أخبار خاصة

خليل الميس لإيلاف: الظلم اللانمطي يواجه بعمليات لا نمطية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ملف خاص: أطفال إنتحاريون.. إهمال أم إستغلال؟ (3)
خليل الميس لإيلاف: الظلم اللانمطي يواجه بعمليات لا نمطية

الأطفال الإنتحاريون بين الدين والثقافة والإستغلال

إيلاف ديجيتال- مروة كريدية- إيلاف: الفوضى الفكرية والفتوى الغائبة! شَكلت قضية العمليات الانتحارية قضية مقلقة للرأي العالمي لا سيما في المجتمعات المدنية، وفيما تسعى منظمات العمل الانساني والحقوق المدنية وجمعيات حل النزاعات و جماعات اللاعنف المنتشرة في العالم إلى إرساء قواعد ترقى بالانسان عن سفك الدماء بغض النظر عن معتقده ودينه وظروفه، وفيما تسعى الدول المتطورة الى إلغاء عقوبة الاعدام حتى بحق المدانين بجرائم صريحة، نجد أن الفوضى الفكرية التي تعم الدول "العربية والاسلامية " تدفع بأبناء هذه المنطقة الى أتون مجهولٍ من العنف ومزيد من سفك الدماء. خطورة هذه العمليات انها تُمارس تحت شعار " الاستشهاد "، اي بذريعة لاهوتية يعتقد من خلالها المنفذ أنه يُقدم نفسه " قربانًا " للاله كي يدخله " فسيح جنانه ".

لذلك من الاهمية بمكان من طرح الموضوع على من "يتقلدون مناصب الافتاء الرسمية" للوقوف على حقيقة الاحكام، كونهم هم المطالبون بتحديد ماهية "الجهاد" والذي يسعى معظم "الارهابيين "الى الاحتماء بمفهومه والاستظلال بمظلته واطلاق فتاوى الانتحار من تحت شعاره، بحيث تضيع الضوابط فلا يُعرف متى يكون "الجهاد جهادً" ومتى يكون "تعديّا وإرهابًا وسفكًا للدماء.

إن الخلفية "الفقهية " والتشريع الاسلامي يَضع الكثير من رجال الدين المسلمين في "حرج"، - وهو ما لمسته عند كثير ممن التقيتهم - ممن تفادوا الرد المباشر على أسئلتي متذرعين بأن - إعطاء حكم شرعي يتطلب دراسة الظروف المحيطة جيدًّا والقرائن المرافقة له - وان الفتوى الصريحة تحتاج الى مجمع فقهي يتخذ منها موقفًا موحَدًّا كون ما يُعرف ب "الجهاد" لا سيما الدفاعي منه فريضة لا يستطيعون تعطيلها خصوصًا ان كانت بلاد المسلمين واقعة - تحت الاحتلال ؛ مع ما يتطلب ذلك منهم من مواقف واضحة تجاه مفهومي "الولاء" و "البراء" وتحديد وتوصيف من هو "العدو"؛ فما يعتبره البعض انتحارًا قاتلا يعده آخرون "فضيلة وجهادًا و"استشهادًا " مقدسًا.

هذه السجالات شغلت الكثيرين ممن يشتغلون فيما يُعرف بعلم التأصيل والتأويل في نصوص "آيات الأحكام " وحديثه " دون أن يتوصلوا فيها لنتائج حاسمة جازمة ومواقف صريحة يخرجون بها الى المجتمع الدولي ويعلنوا منها موقفهم صراحة "كمسلمين". وبالتالي فإن مناقشة الجزئيات والفروع المنبثقة عن المبدأ العام لا يمكن مناقشتها في ظل غياب الاتفاق على المبدأ العام.

من ناحية أخرى فإن القوى العلمانية ممن يؤمنون بضرورة وجود الدولة العلمانية والمجتمع المدني في الدول العربية والاسلامية ممن ضاقوا ذرعًا بفوضى فتاوى "بن لادن " وسكوت "الافتاء الرسمي العربي" وصمت بعض الأنظمة العربية عن ادانة العنف كونها هي نفسها متورطة بأشكاله بحق أبنائها..كل هذه العوامل دفعتهم الى اتخاذ مواقف شاجبة تجاه كل أشكال "رجال الدين " الرسمي منه المعروف بالمعتدل والمتطرف المتشنج في آن معًا. ويبقى المشهد من العراق الى أفغانستان دمويًّا فيما العنف يستشري في دوامة لا متناهية في صورة تطل على الحضارة البشرية بأبشع صورها وأزماتها تكاد تكون وصمة عار على جبين الانسانية.

خليل الميس : البحث عن الاسباب.... الظلم اللانمطي يواجه بعمليات لانمطية !

وفي سياق متصل أجرينا هذا الحوار مع رجل يُصنف من المفتين الرسميين المعتمدين والمعروفين بمواقفهم "المعتدلة"، وهو رجل أصول الفقه والقواعد بامتياز، وقد تميز بمواقفه المنفتحة في العديد من القضايا الفكرية انه مفتي زحلة والبقاع اللبناني خليل الميس. إلتقيته ولم يكن في بالي الا محورًا واحدًا اريد ان أسئله عنه وذلك بهدف ان أجعله جزءًا من تقرير اوسع يشتمل على أراء متخصصين آخرين. وكنت أسعى في حقيقة الامر الى محاولة انتزاع موقف "شرعي" واضح من رجل إفتاء رسمي بقضية تُعدّ الأخطر في الواقع الاسلامي وهي العمليات "الانتحارية".

فوجدت نفسي أمام شخص تفادى الإجابة الحاسمة في الموضوع مغيّرًا مسار الحوار، بل كان يعيد انتاج السؤال بسؤال عن الاسباب الكامنة وراء ذلك بدلا من الإفادة بموقف مباشر...معتبرًا أن الظلم والحيف المتراكم والممتد طيلة القرن المنصرم والقهر التاريخي ولّد عنفًا لا نمطيًّا وان معالجة جذور المشكلة هو الحلقة الأهم وهو بيت القصيد بدلا من توصيف الظاهرة وإدانة اشكالها التي ما ظهرت لولا الخلل الواضح. وإني أنقل للقارئ الحديث كما هو بعفويته

إن الأوضاع المأزومة من العراق إلى أفغانستان مرورًا بالموضوع الشائك الفلسطيني الإسرائيلي، يجعلنا دومًا نطرح اسئلة حول ما يحصل من عنف ينفذه شباب صغار مغرر بهم، بما يعرف بالعمليات الانتحارية والتي يعتبرها منفذوها انها "عمليات بطولية " أو "استشهادية"؟

إن الظلم الواقع على الشعوب لا يرفعه إلا الاستشهاد !

ولكن ماهو المعيار والحد الفاصل بين الاستشهاد والانتحار من وجهة نظر "الاسلام الرسمي " ؟ فمتى يكون انتحارا ومتى يكون استشهادًا من الناحية الفقهية والشرعية ؟

يجب علينا البحث عن الاسباب والسؤال عنها.... إنه عملكم انتم المثقفون والباحثون والمفكرون... وعمل النخب....وهو البحث عن الأسباب الدافعة لذلك وتوصيفها والقضاء على الظلم...
ماهو الدافع لأن يقدم الانسان على فعل ذلك؟ هذا هو السؤال وهذا هو ما ينبغي ان نبحث عنه.

لنفترض جدلا انه "استشهاد" من اجل رفع "الظلم " ( علما اني شخصيًّا اناهض كل أشكال العنف ولا أؤمن بوجود حرب عادلة، كما أنّي أرفض تعرض النفس الانسانية للموت والهلاك أيا كان السبب و لا أجد له مسوغًا)... ولكن كيف لنا ان نفهم ذلك؟ فهل الانسان "قربان " يُسفك وان كان من اجل قضية سمّها ان شئت "عادلة" ؟

كانت الحروب في السابق مبارزة بين صفين... وكان يقف خلف المبارز الواحد بداية المعركة جيش... واليوم، الذي يُبارز من وراءه ؟ اليوم لا يوجد وراءه أحد انه يقاتل بنفسه عن الأمة...

ولكن اين ذهبت الأطر الرسمية ؟ وهذه الاعمال تُسقط كل اعتبار للنظام !

مَْن يرفع الضيم والمعاناة اليوم ؟ الآن تخلّى النظام عن الأمة... الأنظمة تخلت... والأمّة تولد أمة ولا تولد كنظام...

ألا ترى انها حالة غير مقبولة ؟

إلا عند المسلمين ! لم يتركوا لهم خيارًا لم يبق أمامهم إلا هذا... وصَلوا إلى نقطة اللاعودة...

عن جدلية علاقة "الانظمة" ب "القضية الفلسطينية "...لا سيما بعد أزمة النظام المصري مع خلية حزب الله (لا اريد الدخول في الموضوع) ولكن هناك طرق لا يمكن للانظمة ان تقبل بها.. كيف ترى ذلك ؟

لقد عشت مع القضية الفلسطينية بكل مراحلها وتفاصيلها... فلسطين مُحتَلة... الافضل : ان تُحَوّل الأنظمة عنها...( ايران - العرب....) فليتركوها ! اتركوها يا أخي... اتركوها لفلسطين...فلسطين أتركوها لفلسطين... فلسطين تدافع عن نفسها بنفسها.

وهل يُعقل أن نُمرر فواتير إيران على ظهر الفلسطينيين ؟!

فلسطين أُرهقت كفاها معاناة.. ويأتي من يريد ان يمرر فواتير سياسية واقليمية على ظهورالمظلومين... أقول أتركوا القضية أتركوا فلسطين ليس عندها ما تُعطي.

انت في موقع إفتاء وكنت أتوقع منك جوابًا عما يحصل من عمليات ! كيف تفتي في الموضوع ؟

أنا أُفتي من يُريد أن يَستشهد لا من يريد ان يبعث إستشهاديين !

ولكن الا يجب علينا إدانة أعمال من هذا النوع مهما كانت دوافعه؟ بصراحة كنت اريد منك جوابًا واضحًا وصريحًا بعدم شرعيته؟

نعم أكرر لك، إنّ الظلم اللانمطي يواجه بعمليات لا نمطية ! الأجدى أن تسألي لمنع الأسباب... لا لأن نمنعه هو.

هل أفتيت في هذا الموضوع ؟ ما يحصل في العراق يوميا حتى بين المذاهب في الطائفة الواحدة أمر مقلق للغاية !

لا نعرف حقيقة ما يجري هنا وهناك.. ولا نعرف الاهداف ولا ماهية حقيقة قضيتهم وجوهرها.... نحن لا نُستفْتَى فيما يعملوه...لا نعرفهم... مراجعهم دينية لأنفسهم وهم يأخذون فتوى مراجعهم، ويعتبرون أن حكام السلطة لا يسمعون لفتاويهم. وقد أشرت لك أني أفتي من يريد أن يستشهد هو نفسه شخصيًّا لا من يبعثه او يرسله أو يقف وراءه...

نشر في إيلاف ديجيتال، عدد الثلاثاء 27، أيار 2009

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حديث شيق
قارئ -

اسلوب شيق واجوبة مراوغ لا شك في ان مراسلة ايلاف محنكة للغاية انظر للمقدمة والاسئلة لقد حشرت الرجل بالحاحها وتغييرها للاسئلة ولم تنس ان تمرر (الفواتير الايرانية ) !كما انها لم تتخلى عن موقفها الرافض للعنف ... تقرير جيد

السبب (خوليو)
khalil -

لنفكر بهدوء وبعيد عن كل تعصب، الأسباب هي المرتكز الذي يرتكز عليه المسلمون عند الإفتاء، وكل سبب يرون فيه اعتداء على حقوق المسلمين يبررون عمليات الجهاد والاستشهاد في سبيل الله(الدفاع عن الدين الحق كما يسمونه) ، إلا أنهم عندما يبحثون عن الأسباب يبدأون من موقف الآخر اتجاههم دون البدء من موقفهم اتجاه الآخر، لنقول بصراحة: الدعوة بدأت ضد دين آبائهم وبدأت بتسفيه ذلك الدين وشتمه واستخدام ألذع الألفاظ، فمن يكون البادئ؟ ولنقول بصراحة أكثر لزيادة الشرح: إن عاد الأنبياء في يومنا هذا وإحداهم قدم نفسه كنبي للمسلمين وآخر كنبي للآخرين، من يقوم بقتله ووصفه بكل تعابير اللغة؟ كونوا صادقين مع أنفسكم، الذين قتلوا في بدر سموهم شهداء وبدر لم يبدأها القرشيون(غزوة قافلة أبي سفيان هي البدء، ويأتي من يقول أن الهجرة هي البدء ونحن نقول بدء الدعوة المناهضة هي سبب الهجرة،. افصلوا الدين عن الدولة ولنكتب دستوراً مدنياًنتساوى فيه في الحقوق والواجبات واخرجوا من تلك الأبواب، كما نقول في لبناننا جميعاً.

..
لور -

هل هذا مقال ام لقاء صحفي، قد تكون نوايا الكاتبة طيبة لكنها بدت وكأنها تستعمل هذا المفتي الحائر لشرح واثبات صحة افكارها هي... والا فالكل يعرف ان مثل هؤلاء المفتين هم بلاء لا يقل سوءا عن الحكام والانظمة العربية المتحجرة، ثم لم افهم ما الذي حشر ايران وحزب الله في موضوع الاطفال الانتحاريين فمعروف ايضا ان المذهب الشيعي عموما لا يميل لهذا النوع من العنف فما هي الفكرة من خلط الحابل بالنابل بهذا الشكل الغير محترف

كلفة العدل اقل
الايلافي -

الجواب لا يحتاج الى كثير فذلكه اذا كانت العمليات الاستشهادية تسبب لك الارق فاعطي المظلومين سلاحا مكافئا لظالمهم اعطوا اللبنانيين والفلسطينين والافغان طيارات ومدافع وصواريخ او على الاقل اعطوهم العدالة وهذه كلفتها اقل ؟

رداعلى خوليو
الايلافي -

الاخ القس المتعلمن خوليو لا يترك فرصة للتشهير بالاسلام والدولة العلمانية ؟!!! اعلم يا هذا ان من بدء بالتحرش بالمؤمنين هم كفار قريش حاربوهم ضيقوا عليهم عذبوهم قاطعوهم جوعوهم فاضطروهم الى الهجرة ورغم ذلك لم يتركوهم في حالهم لقد ترك المسلمين الاوائل املاكهم واموالهم التي صادرتها مشركو قريش الا يحق لهم استرجاع بعض ما صودر منهم باقتناص قافلة ماذا كان يفعل روبن هود المسيحي ؟!! الم يكن يعترض قوافل الاثرياء والنبلاء والاقطاعيين ويوزعها على الفقراء لماذا حلال لروبن هود المسيحي حرام على المسلمين ؟ بعدين المشركين هم الذين اصروا على القتال بعدما نجت القافلة وحصدوا ثمار غروروهم وصلفهم

الاخت مروة سلاما
الايلافي -

الاخت مروة تقول اني شخصيًّا اناهض كل أشكال العنف ولا أؤمن بوجود حرب عادلة، كما أنّي أرفض تعرض النفس الانسانية للموت والهلاك أيا كان السبب و لا أجد له مسوغًا)... ولكن كيف لنا ان نفهم ذلك؟ فهل الانسان "قربان " يُسفك وان كان من اجل قضية سمّها ان شئت "عادلة" ؟ واقول ولكنك تقبلين ان يقدم المسيح كما يقال ذاته قربانا عن خطايا البشر مع اننا كمسلمين لا نقبل هذا فكل انسان بماكسب رهين الكلام الشاعري من شاعرة سهل لكن الواقع غير تماما ومبدأ المقاومة اللا عنفية اشترط لها غاندي ان تكون لدى الطرف الاخر اخلاق فهل هذا متحصل لدى الصهاينة والامريكان مثلا ، بدل ان نسعى حثيثا لتقديم قرابين الولاء لما يسمى بالمجتمع الدولي علينا ان نطالب هذا المجتمع ان ينصفنا ويعدل بيننا وبين الصهاينة في المعاملة على الاقل