخليا يتقرر في أروقة الحكم فقط بل هي في غياب حياة سياسية داخلية حقيقية تصبح اقرب إلى الشأن الخارجي فالقوى الدولية والإقليمية المحيطة بتونس إضافة إلى الولايات المتحدة هي التي ستكون صاحبة القول الفصل في المسالة وهذه القوى لها حساباتها ولها رجالها".
ما سمي بالتوريث، حسب اعتقاد الأستاذ صالح الزغيدي، يدخل في باب تقليد ما يجري في مصر بالنسبة لابن الرئيس مبارك وعلى شاكلة ما حدث في سوريا بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد. والحقيقة أن المشهد السياسي في تونس وخصوصية علاقة الرئيس التونسي بالحزب الحاكم وعراقة هذا الأخير وتواجده المكثف في البلاد منذ أكثر من 75 سنة، وخاصة في النصف قرن الأخير، وحداثة ارتباط الرئيس بن على بالحزب الحاكم، كل هذا - يقول الزغيدي - يجعلني شخصيا أعتبر أن سيناريوهات ما يسمى بالتوريث في تونس لا تعدوأن تكون مهاترات، ولوأنها ناتجة عما بلغه الوضع العام والحياة السياسية من انسداد للأفق وخوف من المستقبل، فالقضيّة الأساسية والتي من المفروض أن تتركز عليها الأنظار والاهتمامات تتمثل في ضبط ما ينبغي عمله من أجل القطع مع أنموذج الحكم السائد في هذه البلاد حتى تقع إعادة الاعتبار للنظام الجمهوري، لأن الشعب التونسي في حاجة ملحة لنظام يشتمل على حكومة حقيقية أي وزراء حقيقيين وليس مجرد موظفين في خدمة رئيس الدولة، وعلى برلمان يلعب دورا حقيقيا في مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها وليس مجرد "موظفين يرلمانيين" في خدمة حزبهم ورئيسه، وعلى جهاز قضائي محترم مستقل قادر على حماية المواطنين من كل الاعتداءات على الحقوق، بما في ذلك تلك التي تصدر عن السلطة ومختلف أجهزتها السياسية والأمنية والإدارية".
مشروع في مواجهة "النهضة" ؟
مشروع صهر الرئيس التونسيّ الإسلامي المعتدل يثير شكوكًا وتساؤلات عدة ، فبعضهم يراه محاولة لسحب البساط من تحت أقدام حركة "النهضة" الإسلامية المحظورة، وبعضهم يراه سياسة رسميّة لـ"التصالح مع هويّة الشعب التونسيّ".
ويدور حديث حول طموح الماطري إلى لعب دور متميز في مسألة التدين وحضور الدين بصفة عامة في تونس، يقول صالح الزغيدي: ما نلاحظه هو أن هذه التخمينات تعتمد على حدثين أولهما بعث إذاعة "الزيتونة" القرآنية وثانيهما بعث ما يسمى بالبنك الإسلامي، إضافة إلى الحديث الذي أدلى به المعني بالأمر لوكالة "فرانس برس"، التساؤل الذي يتبادر للأذهان هوالتالي :هل للسيد الماطري، وهوفي سن التاسعة والعشرين، وفي بداية طريقه في جميع المستويات، مشروع سياسي وحضاري أولا وقبل كل شيء، ثم هل أن له خيارات ثابتة وواضحة حول مستقيل تونس والاستحقاقات القادمة بما في ذلك طبيعة الحركة الاسلاموية وتموقعها على الساحة الفكرية والسياسية في البلاد، حتى نتحدث عن بديل لحركة "النهضة" يحمله أويسعى إلى بلورته وبناءه السيد الماطري ؟
ويخشى الزغيدي أن تكون النقاشات حول مثل هذه الأطروحات إنما الهدف منها تحويل الأنظار عن القضايا المهمة والإشكالات الحقيقية للبلاد والحركة الديمقراطية بالخصوص، خاصة بعد تجربة الانتخابات الأخيرة ومقارباتها "التقليدية"، ويقرّ بأنّ " ما يمكن قوله حول الإضافة التي قدمها السيد الماطري والمتمثلة أساسا في إذاعة القرآن الزيتونة هوأن هذه القناة ساهمت موضوعيا، من حيث أراد أصحابها أم لم يريدوا، في تعزيز الفكر الأصولي وفي اختراقه لعديد الفئات والشرائح التي لم تكن لها أية علاقة به من قبل..ففي حين كان المشهد الإعلامي يفتقر إلى قنوات قادرة على التصدي للفضائيات الخليجية المتطرفة وما تبثه جاءت "الزيتونة" لتزيد الطين بّلة وتشارك في ضرب محاصرة دينية مختلفة الأشكال ومتنوعة المصادر على كافة الحياة العامة في البلاد بل وفي اختراق عدة جوانب من الحياة الخاصة..وهوما يؤكد مقولة تفرض نفسها على الجميع : إن سياسة منافسة الأصولية على ميدانها لا تخدم إلا مصلحة الأصولية".
الإعلامي لطفي زيتون يرى في كلّ ذلك "دغدغة لمشاعر التدين المتصاعدة في أوساط الشعب التونسي أومحاولة لتفكيك الاحتقان السياسي والديني الذي عانت منه البلاد خلال العشريتين الماضيتين وبدأ يترجم نفسه من خلال بعض البؤر العنيفة التي أثبتت التجربة أنها سرعان ما تنتشر في مثل الأوضاع التونسية". ويرى أنّ" سوء الظن والتوجس الشعبي سيبقى مصاحبا لهذا التمشي ما لم تبادر السلطة بتفكيك المشكل الأساسي الذي تسبب في إعادة الدولة إلى نقطة الصفر أي نهاية عهد بورقيبة في علاقتها بالدين الموصومة بالصراع والتنافي. ما لم تبادر السلطة إلى تغيير سياستها تجاه حركة النهضة ومناضليها والتخلي عن سياسة الاستئصال"، على حدّ تعبيره.
ويتابع الاعلاميّ المقيم في لندن :"ما يتردد في أروقة السلطة وعلى إطرافها من تفكير بعض دوائرها في اصطناع حزب إسلامي مزيف والخطوات المتمثلة في محاولة شق حركة "النهضة" واختراقها واحتضان بعض مناضليها السابقين يكشف بجلاء أن السلطة بدأت تشعر بالمأزق بعد عجز حربها ضد حركة "النهضة" في تحقيق أهدافها المعلنة في استئصالها، خصوصا وأن هذه الحركة أصبحت مكونًا أساسيًا من مكونات الاجتماع السياسي التونسي مثل اتحاد الشغل والحركة الطلابية وحزب الدستور. ولا بد لأي سلطة حتى تحكم البلد بشيء من الراحة أن تتفاهم معها".
ويؤكّد لطفي زيتون أن" الإسلاميون لا يعتبرون صخر الماطري عدوا لهم على ولكن اقترابه من فكرة الحزب الاصطناعي الإسلامي التي يروّج لها البعض قد تضعه في قلب معركة مكلفة وهوفي غنى عنها".
صمت العلمانيين !
على الرغم من أنّ وصول شخصية "متديّنة" كصخر الماطري إلى سدّة الحكم في تونس قد يعني "خطرًا" على علمانية الدولة التونسيّة التي يحرص كثيرون على التمسّك بها، إلا أنّ ردة فعل هذا التيار على مشروع الماطري السياسي والإعلامي "الإسلاميّ" كانت محتشمة جدا. فجمعية الدفاع عن اللائكية كهيكل ثقافيّ، لم تصدر بيانا أوتتخذ موقفا في الغرض بل إنّ أحد قياديها وهوخميّس الخياطي آثر الالتحاق بالصفحة الثقافيّة لجريدة "الصباح "التي يملكها الماطريّ "الإسلامي المعتدل أو"السلفيّ الصغير" على حدّ تعبير صحف فرنسيّة.
ويرى متابعون أنّ علمانيّي تونس ودعاة الحداثة ليس لهم القدرة على مجابهة خطر أصوليّ يأتي من داخل منظومة الحكم، لكنهم في المقابل قد يكونون أشدّاء على خصومهم الإيديولوجيين ممن تحاربهم السلطة كحركة "النهضة" والسلفيين.
وردًّا على سؤال "إيلاف" حول تجاهل العلمانيين لهذه الظاهرة وهم من "ينتفضون" ضدّ أي تهديد دينيّ يمسّ مؤسسات الدولة يقول صالح الزغيدي :" لا أرى شخصيا أين عاينتم هذا الانتفاض في السابق، لقد عشنا حدث الانتخابات، وبقطع النظر عن أهمية هذا الحدث ومصداقية ما حصل فيه، ألم تلاحظوا أن هذا الموضوع برمته بما في ذلك بالخصوص هذه الهجمة الدينية الأصولية الرجعية المعادية للحداثة والداعية بكل وضوح للعودة بالتاريخ إلى الوراء، والمتواصلة منذ سنوات، كان الغائب الأكبر في الخطب والاجتماعات وفي الحملة الانتخابية عموما، بما في ذلك خطاب ممثلي الحركة الديمقراطية والتقدمية مع الأسف...الأمر المحزن حقا هوأن دعاة الحداثة عموما، ومن بينهم عدد من اللائكيين أوالعلمانيين كما يقول بعضهم، لا يعيرون من الاهتمام إلا قليله لهذه الهجمة الخطرة ولما بدأ ينخر مجتمعنا من مفاهيم وتمثلات وقيم وممارسات رجعية ومتخلفة".
