دولة راعية ل ... المقاومة
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
&
جوزف سماحة : إن لبنان، اليوم، دولة راعية ل ... المقاومة! ومن دون الدخول في أي جدل لغوي مع الإدارة الأميركية يكفي أن يفتح الرئيس جورج بوش أي قاموس من أجل التأكد من ذلك. أي أن في الإمكان التنازل عن الحق المشروع في مناقشة الفرق بين الإرهاب والمقاومة. وفي الإمكان الموافقة المسبقة على التعريف الذي يقدمه الأميركيون. وبعد كل من التنازل والموافقة سيتضح أن <<حزب الله>> مقاومة وأن الدولة اللبنانية الحالية، إذ ترعاها، فإنها تقوم بأبسط واجباتها.
إن في الحرب التي تشنها الولايات المتحدة حالياً ضد أفغانستان ما يؤكد أن الحزب حركة مقاومة. فتبرير هذه الحرب هو أن اعتداء حصل فوق الأرض الوطنية ولا بد، بالتالي، من معاقبة القائمين به وردعهم، كما سواهم، عن الإتيان بمثله لاحقاً. هذه هي حالة <<حزب الله>>. وبالمقاييس الصارمة كلها يمكن الجزم أن القصف الأميركي أوقع عدداً من القتلى المدنيين يفوق بأضعاف مضاعفة <<المدنيين>> الذين تسبّب الحزب بقتلهم. وبهذا المعنى فإن الفعل الأميركي ربما كان أقرب إلى أي تعريف أميركي للإرهاب من الفعل العسكري الذي مارسته المقاومة في السنوات المديدة الأخيرة.
إن النقاش مع الإدارة في واشنطن لم يكن، في حياته، تحت عناوين الخطأ والصواب والدقة والموضوعية. فهذه الإدارة تسمح لنفسها، على الدوام، بتحديد منفرد لهذه المعايير. وحتى عندما تضطر إلى قدر من التشاور، كما هي حالتها اليوم، فإنها تتنازل جزئياً أمام التحالفات الاضطرارية وتحتفظ لنفسها بما تعتقده حقاً لها: إن أي ضرر يلحق بالولايات المتحدة هو ضرر يصيب الإنسانية كلها!
لا مبرر، إذاً، لحصر النقاش في زاوية <<التعريف>>. لا بل يمكن القول إننا لسنا في حالة نقاش أصلاً. فالوضع الراهن وضع صراع لا مكان للكلمات فيه، ولمعانيها، إلا بقدر طاقتها على خدمة أهداف محددة ليس بينها التوصل إلى <<لغة مشتركة>>. ليست <<اللغة المشتركة>> هماً أميركياً. وواشنطن تريد التصرف بالقواميس، وهي عنوان من عناوين الثبات على معنى، كما تتصرف ب<<اللوائح>> الخاضعة، في كل لحظة، إلى احتمال تعديل.
ولأن الوضع وضع صراع يكتب ليبراليو أميركا ما يكتبون. يدعون إلى كسب معركة الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي ويقدمون ترتيباً خاصاً للأدوات الواجب استخدامها. إن استمالة الرأي العام هذا، أي نحن، تبدأ أولاً بشن الحرب وربحها. وثانياً بإرغام الآخرين على تعديل خطاباتهم. وثالثاً بأخذ الفتات من مطالبهم على محمل الجد. ويعني ذلك، عملياً، <<تجنيد>> الرأي العام من أجل إرغامه على تقبّل مدة الحرب وفظاعاتها، ودفعه إلى تكييف نفسه مع استراتيجيات القوى التي تخوضها، وإرضائه بلمسة على الكتف تقول له <<ننظر في أمرك لاحقاً إذ ليس كل ما تقوله خاطئا مئة في المئة>>!
إن هذا الدرس في كيفية <<كسب>> الرأي العام جدير بأن يلهم الكثيرين بين العرب. ولعل من واجبهم أن يتذكروا، عند ذاك، أن هناك من سبق ليبراليي أميركا، ومحافظيها، إلى هذا الاكتشاف. وتشاء الصدف أن يكون <<حزب الله>> من بين هؤلاء الرواد. فلقد كسب الحزب الرأي العام الإسرائيلي دافعاً إياه إلى تبني مطلب الانسحاب غير المشروط عبر القتال وعبر إثبات أن الحرب ضد الاحتلال قابلة للربح. ونجح في جعل هذا الرأي العام متكيفاً مع شروط مواجهة تحدد المقاومة وتيرتها وأهدافها. وإذا كان هناك تحول ما بعد الانسحاب في أيار 2000 فإنه تحول لا يدخل تعديلاً جوهرياً على ما كان قبله.
لقد بادرت بريطانيا، بعد الولايات المتحدة، ومثل عادتها في هذه الحالات، إلى التبني الببغاوي للائحة الأميركية. ولعل في ذلك ما يؤشر، جزئياً، إلى الاستنتاج الذي خلص إليه رئيس وزرائها طوني بلير من جولته الأخيرة البائسة في الشرق الأوسط. غير أن هذا المؤشر جزئي فقط. إن بريطانيا، في الحرب الحالية، ذات موقع مميز في ما يسمى <<التحالف الدولي>>. وهي شريك مباشر في القتال. وتثير اندفاعات بلير حنق بعض حلفائه الأوروبيين الذين يجدون أنه يغلّب، بطريقة كاسحة، التضامن الأطلسي مع أميركا على التضامن عبر المانش مع <<البر القاري>>. وبما أننا نعيش، جميعاً، حالة يخترقها الحديث عن <<صدام الحضارات>> (أو حوارها)، ومع أن صاحب النظرية ينفي أن ما يجري هو إثبات لصحة رأيه، فإن هناك من يهتم بإثارة ملاحظة يجدر التوقف عندها: هل لعب الانتماء الأنغلوساكسوني دوراً أكبر أو أقل من الانتماء الإسلامي في تعبئة شعوب ودول مع أميركا أم مع أفغانستان؟ الجواب واضح. إن الانتماء الأول هو أكثر فعالية بما لا يقاس من تلك التي توفرها تظاهرات باكستان وأندونيسيا وعبور مقاتلين الحدود من أجل القتال إلى جانب طالبان.
إن القصد من إثارة هذه الملاحظة هو التأشير على أحد أسباب الموقف الأميركي من <<حزب الله>>. إن القصد منه التلويح بعقوبات ذات صلة بالسلوك حيال انتفاضة الشعب الفلسطيني، وهو سلوك يبقي المواجهة الموضعية في الضفة والقطاع مفتوحة على احتمال الأزمة الإقليمية، وفي الظروف الراهنة، على احتمال أزمة ذات بُعد دولي مؤكد.
يحق للبريطانيين أن يقاتلوا إلى جانب الأميركيين بفعل وحدة المصالح والثقافة ولا يحق للبنانيين أن يلوحوا من بعيد للشعب الفلسطيني للقول له إنه ليس وحده تماماً! (السفير اللبنانية)
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف