أخبار خاصة

صحافة القرن 21: وداعا للورقية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


الجرائد الورقية في أميركا: نسل مهدد بالانقراض
انطباعات في وداع مجلة "المجلة" .. الورقية

إيلاف ديجيتال من فهد سعود:

إختلفت انطباعات عدد من الإعلاميين البارزين، الذين تناوبوا على رئاسة وادارة تحرير مجلة "المجلة" ازاء تحويلها إلى مجلة إلكترونية بدلاً من ورقية، كما إعتاد عليها قراؤها منذ صدورها في فبراير/ شباط، من عام 1980. فمنهم من كان مؤيدًا لهذا التحول، وفرِحًا به، لاعتبارات عدة منها أن هذا العصر هو عصر الإعلام الالكتروني، الذي بدأ يسجل يوميًا أرقامًا قياسية في المتابعة، فيما عبّر عدد آخر عن حزنهم وألمهم الشديد لهذا التحول الذي يرون أنه مسح هوية المجلة العريقة التي لم تغب عن مكاتب المسؤولين ورجال الأعمال، وعشاق السياسة والاقتصاد والتحقيقات الاجتماعية المثيرة. هذا الأسبوع سيكون ضمن التواريخ المفصلية في عالم الصحافة العربية، فهو أول أسبوع تغيب فيه "المجلة"، التي كانت تشكل أحد أهم روافده السياسية والاجتماعية والاقتصادية على حدٍ سواء.

انه عصر التقنية والانترنت، الذي جعل أحد أهم المؤسسات الإعلامية العربية، تتخذ مثل هذا القرار الصعب بتحويل إحدى أهم إصدارات مجموعة الأبحاث والنشر إلى مجلة "إلكترونية"تصافح قراءها عبر التقنية الحديثة. "إيلاف" خصصت ملفالرصد انطباعات خمسة من رؤساء تحرير "المجلة"، هم: عبد الكريم أبو النصر، أول رئيس تحرير، وهو الذي أشرف على مرحلة الإعداد للصدور، ثم عماد الدين أديب، وعثمان العمير، وعبد الرحمن الراشد، وهاني نقشبندي. وقد أجرينا عدة اتصالات للحديث مع عبد الوهاب الفايز، آخر رؤساء تحرير "المجلة" بطبعتها الورقية (الصورة لغلاف العدد الاخير) لكننا لم نتمكن من ذلك. تحدثنا ايضا الى عبد الباري عطوان، الذي تولى مسؤولية مدير تحرير في "المجلة" والى مساعد العصيمي، آخر مدير تحرير في عهد "المجلة" الورقي، وصالح القلاب، أحد كبار محرري "المجلة" لعدة سنوات. وفي ما يلي انطباعاتهم عن إيقاف طبعة "المجلة" الورقية، واستمرارها الكترونيا.

أبو النصر: لم تعد مجلة .. بل نشرة

يقول عبد الكريم أبو النصر: "كنت أتمنى أن تستمر "المجلة" كمطبوعة ورقية، لأنها حين تتحول إلى مجلة إلكترونيه، تصبح "نشرة" مثلها مثل الكثير من النشرات، أو مثل أي موقع موجود على الانترنت، بينما تتميز "المجلة" بخصوصية ميزتها عن بقية الوسائل الإعلامية المختلفة. بلا شك أن أي مجلة عربية أسبوعية عندها مشاكل وتحديات كبيرة، بسبب وجود التلفزيون وطغيان الفضائيات وطغيان الانترنت، وبالتالي حتى ستستمر المجلة عربية سياسية كان ولابد أن تجد صيغة مختلفة عن الصيغة التي كانت موجودة قبل خمس أو عشر سنوات، أو عشرين سنة، حين انطلقنا في شهر فبراير، شباط، سنة 1980".

يضيف أبو النصر: "طبعاً الأجواء كانت مختلفة، والساحة الإعلامية العربية كانت مختلفة كليا،ً وكان فيه مجال لمجلة سياسية عربية أو لمجلات سياسية عربية قوية. الآن الجو اختلف ويجب أن يجد الشخص صيغة جديدة تتلاءم مع الأوضاع الصعبة في الساحة الإعلامية، من أجل أن يفرض مجلة سياسيه عربية تكون مقبولة من قبل القراء، ويكون عندها نسبة محترمة من القراء، مثلا أنا ألاحظ أن وجود التلفاز العالمي أو الأميركي أو وجود الانترنت لم يمنع أنه في أميركا أو أوروبا فيه مجلات سياسية مهمة جداً لا تزال مستمرة، وبالتالي أنا أتأسف أن تختفي "المجلة"، التي للأمانة لا أستطيع أن أحكم عليها في السنوات العشر الأخيرة، لأنني لم أعد أشاهدها، بحكم أنها لم تعد تصل إلينا، ولكن في حال لم يقبل القراء عليها، فمؤكد أن هناك أسبابًا لهذه القطيعة، ويجب معالجتها، ليس بإغلاقها أو بتحويلها لنشرة إلكترونية بل تتم المعالجة بإيجاد صيغه إعلامية ناجحة، تجعلها تكون مقبولة من القراء. المؤسسة السعودية للأبحاث والنشر تمتلك عددا من المطبوعات السياسية مثل "الشرق الأوسط"، و"عرب نيوز" و"المجلة"، ولديها عدد كبير من المطبوعات غير السياسية، وبالتالي كان عندها مجلة واحدة سياسية، فإذا كانت "المجلة" تواجه مصاعب معينه لتستمر بوضعها الحالي، فهي تحتاج إلى رئيس تحرير ناجح، وجهاز تحرير ناجح، وصيغه تتكيف مع الأوضاع الحالية للصحافة العربية والعالمية".

يضيف أبو النصر: "الجميع اليوم أصبح يعرف ماذا تعني الشبكة الإلكترونية، وهناك مئات المواقع، لهذا أسأل: كيف ستتميز مجلة إلكترونية أسبوعية بالوقت الذي نزور "إيلاف" وعشرات المواقع الأخرى العربية واللبنانية يوميا، ونرى مئات المواضيع والمقالات والأبحاث؟ لكن لو بقيت "المجلة" كما هي، مجلة ورقية، وأُخذ منها بعض المواضيع ووضعت على الشبكة، من المؤكد أن الوضع أفضل من أن تتحول كلها على الشبكة، انا أرى أن تحويلها إلى إلكترونية ليس له مبرر. وحتى يكون لها وجود حقيقي على الإنترنت يجب أن تكون يومية، ويجب أن تغير مقالاتها وأبحاثها يومياً، وبالتالي تكون كبقية المواقع، كما أن الملاحظ في العالم العربي أن السياسة لم تَخِف، بالعكس زادت، واهتمامات الناس في الأمور السياسية زاد عن السابق، لوجود تحديات كثيرة ومشاكل وأخطار، وكل ما كان هناك تحديات ومشاكل وأخطار يزداد اهتمام الناس بالأمور السياسية وبالتالي فيه مبرر الآن أن تستمر "المجلة" بشكلها كمجلة ورقية".

ويختم أبو النصر: "زميل لي اتصل من لندن واخبرني بالقرار، تذكرت حينها كيف صدرت "المجلة"، وكيف كانت التحديات، وكيف وكان جودها مهما جداً، وهذه الأمور يعرفها الأخ عثمان العمير جيدا، وأنا أتأسف أن تصل "المجلة" إلى هذه المرحلة التي وصلتها. الحق على الأشخاص الذين استلموها، كرئيس التحرير أو المحررين، وليس الحق على الشركة".

أديب: إنقاذ لمطبوعة وتوفير للكلفة

يقول عماد الدين أديب: "هناك مشكلة تواجه المجلات السياسية هذه الأيام، وهي ظهور المنافسة الشديدة جداً من المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، وهي مشكلة السبق الصحافي وهي مشكلة كبيرة جداً، حيث أصبح الناس يحصلون على المادة السياسية من المواقع والانترنت. ولأن المجلة ملونة، وفي هذا الزمن، فهي تشكل عبئا كبيرا من ناحية المادة، واعتقد أن أهم ما في تحول المطبوعة إلى إلكترونية ألا يكون الإصدار أسبوعيا، لأنها ستواجهه المشكلة نفسها، وأن تتوفر القدرة على التغيير اليومي حتى تتمكن من متابعة الأحداث، وطبعاً لابد أن تراعي المطبوعة الإلكترونية نوعية قرّاء الإنترنيت، الذين معظمهم من الشباب، لذلك أقول أن هذه المرحلة بلا شك ستكون مختلفة وشبابية. فلابد أن تراعي المطبوعة الإلكترونية نوعية القارئ، وأتمنى من مجلة "المجلة"، العزيزة على قلبي، لكوني أحد المساهمين فيها، سواء كمراسل أو مدير مكتب في القاهرة، أو في لندن، أو رئيس تحرير، أن يستمر أسمها موجودا وأن تكون كما عهدناها ناجحة في شكلها الجديد. ولكن هذا لا يعني أنني أرى أن "المجلة" كان يمكن أن تستمر ورقية، فقط لو حصل تعديل في المفهوم التحريري نفسه، بل انني أعتقد أن هذا القرار هو نوع من الإنقاذ للمطبوعة. فمن ناحية توفير للكلفة، خصوصًا في الطباعة، الصحف مكلفة جدًا. ربما يكون هذا قرارًا سليمًا وذكيًا، بناءًً على توجه "همَ عاوزين أيه". الكثير من المطبوعات في العالم واجهت مشاكل نتيجة ارتفاع كلفة الطباعة، وانخفاض نسبة الإعلان، وكل هذا نتيجة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها".

العمير: الإلكترون هو المستقبل.. والمستقبل!

يقول عثمان العمير: "في الواقع تلقيت خبر انتقال "المجلة" من العالم الورقي إلى العالم الالكتروني بفرح غامر، لان هذا يتماهى مع ما أفكر به، وما اعتقد أنه سيكون نهاية الصحف الورقية كافةً، بشكل عام. بالمناسبة، ربما استطيع الآن الكشف عن حقيقة ان الأمير سلمان بن عبد العزيز، كان صاحب القرار الأول في تعييني رئيسًا لتحرير "المجلة" عام 1985، وهو موقع بقيت فيه حتى صيف 1987 حين انتقلت الى رئاسة تحرير "الشرق الأوسط". والحقيقة أن "المجلة" في سنواتها الماضية أدت أدوارا حيوية ورئيسية في مسيرة الإعلام العربي. ما زلت اذكر عندما توليت رئاسة التحرير أن "المجلة" كانت تضم مجموعة منتقاة من المفكرين والكتاب العرب. كان هناك الطيب صالح، رحمه الله، وكان هناك بولند الحيدري، الذي يرأس القسم الثقافي، وكانت هناك مجموعة كبرى ومتعددة، من مختلف التيارات التي شاركت في "المجلة" في ذلك الحين. كما انها أخرجت عددًا كبيرًا من الصحافيين الذين يتولون الآن مناصب رئيسة في العالم العربي. وبالنسبة إلي، كانت "المجلة" هي الخطوة الأولى نحو التوسع في مفهومي الإعلامي، والتعلم من زملاء كثيرين كانوا يعملون في معي، قد لا اتمكن من حصرهم الآن ولكن كنت أتمتع بزمالة عبد الرحمن الراشد، عبد الباري عطوان، إلياس منصور، صالح قلاب، إبراهيم عوض، نورا فاخوري، والمرحوم عوني بشير، اضافة الى كل من وليد المشنوق وأديب أبو علوان في الإخراج وسكرتارية التحرير. كانت فعلا ثلة مركبة تركيبًا جيدًا، اشعر أن الفضل فيها بالدرجة الأولى كان للناشرين، السيد هشام علي حافظ رحمه الله، والسيد محمد علي حافظ، أطال الله عمره، ثم للزميل عبد الكريم أبو النصر، الذي سلّم "المجلة" ببناء أساسي قوي".

يضيف العمير: "ذكرياتنا عن "المجلة" وحولها كبيرة جدا، والمواقف الطريفة، واللاطريفة، كثيرة جدا، ويمكن القول أنه في عهدي (الزاهر) جرت مصادرة "المجلة" في أكثر من بلد عربي، وخاصة في السعودية، ثم انها أُخضعت للرقابة من قِبل وزارة الإعلام، وكانت هذه الرقابة حقيقة مزعجة جدا لنا، لأن الرقابة عادة ما يتحكم فيها موظف، والموظف لا يستطيع أن يقرر، وإذا قرر يخاف من قراره".

ويختم العمير بالقول: "أتمنى لـ "المجلة" في عهدها الجديد وفي ثوبها الجديد التقدم، وأتمنى للصديق الأمير فيصل بن سلمان كل التوفيق في مشروعة الجديد، وأدعوه أن يعمق ويتعمق في مجال الإعلام الالكتروني لأنه هو المستقبل... والمستقبل".

الراشد: الانتقال خفف العبء

ويقول عبد الرحمن الراشد: "أعتقد أنه من المبكر أن نحكم على الخطوة ومدى نجاحها. لكن بتصوري الشخصي أرى أنه خبر جيد، لأن "المجلة"، وكل المطبوعات اليومية والأسبوعية يذهب معظم مداخيلها، تقريباً ما يقارب ثمانين بالمئة، لتغطية تكاليف الطباعة، وشركات التوزيع. على سبيل المثال، ثمن "المجلة" في السعودية 10 ريالات، يذهب منها 4 ريالات للموزع وحوالي 4 ريالات للطباعة تقريباً، أما الجهاز التحريري والفني المكمل للعمل، يبقى له ما يعادل عشرين بالمئة فقط، وبالتالي فإن الخيار الإلكتروني الغى هاتين الحالتين (الطباعة والتوزيع)، وبالتالي خف العبء على المطبوعة".

يضيف الراشد: "المشكلة الرئيسة أن الإعلان سيتأثر، فالإعلان في المطبوعة الورقية كبير جدا، والإعلان في الإلكتروني لا يزال ضعيفًا، لكن من المؤكد أن الزمن كفيل بتغيير هذه الرؤية. فمن صالح "المجلة"، كونها مطبوعة مؤثرة في سوق القراءة بشكل عام، أن تنتقل من المطبوع إلى الإلكترون، وأعتقد أن الشركة السعودية للأبحاث والنشر تقدر قيمة العنوان، وتقدير قيمة اسم مجلة "المجلة" الذي يعتبر اسما مهما جداً في عالم الصحافة العربية".


نقشبندي: قصة موت رحيم

من جهته يقول هاني نقشبندي: "ماذا أقول في تحول مجلة "المجلة" إلى الكترونية؟ لا أجد أفضل من عبارة واحدة ابدأ بها كلماتي: إني لن أرثي "المجلة". ذلك أنها رغم الموت الرحيم الذي تعرضت له، ستبقى تعيش في ذاكرتي ما دمت قادرا على حمل قلم. نعم، هو موت رحيم لها. موت يخجل عن أن يعبر عن وجوده. لقد عملت في "المجلة" أكثر من عقد ونصف العقد من الزمان. بدأت مراسلا من شوارع السعودية وأزقتها، ثم إلى ساحات المعارك في اليمن والخليج والقارة السوداء، ومن هناك إلى لندن لأتدرج في كل مناصبها حتى أصبحت رئيس تحريرها المكلف.
كانت هي من حمل اسمي الى كل عين تقرأ، كما حملت أسماء العشرات غيري. ولست اعلم ما يشعرون به اليوم وهي توارى ثرى موقع لن يكون، كما أراه، أكثر من شاهد قبر. لن أضع باقة ورد على قبر الفقيدة، ولا عزاء للأبطال. وقد كانت بطلة عندما كانت هي الصوت الأقوى في عالم الصحافة والإعلام العربي والسعودي من قلب العاصمة البريطانية لندن. كانت تختلف عن كثير من المجلات العربية، التي تداهن أو تحارب حسب من يدفع، وكم يدفع. ما كانت "المجلة" تجامل بأكثر مما تسمح به خطوط الحياء، بل تناقش وتكشف وتحاور بقدر كل ما هو متاح لها من هامش. لقد كانت بحق سيدة كل المطبوعات الأسبوعية العربية. وكانت بالمثل إحدى مصادر الدخل القوية في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، جنبا إلى جنب مع باقي شقيقاتها: "الشرق الأوسط"، "سيدتي"، "عرب نيوز"... الخ".

يضيف نقشبندي: "لن ادعي تواضعا زائفا هنا عندما أقول أنني افخر بنجاحي في رئاسة تحرير "المجلة"، مع باقي زملائي من فريق التحرير، في أصعب الأوقات وأكثرها قساوة. فقد اندلعت أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 في عهدي الميمون، وما تلى ذلك من حروب كثيرة في أفغانستان والعراق. في تلك الأيام أثبتت "المجلة" أنها كانت وما تزال الفتية والفارسة في ميدان المعركة الإعلامية، قبل أن اتركها تواجه مصيرا توقعته لها في أكثر من مناسبة. لقد قتلت المجلة. كان ابرز القتلة هو العقل العربي. هذا العقل الذي بات يفضل أخبار بوسي وسوسي ولوسي عن أي شيء. انه العقل الذي يهرب من السياسة ليعود إليها قبل أن ينتهي به التطواف في حضن هيفاء".

ويختم نقشبندي بالقول: "كنت التقي مع إعلاميين وصناع إعلان داخل الشركة السعودية وخارجها، نتبادل الآراء حول "المجلة" ومستقبلها. كنت اتفق معهم في ما يقولونه عن وضع الإعلام السياسي في العالم العربي. كانوا يؤكدون انه بلا مستقبل، وان المعلنين لن يلبثوا أن ينفضوا من حول أي مطبوعة سياسية. لكني كنت أرد على ذلك بأنه وإن كان في الرأي شيء من واقع مر، فإن بالإمكان النجاة باعتماد سياسة نشر مغايرة. سياسة لا تطغي فيها السياسة على كل صفحاتها. وقد اثبت صحة رأيي عندما بدأت أغلفة "المجلة" في التنوع بين السياسة والطب والاقتصاد، وحتى الفن والقضايا الإنسانية المختلفة. كنت انطلق في ذلك من قناعة انه إن كانت السياسة نشاطا إنسانيا مخربا بطبيعته، فلنتحول الى نشاط إنساني منتج ومثير. وقد كانت النتائج جيدة. إلا انه يبدو أن هذه النتائج ما كان لها أن تستمر في خط تصاعدي افتقر إلى روح مؤمنة بالنجاح. وهذا ما اعتقد أن "المجلة" افتقدته في آخر أيامها... من يؤمن بنجاحها".

عطوان: الكلمة المكتوبة في البدء

ويقول عبد الباري عطوان: "شعرت بحزن كبير عندما علمت بنبأ توقف مجلة "المجلة" عن الصدور ورقياً بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً متواصلة، وتحولها الى مجلة إلكترونية. عملت مديراً لتحرير "المجلة" عدة سنوات، معظمها أثناء تولي الزميل الصديق عثمان العمير رئاسة التحرير. كانت سنوات حافلة بالذكريات الطيبة، و"الخبطات" الصحافية، وابرزها تغطية أحداث يناير الدموية في عدن، ونشر مقابلات مع المتورطين فيها، وقائد الفرقة العسكرية التي ارتكبت مجزرة المكتب السياسي، ووقائع محاكمته، حيث اختفى العدد من الاسواق في ساعات معدودة، وجرى اصدار طبعة ثانية من العدد وبكميات اكبر".

يضيف عطوان: "اعترف بأنني صحافي ورقي، وبالتالي لا أميل الى الاعلام الالكتروني او الفضائي الذي بدأ يزحف على صحافتنا المكتوبة ويلتهمها من دون رحمة. لذلك، اصاب بحالة اكتئاب مزمنة في كل مرة يكرر زميلنا العمير تنبؤاته بانقراض الصحافة المكتوبة في غضون اعوام قليلة، ويعبر عن فرحته بقرب احالتها الى المتاحف، وهذا "عداء" لا أفهمه من صحافي صاحب باع وتجربة مشهود لهما، مثل عثمان العمير، الذي تربى مثلنا في كنف هذه الصحافة، ونال نصيبه من نجاح وشهرة يستحقهما بسببها. مع ذلك، لا بد من القول إنه التطور، سنّة الحياة، فنحن نعيش زمن الشبكة العنكبوتية، عصر الانترنت، الذي من سماته طحن عظام صحف عريقة مثل "كريستيان ساينس مونيتورز"، التي اضطرت بسبب انصراف القراء وتعاظم الخسائر الى دخول العصر الالكتروني مضطرةً وكارهةً. ربما يكون انسحاب "المجلة" من الاسواق تدشينا لموسم هجرة الصحافة العربية الورقية الى الانترنت".

ويختم عطوان: "أشعر بالخوف، كرئيس لتحرير صحيفة "القدس العربي"، من أن يأتي يوم أواجه القرار الصعب، فأرفع الراية البيضاء مستسلماً، وأوقف الطبعة الورقية سائراً مع درب زميلتنا الاميركية العريقة، او "المجلة" العربية اللسان والهدف. وربما بسبب هذا الخوف نركز حالياً على تعزيز موقعنا الالكتروني، وتحديثه بشكل مستمر تحسباً للأسوأ. ما أتمناه، وأنا اقترب من اكمال 35 عاماً من العمل في الصحافة الورقية، الا تتحقق نبوءة الزميل العمير، وتظل الصحافة المكتوبة مستمرة لأكثر من خمس سنوات، حتى نتقاعد من هذه المهنة ونحن رافعين الراية، راية صحافة مكتوبة طالما تغنينا وغيرنا بحبرها وورقها، وموسيقى دوران مطابعها التي تعني ميلاداً جديداً فجر كل يوم. ثم انه في البدء كانت الكلمة المكتوبة".

العصيمي: لم تمت.. بل لم تمرض

ويقول مساعد العصيمي، مدير تحرير "المجلة" في آخر عهدها الورقي: "حينما تتوقف مجلة في العراقة كمجلة "المجلة" عن الصدور الورقي، فإن مثل ذلك سيطرح تساؤلات كثراً عن السبب، وينطلق السائلون في توجههم هذا من مؤثرين، أولهما أن هذه المجلة قد بلغت من العراقة والقوة والتأثير، بل والانتشار، ما لم تبلغه مجلة عربية أخرى، والآخر أنها تنتمي لمؤسسة إعلامية كبرى، أو كما يصفها كثيرون بالإمبراطورية الإعلامية، وبين هذا وذاك تكون الإجابة، فالتحول من الورقي إلى الإلكتروني بات هدفاً لعدد من المطبوعات في العالم، نظير أن الرسالة التي تبحث عن إيصالها ما زالت قائمة، مع التأكيد على أن النهضة الورقية التي تعيشها شقيقاتها في المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق ما زالت في أوجها وعنفوانها، وتعيش من خلاله عصراً زاهراً قل أن يبلغه غيرها عربياً، ناهيك من أن عراقة "المجلة" تفرض عليها أن تكون في الدرب المستقيم الذي اتخذته كهدف لها منذ عقود ثلاثة، وعليه فلا بأس إن قفزت كهدف من فوق صهوة جواد إلى صهوة جواد أخر، ما دامت تحقق أهدافها بسلاسة ومشروعية، إذاً فهي لم تمت، وحتى لم تمرض، بل هي شامخة وواقفة، وستؤدي رسالتها كما يجب، عبر التقنية الحديثة".

يضيف العصيمي:" مجلة "المجلة" ذات العراقة التي جعلت منها مصدراً مفضلاً للتقارير والقراءات النقدية الاقتصادية والسياسة لجميع المحطات والوكالات في العالم، لم ترد أن تلغي هويتها أو تستبدل جيناتها، لأجل أن تستمر ورقية، بل إنها آثرت المحافظة على ريادتها للقراءة السياسية عربياً على الربح الاقتصادي، فكانت جيناتها أصلية لا تتبدل بما هو اقل، رغم كل المغريات التي قدمت لها وتضمن نجاحها، من الناحية المالية، فقط كي تستمر على أرفف التوزيع، لكنها رفضت وتمسكت بهويتها، وفضلت أن تحلق إلكترونياً، فلكل جديد مذاقه وطعمه المتميز، ولا بأس إن فعلت مجلة العرب الدولية ذلك لتواكب التغير وتساير الفعل الأكثر إيجابية".

ويختم العصيمي بالقول" إن "المجلة"، كما نظيراتها المتفوقات دولياً مثل "التايمز"، و"التربيون" و"الإيكونوميست"، مرت بأزمات، وعركت تجاذبات، ولكنها لم تنحن ولم تغير أهدافها وعملها، وكل ذلك لأجل قرائها المنتشرين في كل أرجاء المعمورة، فهي ستكون إلكترونياً على النهج والرسالة نفسيهما، مهتمة بالتشويق بكل عناصره ذات الإبهار والابتكار، تشعر بما بما يشعر به المواطن العربي، تواكب قضاياه وتبحث عن علاج لهمومه، تشجع النقد والتفاعل الصادق، متمسكة بهامش الحرية الذي نهلت منه وعملت في إطاره، مستمرة في الرأي الصادق والأداء الراقي، بل ستسهم بجعل الصحافة والمجلات الإلكترونية عملا ذا شأن لمن يريدون أن يطلعوا على كل شي عبر ضغطة زر. ومن هذا المنطلق فقد آمنت "المجلة" بأن زمنها الحالي هو عبر النشر الإلكتروني، لكن ما لن تحيد عنه، وتستمر فيه، وبما يجعل القارئ يحار ويسأل من أين تصدر، ولا يأتيه الجواب إلا حين يقرأ عناوينها ومقرها. يحدث ذلك، لأنها لم تتبنَّ رأيًا واحدًا ولم تمتثل لوجهة نظر معينة تنقاد إليها، بل كانت صوتًا لكل الفكر العربي، ونبراساً لدراسة مشاكله وعرضاً لأزماته من المحيط إلى الخليج. هي الآن ما زالت تعيش قوتها، حتى في اللحظات الفارقة، لتؤكد هذه القوة عندما اختارت أن تواكب التحديث، ولتعلن أنها ما زالت متمسكة بالمبادئ والحقائق، وبمعين لا ينقطع من العقول العربية الرائدة بإسهاماتها، وبما جعلها منارة علمية وثقافية، فقد عنيت بعشرات الرواد من أصحاب الثقل في مجالات الفكر والثقافة والقيادة ومن جنسيات عربية مختلفة ممن كانوا ينثرون إبداعهم عبر صفحاتها ، ليضيف كل منهم للقارئ العربي زاداً احتاج إليه، ومن هؤلاء الكبار من رحل، ومنهم من لا يزال بعطائه وإثرائه، لتؤطر هذه المجلة تعريفها المعنون على صدرها بأنها مجلة العرب الدولية قولاً وفعلاً، دون تجاوز أو استثناء. فهي في محتواها كانت منبراً فكرياً لجميع العرب، وستستمر على ذلك بحلتها الجديدة، وهي بحق نافذة أطل منها كل العرب فيما بينهم، كما أطلوا على فكر الآخرين وثقافاتهم وتوجهاتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، حتى باتت مثار الإعجاب والتقدير، لأنها أسهمت في الانتقال بالوعي العربي إلى مراتب متقدمة من الوعي والفهم. هي الآن تستجيب للتحدي والتغير الخارجي مع محافظتها على سمو أهدافها، أما ما تحويه وتقدمة فهي قادرة على استمراره عالي القيمة، لأنها الأعلم بمتغيرات عالمها العربي، ولأنها في مضمونها قد حافظت على شخصيتها العروبية، ولكن بوهج المتفتح العصري".

القلاب: البقية في حياتكم

ويقول صالح القلاب: "أنا حزين جداً أن تتحول "المجلة" إلى الإلكترون، حزين لهذه النهاية، ولكن يبدو أن هذه الثورة الالكترونية في عالم الإعلام، عجلّت من حتمية هذا التغيير. لقد كنت ممن عاصروا "المجلة" في فترة ذهبية، وبكل حيادية، كانت في ذلك الوقت أهم مجلة عربية، عشنا معها سنوات طويلة، التقينا دائماً، وعملنا، مع الكثير من الزملاء، الذين تعلمنا منهم، كما تعلم قبلنا. قبل أيام خسرنا الطيب صالح، رحمه الله، ولذلك أحس حقيقةً بحرقه في القلب أن تتحول "المجلة" ألكترونية فقط، وألا تستمر ورقية، لكن هذه وضعية الإعلام في هذا الوقت".
يضيف القلاب: "أنا أدرك أن المجلات الأسبوعية الورقية بدأ دورها يتراجع. أدرك هذا لأن الإعلام أصبح يسير بسرعة ضوئية حتى صرنا نخشى على الجرائد اليومية أنها أيضاً تتقلص، هناك صحف غربيه في بريطانيا تحولت إلى الحجم الصغير، حجم التابلويد، مع أنها كانت من مئات السنين تخرج بثوب واحد وبصيغه واحده، وفي كل الحالات يجب أن أتذكر زملاءنا الذين عملوا يداً واحدة في "المجلة"، أتذكر عثمان العمير، عبد الرحمن الراشد، عماد الدين أديب عبد الكريم أبو النصر، ونورا فاخوري، أتذكر مجموعة كبيرة من الزملاء، وأقول لهم: البقية في حياتكم".

ويختم القلاب بالقول: "أتمنى أن تنجح "المجلة" في ثوبها الجديد. أنا أتابع "إيلاف"، وأعرف الصيغة التي تظهر بها يوميا، لكن بخصوص "المجلة" لا أعرف الصيغة التي ستخرج بها .هل ستكون صيغة إخبارية سريعة جداً، مثل "إيلاف"، أم أنها ستخرج محافظه على مقالاتها الأسبوعية وعلى تحليلاتها، أم إنها ستعتمد على الصحافة الخفيفة التي تناسب الانترنت. لا أعرف كيف ستخرج، ومع ذلك أقول أتمنى أن تنجح، أتمنى ذلك حقيقةً، أنا من الذين تعز عليهم "المجلة" كثيراً كثيراً، وعملت فيها لسنوات طويلة، ولذلك أتمنى أن تنجح في صيغتها الجديدة، على الأقل أنه نجاح يكون تعويضا لنا على ذكرياتنا في "المجلة".

أفشين مولافي من نيويورك: جرائد أميركا الورقية نسل مهدد بالانقراض

هل ولّى عصر المطبوعات الورقيَّة في الولايات المتحدة الأميركيَّة؟ يهيمن هذا السؤال على أذهان نخبة من المهنيِّين العاملين في مجال الطباعة والإعلام، ويبدو أنَّ عددًا متناميًا من المحللين الإعلاميين يميل إلى الإجابة عليه بالإيجاب. ففي مواجهة المنافسة المتزايدة من قبل نظيراتها الإلكترونيَّة، يتابع رؤساء تحرير المطبوعات الأميركيَّة بقلق شديد مستقبل هذه الصناعة، خصوصًا في ظلّ إنخفاض عائدات الإعلان وتراجع عدد النسخ المطبوعة، في وقت يتزايد شهريًا عدد الصحف المحلية الأميركية التي تقفل أبوابها.

وفي هذا السياق، قال الخبير الإعلامي إريك ألترمان في مقالة مثيرة للجدل نشرتها مجلة نيويوركر، إنَّ "شركات المطبوعات تخسر المعلنين والقراء وتتراجع قيمتها السوقية. وأكثر من ذلك، يتراجع شعور العاملين في هذه الشركات بأنَّهم يؤدّون مهمَّة وواجبًا. ويحصل كلّ ذلك بخطى متسارعة كان يمكن بالكاد تصوّرها قبل أربع سنوات من الآن".

ويخيم على قطاع الطباعة والنشر مزاج كئيب إلى حد دفع بالجمعية الأميركية لرؤساء التحرير إلى إلغاء اجتماعها السنويّ المقرَّر لهذا العام. وشبَّه بيل كيلر، رئيس التحرير التنفيذي في صحيفة نيويورك تايمز في خطاب ألقاه مؤخرًا في لندن الاجتماع السنويّ لرؤساء تحرير الصحف بأنَّه "جنازة ليس إلا".

وتتسع يوميًا الجبَّانة التي توارى في ثراها المطبوعات الأميركيّة إلى الأبد. ففي الأسبوع الماضي، انضمت الصحيفة البارزة "روكي ماونتن نيوز كولورادو" إلى قافلة الصحف التي اغلقت أبوابها، وذلك قبل أسابيع قليلة من احتفالها بعامها الـ 150. وكانت سبقتها على القدر نفسه صحف يومية عريقة احتجبت عن الصدور خلال الـ18 شهرًا الماضية، بما فيها "سينسيناتي بوست" و"بالتيمور إكزامينير" و"كنتاكي بوست".

وسجَّلت أوَّل 23 مطبوعة أميركية تراجعًا حادًا بنسبة 6 في المئة في عدد النسخ الموزعة خلال العام 2008 وفقًا لموقع newspaperdeathwatch.com. وأشار الموقع إلى أنَّ الصحف كانت تسجِّل خلال دورات الانتخابات السابقة ارتفاعًا ملحوظاً في عدد النسخ الموزعة، الأمر الذي لم تشهده الدورة الأخيرة من الانتخابات الرئاسيَّة في الولايات المتحدة الأميركية.

ومؤخرًا، تلقَّت "سان فرانسيسكو كرونيكل"، الصحيفة التي لم يكن يتوقع لها السقوط باعتبارها توزع حوالى 400 ألف نسخة يوميًا، ضربة قاسية جراء تخفيض عدد نسخها الموزعة وتراجع عائداتها الإعلانيَّة والمنافسة القوية التي تواجهها بسبب الصحف الالكترونية. وباتت الصحيفة الآن مهددة بالانضمام الى مقبرة المطبوعات التي بالكاد تتسع لأي منتسب جديد. ويدقّ الموت أيضاً أبواب صحيفة "سياتل بوست انتلجنسر"، إحدى كبريات الصحف الصادرة على الساحل الغربي من أميركا. وستحمل الشواهد التي توضع فوق قبور الصحف الراحلة كلمة واحدة تشرح أسباب وفاتها: الإنترنت، إذ تسببت الأخبار ومصادر الرأيّ الالكترونية بإغراق المطبوعات التي فشلت في التأقلم مع سوق الإعلام الأميركي الحديث الذي شهد نموًا وبرزت فيه أسماء صحف جديدة.

ويعتبر محللون أنَّه يتوجب على المطبوعات أن تتعلم كيفية الاستمرار في سوق المعلومات، حيث يطلب المستهلكون أن تكون أخبارهم مبنية على مصادر عدَّة، بما فيها الإنترنت. ويشير المحللون أيضاً إلى أنَّ الانترنت هي المكان الأنسب للمعلنين ليصلوا الى جيل الشباب الذي يملك قدرة شرائية، ولكنه لم يكتسب هواية قراءة الجرائد الورقيَّة عن والديه.