من جهته يرى لطفي زيتون أنّ الخيار الوحيد لعلمانيّ تونس خلال العشريتين الماضيتين كان استعمال مؤسسات الدولة للقضاء على خصومهم الإيديولوجيين ما أدرجهم في ماكينة الدولة تخطيطًا وتنفيذًا ودعاية وهم اليوم يشعرون بالصدمة والحيرة والخوف أمام التحولات التي تقع في صلب هذه الدولة في علاقتها بهوية البلاد شانهم شان أي جماعة وظيفية تنتهي مهمتها ويغير سيدها سياسته.
ويرى زيتون أنه من المرجّح إن يقوم هؤلاء بدفع الحكم إلى فتح جبهة أخرى للمواجهة من خلال حملات الاعتقال والتنكيل العشوائية التي يتعرض لها الشباب المتدين لدفعه إلى العنف أومن خلال تزيين عملية الاغتيال الثانية لحركة "النهضة" من خلال إطلاق بالون الحزب الإسلامي الاصطناعي. أما خيارهم الثاني فهواللجوء إلى حلفائهم في الغرب وخاصة فرنسا لاستعدائهم على إجراءات الماطري الأخيرة وقد بدأت ارهاصات ذلك من خلال بعض التصريحات لرموزهم للصحف الفرنسية والتي تركز الهجوم فيها على شخصية صخر الماطري الذي وصفه بعضهم بالسلفي الصغير".
التعليقات
نعم
سعد -اللهم اخذل علمانيي العرب اخوة اليهود و الماسون و انصرنا عليهم و على اعدائك.
عاود وعاود
stoufaa -الحديث الا على الكرسي القادم..دائما هكذا. ودائما هذه الحكاية..هل ليس لدينا في بلادنا من مشاكل الا هذه المشكلة؟؟؟؟؟؟؟..........
نعم للإعتدال و لكن..
الهادي الوسلاتي -إن ظاهرة صخر الماطري أنعشت النقاش في صالونات تونس و الكل يعتبر نجاحه المالي و الإقتصادي قد يكون مؤشرا لنجاحه السياسي... المشكل أنه لا يتكلم و لا نعرف أفكاره، و كل ما عمله مثل شرائه للصحف و تأسيس إذاعة و بنك الزيتونة يبين أن للماطري طموحات سياسية لها صبغة دينية... و حديثه عن الإعتدال قد يكون صادقا أو تكتيكيا، لان الإعتدال مهما كان معتدلا دائما ما يعطي مسحة دينية للتشريع و المعاملات وهو ما يتعارض مع الدولة الحديثة و الديمقراطية و الحرية التي نرمي لها في تونس منذ أجيال متلاحقة...
......
salma -الأسماء تتغير....إلى متى يا تونس الخضراء تتحملين ؟؟ شاب في الثامنة والعشرين من عمره يحاول التسلق إلى السلطة باسم الدين، آه يا بلدي آه
لا داعي للعجلة
مخلص -الخلافة في تونس ليست شأنا داخليا يتقرر في أروقة الحكم فقط بل هي في غياب حياة سياسية داخلية حقيقية تصبح اقرب إلى الشأن الخارجي فالقوى الدولية والإقليمية المحيطة بتونس إضافة إلى الولايات المتحدة هي التي ستكون صاحبة القول الفصل في المسالة وهذه القوى لها حساباتها ولها رجالها .. هذا أفضل ما جاء في المقال لذا لا داعي للتكهنات المسبقة كما كان الحال مع مزالي .. سنفاجأ ربما بوجوه جديدة لم نألفها تمسك بزمام الأمور .. المهم أن تبقى هوية الجمهورية متماسكة و ألا ندخل في مزايدات و تجاذبات مع قوى أصولية ندفع ثمنها غاليا فيما بعد
دس خطير
سهام من تونس -لقد تضمن التقرير دسا خطيرا بربطه بين صخر الماطري والتوريث وهو الى جانب كونه تبنى خطاب بعض الاطراف اليسارية المتطرفة هو انخراط في حملتها وخططتها الهادفة الى اثارة المزيد عن الغبار حول هذا الموضوع في محاولة لقطع الطريق على الماطري. ثانيا هناك دش خطير ايضا في ما يتعلق بربط صعود الماطري بالنهضة وما قيل عن سحب البساط من تحت اقدامها وهي ايضا رؤية يسارية متطرفة تريد ان تؤبد وضعية الاحتراب والاستئصال بالبلاد واعتقد ان المقال صيغ بطريقة تخدم بصفة واضحة بعض الاطراف والاجنحة السياسية والامنية التونسية
تونس والحداثة
زهير الشرفي -كاتب المقال كأنه لا يعرف أن الجمعية الثقافية للدفاع عن اللائكية في تونس ما زالت ممنوعة من النشاط.. كيف يطلب كاتب المقال من الحداثيين والعلمانيين أن ينجحوا في مواجهة مشروع الردة الحضارية حين يكون ذلك المشروع مدعوما بقوة البيترودولار وحين يُمنع الحداثيون من بعث جمعية ثقافية؟؟الواقع التونسي يتطور بنفس الشكل الذي نراه في بقية العالم الإسلامي نحو انتشار العقليات الدينية الطائفية... وكلما ادعى البعض أن الدولة التونسية ستسحب البساط من تحت أقدام الحركات السلفية نكتشف بسرعة أن كل البسط تُمدّ لهم بالعكس : فبعد انتشار خطابهم في وسائل الإعلام الرسمية ها هي الوسائل الإعلامية الخاصة بالخطاب الديني تتحصل على الترخيص الرسمي وكذلك البنك الإسلامي. وكل ذلك يحصل في حين يتواصل رفض الترخيص لجمعية ثقافية لمجموعة صغيرة من الحداثيين.كان على السيد كاتب المقال أيضا أن لا ينسى مفعول الإرهاب الدولي ودوره في إطفاء شعلة الفكر في بلداننا .. ألا يعرف كم قُتل من المفكرين الأحرار في بلداننا وكم منهم مهددون بالقتل؟ أما عن حملات الإعتقال ضد شبابنا من الإسلاميين السلفيين فلا يجوز فهمها ضمن خطة لمواجهة التيارات السلفية والإرهابية طالما أن المواجهة الحقيقية تشترط مواجهة فكرية قبل كل شيء وليس مزيدا من الإعلام والدعاية الدينية السلفية.. بل قد يقتضي الأمر أن نفهم تلك المواجهة الأمنية، ضمن خطة لدعم التيارت الدينية وهو ما يحصل في واقع الأمر...المطلوب من الدولة هو أن لا توظف الدين وأن لا تأخذ من الدين أي شيء (مثلما يقوله الدستور الأمريكي) وأن تنشر العلم والفكر العلمي وأيضا أن تمنع أي نشاط لا يحترم حقوق الإنسان أو يتناقض مع مبدأ المساواة بين المواطنين حتى لو كان نشاطا دينيا.. أينما توجد الدولة العصرية يضطر رجال الدين إلى إصلاح دينهم، وحيثما توجد الدولة الدينية يتمزق الدين والفكر بين زعماء الطوائف الدينية وتحل الحرب الطائفية والدمار...
مقال مهني في موضوع حسّاس
سامي براهم -مقال يعكس مهنيّة و حياديّة و قدرة على توظيف المادّة الإعلاميّة في اتّجاه تحليل الواقع و استكناه أبعاده دون مهاترات أيديولوجيّة في اتّجاه القدح أو المدح ... تناول مسألة حسّاسة بهذا القدر من الحياديّة و الجرأة دليل على إمكان تناول الشّأن السياسي التونسي بهدوء و حكمة و دون تشنّج أو سياسويّة ... في نفس الإطار تقديري أنّ الإشكال ليس في من يحكم بل كيف يحكم ... تحتاج الحياة السياسيّة في تونس إلى تعاقد جديد وطنيّ و شفّاف و حاسم يفضّ القضاياالإشكاليّة المتعلّقة بالهويّة و الثّوابت و شكل النظام السياسي و الضّوابط الأخلاقيّة و السياسيّة التي يجب أن تقود المجتمع السياسي حتّى يوضع حدّ لحالة الاحتقان و الاحتراب الدّاخلي الصّامت و تتفرّغ المجموعة الوطنيّة بكلّ خبراتها لاستثمار مجهوداتها للتنمية الاقتصاديّة و القضاء على الفقر و البطالة و التفاوت الاجتماعي ... أن يقود ذلك المشروع صخر أو غيره لا يهمّ طالما الحياة السياسيّة ينظّمها تعاقد حظي بالإجماع الوطني ...الدّستور نصّ يتّسم بالعلويّة و النّزوع نحو الثبات و يعكس الإرادة الجماعيّة للمواطنين و لكنّ تنقيحه في كنف الشّفافيّة و الدّيمقراطيّة في الاتّجاه الذي يعزّز هذه الإرادة الجماعيّة و يحافظ على مصالحها الوطنيّة أمر يندرج ضمن الحياة التّشريعيّة والسياسيّة لكلّ الدّول ... فهل يمكن أن يكون هذا التمشّي محلّ احترام و توافق للمرور إلى حياة سياسيّة تتوفّر على كلّ شروط الاستقرار و الوحدة الوطنيّة ؟؟؟ ذلك هو السّؤال