أخبار خاصة

تحليل إيلاف لمؤتمر مجموعة الـ20

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع محلل إيلاف الاقتصادي بمناسبة انعقاد مؤتمر مجموعة الـ20:
بالنسبة إلى الدول النامية، لا توجد عدوى تسربت لمؤسساتها المالية

إيلاف - لندن: ينعقد اليوم مؤتمر مجموعة العشرين لدراسة الأوضاع الاقتصادية العالمية وإعادة إطلاق الاقتصاد العالمي المهدد بالأزمة المالية. سيحضر أعضاء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان)، إضافة إلى جنوب أفريقيا والسعودية والأرجنتين وأستراليا والبرازيل والصين وكوريا الجنوبية والهند وأندونيسيا والمكسيك وروسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي. وبهذه المناسبة، طرحت إيلاف بضعة أسئلة على محللها الاقتصادي الدكتور منير حداد، ليضعنا داخل الصورة، موضحاً للقراء أهمية هذا المؤتمر، وما هي التوقعات الذي سيخرج بها المؤتمرون، خصوصاً أن الرئيس الأميركي أوباما سيحضر المؤتمر، وفي نيته "تحسين الإشراف على الأسواق، إضافة إلى استعادة تدفق الائتمان إلي الشركات كعاملَين ضروريين للانتعاش. وينبغي لمجموعة العشرين أن تجعل الأموال متاحة من أجل استقرار الدول الصاعدة، ومن أجل إحداث زيادة كبيرة في طاقة الإقراض الطارئ لصندوق النقد الدولي وبنوك التنمية الإقليمية التي تسرع الائتمان". وبادرنا محلل إيلاف الاقتصادي بالسؤال الآتي:

- بمناسبة انعقاد قمة مجموعة العشرين يوم 2 إبريل الجاري في لندن، على خلفية الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، هل لكم أن تقدموا أسباب هذه الأزمة لقراء إيلاف؟
باختصار شديد هذه الأزمة - من وجهة نظري - هي نتيجة نجاح علمي كبير في مجال الابتكارات المالية والاتصالات الحديثة عبر شبكة الانترنت، بحيث أصبح عقد الصفقات المالية لا يكلف شيئاً. على هذا الأساس، تطورت التمويلات بصفة ملحوظة، مما أدى إلى نمو اقتصادي غير مسبوق. لكن عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة أدى إلى انهيار المؤسسات المالية، مما انعكس سلباً على الاقتصاد في الدول المتقدمة، ثم انتقلت العدوى إثر ذلك إلى الدول الأخرى كافة.
من المهم أيضاً التنويه بأن الأزمة الحالية، وعلى حدتها، من المستبعد جداً أن تقارب آثارها الاقتصادية، كما حصل في الثلاثينات من القرن الماضي عندما انهار الدخل القومي في أميركا بحوالي 30%، و بلغت نسبة البطالة 25% وأفلست آلاف البنوك، وهذا لسبب بسيط، ألا وهو التقدم الهائل في علم الاقتصاد منذ الحرب العالمية الثانية، الذي حصل على يد أمثال البروفيسور "بين برنانكي" رئيس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي) الأميركي حالياً، الذي قضي جل حياته الأكاديمية في جامعة "برينستون" يدرس الانهيار الكبير الذي بدا في أميركا سنة 1929. كذلك يوجد تعاون أفضل على المستوى العالمي اليوم، مقارنة بالثلاثينات من القرن الماضي عندما حاولت كل دولة حماية منتجاتها من المنافسة الخارجية، أي على حساب النمو في الدول الأخرى.

- ما هي أهم المحاور التي سيتطرق إليها المجتمعون في لندن؟
يمكن للقراء الاطلاع على برنامج عمل القمة على الموقع الرسمي لهذا الحدث على الانترنت (www.londonsummit.gov.uk). حسب هذا البرنامج، سوف تتركز المحادثات حول ثلاثة قرارات رئيسة وهي: الاستقرار المالي وتوفير التمويلات اللازمة للاقتصاد الوطني، وتعزيز النظام المالي والاقتصادي العالمي، وتهيئة الظروف المناسبة التي تساعد على تحقيق التنمية المستدامة.
لقد تطرق الاجتماع الأخير لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين لمختلف هذه المسائل. تبدو الأمور واضحة في بعض النقاط مثل رفض الحمائية (أي حماية الاقتصاد من المنافسة الخارجية)، و هذا درس مهم من دروس أزمة 1929، عندما ازدادت الإجراءات الحمائية في مختلف الدول، مما أدى إلى انهيار التجارة العالمية في تلك الفترة، فتحول الكساد إلى انهيار اقتصادي كبير. ومن حسن الحظ، لقد أدرك الرئيس البرازيلي الذي سوف يحضر قمة لندن هذه الحقيقة، وتعهد بمناهضة أية دعوة إلى العودة إلى "الحمائية"، واعتقد أنه على صواب عندما صرح: "الحل لهذه الأزمة هو المزيد من نشاط السوق والمزيد من حرية التجارة والمزيد من المنافسة".
كذلك اعتقد أنه لا توجد مشكلة حول ضرورة زيادة موارد صندوق النقد الدولي. فقد تعهدت اليابان بتوفير مائة مليار دولار لهذا الغرض، وتبعت أوروبا بالمبلغ نفسه تقريباً، و هناك التزامات من المملكة العربية السعودية في هذا الشأن. لكن الغموض يكتنف بعض المسائل الأخرى.

- هل لكم أن تقدموا أمثلة عن ذلك؟
- إعادة النمو الاقتصادي: كيف يتم ذلك؟ حتى إذا سلّمنا بأهمية البدء بإيجاد حل لشح السيولة والقروض المصرفية، توجد مقترحات متعددة ومتضاربة في بعض الحالات. معظم الدول تبعت بريطانيا بضخ السيولة في رأسمال البنوك. لكن هناك من يرى إن هذا الإجراء لن يؤتي أكله مادامت حسابات البنوك تحتوي على أصول مسمومة لا أحد يعرف مدى تأثيرها بالضبط، والحل لهذه المسالة غير واضح أيضاً. في بداية التسعينات من القرن الماضي، قامت السويد بإنشاء بنك خاص أو ما يسمى "البنك السيئ" الذي جمع الأصول المسمومة كافة، ومن ثم تعافى القطاع المصرفي وعاد لتمويل الاقتصاد. الإجراء الأخير لوزير الخزانة الأميركي يتماشى مع هذه الفكرة، إذ يقوم بإنشاء صندوق ضمن شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لشراء ما قد يصل إلى ألف مليار دولار (أي نصف إجمالي هذه الأصول المسمومة تقريباً). لكن في المقابل، يوجد فريق من الاقتصاديين المرموقين يعارض مثل هذه الحلول، إذ ينادي هؤلاء بتجاهل البنوك التي فشلت في امتحان السوق واتخذت القرارات الاستثمارية الخاطئة، ويفضلون قيام الحكومة بالخطوة الأولى بإنشاء بنوك جديدة تتم إدارتها على أسس سليمة.
- المثال الثاني يخص التشريعات والرقابة على المؤسسات المالية. إضافة إلى المزيد من القيود قد يكون مكلفاً لهذه المؤسسات، وقد تعمد إلى الالتفاف على الضوابط القانونية واستغلال أية نواقص في نص التشريعات لمصلحتها. ثم إن معظم الهيئات الرقابية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أثبتت على مر السنين عدم قدرتها على مستوى التنفيذ. لذلك أرى شخصياً أنه من المهم الاقتصار على تشريعات بسيطة وسهلة التنفيذ، مثل زيادة نسبة ملاءة رأسمال البنوك كلما توسعت الأصول. هذه النسبة كانت ثابتة في اتفاقية "بازل" و بحدود 8%، مما شجع بعض المؤسسات على التوسع المفرط، منها مجموعة "سيتي-غروب". وبعض البنوك الأوروبية. وصلت نسبة الأصول إلى رأس المال حوالي 60 ضعفا في بعضها، و في هذا مخاطرة كبرى لان مثل هذه المؤسسات لا تجد رأس المال الكافي لتغطية الخسائر التي قد تُمنى بها، إذا ما تدهورت حالة هذه الأصول، كما حصل مع أصول الرهن العقاري من الدرجة الثانية في أميركا.

- ما هو برنامج الانتعاش الاقتصادي الذي سوف يحظى بأكثر أهمية في قمة لندن؟
اعتقد أن المداولات هناك سوف تركز على برامج الانتعاش الحكومية، لأنها الأهم من ناحية حجم التمويلات. قارب برنامج الإدارة الأميركية الجديدة 800 مليار دولار، ومن المحتمل أن يفوق ألف مليار دولار. في بريطانيا، يقدر هذا البرنامج بـ 400 مليار جنيه إسترليني، والبرنامج الصيني يفوق معظم الدول المتقدمة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. اليوم يطالب صندوق النقد الدولي الدول النامية بتخصيص ما لا يقل عن نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي فيها، لإعطاء دفعة للطلب المحلي، ومن ثم النمو الاقتصادي. ولا أعتقد أنه توجد مشكلة في بلوغ هذه النسبة، لأن هذه الدول تعودت لسنوات طويلة على عجز الموازنة الحكومية. لكن المشكلة في مدى جدوى مثل هذه البرامج. فكما يوجد فشل السوق، هنالك ما يمكن أن نسميه "فشل الحكومة"، لأن جمع هذه الأموال يكلف حوالي 30% من الإجمالي، كما يلاحظ وجود هدر للموارد في البرامج الحكومية، وفي معظم الأحيان، قد يوفر القطاع الخاص الخدمات نفسها بتكلفة أقل...

-ماذا عن مشاكل الدول النامية، وهل بإمكان قمة العشرين تقديم بعض الحلول لمساعدتها؟
بالنسبة إلى الدول النامية، لا توجد عدوى تسربت لمؤسساتها المالية، لأن هذه المؤسسات محمية ومعزولة إلى حد كبير عن الأسواق المالية العالمية. لكن هذه الدول معرضة للآثار السلبية للأزمة، مثل انهيار أسعار صادراتها من المواد الأولية والصناعات التصديرية التي تفقد جزءاً مهماً من الأسواق الخارجية، إضافة إلى السياحة والخدمات التابعة لها، كما انخفضت تحويلات عمالة هذه الدول الموجودة في الخارج...
مع هذا، من المتوقع أن يرتفع نمو الصين إلى 8% نتيجة برنامج التحفيز الحكومي الأخير، وقد تحقق الهند 7%. كذلك، بعض الدول العربية التي نجحت في استقطاب استثمارات خليجية مهمة خلال السنوات الأخيرة، مثل تونس التي قد تحقق ما لا يقل عن 5% نمو هذه السنة لأن تنفيذ هذه الاستثمارات ما زال في مراحله الأولى، وفي دولة مثل مصر قد تصل نسبة النمو إلى 4%. لكن دولاً أخرى سوف تكون أقل حضاً، ولن يتجاوز نموها 2.5 %، مثل البرازيل و دول أفريقيا جنوب الصحراء.

- هل توجد مسائل مهمة قد تتجاهلها قمة مجموعة العشرين؟
لقد طالب الاقتصادي البارز "جيفري ساكس"، مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، مجموعة العشرين ببذل "جهد عالمي حقيقي من أجل إصلاح الاقتصاد العالمي الفاشل ... وإطلاق حملة عالمية نحو الاستدامة"، و يقصد بهذا توجيه التمويلات اللازمة للطاقة البديلة والبنية التحتية. أعتقد مثل هذا النداء، وعلى أهميته، قد لا يلقى آذاناً صاغية لأن معظم المداولات سوف تركز على المسائل العاجلة. وآمل أن يتولد عن هذه القمة إطار دائم بإمكانه أن يتدارس مثل هذه المسائل الحيوية لمستقبل البشرية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكر
أبو عرب -

شكرا لايلاف على هذه المقالة المفيدة.