ووفقًا للإحصاءات، يناهز متوسِّط سنّ قراء الصحف الورقية في أميركا خمسة وخمسين عامًا وما فوق. ويعني ذلك أن معظم القراء الأوفياء للمطبوعات الورقية هم أيضاً في طريقهم إلى التقاعد النهائيّ. ويصف 19% فقط من شريحة تتراوح أعمارها بين 18 و34 عامًا أنفسهم بأنهم قراء للصحف الورقية، بينما تعتمد المجموعة الباقية بمعظمها على الانترنت كمصدر للأخبار.

وتوقع الخبير الإعلامي فيليب ماير في كتابه "الجريدة الزائلة" الذي أصدره في العام 2004 أن كل المطبوعات ستختفي خلال الثلاثين عامًا المقبلة، لتحلّ محلها مصادر الأخبار الالكترونية. وأضاف ماير وآخرون أن المواقع الإخبارية الإلكترونيَّة التي طورت اسمًا معروفًا واكتسبت عددًا من القراء ستكون حينها في الموقع الملائم للإفادة من تنامي الاعتماد على شبكة الانترنت كمصدر للخبر والرأي.

ومع تراجع أعداد النسخ الورقيَّة الموزعة في العام 2008، سجلت أوَّل 23 مطبوعة أميركية ارتفاعًا بنسبة 16% في عدد زوار مواقعها الإلكترونية. وفي هذا السياق، أشار أحد المحررين في صحيفة نيويورك تايمز إلى أنه "كي تنجو كمطبوعة، عليك ان تنجح على الإنترنت".

وحتى "نيويورك تايمز"، وهي إحدى أبرز الصحف الأميركية، تواجه مشكلة. فهي ترزح تحت ديون بقيمة مليار دولار أميركي، ولا تملك منها كسيولة الا 60 مليون دولار، وقد سجلت أسهمها تراجعًا بنسبة 55% خلال العام الماضي. وعلى الرغم من القرض الذي حصلت عليه من الملياردير المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم حلو، إلا أن قيمة سهم الشركة المدرج في البورصة ما زال يقلّ عن أربعة دولارات أميركية.

ويتوقع بعضهم أن تتوقف صحيفة "نيويورك تايمز" قريبًا عن الصدور بنسخة ورقية، وإن كان توقعاً مماثلاً لا يزال مستبعداً في المدى المنظور. بدورها، أعلنت شركة "واشنطن بوست" عن خسائر نسبتها 77% في الفصل الرابع من العام 2008، أمَّا مشروعها الأكثر ربحية، فلا علاقة له بالصحافة، إذ هو كناية عن شركة لتدريب الطلاب على اجتياز الاختبارات. كذلك، تواجه "نيوزويك" التي تملكها "واشنطن بوست" مشاكل مالية حادة.

ويرى محللون إعلاميون أن صحف بارزة مثل "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"يو إس آي توداي" و"وول ستريت جورنال" تفتقر إلى المناعة الكافية للتصدي لاحتمالات احتجابها. وتحتاج جميع هذه الصحف الى إثبات وجودها بشكل أكبر على الانترنت والاستثمار في مشاريع بعيدة عن الصحافة.

وانسحبت خلال الآونة الأخيرة صحف عريقة مثل "كريستيان ساينس مونيتور" الغارقة في الديون تمامًا من حلبة إصدار النسخ الورقيَّة، واكتفت بتلك الإلكترونية، بينما اتجهت صحف أخرى مثل "شيكاغو تريبيون" و"لوس أنجلس تايمز" و"فيلادلفيا انكويرر" إلى تسريح عدد كبير من موظفيها.

من جانبه، يلاحظ الخبير الإعلامي إريك ألترمان أنَّ "حوالى ربع الوظائف في الجرائد الأميركيَّة تبخَّر واختفى منذ العام 1990"، مع الإشارة إلى أن النسبة الأكبر من حالات التسريح سجلت خلال السنوات القليلة الماضية.

ويعلِّل جيف يارفيس، وهو مدون عمل في السابق لدى العديد من كبريات الصحف الورقيَّة أن الصحف اليومية فشلت في الالتحاق بثورة الأخبار الإلكترونية، لأنها كانت تجني سيولة كبيرة إلى حد أشعرها بالاكتفاء وعدم الحاجة إلى تأسيس مواقع على الإنترنت. وفي النهاية، قضى هذا الشعور بالاكتفاء على العديد من الصحف.

ويرى رؤساء تحرير الصحف أنَّ المواقع الإخباريَّة ليست مصدر التهديد الأكبر، بل مجمع الأنباء غوغل. ويشكو المحررون من أن محرك البحث غوغل يتغذى على المحتوى الإعلاميّ الذي ينتجه الآخرون، بينما يرد المدراء التنفيذيون في غوغل على هذه الشكوى بالقول إن شركتهم أصبحت أشبه بكشك الجرائد الذي يعرض يوميًا مقالات الصحف العالمية.

وقبل أن تصبح غوغل في متناول العامَّة ويذيع صيتها كأحد أكثر المواقع الإلكترونيَّة شعبيَّة في العالم، حاول أحد مدرائها التنفيذيين الاتصال بصحيفة "نيويورك تايمز" ليعرض عليها شراء غوغل. لكنَّ "نيويورك تايمز" رفضت الصفقة في حينها. أمَّا اليوم، فتعتبر غوغل من بين أكثر الشركات ربحًا في العالم، بينما تعيش نيويورك تايمز على المعونات. ويمثِّل ذلك أوضح انعكاس للشعور بالاكتفاء، وكذلك للطريقة التي أعادت فيها التكنولوجيا الحديثة تشكيل صناعة المطبوعات الأميركية. نجاح التجربة يؤكد أنها ستستنسخ نفسها في جميع أنحاء العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وداعا
وجيه -

اراحت و استراحت

طلب مساعدة
سيستاني عبد البر -

هناك خطأ تقني في موقع المجلة، لا استطيع استعراض صفحة المجلة رأسيا أي من فوق لتحت بسبب عدم تفعيل الزرار المسؤول ، لست ادري ان كان الخطأ من عندي ام من الموقع نفسه .

واجب الحدوث
نجلاء حريري -

ما حدث متأخرا,يجب ان يحدث لجميع الصحف اليوميه.فهناك اهدار هائل للورق و بالتالي للأشجار, و هي نعمه يجب ان نحافظ عليها.الصحف الأن اصبحت مجلات او كتب,معظمها غث لا يفيد.

بل قتلوها
مصدر مطلع -

لقد اشتركت في السنة الأخيرة من عمر المجلة ودفعت ثمن الاشتراك 800 ريال وليتني لم أشترك .. فقد كان واضحا أن المجلة باتت هزيلة باهتة كئيبة .. وأدركت مع المتابعة الأسبوعية أن رئيس تحريرها قد أجهز عليها .. فلا تطوير في الإخراج ولا في تنوع الموضوعات ولا في الأخبار ولا حتى إنفرادات صحفية .. وأصبح واضحاً أنها تشكل عبئا ماليا على الناشر خاصة مع شبه الغياب للإعلان في المجلة .. وبالتالي وبعد كل هذا من الطبيعي أن تلفظ مجلة المجلة أنفاسها ولحفظ ماء وجه مجلة عمرها 30 عاما قرروا اصدارها الكترونيا .. وهذا يعني دفنها بهدوء وصمت تدريجيا إلى أن ينسى القارئ مجلة أجهز عليها رئيس تحريرها الذي كان مشغولا عنها برئاسة تحرير جريدة اسمها الاقتصادية ..

محبوبتي المفضله
عبدالله جمعه الظاعني -

مجلتي المفضله التي انتظر كل اربعاء بأحر من الجمر لاقتناء الجديد منها هنا في الامارات .. حاله عشق بيننا منذ ايام الدراسه بالمملكه المتحده ..احزنني الخبر كثيرا فانا ممن يميل للطبعه الورقيه، لكن ذلك لا يعني اطلاقا ان يكون تحويلها بيان نعي لها،لان مجله بثراء مجلتنا قطعا لن تموت ..

خوفي من القادم ..
العنود -

اليوم تتحول الصحف والمجلات إلى مواقع الكترونية .. نقرأها ونشاهدها من وراء شاشة .. طيب والي ماعنده جهاز كمبيوتر ؟؟ .. والي إمكانياته ماتسمحله يتجول في الشبكة العنكبوتية لقراءة المجلة وغيرها .. رغم شغفه بالقراءة ؟؟ .. أعتقد أن تحويل المجلة إلى الكترونية سيؤثر سلبا على معدل قراءتها بين الناس وسيتقلص عدد القراء .. من السهل الذهاب إلى أي مكتبة على جانب الطريق لشراء صحيفة أو مجلة .. لكن من الصعب جدا خلق الوقت المناسب للإطلاع عليها من خلف شاشة .. أنا إن لم اتنشق رائحة الحبر تعبق بين الصفحات .. فلا معنى لقراءتي ولا لذة فيها .. خوفي من أن يأتي يوم وكل شيء يتحول إلى الكتروني .. حتى نحن وقلوبنا .. وشكرا ..

عم تلعب عالكمبيوتر
عبد اللطيف الأشمر -

أذكر أننا عندما كنافي الجامعة .. كنا نتابط الجريدة الورقية حتى يقال عنا أننا مثقفون .. أما الآن فإن زوجتي تداهمني وأنا أتصفح الأنترنت تقول لي : عم تلعب عالكمبيوتر !؟ فالكمبيوتر ما زال في نظر الكثيرين لعبة .. وحتى شبهة .. فالتصفح يعني بالضرورة أنك تطالع مواقع إباحية .. عودة إلى الحبيبة المجلة التي ننتظرها بفارغ الصبر لأنها الوجيدة التي استطيع أن أخبر أصدقائي أنها مصدري حتى يصدقوني .. أما إذا قلتم أن التكلفة العالية هي السبب .. فهذا قد يبدو مبررآ ومقبولآ .. أماأن نقول أن الصحافة الألكترونية أفضل من الورقية .. فهذا ضرب من المحال أو بالأحرى الخبال ! كان حزننا شديدآ عندما لم نعد نشم رائحة الرصاص بعد أن تحولت الأحرف إلى ثقوب من العتمات في الشاشة الضوئية مع أنه مضر وينصحنا الأطباء بشرب الحليب .. أتساءل الآن كيف سيكون حزننا عندما تتحول الأوراق إلى مجرد شاشة عابرة لا تستطيع االاحتفاظ ولا تستطيع أن تدعي أنها ملكك !؟ لا أدري ..!

وا حسرتاه على المجلة
من جبال افغانستان -

بالتاكيد ان مجلة المجلة من ابز واكبر المجلات السياسية العربية لكن في السنوات الاخيرة وتحديدا بعد عهد الكبار واخرهم هاني نقشبندي بدأت هذه المجلة بالانحدار الى الحد الذي لم تعد تطبع اكثر من الفي نسخة اسبوعيا بعد ان كانت قبلة لكافة وكالات الانباء الاجنبية وصناع القرار هذا عدا عن الكثير من علامات الاستفهام التي احاطت بها بخصوص جائزة الصحافة العربية عن احسن تحقيق للعام 2005 حتى اوصلها انتحال اخر مدير تحرير لها صفة انه هو الذي اعد ذاك التحقيق الفائز الى اروقة المحاكم في دولة الامارات لاشك ان فقداننا لهذا المنبر الاعلامي الكبير هو خسارة للاعلام العربي واعتقد ان اخر القائمين عليها على عكس قادتها الاولون هم الذين اوصلوها لهذا المصير الذي نأسف عليه فالكبار زرعوا نيتة كبيرة مثمرة ناضجة والضغار دفنوه في واد سحيق لن تقم له قائمة اوا حسرتاه مجلة المجلة ووداعا