أخبار

رئيس تحرير وناشر "إيلاف"عثمان العمير:فن الإدارة من جانب رئيس التحرير "سر الأسرار" وممل الذي لا يعرف إلا بلاده وكأنها مركز الكون

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الدار البيضاء - إيلاف: قدم ناشر ورئيس تحرير جريدة "إيلاف" الالكترونية، عثمان العمير، محاضرة، نظمها&معهد صحافة الاتصال بالدار البيضاء،&في مؤسسة سابريس الثلاثاء.
وخصص العمير هذه المحاضرة لصفات رئيس التحرير، ونقدم هنا هذه الصفات كما قدمها، مع الإشارة إلى أن المحاضرة، التي حضرها عدد كبير من الصحافيين المغاربة والعرب، طرحت عدة أسئلة على الضيف تناولت تجربته المهنية ورؤيته لواقع الصحافة العربية.
ومما قاله العمير:
"إن رئيس تحرير ناجح يمكن أن يخرج من جيوب هؤلاء وهم يتماهون مع الطغاة والإرهابيين والعسكر وحكام الحديد والنار، ولا يملكون أن يقولوا كلمة إزاء مخازيهم حتى أن بعض سجونهم مليئة بأناس لا يعلمون من أي عام هم وأي رئيس يحكمهم؟
هل يمكن استنباط رئيس تحرير ناجح، بعيد عن مؤثرات مهمة، أي ارتفاع مستوى البلد الحضاري الديموقراطي وحرية الرأي؟ فإذا أضيفت لها مسألة الرفاه الاقتصادي، وتوافر المميزات العملية من تكنلوجيا وثقافة مقروءة وشعب لا يهدأ من الاطلاع.
أقول نعم إلى حد ما ولكن إلى وقت قصير، لأن الصحافي بطبعه، يحتل دائما يسار المقدمة ولا أعني اليسار الايديولوجي، بل تملكه لعنصري التساؤل، والشك والبحث الاستقصائي.
إنه دائما يفكر، فتفكيره مرتبط بالوجود ووجوده متعلق بقدرته على الخروج من زنزانته حتى ولو كانت ذهبية.
ألم يقل إمبراطور الصحافة البريطانية اللورد نورت كليف إن الصحافة مهنة مهمتها أن تفسر للقارئ ما لا يفهمه أهلها. أما سياسي ودبلوماسي أمريكي فيقول: الصحافيون قوم يفصلون نواة القمح عن قشرتها، ثم ينشرون القشور. لا أتصور أن كائنا يولد صحفي يدير صحيفة سواء كانت في لندن أو كمبوديا ويلف ذراعيه حول خصره، قائلا: إنه لا يستطيع أن يفعل ما يتطلبه منه مركزه كرئيس تحرير، إن المحاولة تلو المحاولة، تخلق على الدوام صحيفة ناجحة لمواجهة الإجراءات الإدارية، والقيود السياسية والاجتماعية بأسلحة لا يجيدها إلا الصحافي المناور. لقد شهدت صحافيين في دول كثيرة، يطرقون كل باب، ويقفزون من كل نافذة، ليوصلوا كلمة ويقولون عبارة ويفتحون طريقا بمختلف الوسائل التي يملكون. منذ أن خلق الحرف، تعومت، المعرفة، وتعولمت وأصبحت حقا إنسانيا، يصل إلى مستحقه ولو بعد حين.

ففي العصور الماضية، كانت الحرب على الحرف على المعرفة، ناجحة إلى حد ما بإرادة الإجرام والقتل والنهب والإخفاء. وحوادث القرون الوسطى، خير مثال. أما بعد المطبعة.. فلم تعد قوة في العالم قادرة على منع كتاب، أو مصادرة صفحة واحدة. لقد انتشرت الفضيحة المعرفية، وصارت كالهواء والماء، جنة أو نار للجميع.
إن هذا الانتشار أو الفضيحة، التي سارت بها الركبان التكنولوجية، أدت إلى تحول هذه الوسائل، إلى نوع من الحيوية المركزية المتعددة القواسم، مما أدى إلى ضرورة تأسيس محاور ناجحة لعملها فلا مجال لهذا الانتشار، وتلك المكانة دون تحديد محاور تؤطر عالما ناجحا إذ لا يكتفي بالنوايا الطيبة والطموحات الشخصية لتأسيس عمل ديناميكي ناجح ومتطور.
ومثلا إذا كنا نتحدث عن عالمنا هنا، حيث يختلف الوضع الاجتماعي والديني عن هناك فإن الإدارة هي من هموم الصحافة، في الديمقراطية الوليدة، أو الحديثة العهد، وهذا ما ناقشه مؤتمر عقد في العاصمة الألبانية ثيرانا.
عقد خلال شهر سبتمبر الماضي في العاصمة الألبانية تيرانا أول حلقة بحثية من نوعها تشارك في تنظيمها "المنظمة العالمية للصحف: (دبليو ايه ان) ومجلس أوربا في إحدى دول جنوب شرق أوربا الشيوعية سابقا. وناقشت هذه الحلقة ما يصح بالخطوط الإرشادية العريضة للإدارة الصحفية في الديمقراطية الوليدة في هذه المنطقة. وناقش الحاضرون كتابا بعنوان "الأزمنة الجديدة تأسيس صحيفة في ديمقراطية وليدة" من إعداد الخبيرة الإعلامية السلوفاكية تاتيانا ريبكوفا، أحد مؤسسي مجلة "تريند" الاقتصادية الأسبوعية وأحد رواد الصحافة الراقية والمستقلة عن الحكومة وأحزاب المعارضة في سلوفاكيا. وهو يغطي جوانب متعددة ابتداء من دور الصحافة في الديمقراطيات الوليدة وانتهاء بشؤون الإدارة المالية للصحف، مرورا بالمضمون التحريري والتنظيم الإداري والتخطيط الاستراتيجي. وخلال الحلقة ورد علي لسان ارالين ماكماين مديرة البرامج التعليمية في "المنظمة" قولها تعليقا على مضمون الكتاب:
الصحافة المستقلة عامل حيوي في بناء ديمقراطيات صحيحة متعافية. فهي تكشف الفساد وتمارس عموما دور الرقيب او الخفير. ولكن حتى الصحف التي يعمل فيها خيرة الصحافيين لا تستطيع اداء دورها ما لم تنجح أو تصمد ماليا. فصحف عديدة لا تتوفر لدى مسيريها الكفاءة اللازمة أو المعرفة اللازمة لإدارة عمليات مؤسساتهم، وأولئك القلة الذين تتوفر لديهم الكفاءة (المنظمة العالمية للصحف جمعية عالمية للصناعة الصحافية مقرها باريس كما تعلمون مهمتها الدفاع عن الحريات الصحافية وترويجها عالميا، وهي تمثل 1700 صحيفة وتنضوي تحت لوائها 22 جامعية وصحافية وطنية ومسؤولين صحافيين من 93 دولة و17 وكالة أنباء).
الامر الآخر هو الخلقي المهني؟ أي كيف يشارك رئيس التحرير في عمارة جدار الثقة بينه وبين القراء. إن أبغض الكلمات إلى الكثيرين من الحريصين على أداء الصحافة هو التباهي بالنزاهة الدائمة أو استباحة مفهوم الحرية، باسم حرية الصحافة.. أو اعتبار الصحافي كالبقرة المقدسة لا يمس، والي ذلك قال الصحافي البريطاني كلود كوبورن "تدخل الصحافة مرحلة النفاق عندما تدعى أنها محايدة، أو أنها مجرد خادم للشعب. وتدخل هذه الأكذوبة مرحلة الخطر عندما يصدقها الشعب. أما الروائي الأمريكي جيمس كوبر فيقول إذا كانت الصحافة منقذا يخلصنا من الطغاة، فإنها لا تفعل إلا لكي تؤسس لطغيانها هي.
موضوع الثقة بالصحافة
القى لورانس بوبريه، من كبار مسؤولي الأخبار في مجموعة غانيت الصحافية الأمريكية العملاقية كلمة في منتدى "معهد وسط أمريكا للصحافة" في مدينة سانت لويس. وكانت غانيت في رد فعل غير مباشر على الانتقادات الشعبية الواسعة على التعامل مع مواضيع كفضيحة مونيكا لوينسكي التي أثارت جدلا حول أخلاقيات مهنة الصحافة قد اطلقت برنامجا تدريبيا حول اخلاقيات المهنة يوضح مبادئ الممارسة المهنية لصحفها الـ 53 بهدف تعزيز صدقيتها. ومما أورده بوبريه في كلمته قوله "علينا كل يوم أن تتوفر لدينا فرصة فعل ما هو صحيح وهذا من مكامن الإثارة الجميلة في مهنتنا" مشددا على الإيجابية والنظرة المتفائلة. مع العلم أن مؤسسة "منبر الحريات" أجرى مسحا استطلاعيا في العام الماضي أشار إلى أن 77 في المائة من الأمريكيين يعتقدون ان أجهزة الاعلام تستخدم أساليب غير قانونية للحصول على المعلومات. ويعتقد 66 في المائة منهم بأن الصحافي يفبرك (يختلق) اخبارا، و80 في المائة منهم ان الصحافيين يضيفون عوامل إثارة وتهييج لتحسين تقاريرهم، و78 في المائة من ان الصحافة وأجهزة الاعلام منحازة، و77 في المائة أبدوا توجسا من "المصادر المكتومة الاسم" التي يروي الصحافيون على ألسنتها ويستقون منها معلومات.
هل هذا يكفي لشرح مواصفات رئيس التحرير الناجح؟
لم تستكمل الصورة بعد
إذا ما هو .... وكيف يكون.... وما يعني...أنه مجموعة من الشخصيات كلما اتسعت آفاقها وتعددت ضاقت عبارة توصيفها.
أنه ليس مفكرا، ولا فيلسوفا. ولا تفترض فيه علامة النبوة...
ولكنه المطلوب منه أن يعرف كيف يقدم للمسرح الشخصيات التي تلعب كلها دور البطولة.
المطلوب أن يوفر الأجواء الصحيحة والنظيفة، كي يجعل الأزهار تتفتح، والحقول تمتلئ بالخضرة والجريدة تمتع الجميع.
إن فن الإدارة من جانب رئيس التحرير هو سر الأسرار، فقد يكون في صحيفة غنية "وبين أفضل القدرات، لكنه يفشل في فن الإدارة حتى ولو توفرت له كل عناصر التألق... والمقدرة في معرفة، وذكاء. وبراعة صحافية.
لست أدري إذا كان مطلوبا مني أن أدلل في كل المواصفات الجيدة لرئيس تحرير جيد كانت مواصفات متوفرة في... وإذا لم تكن وهذا صحيح فإن معلمي في ذلك شيخ علماء الاجتماع العالمي المغربي عبد الرحمان بن خلدون، حين كتب تاريخا يتناقض في تحليلاته، ورواياته، ما بسطه في مقدمته الرائعة الفريدة حينها.
فحب المهنة أولى خطوات رئيس التحرير الناجح، فمازلت أتذكر حين طبعت الشرق الأوسط طبعتها اللبنانية في بيروت في منتصف العقد الماضي، ... في تلك الليلة فاجأ الجميع الأستاذ غسان التويني، ولم يخرج من المطبعة حتى أخذ العدد الأول من جريدة الشرق الأوسط التي اقتضى الاتفاق أن تطبع في دار النهار، ... وحين تسلمها كان الفرح طاغيا على وجهه السبعيني كمن يشاهد مولوده الجديد.
غسان التويني كما هو معلوم صحافي عربي كبير أسس واحدة من أهم الصحف العربية، ... وسياسي، وابن سياسي، ووالد جبران الذي هو صحافي وسياسي، والمدهش أن الأستاذ غسان، لا تفارقه هذه الروح العملية مع أنه تجاوز السبعين، فما الذي يدفع بصحافي بعد السبعين إلى السهر ليلا وهو ثري المعرفة والجاه إلا حب المهنة.
الاطلاع المستمر، الانفتاح الانشطاري، كالقبائل الانشطارية، أي لمس كل التطورات والأحداث، حتى لا يفاجأ رئيس التحرير أنه آخر من يعلم، وكم هو ممل رئيس التحرير الذي لا يعرف إلا بلاده فقط. وكأنها هي مركز الكون، والعالم يدور حولها.
وأعود إلى غسان التويني، لأجده في مكتبه قبل عامين يناقش أحداثا داخلية في موريتانيا... البعيدة عنا من بيروت.... هو الرجل الذي مر بأكثر من تجارب قاسية في جسده... وفكره.
المصداقية:
سيكون مزعجا "حقا" أن يجد رئيس التحرير نفسه في موقف الدفاع عن خبر، أو مادة، والعودة أو الذهاب للمحاكم لأنه ضلل قراءه وقدم لهم معلومة خاطئة... ربما يكون هذا الأمر معروفا "للأسف في عالمنا العربي لأن البعض ما يزال يمارس الصحافة... وكأنها مهنة "طقن الحنك" مثلما يقولون في لبنان، أو ممارسة النميمة في المقاهي.
فهذا صحافي عربي يكتب مقالا مطولا بعد أسبوع من احداث الحادي عشر من سبتمبر يدعي فيه التحليل وامتلاك المعلومات ويقول أن العرب وراء عملية "نيويورك"، ولم يكلف نفسه الاعتراف بخطئه الفاضح ويبدو أنه يعلم عن عبارة رئيس الوزراء البريطاني السابق هاردولسن التي تقول ذاكرة الناس ليست طويلة بالقدر الذي يظنه الصحافي.
تم بعد المصداقية تأتي الدقة... والدقة تعني الأناقة...
أناقة المطبوعة لا تعني الزخرفة والبنخ بل تعني الدقة في الصباغة... وفي الصورة، وفي العنوان... وفي اللغة التي صارت مهملة من قبل الصحافيين العرب... وان لم يكن كلهم... فهناك مدارس ما تزال قائمة تعنى بهذا الشأن غير أنها تتهيأ للانقراض.
&التفاعل الجيد مع التطور التكنولوجي وحسب التأقلم معه وتطبيقه
إجادة اختيار المحررين وحسن ادارتهم وتحفيزهم
القدرة على تسويق الصحيفة أو المطبوعة، والحرص على اجراء وتطبيق دراسات بحثية وميدانية منتظمة على القراء بشرائحهم المختلفة، والاهتمام بالاخراج الفني، والاهتمام بأخلاقيات الصحافة والتصدي لكل ما يهدد الحريات الصحافية.
مع تنامي دوري القارئ والمعلن يتوجب على الناشرين أن يعدوا صحفهم ويفصلوها وفق قياسات شرائح قرائهم وتوزيعها الجغرافي، ويجب تطوير ما يسمى "إدارة العلاقة مع المستهلكين".
بين الاعتبارات المطلوب من رئيس التحرير مراعاتها والتنبيه لها ما يلي:
أولا: الكلفة
ثانيا: متابعة مقارنة الأداء مع المنافسين
ثالثا: أي جوانب من المحتويات والأقسام، الخدمات في الصحيفة هي الأفضل أداء ومردودية
رابعا: متابعة دقيقة للنجاعة. الكفاءة التحريرية
خامسا: الموضوعية.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف