جريدة الجرائد

من قريب : سلامة أحمد سلامة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يحدث من قبل أن شهد العالم العربي انتكاسة لقضاياه كالتي شهدها في العام الماضي‏...‏ بدأت تتضح معالمها بوصول الرئيس بوش إلي البيت الأبيض‏,‏ ثم بانتخاب شارون في إسرائيل خلفا لباراك‏,‏ وقد اثبت العرب عجزا فاضحا في توقعاتهم بشأن الادارة الامريكية الجديدة‏,‏ وما حملته من توجهات لسياساتها الخارجية عموما وازاء الشرق الأوسط بصفة خاصة‏..‏ وبلغ من سذاجة العرب حدا‏,‏ أوحي لبعضهم بأن خليفة بوش الابن في مجال صناعة البترول‏,‏ وعلاقات بوش الأب القديمة وتشيني النائب الجديد للرئيس بالقادة والزعماء العرب منذ حرب الخليج‏,‏ كفيلة وحدها بأن تجعل السياسات الأمريكية أكثر تعاطفا مع العرب وأقل تحيزا لإسرائيل‏.‏
ولكن الأحداث أثبتت العكس علي طول الخط‏,‏ فقد جاء بوش الأبن إلي البيت الأبيض‏,‏ وهو عازم علي عدم احراق اصابعه في مشكلة الشرق الأوسط‏,‏ وعدم تكرار خطأ والده حين مارس قدرا تافها من الضغط علي إسرائيل‏,‏ ففقد الولاية الثانية وتكتل اللوبي اليهودي ضده في الإنتخابات الرياسية‏,‏ فلم يلبث في البيت الأبيض غير فترة رياسية واحدة‏.‏
وطوال العام وحتي قبل أن تقع أحداث سبتمبر الملعونة‏,‏ ظلت القضية الفلسطينية تراوح مكانها‏..‏ لا البيت الابيض قادر علي أو راغب في القيام بدور امريكي ايجابي لتطويع السياسات الشارونية علي طريق السلام‏,‏ ولا الحكومة الإسرائيلية قد وضعت ذلك في مخططاتها‏,‏ بل كات تعمل علي إشعال نيران الانتفاضة الفلسطينية كلما هدأت‏,‏ ونصب عينيها هدف واحد هو افراغ اتفاقيات أوسلو من مضمونها وتفكيك السلطة الفلسطينية وعرفات علي رأسها‏..‏ وقفت أمريكا مغلولة الأيدي وأوروبا مشلولة الحركة أمام تصلب إسرائيلي وعنادها‏..‏ بينما يزداد الموقف غليانا في الشارع العربي‏,‏ مع سقوط أعداد متزايدة من الضحايا تحت نيران الدبابات والطائرات الإسرائيلية‏,‏ وفي مواجهتها عمليات انتحارية في قلب المدن والمستوطنات الإسرائيلية لا تجدي فتيلا‏.‏
اما في العالم العربي فقد بقي كل شئ علي حاله‏,‏ دون أدني محاولة لتجديد الافكار والسياسات بما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة‏,‏ لكي تعيد الدول العربية ترتيب صفوفها وبيتها من الداخل‏,‏ وتنسق بين العواصم العربية المتنافرة‏,‏ وتخرج من نفق المزايدات الجوفاء إلي سياسات واقعية فاعلة‏,‏ واقتصر التغيير الوحيد الذي حصل علي الجوانب الشكلية‏,‏ بتعيين عمرو موسي أمينا عاما للجامعة العربية خلفا للدكتور عصمت عبد المجيد‏.‏
وكان طبيعيا أن يصل الموقف في الشرق الأوسط إلي طريق مسدود لدي أول صدمة أمريكية‏,‏ وتخطف إسرائيلي القضية الفلسطينية بدعوي مكافحة الإرهاب‏...‏ فتفرض الاقامة الجبرية علي عرفات وتنجح في وضع الفصائل الفلسطينية علي قائمة الإرهاب‏,‏ وتسعي لاملاء شروطها علي الفلسطينين والعرب‏!‏(الأهرام المصرية)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف