إيلاف+

لاجئون غير شرعيين، حالمون واصوليونمدن مغاربية في احياء بروكسيل وباريس

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
بروكسيل، باريس:أحمد نجيم: "جئت إلى أوروبا بحثا عن الأمل في عيش كريم.. رغبة في تأمين مستقبلي.. كنت أعلم أن بلجيكا ليست جنات عدن، لكن جحيمها أرحم بكثير من جحيم المغرب" هكذا يتحدث سعيد، الحائز على إجازة في الأدب الإنكليزي.
جاء إلى حي مولمنيك ببروكسيل برفقة فرقة مسرحية جامعية، "ليحرك" أغلب أعضاء الفرقة، بمن فيهم الممثلات. الحريك، كلمة أضحت أكثر استعمالا في الشارع المغربي، وتعني الأشخاص-مثل سعيد-الذين دخلوا أوروبا بتأشيرة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو عن طريق الهجرة الشرعية ومكثوا بأوروبا سنين.
يقطن سعيد بحي مولمبيك بشقة في الطابق السفلي مكونة من غرفتين وباحة صغيرة. يحاول جاهدا تحقيق هدف وحيد وواحد: البحث عن زوجة بجنسية بلجيكية لتحرره من كهفه هذا، ولتخرجه من اختبائه الدائم وحرصه اليومي مخافة مصادفة دورية شرطة متخصصة في محاربة الإقامة غير الشرعية.

سعيد، شأنه شأن أبناء هذا الحي، يصبح أكثر طلاقة عندما تلج قدماه "مولمبيك".. حي وسط العاصمة البلجيكية، يلقبه&سكانه بـ"الحي المغاربي"، لأن غالبية سكانه&يتحدرون من أصل مغربي.
دخول الحي يترك الانطباع لزائره أنه في مدينة مغاربية. من الدكاكين الى بائعي اللحوم .. يافطات مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.
مقاهي مولمبيك أشبه بمقاهي بعض المدن المغربية الصغيرة. مرتادوها لا يوظفوا إلا اللهجة المغربية أو الجزائرية أو التونسية، يلعبون الورق حتى منتصف الليل أو يتسلون بلعاب اتوا بها من بلدانهم.. &نادرا ما تصادف "أشكال تسلية دخيلة" عن تلك التي اعتادوها في مدنهم وقراهم.
مثل كثير من المدن المغاربية، ينظم سوق أسبوعي كل يوم أحد ببروكسيل، سوق احتل فضاء سلخانة. السوق لا يختلف كثيرا عن أسواق مدن كالدار البيضاء. يقصده سكان حي مولمبيك والعرب القاطنون في أحياء بروكسيل.
رمضان بأجوائه وعاداته حاضر فيه.. كل ما تصادفه في سوق بالمغرب تجده في سوق السلخانة هذا.
البلجيكيون والمهاجرون من دول إسلامية وأوروبية يقصدونه. غالبية باعته من المغرب، يوظفون نفس تقنيات البيع الموظفة في بلدانهم، يصيحون بأعلى أصواتهم لتقديم بضاعتهم.. واللغة الدارجة مهمة في اصطياد زبناء.
بلجيكيون اقتحموا هذا الفضاء المغاربي الصرف ووجدوا لهم فيه&أماكن لبيع خردتهم او السندويشات لغير المسلمين.

عزيز، مغربي آخر يوجد بطريقة غير شرعية&يعمل في سناك للوجبات السريعة، يقول أن "غالبية "العرب" هنا يقاطعون الوجبات السريعة التي يشرف عليها غير المسلمين" لأن "طريقة ذبحهم للحم&غير شرعية، ولأننا لا نثق في سلامة أكلاتهم".
البلجيكيون يعلمون ذلك، لذا يحرص بعضهم على توظيف وجوه بسحنات عربية في حي كمولمبيك.

ولا يخلو حديث عزيز وسعيد عن الزوجة المستقبلية، ذلك يمر بامتلاك سلوك "إسلامي" والتردد على المسجد وأداء صلوات التروايح" لنيل رضا فتاة "تفعل الشيء نفسه" أو التقرب من رجل مغربي يرضاه زوجا لابنته. البنت سامعة مطيعة لأبيها، وهن قليلات الخروج في الحي.

كلام الشابين لا يخلو من إحالات دينية وانبهار بمتطرف كأسامة بن لادن، الذي غدا مرجعا في "الجهاد" و"مقاومة الظلم" و"إحقاق الحق" عندهما.
حي أشبه بكيتو وسط العاصمة التي تضم مقر الاتحاد الأوروبي. لا تبدو بوادر ما يسمى بسياسة "الإدماج" في المجتمع البلجيكي. عالمان متناقضان واحد شرقي-مغاربي وآخر غربي لكن في مدينة واحدة وتحت سماء واحدة.
حالة عزيز وسعيد وميولهما المتطرفة لا تختلف في العمق عن تصرفات بعض أبناء الحي من سرقة وسطو ....
هذا الحي لا يختلف عن حي بعاصمة النور باريس وهو حي "باربيس"، فإذا تركت الحي اللاتيني وشوارع سان جيرمان وسان ميشال والشانزيليزيه واتجهت شمال باريس على الخط رقم أربعة في المترو والمتجه إلى "بورت كلينيانتور" ستكتشف باريس أخرى. حي لا يختلف عن "مولمبيك" البلجيكي، مع فارق هو أن "باربيس" به نسبة متساوية بين الأفارقة والعرب. الأجواء الرمضانية نفسها، الأسواق نفسها، وإن كانت بفرنسا يومية، لا تصادف شخصا يدخن أو يأكل في السوق. من يقدم على هذا في مثل هذه الأحياء قد يكون مصيره أشد من مصير مسلم يفطر في مدينة مغاربية. رمضان مقدس غاية القدسية.
في باب السوق، الذي يحتل صباحا مساحة تحت قنطرة، يحمل رجلان ملتحيان كيسا كبيرة مع كلمات باللغة العربية وآية قرآنية تحث على المساهمة في بناء مسجد. رجل آخر ضرير يسعى في السوق، استغربت كيفية وصول مثل هذا الشخص إلى العاصمة الفرنسية ليمارس حرفته هذه.
شأن سوق مولمبيك، اللهجات المغاربية تمارس اللغة الفرنسية، وحتى هذه الأخيرة عندما توظف، فإنها تمزج بين مصطلحات الدارجة المغاربية والفرنسية مما يعطي لغة ثالثة. وهو ما يلجأ له أبناء هذا الحي ويوظفونه في موسيقاهم وأشكالهم التعبيرية.

أحياء مولمبيك البلجيكية وباربيس الباريسية مغلقة على ذاتها، مما يحمي من يدخلها من المهاجرين القانونيين وغيرالقانونيين، في غالب الأحيان، من أية متابعة من قبل الشرطة، كما أن هذه الأحياء وكما يؤكد عزيز يدفع بالكثير من فرنسيين ومغاربيين إلى استغلال "الحراكة" وتوظيفهم بأجر زهيد" لأنه يعلم أن لا بديل لهؤلاء.

مدن مغربية تزحف على بعض العواصم الأوروبية، تزداد نسبة السكان ويزداد الحي اتساعا، من يدري؟ &لربما غدت هذه المدن غدا أو بعد غد مدن قائمة بذاتها أو تابعة قانونيا، بعد التبعية الروحية والثقافية، لمدن موجودة في الضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط..&&&&&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف