إيلاف+

المطبخ الكركوكي: توابل الهند واطباق بلاد ما وراء النهر وخراسان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الدكتور توفيق التونجي
&
خليط من التوابل&
"تاريخ الشعوب بثقافاتها اذا محيت اختفوا"
&
&الحديث عن المطابخ والماكولات ذو شجون وخاصة لنا نحن محشر الرجال من العراقيين والشرقيين بصورة عامة وليس من الغريب ان نلاحظ ان معظم مطابخ المطاعم العالم يديرها طباخون مهرة وقد كان للملوك طباخون يديرون شؤون مطابخهم الكبيرة وقد التقيت برجل كهل يدير مطعما صغيرا في حي "جانقاية" بشارع الشمس بانقرة في بداية السبعينات حينما كنت& لا ازال مستمرا بدراستي الجامعية هناك كان هذا الرجل الكهل وزوجتة كانا يديران ذلك المطعم الصغير وكان ميالا للصحبة والحديث الشيق فحدثني يوما عن ذكرياتية في بغداد وكيف انه كان قد طبخ في مطابخ العائلة المالكة العراقية رحمه الله عليهم جميعا ولم اعرف اي من ملوك العراق قصد ولكن كل ما اتذكره عن هذا الرجل انه وهو يعيد تلكم الذكريات كان ينتابه نشوة وفرح كبيرين.
كنت في حديث ذو شجون مع الكاتب ابراهيم احمد عن هموم المهاجر العراقي في دول المنافي فذكرني في مجري الحديث عن المطبخ الكركوكي ومزاياه الخاصة في اعداد الاطعمة والمعجنات حيث اشتهرت السيدة الكركوكية في الوصفة الخاصة في اعدادها لاكلة "الباجة العراقية"& والدولمة بتتبيل الاكلتين بالسماق لاعطائها نكهة غريبة ولون متميزا وقد تكون سيدة البيت الكركوكية ليست وحيدة في اعدادها المتميز للاطعمة والاكلات ولكنها اعتقد قد جمعت وصفات اطعمة شعوب المنطقة في ذاكرتها فاجادت خير اجادة فسلاما اليها وتحية فقررت ان اكتب عن تلك السيدة ومطبخها.
&كان اباطرة النمسا يولون اهتمام خاصا بالمطابخ لما هناك من اهمية كبيرة للجلسات العا ئلية والرسمية والمناسبات من اهمية في التقاليد الاستقراطية الملكية وكان الطباخ بصورة عامة من المجريين (هنغاريا) فهم بارعون في الطبخ وادارة المطابخ واعداد الموائد وليس من الغريب ان تشاهد ذلك الزخم الكبير من المطاعم والمقاهي في فينا حيث هناك احياء خصصت للمطاعم حيث النبيذ النمساوي المشهور يقدم كما كان يقدم ايام عز المبراطورية النمسا والهرتسك من قلب عاصمة& اوربا و اكلات حوض البحر الابيض المتوسط من نواشف ولحوم سمك والحيوانات البحرية وعودة اخرى الى مدينة العذابات كركوك هنا نادرا ما تجد السمك في المطابخ والسمك حيث ياكل في المناسبات ولم اجد تقليد لاكل السمك رغم كثرة الانهار وغزارة السمك فيها في عموم المنطقة& كم وجدتها مثلا في ابلة العراق حيث تؤكل& في البصرة مثلا او حتى في بغداد حيث شارع ابى نواس تيمنا بشاعر الخلفاء العباسين ونديمهم فهذا الشارع الممتد على طول ساحل دجلة الخالد يحفل بمطاعم السمك "المسكوف" او كان كذلك قبل ثلاثون من الاعوام و نيف.
ماكولات الشعوب سمة من سمات ثقافاتها والشرق مزيج ثقافات امم كونت بودتة تاريخية اثنية كطيف شعاع الشمس،&غنية، فلكل زمن اكلة وذكريات كما لكل زمن ملك وحاكم.
&
الاكل في مطاعم المدينة:
كما كنت قد ذكرت سابقا ان المطاعم يديرها الطباخون فمن النادر ان تجد في كركوك مطعما تديرها احدى السيدات كما هنا في اوربا مثلا وقد تكون ذلك سمة لمجمل مطاعم العراق ، اما الاكلات المقدمة في تلكم المطاعم فتكون بصورة عامة من النواشف والكباب والكص والدجاج& والسلطات بانواعها والطرشي وتقدم النوادي المهنية والثقافية تقريبا نفس النوعية من الاطباق ونادرا ما نجد مطعما يقدم لزبائنه اكلات من النوع الذي كان يقدمة مطعم ابن سمينة& وابنائه من بعده في بغداد او مطاعم كربلاء من تشريب وفصوليا وشجر وبيدنجان والحوم المطبوخة ، اما مطاعم النواشف فقد كانت كثيرة اذكر منها سندويش " نوزاد "وحلويات&&&&& " حسن نجم" حيث كانا يقدمان السلطات واكلات البسيطة والحلويات ومع افتتاح " نوزاد اوجي" واخوانه لسينما صلاح الدين في شارع الجمهورية في بداية الستينيات بدا حركة تجارية كبيرة في هذا الشارع بعد ان كان شارع اطلس وشارع الاوقاف والمجيدية بسوقها العصري مراكز تجارية وبد بالظهور مقاهي عصرية كتلك المسماة مقهى "النصر" حيث كان هذا المقهى يقدم الجاي بالحليب والببسي كولا بخمسين فلسا وكان ذلك غاليا في تلك الايام بالمقارنه مع مقاهي الشعبية كالمجيدية واحمد اغا جايخاناسي وجوت قهوة ذو الشهرة الواسعة كملتقى للمثقفين والشعراء كركوك وكما يدل تسمية المقهى من التركمانية انها كانت مؤلفة من الجمع بين قهوتيين متلاصقتين وتحويلها الى مقهى واحد وكان من روادها شاعر كركوك الكبير هجري ده ده قبل ان تهمل وتترك للنفايات ،& وانتقل محلات الاورزدي بك من بنايته القديمة والواقعة قرب بهو الضباط الى شارع الجمهورية وبوشر في السبعسنات ببناء مجمع تجاري باسم ابي حنيفة النعمان وتحول هذا الشارع الى ملتقى للشباب الهاربين من ظجر الايام والتنزه في ازقة حي عرفة العصري.
هذه المطاعم يضاف اليها كوكبة من الباعة المتجولون يبيعون كل شئ يوكل تقريبا من حمص "لبلبي" وشلغم والتكة والمعلاق وانواع الحلويات والعلوجة والشروب والشربت بانواعه والصبيان يبيعون الكريمستي والجلورة السليمانية وعربات الدوندرمة والسندويش.
&
السيدة ملكة متوجة على عرش المطبخ البيتي:
المطبخ البيتي تبقى فيها المرءة سيدة وملكة متوجة على هذا العرش لا تتنازل عنها مدى الدهر فالطبخ عزيزي القارئ شغف وهواية وفن& ووسيلة تسلية وقتل وقت وتتفن ربة البيت الكركوكية في اعداد الاطعمة الشهية وقد تبقى هي وصديقاتها ليوم بالكامل تعدن الطنجرة الكبيرة لاكلة الدولمة الكركوكية الشهيرة حيث يحشى البيدنجان والشجر (كوسة) والخيار والبطاطة والبصل والطماطم والسلق وورق العنب واللهانة في حفل منوع منهاالخضراوات اليابسة في فصل الشتاء والاخضر في فصل الربيع والصيف وقلما وجدت في المطابخ الاخرى هذا التنوع الكبيرفي اكلة الدولمة وقد تكون النسوة الكركوكيات اكتشفن بان ليس هناك شئ يؤكل ولا تستطعن حشوها بالرز والبهارات واللحم المثروم وبقايا حشو البادنجان والطماطم والكوسة وقد تكون السيدة التركمانية فنانة في طبخها الدولمة لا يجاريها احد في ذلك فقد تقوم باظافة الحامض الى الحشو كاليمون دوزي وتتفنن احيانا وتضيف اليها رحيق السماق بعد غلية.& اما الطبقة السفلى من الطنجرة فيسمى ب (قزان ديبي ) تلك المجموعة من بقايا الخضراوات والسلق الكركوكي المشهورتوضع في قعر الطنجرة وقد يكون المرء مقتدرا ماديا فيضع شيئا من لحم الخروف وخاصة الاضلاع في قعر الطنجرة وقد وجدت عدد من النسوة ممن يظعن لحم الدجاج ، فلم استسيغها.
قائمة الاكلات الكركوكية طويلة اذكر منها( سولي كبابي ) وتحظر من اضلاع الخروف حيث يقلى في الزيت بعد غلية و يستعمل ماء الحم& ليصب على الخبز الثريد وتوضع على الاكلة اللبن والثوم والبهارات وقد كان والدي رحمة الله عليه يحدثني عن ظيف له قادم من بغداد حين دعاه الى اكل تلك الاكلة الكركوكية فابى الرجل ان ياكل وجبة الطعام المقدمة له انتظار بوصول الكباب الذي كان يتصورة على شاكلة كباب مطاعم بغداد ك" كباب ولبن اربيل" في منطقة طوب ابو خزامة في مركز بغداد. اما اكلة (امام بايلدي) فيتم تحظيره بقلي الكوسة " قباغ -كولكه"واظافة اللبن والثوم اليه ومن الاكلات الكركوكية اكلة "الشيخ محشي" وتشبه الدولمة ولكن يستعاظ من الرز في الحشو باللحم المثروم حيث يفرخ بطن البيدنجان ويملى باللحم المثروم وبعض التوابل و"البادم " او الصنوبر ويربط باحكام بالكرفز، وهناك اكلات اخرى ك:
تبسي ، ممبار ،& سلق اشي ، قالدرقوي ، بامية اشي ، كروان اشي ، ترخانة ، قوري فاصوليا ، برياني ، باجة (كله و بي) والباجة التركمانية كما ذكرت مشهورة ولذيذة وذو تنوع في التركيب والخشو قلما نلتقي بمثيله في المدن العراقية الاخرى حتى ولو عند باجة "حاتي" الغدادية، واكلات كثيرة اخرى ك قرة خرمان ، دوكمة ، برغل بيلاوي، تاوغ شورباسي ، جل فراي ، بتيته جاب ، بطاطا اشي والكبة بانواعها وكبة الموصل والكبة الحامظة مع شوربة السلق مع الشلغم والحمص واكلات& كثيرة اخرى.
&
موائد المناسبات الدينية والحفلات:
ان المائدة الكركوكية كمثيلاتها في معظم انحاء العراق تتزين باطيب واشهى الماكولات في مواسم الاعياد والمناسبات الدينية والحفلات فمسيحيي كركوك كان لهم ايام اعيادهم موائد خاصة يعرفها من كان له جار مسيحي في احياء مثل عرفة والماس& وطريق بغداد ويجدر الاشارة هنا بان شهر رمضان من الاشهر التي تكون ربة البيت مشغولة تماما بشؤن المطبخ في تحضير الوجبات الخاصة بهذا الشهر الكريم من سلطات ونواشف وشوربة العدس والشفتة والكفتة و جالن بودي وحلويات الشهر الكريم الزلابية والكوبمة ولا يغيب التمر من مائدة الافطار ابدا كسنة نبوية ، ثم تاتي الاكلات حسب موسم حلول الشهر الكريم. لصباح اليوم الاول من العيد السعيد مائدة خاصة تحضر بمجرد عودة كبير العائلة من المسجد بعد ادائه لصلاة العيد وقد يكون هذا التقليد خاص بعيد الفطر اذ يفطر الذي اقام الشهر لاول مرة صباح العيد وتكون الوجبات عادة حلوة كطبق اكلة " لتكة ـ قيسي " وهي طبخة من فاكهة المشمش اليابس ولحم العجل مع الرز الذي يحلى بكل ما حلى من لوز وكشمش ولحوم وشعرية حيث تزين بها قمة صحن الرز ، وهذا التقليد يؤخذ به في عيد الاظحى كذلك ، اما "الهيرسة" فتعتبر من اكلات المناسبات الدينية كالعاشوراه وقد يكون الحلوى الذي يتم اعداده من الطحين والصنوبر كمثيلتها الهريسة توزع على الناس كصدقة يتصدقها صاحبها& لوفاء نذر نذرة احدهم وتحقق طلبة بمشيئة الرحمن.
&
توابل&
الثراء في الموائد انعكاس& لثقافات المتعددة:
القروي القاطن في ربوع الريف& كرميان- سهل كركوك& نكهة خاصة خاصة اذا عرفنا بان الناس كانو كرماء على سجيتهم من البساطة والفقر فكان اذا حل& الحضري ضيفا عليهم قاموا فورا بذبح الخرفان او الدجاج او الوز او الفسيفس ( على شيش) على شرف الزائر كل حسب مقدرته ،& ونادرا ما يذبح القروي الدواجن حيث كان لحوم الدواجن من ماكولات الاغنياء وربما هو حال الكثير من ابناء العراق اليوم حيث تحول لحم الدجاج الى نوع من اكلات الارستقراطية والعوائل الغنية و المتنفذة.
ان لتحضير الرز في كركوك نكهة خاصة وقد تكون احد عابري السبيل ويتصداف ذلك وقت الظهيرة فتشم رائحة الدهن الحر" الزيت الحيواني) الذي يصب بعد غلية على طنجرة التمن فتعط رائحتها الحي بالكامل ويطيب اكلها مع خبز حار من تلك التي يخبزها النسوة الكركوكيات في التنور الطيني الفخاري الكبير وهي على نوعين" ماده اكمكي _كوليرة" ويكون صغيرا نوعا ما وثخين ويوضع "الكندج& السمسم" عليه و يشبة الخبز التركي المسمى ب& (بيدة ) والنوع الاخر رقيق وكبير( لواشة) كتلك التي كانت تخبز في مخابز الكاظمية والنجف وكربلاء والكوفة وهي بالتاكيد قادم من ايران اما " ناني ساج -ناني تيري"& فقد كان من سمات الخبز الريفي ونادرا ما كانت عائلة في الحظر تخبز تلك الرقائق الخفيفة على ( ساج ) وهو صحيفة معدنية رقيقة& دائرية مقعرة توظع على النار المشتعلة وثم تفتح العجين& "خامر كوند سي " على شكل رقائق بواسطة عصا خشبية تسمى ب "تيروك"ويتم تبيس هذه الرقائق لتؤكل بعد ذلك بعد رشها بالماء.
&
المعجنات والحلويات& تزيد البهجة في الاعياد والافراح:
من خبز التنور الى تلك التشكيلة الفريدة من نوعها من حلويات ومعجنات امم الشرق التي تلتقي في هذه البقعة من الارض ونبدء من الكليجة "كولجة"التي كانت محصورة تحضيرها على مواسم الاعياد نظرا لغلاء محتوياتها من الحشو على ميزانية العائلية الكركوكية قبل اربعون عاما ولكن مع مرور الزمن وتحسن الحالة المعاشية للناس بدات الكوليجة تتحول الى وجبة حلى بين قائمة الماكولات اليومية& . رغم وجود اشكال كثيرة للمعجنات البيتية تبقى الكوليجة ملكة وسائدا في معظم البيوت العراقية ولتحظيرها قبل العيد طقوس حيث تتجمع النسوة بالتناوب يوما عند بنت العم واخر عند بنت الخال واخر في بيت الجيران حيث للجار في مدينة كركوك اهمية كبيرة واحترام وحقوق تتجاوز احيانا كثيرة حقوق القرابة والنسب.
يتك تحظير خميرة الكليجة كعجينة الخبز ولكن يضاف الية العطور والهيل والدارسين والسمن وتعجن بصورة جيدة والحشو مختلف كثيرا بين الجوز والفستق وجوز الهند والتمر العراقي والسكر وبهارات خاصة بالكليجة ،& وكما ذكرت تتجمع النسوة و تتبارن في حشو عجين الكليجة واعطائها شكل جميلا وبمختلف الاحجام ثم توضع وترتب في صواني كبيرة تؤخذ بعد ذلك الى اقرب فرن للخبز بعد ان تمسح بالفرشات متكون من البيض والماء. هنا تجدر الاشارة الى ان العديد من العوائل الفقيرة كانت تعمل صينة من الكليجة ومن العجين المتبقي يحظر "الدرناغلي" وهي على شكل اقراص دائريه صغيره يستعمل اسفل الكوب او القدح لقطع العجين المفتوح على "الدرخونة" وهي قطعة خشبية دائرية كبيرة يسرح العجين عليها وقد يستعمل بعض الاشكال الخشبية او المعدنية في تزين العجين واعطائة شكلا جميلا.
لحلويات والبقلاوة محلات خاصة اذكر محلات حلويات حسن نجم هنا تلتقي بتشكيلة رائعة من حلويات الشرق كالبقلاوه بانواعها& والبورمة والزلابية والبورك و"الشكرلمة" و جورك ويكون يابسا تحلو اكله مع قدح من الشاي والكلمة اذرية قديمة حيث يطلق على الخبز هذه التسمية لحد يومنا هذا في اذرباينجان ولقمة القاضي "كوبمة" وهي من الحلويات الرمضانية حيث تحضر في مطابخ البيوت كذلك.
هذا التنوع في المائدة الكركوكية هو نتيجة من نتائع التعدد الثقافي والاثني والتاريخ المشترك للشعوب والامم التي سكنت وتسكن جنبا الى جنب في هذا الجزء من العالم حيث القهر والتهجير والظلم سمة اساسية ويومية لواقع انسان هذه المدينة ، عزيزي القارئ.
تحية حب وتقدير للايادي الغالية للنسوة الكركوكيات الاتي حملن كل تلكم التقاليد ليتوارثها جيل بعد جيل ابنائهم وبناتهم ليدخلن البهجة والسرور الى العائلة فسلاما اينما كن وتواجدن ميلئها المحبة والوفاء.
&
&* مسميات الاكلات باللغة التركمانية وتركت اسماء الكردية للاكلات على حالها وهناك بعض التسميات العربية والسريانية والفارسية والانكليزية.
&
كٌركُم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف