أمير طاهري : بعد لوبي "ضرب العراق" يأتي كورس "ضرب إيران"
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بينما تمارس بعض المجموعات ضغوطها كي يكون العراق الهدف المقبل في "الحرب ضد الارهاب" التي تقودها الولايات المتحدة، بدأت اسرائيل حملة تهدف الى حث واشنطن على ضرب ايران.
وابلغ وزير دفاع اسرائيل بنيامين بن اليعزر صحيفة "لو فيغارو" الباريسية اليومية في مقابلة نشرتها مؤخرا "ان القلب الحقيقي للارهاب الدولي والتهديد الطويل الأمد للسلام العالمي هو ايران". وتكهن، ايضا، بأن ايران ستمتلك قنبلتها النووية الاولى بحلول عام 2005.
ومن المتوقع ان يتجلى خيار اسرائيل في "ضرب ايران"، على نحو بارز، في المحادثات بين رئيس الوزراء ارييل شارون والرئيس الاميركي جورج بوش في واشنطن.
ولكن اسرائيل ليست وحدها في الاصرار على ان ايران تشكل خطرا جديا. فالموضوع ذاته جرى بحثه في ندوة استضافتها "جينز ديفينس ويكلي"، وهي مطبوعة بريطانية متخصصة بالشؤون العسكرية، اقيمت في ادنبرة في وقت مبكر من الشهر الحالي. واتفق معظم المشاركين على ان ايران مشغولة في تطوير طائفة واسعة من "اسلحة الدمار الشامل"، تمتد من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، القادرة على حمل رؤوس كيمياوية وبكتريولوجية، الى القنابل النووية.
ويقترح خبراء مختلفون، يصرون على عدم نشر اسمائهم، القيام بسلسلة من الضربات الجوية ضد مراكز في ايران، حيث يجري تصنيع هذه الاسلحة، كما ذكرت بعض التقارير.
ان الشعور بالنشاط الذي سببه الانهيار السهل لطالبان، بعد عقد من انهيار سهل مماثل لماكينة صدام حسين العسكرية، شجع لوبي "ضرب ايران" على مواصلة مساعيه.
وتقع مراكز البحث والتطوير النووي الايرانية والمصانع التي تنتج الصواريخ في عشر او يزيد من المناطق المعروفة بالنسبة لكل من يريد ان يعرف. وهكذا الحال بالنسبة للمصانع التي يفترض انها تقوم بانتاج الاسلحة الكيمياوية والبكتريولوجية.
ومن الناحية التقنية تمتلك الولايات المتحدة القدرة على ضرب كل الاهداف المطلوبة في ايران بدون ان يكبدها ذلك خسائر كبيرة.
والسؤال هو ما اذا كان الهجوم على مثل هذه الاهداف سيحقق النتائج المنشودة من وجهة نظر واشنطن.
لا بد ان يكون الجواب بالنفي.
علينا ان نفترض ان هناك ما لا يقل عن ثلاثة اسباب قد تجعل الولايات المتحدة تشعر بخطر اسلحة الدمار الشامل في ايران.
السبب الاول يتمثل في ان الولايات المتحدة قد تشعر بالخطر في اراضيها. ان أحد الصواريخ المطورة حاليا في ايران هو صاروخ شهاب 4، المعتمد على نموذج كوري شمالي، يبلغ مداه 4 آلاف كيلومتر. وتشير المسافة الجغرافية بين ايران والولايات المتحدة الى ان اي جزء من الاراضي الاميركية لن يكون ضمن مدى هذا الصاروخ. ولفترة لا تقل عن ثلاثة عقود كان الاتحاد السوفياتي يمتلك صواريخ قادرة على ضرب آلاف الاهداف في الولايات المتحدة. غير ان ايا من تلك الصواريخ لم يستخدم.
ولهذا فإن امتلاك الصواريخ لا يكفي، بحد ذاته، لتبرير هجوم وقائي ضد ايران. ان الصواريخ تستخدم في سياق نزاع. والحقيقة هي انه ليس هناك، في الواقع، نزاع بين ايران والولايات المتحدة. فرجال الدين في طهران يتعين عليهم ان يهتفوا ببعض الشعارات المعادية لاميركا حتى تبقى ذكرى الخميني حية. ولكن ما من أحد منهم، حتى اولئك الاكثر تشددا، يتمتع بالنزعة الانتحارية الى الحد الذي يفكر باطلاق صواريخ ضد الولايات المتحدة، ويبقى في السلطة. فالتجربة الافغانية جعلت الدرس اكثر وضوحا وسهولة مما سبق.
والسبب الثاني الذي قد يجعل الولايات المتحدة تعتبر ايران خطرا يتمثل في احتمال استخدام رجال الدين صواريخهم و/أو اسلحتهم النووية ضد اسرائيل. ولكن ذلك، ايضا، اختلاق من مخيلة اسرائيلية معينة. ان حكام ايران الحاليين يحملون لقب "الملا"، ولكن ينبغي عدم التعامل معهم على المستوى ذاته الذي يجري مع ملالي طالبان. فايران دولة منظمة تماما، وفيها ما يكفي من الآليات لمنع النزعة المغامرة من ذلك النمط الذي يولع به الملا عمر واسامة بن لادن.
وبينما يتمتع رجال الدين في طهران بالمصلحة في قرع الطبول بشأن اسرائيل، لكي يستطيعوا الظهور بمظهر الراديكاليين والاسلاميين في العالم العربي، فانهم يعرفون ان لا مصلحة قومية لايران على الاطلاق في مهاجمة الدولة اليهودية. وكان هناك زمن استطاع فيه رجال الدين ان يضعوا مصالح ثورتهم قبل مصالح ايران كدولة قومية، غير ان تلك الايام وصلت الى نهاية مسدودة.
وفي الوقت الحالي لا بد لرجل الدين الذي يحاول توريط ايران في امور تهدد المصلحة القومية ان يسلك طريق الانتحار السياسي. وفي حالة اسرائيل انعكس هذا في المقابلة التي اجرتها "سي ان ان" مع الرئيس محمد خاتمي في وقت مبكر من الشهر الحالي. فقد ألمح الى انه ما ان يتوصل الفلسطينيون الى تسوية لنزاعهم مع اسرائيل، فإن ايران لن تواجه صعوبة في الاعتراف بالدولة اليهودية. وفي الاوضاع الحالية لن تقوم ايران بمهاجمة اسرائيل الا اذا قام الاسرائيليون بمهاجمة ايران اولا.
اما السبب الثالث لقلق الولايات المتحدة فيتمثل في ان ايران قد تستخدم اسلحة الدمار الشامل ضد جيرانها المصدرين للنفط بسبب تحالفهم مع واشنطن. غير ان مثل هذا التحليل بعيد عن الواقع على نحو مماثل. فايران ترتبط بهذه الدول من خلال عضويتها في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وتحتاج دعمها لحماية مستوى معين من اسعار النفط يمكن ان يؤدي تراجعه الى افلاس الاقتصاد الايراني. وما من استراتيجية يمكن ان تبنى على اساس الافتراض الساذج من ان ايران، غير المستفزة بكل معنى الكلمة، يمكن ان ترغب في اشعال النيران ضد جيرانها.
ويصغي المدافعون عن سيناريو "ضرب ايران" الى كل هذه الحجج، ومن ثم يتساءلون: اذن، لماذا تطور ايران مثل هذه الاسلحة؟
والجواب الصريح هو اننا لسنا متأكدين من ان ايران قررت، حقا، ان تكون دولة نووية.
ومن اجل ان تظهر صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية اليومية ان رجال الدين في طهران مشغولون، فعلا، في تطوير اسلحة ذرية، استشهدت ببعض التصريحات الصبيانية التي اطلقها عدد من المسؤولين الايرانيين، وبينهم وزير الارشاد الاسلامي السابق عطاء الله مهاجراني. غير ان افضل المعلومات المتيسرة لدينا تشير الى ان ايران، بينما توسع برامجها في البحث النووي، لم تتخذ، حتى الآن، قرارها الحاسم في صنع القنابل الذرية فعلا. لقد كان موقف ايران في ظل حكم الشاه هو تعلم كيفية صنع القنابل الذرية والحصول على الوسائل العلمية والتكنولوجية الضرورية، ولكن ليس بناء ترسانة ذرية فعلا. وبقدر ما افهم فإن رجال الدين لم يغيروا تلك السياسة.
ولكن حتى اذا اختارت ايران، ان تكون دولة نووية فإن القضية لا يمكن ان تعالج عبر الضربات الجوية. ولدى ايران حجة قوية تجادل بها. فهي تعيش في منطقة توجد فيها، على الاقل، خمس قوى نووية معروفة. فهناك روسيا في الشمال، واسطول الولايات المتحدة في المحيط الهندي جنوبا، وباكستان والهند في الجنوب الشرقي، والصين التي لا تبعد سوى 40 دقيقة عن ايران، بالطائرة عبر اجواء افغانستان. والى هذه القوى يجب ان نضيف قوتين نوويتين "مشتبه فيهما": اسرائيل التي يعتقد كثيرون انها تمتلك ما لا يقل عن 200 قنبلة ذرية، والعراق الذي قد يكون على وشك انتاج رؤوسه الحربية النووية الاولى.
وفي السبعينات كانت ايران قد اقترحت اقامة منطقة منزوعة من السلاح النووي في الشرق الاوسط. وقد دعم الاتحاد السوفياتي الفكرة، رغم ان ذلك كان سيعني سحب اسلحته النووية من القوقاز وحوض قزوين. وقد عارضت اسرائيل والعراق الفكرة التي انهارت عندما اخفقت في ضمان الدعم من الولايات المتحدة والقوى الغربية الاخرى!
هل يمكن اعادة الحياة الى الفكرة؟ نظريا نعم. غير ان ذلك يستدعي ان تقوم اسرائيل بتفكيك ترسانتها النووية.
اما بالنسبة للاسلحة الكيمياوية والبيولوجية فلا يمكن للولايات المتحدة ان تنتقد ايران على تطويرها المفترض، بينما يتهم العراق بخزن احتياطاتها بشكل واسع. ومنذ عام 1918 تعتبر ايران البلد الوحيد الذي هوجم بأسلحة كيمياوية وبيولوجية. وما زال البلد الذي قام بتلك الهجمات، اي العراق، تحت حكم الزعامة ذاتها، وما يزال، اذا صحت ادعاءات الولايات المتحدة والامم المتحدة، ينتج الاسلحة ذاتها.
ان ايران تمر في مرحلة ازمة سياسية عميقة من غير اليسير التكهن بحصيلتها، وان اي عمل عسكري ضد ايران في هذه المرحلة يمكن ان يقضي على حركة الدمقرطة في المهد ويعزز موقع الجماعات الاكثر تشددا داخل النظام. وهذا هو السبب الذي جعل الصحف الخمينية الراديكالية ترحب، في الواقع، باحتمالات توجيه ضربات جوية اميركية ضد ايران.
لقد جرى انقاذ الخمينية مرة عندما قام صدام حسين بغزو ايران. وسيكون من سخرية الاقدار اذا ما انقذت مرة ثانية لان جورج بوش ضرب ايران ارضاء لشارون!(الشرق الأوسط اللندنية)
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف