في الذكرى الخامسة لرحيل القصيمي (9) شهادات من أدباء سعوديين ومن أبنائه
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأديب السعودي عبدالكريم الجهيمان (95عاماً) :
يتذكر الشيخ عبدالكريم أول لقاءٍ له بالمفكر السعودي عبدالله القصيمي، وأنه كان في بيروت، وكان الشيخ عبدالكريم يتواجد في بيروت آنذاك يشرف على طباعة كتابه الشهير " الأمثال الشعبية في الجزيرة العربية" والقصيمي هو الآخر كان يطبع كتابه الشهير " العالم ليس عقلاً" يقول الجهيمان : كنتُ أقول للقصيمي أن كتابي سيكتب له الذيوع والانتشار والبقاء، أما كتابك هذا فسيموت! فيضحك القصيمي، يقول الجهيمان : ثم تكررت اللقاءات بالقصيمي في مصر، إذ كنتُ التقي به في شقة الشيخ حمد الجاسر، ويصفه الجهيمان بأنه كان فيلسوفاً مجادلاً محاوراً، وكانت له آراؤه الجريئة، التي يجهر بها دون عابئ أو مبالي! .
الأديب السعودي يعقوب الرشيد( 80عاماً) :
يُشير الأستاذ يعقوب الرشيد إلى الوطنية الحقة التي كان يتمتع بها المفكر القصيمي، ودّلل على ذلك بأمثلة تؤكد على مدى محبة القصيمي لموطنه السعودية وولاءه له، ويذكر الأستاذ الرشيد إلى أنه التقى بالمفكر القصيمي في بيروت، وأنه في حدود عام 1954م كان الشيخ عبدالرحمن بن سعدي في بيروت يجري فحوصاته الطبيه، فرغب القصيمي في لقائه ومحاروته، فطلب من الشيخ محمد العثمان القاضي أن ينقل رغبته إلى الشيخ ابن سعدي، فرفض الشيخ ابن سعدي وشرط للقاء شرطاً واحداً وهو أن يتخلى القصيمي عن كتابه" هذه هي الأغلال: ويعلن توبته، لذلك لم يتم اللقاء! ويتذكر الأستاذ الرشيد أن القصيمي كان مغرماً بالمشي، فهو يمشي في اليوم لمدة ساعة أو ساعتين، وكنتُ والكلام للرشيد، أمشي معه في بيروت، وأشار الرشيد أن القصيمي كان يُحبُ عصير الجزر!! .
المؤرخ السعودي عبدالرحمن الرويشد (80 عاماً):
عاد المؤرخ الشهير عبدالرحمن الرويشد وهو يتحدث لـ"إيلاف" إلى الوراء كثيراً، متذكراً زيارة القصيمي للسعودية في عام 1943م، عندما حج القصيمي، يقول الرويشد: في عام1363هـ حججنا إلى بيت الله وكان معنا الشيخ ضحيان العبدالعزيز، وكنا متلهفين لرؤية القصيمي الذي سيحج برفقة الشيخ محمد رشيد رضا والشيخ محمد حامد الفقي رئيس أنصار السنة المحمدية، وكنا قد سمعنا عن القصيمي وعن نشاطه المحموم وكفاحه الطويل في الذود والدفاع عن السلفية وعن الملك عبدالعزيز، وعندما جاء القصيمي احتفلنا به وقابل الملك عبدالعزيز، وذكر الرويشد، أن القصيمي عندما أراد أن يقابل الملك عبدالعزيز حاول أن يظهر بأحسن صورة فجاء حالقاً لحيته، وكان يحلقها دائماً، وكان الوزير عبدالله السليمان يقدم الضيوف للملك عبدالعزيز أثناء السلام عليه، فبعد رشيد رضا والفقي تقدم القصيمي للسلام، فلما سمع الملك عبدالعزيز اسم القصيمي، سأل مستنكراً: هذا هو الشيخ القصيمي؟!! قال: نعم! قال : وأين لحيتك؟! فقال القصيمي، وكان حاضر الذهن سريع البديهة: أن اللحية ليست بذات أهمية وأنها سنة وشعيرة ولكن لا يُنكر على من أخذ منها أو كلها!! فالتفت الملك عبدالعزيز للشيخ رشيد رضا وقال له: أنت أعلم منا جميعاً بهذا الأمر فما تقول؟! فأخذ رشيد رضا يتحدث عن اللحية وأن هناك العديد من الأحاديث التي تدعو إلى إعفائها، فقال القصيمي: ليس هنا مجال بحث هذا الأمر! ولكني أنكر على من أنكر حلق اللحية! وقد أثر في الملك عبدالعزيز هذا الموقف، فأمر الملك عبدالعزيز بأن يسكن رشيد رضا والفقي في فندق التيسير، أما القصيمي فقد سكن معنا في ضيافة ابن قنيعير، وذكر الرويشد موقفاً آخر عن القصيمي، وهو أنه في الضيافة يقدم الأكل ثلاث مرات في اليوم، ولكن دون أن يكون هناك إشعار للنزلاء، وأحياناً كثيرة لا يكفي الأكل، وعندما يوضع الأكل يذهب القصيمي ليغسل يديه، وكان نظيفاً مهتماً بمظهره، أما غيره فلا يغسلون أيديهم، بل يبدأون بالأكل، وكلما جاء القصيمي كي يأكل وجد الصحون فارغة!! فيخرج ليشتري فولاً أو غيره ليأكله!.
تحدث المؤرخ الرويشد عن كتاب"هذه هي الأغلال" وقال أن فكرة الكتاب تقوم على أسئلة طرحها القصيمي عن أسباب تأخر وتخلف العالم الإسلامي، وكان القصيمي قد أصدر كتاب" لماذا تأخر المسلمون؟" وهذا الكتاب مقدمة لكتاب الأغلال، حسب كلام المؤرخ الرويشد، الذي يستطرد قائلاً : أن القصيمي سأل عالماً كبيراً من العلماء عن أسباب تأخر المسلمين فقال ذلك العالم: أن السبب هو تفسخ المرأة وخروجها ولهذا عاقبنا الله! ولو عادت المرأة إلى بيتها لتقدمنا وسابقنا واشنطن ولندن!! فقال القصيمي: هذا الكلام لا ينطبق على الواقع! فلا توجد دولة في العالم نساؤها محجوبة عن الشمس إلا دولتين اليمن والسعودية، ولا توجد دولة في العالم العربي متخلفة مثل هاتين الدولتين!! وذكر الرويشد أن الشيخ حمود بن جميعة الذي يعمل في الديوان الملكي لدى الملك عبدالعزيز هو عم المفكر عبدالله القصيمي، وأشار الرويشد في حديثه لـ"إيلاف" أن الأغلال لم تقرأ بعد! قراءة عميقة ومتأنية، وذكر أن الأمير مساعد بن عبدالرحمن قد قرأ الأغلال في وقتها وكان معجباً بها وإن لم يؤيد القصيمي في كل ما ذهب إليه، كذلك فقد قرأها وأبدى إعجابه بها معالي الشيخ عبدالله المسعري، رئيس ديوان المظالم السابق، والشيخ محمد أمين التميمي، وهؤلاء فوجئوا والكلام للرويشد بكتب الرد على القصيمي، كرد ابن يابس وغيره، وذكر الرويشد موقفاً طريفاً وهو أن عدداً من طلبة العلم رد على القصيمي بقصائد شعرية( أشارت إيلاف إلى ذلك في الردود على القصيمي) وكنا نجتمع آنذاك لقراءة القصائد، ومنها قصيدة صالح بن سحمان التي مطلعها: في مصر وزغٌ تمادى في الضلالات!! وكان حاضراً معنا رجل من الحوطة، فقال : ياجماعة الخير، أنا لا أعرف الشعر ولم أقل يوماً بيتاً من الشعر! ولكن مطلع القصيدة يقول: في مصر وزغ ! ولو قال الشاعر: في مصر قط ! لكان أولى وأفضل، لأن القط هو الذي يفترس ويأكل اللحم! أما الوزغ فمسالم!!، واستطرد الرويشد يتذكر ما في ذاكرته عن القصيمي وهو أن القصيمي عندما ذهب إلى الهند ورأى الدراسة هناك، تمثل بالبيت القائل:
أما الخيامُ فإنها كخيامهم
وأرى نساء الحي غير نسائها!!
وذكر الرويشد أن الشيخ عبدالرزاق عفيفي كان زميلاً للشيخ القصيمي في الأزهر، وقال أن السعوديين الذين ذهبوا مبكراً للدراسة في الأزهر لم يقدموا للمملكة مثل ما قدم القصيمي في الدفاع عنها وعن سلفيتها، وذكر أن القصيمي كان بمثابة وزارة إعلام لوحده في الدفاع عن الملك عبدالعزيز.
&
الأستاذ عبدالعزيز السنيد:
التقى الكاتب السعودي الأستاذ عبدالعزيز السنيد بالقصيمي في بيروت، وقال كنتُ أقرأ للقصيمي ما كان يكتبه في مجلة: الأحد" في عام 1956م والتي كان يرأس تحريرها رياض طه، وذكر أن القصيمي كان متشائم من قيام الوحدة العربية، وقد انتقد الحكم العسكري، انتقاداً لاذعاً، وذكر أن القصيمي كان بسيطاً للغاية متواضعاً وأنه كتاب مفتوح، والحقيقة والكلام للسنيد، أنني اشمأزيت من كلامه عن الشيعة، وأعتقد أن الآيديولوجية والتفكير الضيق، كانت هي السبب في ذلك، وقد تستغرب من القصيمي الذي أصدر كتاباً أدخلوه الجنة بسببه! ومدحه إمام الحرم المكي بقصيدة، ثم يصدر كتاباً يكفر بسببه!.
الأستاذ عبدالمحسن المنقور، الملحق الثقافي السعودي ببيروت سابقاً:
&تحدث الأستاذ عبدالمحسن المنقور، الذي تعرف على القصيمي إبان عمله في بيروت، بأن القصيمي كان ناقداً حاداً لا يجامل وكان يجهر برأيه، ولم يكن ملحداً كما يقال عنه، بل مؤمناً بربه، وذكر المنقور أن عدداً من أعيان المجتمع السعودي كانوا يعرفون الظروف المادية السيئة للقصيمي أثناء إقامته في بيروت، وكانوا يرسلون لي أموالاً له دون أن يعلم، فكنتُ أعطيها له، ولم يكن يعلم من أين هي؟! وعندما سألت" إيلاف" السيد المنقور عن أسماء هؤلاء الأعيان رفض بحجة أنهم هم لا يريدون ذلك آنذاك، حتى لا يعلم القصيمي فيرفض أخذ النقود! وليس من حقي الآن أن أذكر اسماءهم وقد انتقل منهم من انتقل إلى رحمة ربه! وذكر المنقور أن القصيمي كان حاداً في نقده للرئيس عبدالناصر.
الأستاذة آمال عثمان:
التقت" إيلاف" بالسيدة آمال عثمان المسؤولة الإدارية عن قسم كبار السن في مستشفى فلسطين في مصر الجديدة، الذي كان يتعالج فيه المفكر القصيمي، وفيه قضى نحبه، وسألتها إيلاف عن القصيمي فقالت: لقد كان العم عبدالله القصيمي "راجل زي العسل!" وكان طيباً محترماً يخاطبنا نحن العاملون القائمون على خدمته بلغة راقية شاعرية، وكان يكثر المزح معنا، ويداعبنا بألفاظه الرقيقة، وكان يقول لي، أنكِ إذا تمشين فإن الأرض تدعو لك!، وكان يدعو لنا بالتوفيق، ونصحنا كثيراً بأن نعيش بسلام ووئام، وأن نترفع عن الصغائر والضغائن، وقال لنا: أن الله يراقبنا من فوق، فعلينا أن نطهر قلوبنا من الحقد والحسد، وأضافت السيدة آمال تقول: دخل الشيخ عبدالله المستشفى في يوم 12/12/1995م ولم يخرج إلا في يوم9/1/1996م يوم أن توفاه الله، ورداً على سؤال " إيلاف" عن الكيفية التي كان المفكر يقضي فيها وقته إذا لم يكن لديه زائرون، قالت: كان يقضي وقته في قراءة القرآن الكريم، الذي كان بجانبه طيلة إقامته في المستشفى، وأضافت تقول: أنه في بعض الأحيان يقرأ القرآن الكريم بصوت مرتفع ويرتله ترتيلاً!! وأضافت أن الدكتورة نادية عبدالوهاب، رئيسة القسم، كانت تجلس إلى أحياناً وتحاوره في كثير من الأمور الفكرية.
الدكتور محمد بن المفكر عبدالله القصيمي:
&شكر الدكتور محمد القصيمي "إيلاف" على هذا الملف، وسألته إيلاف عن الكيفية التي كان يتعامل بها والده مع أبنائه، فقال: كان الوالد أباً مثالياً في تعامله، وكان يتسم بالهدوء الذي لا حدود له، وكان أسلوبه في التربية عندما كنا أطفالاً وشباباً يقوم على الحزم والشدة والتوجيه نحو معالي الأمور، وقد ربانا على تعاليم الإسلام الحنيف ووجهنا منذ الصغر كي نتعلم، وطلب منا أن نتعلم اللغات منذ أيام الشباب، فالتحقنا بالمعاهد التي تعلم اللغات، ورداً على سؤال فيما إذا كان الشيخ عبدالله قد رغب منه أن يتعلم العلوم الشرعية، وان يحذو الابن حذو أبيه، قال: أبداً، لقد رغب منا أن نتعلم وندرس العلوم الطبيعية، ولم يكن يرغب أبداً أن ندرس الدراسات النظرية، وذكر الدكتور محمد القصيمي أنه وأخاه الدكتور فيصل، بعد أن تخرجا في الطب، في أنجلترا، وجدا فرص عمل هناك فانخرطا في العمل، فعتب عليهما والدهما وطلب منهما العودة فوراً إلى السعودية، مهما كانت المغريات، وأن يساهما في خدمة الوطن ورفعته، ويضيف الدكتور محمد أنه أمام إصرار الوالد عدنا إلى السعودية، ونحن نقدم جهدنا في خدمة الوطن، وأضاف الدكتور محمد القصيمي يقول: أنه بعد عودته من لندن قابل الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، الذي قال له:" على الرغم مما قيل عن والدكم، إلا انه رجل لا يباع ولا يشترى!" ويشير الدكتور أن والده تلقى عروضاً من عدد من الدول للبقاء فيها وعرضت عليه الجنسية، إلا انه رفض ذلك، تقديراً منه واحتراماً لوطنه الأول، وأشار الدكتور محمد إلى الأثر الكبير الذي تركه والده في مستشفى فلسطين، حيثُ كان محبوباً من جميع العاملين، الذين تأثروا أكبر الأثر على رحيله، وأضاف أن والده قضى أيامه الأخيرة في مستشفى فلسطين يقرأ القرآن الكريم أغلب الوقت.
الدكتور فيصل بن المفكر عبدالله القصيمي:
&يشير الدكتور فيصل إلى أن الأسلوب الذي اتبعه والده في التربية، كان قائماً على قدر كبير من الحرية وأنه لم يفرض عليهم صبغةً أو أسلوباً أو أن نمطاً معيناً، وأضاف الدكتور فيصل يقول: كانت لدي ميول للدراسة الأدبية، إلا أن الوالد أنزعج انزعاجاً شديداً عندما علم بذلك، وأرشدني إلى أن هذا لا ينفع في الوطن العربي، وغير مريح، فعندما تكون كاتباً فستتعرض لكثير من المشاكل، ورغب الوالد أن أدرس دراسات علمية تطبيقية، وعن البرنامج اليومي للمفكر القصيمي، أشار الدكتور فيصل أن والده كان منظماً تنظيماً دقيقاً، إذ يصحو في الساعة السابعة صباحاً ويتناول إفطاراً خفيفاً، ثم يقرأ الصحف العربية التي تأتي إليه من مختلف الأقطار العربية، وكان يقرأها بشيء من الاشمئزاز، وفي العاشرة صباحاً يبدأ يكتب إلى الساعة الثانية ظهراً، فيتناول غداءه وينام إلى الساعة الرابعة عصراً، وفي المساء إما أن يقوم بزيارة أحد أو يستقبل ضيوفه في منزله، ونادراً ما يكتب في المساء إلا أن تكون قد خطرت فكرة على باله فيكتبها، وأضاف الدكتور فيصل أن والده يتبع برنامجاً غذائياً صارماً، وكان يمشي في اليوم لمدة ساعتين على الأقل.&&& (يتبع)
&
الحلقات 1-8
الذكرى الخامسة لرحيل المفكر السعودي عبد الله القصيمي
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف