انطولوجيا إيلاف الشعرية: صفاء فتحي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
و لكن، سألقيه عند منحنى الطريق وسألتقي بك وانت تغادرني إليه
ستتجاوزني حتما
أما أنا فسأعبث لاهية بحروف اسمي التي تبعثرت مني ذات صباح
في منزل الحاوي، أو في صندوقه، في مسرحه، أوفي لعبته، في سحره، وفي طفولتي
التي احملها على المراوغة
لا لأنها سرب من أسراب من الطيور أقودها إلى عشها في الليل
بل لأنها أيضا وعد فارقني مع ذات الظل
ظلي الذي ابتلع النعاس
حين طافت البركة القائمة على فجوة
بعد ان تسللت سمكة من الفضة إلى جوفها
تلك السمكة الامعة التي تنزلق دائما من بين اصابعك
عندما أبحث عن الجمل المرصوصة كالطوب بين الحدين
كي اجعل منها منزلي
او غرفتي
او سريري
حيث الاوطن. يجاور ما زرعته امي
و لغتها نبتة في حوض من طين طفولتي
اللغة التي وَضَعتْها في فمي و صارت لي أم دون الأم
لغة.
على حافة الخط اقف
وانت تشدني بالحبل إلى الأثر إلى الملاءة الزرقاء وكما دسست بلغة ما في أذني سأهمس في اذنيك بلغات اخيرة
سأدس في جوفك الكثير
وسأصير في جوفي كالقش
لأنهم ذبحوا الابن الصغير
لأنهم استبدلوه بمثيله من القش
لأنهم يدمنون المراوغة على جسدي
كي يدر اللبن من وهم الأم
عندها غطى جلد الابن على الغياب
و لم تزل الأم
قول دائما للأم لغتها مع اللبن
السائل مع الظل
مع وهم الأم حين كان الفداء هو حدث الحسم
حين بكت الحقيقة
لأني ذات الوهم في الجوهرة عندما تراني
في رؤيتك، في عينك، في الصبح الزئبقي
حين ترى الفراغ الذي تركته أنا في جسد الليل
بعد ان صرتَ لي الأم
وسيفيض ثديها باللبن
الذي لن يصلي له لساني [ وقال من عرفني فلا عيش له إلا في معرفتي، و من رآني فلا قوة له إلا في رؤيتي] (النفري) حفلة العشاء -1- أمامك الآن موائد حافلة بأنواع الطعام، فتصدر المجلس
و لا تلفت إلى طيف قاتلك، عازف القيثارة
فانغامه ترياق قد يغتصب أذنيك ...فأهمليه واشغفي
بكومة الأجساد المتراكمة ...هؤلاء الرضع المنسيون،
جاثمون، على أطراف الكوكب ينظرون السماح بالدخول.
تدغدغهم أبخرة الشواء اللذيذة،
التي لن تكون لك أبداً. أمل خاب في التمدد آمناً،
في عقر الرياحين. -2- العاشق المتجرع للحكايات ...أكرهه
و أشكوه للقضاة، علهم يشنقوه.
عندما تنز بروحه الشاهقة الوسادة أقول: لستِ الآن قبري
ففارقيني حتى أحزم الحقيبة،
وأهاجر لكوكب الرماد قبل سن الأربعين. -3- وطئها الملك كما تطأ الأقدام الحالمة الورود المهشمة
فكانت كما هي جارية تحزم الحقيبة و تنام.
يطأها الملك، و تنام حبلى بصفاء اللانهاية
فتحزم الحقيبة وتنام. -4- كانت الصرخات هكذا : اخرس...اخرس...ما هذه بحيثيات
أهي أضغاث أحلام؟ أم هي فقاعات رؤيا؟ أو ربما أصابتك
شظايا المنام.
فلا تربتي على الخدود و الوجنات،
كي لا يتصدع البناء...ذلك المنزل القائم على وجهِكِ
فتصيب الأنقاض طفلك المزروع في البستان. -5- لماذا العصيان وأنت طفل صغير؟
لا يصح لك ابتلاع تماثيل الصلصال،
التي شكلتها على صورتي الباسمة
من أجل الانتحار.
وعليك بابتلاع لقمة عذراء،
حتى تنشد الأبيات،
لكن حذار من أن تفيض العبرات كمتيمٍ أو ولهان،
أدبا أمام الزائرين
وحتى خاتمة الأيام،
انتظر،
كبش الفداء الذي لم تراضه التجاعيد أو يراوغه الماكياج. -6- إن ركضت البراعم هاربة.
إن امتدت الأذرع متأهبة.
إن نمت الأشواك في السرادق.
ارفع الصوت بالأغنية،
زاعقاً وزاعقاً،
في كون لم يتهادن حتى اللحظة الأخيرة،
حتى
يصعدون الزفرات،
يصيخون الأسماع.
لأطياف عازف الناي و القيثارة و أنا، اللذين كنا قاتلين
قرب النهر الآن نائمين، يداعبنا الشعاع،
فنلهو بعيدا عن أسمائنا المتريضة في بنوك المدينة،
وعن هلع النفوس الذي نحمله على مضضٍ...مكرهين.
فكن في التو من كحية من الحيات،
تخلص من جلدك القديم و ارمه بعيدا
غير حافلٍ بمن سيرتديه بذلة للمناسبات
والسلام. باريس1989-1995
من ديوان ...وليلة ابريل الاعوام تتوالى وتنزوي
بهدوءٍ تخفي
رحابَ الهاوية.
تتأرجحُ الطرقات،
بين البقايا والنفايات
والألوانُ و الأنوار الرمادية
تقتحم صمتَ التفاصيل. وريقاتٌ يابسة
تتناثرُ على أديمٍ مُقفر
ورياحٌ تعبثُ بوحدة الوريقات الصفصافُ المُتهدل
يصطدمُ بحدادِ الاسفلتِ الباكي
تتابعُ العرباتِ ذاتُ الدخان
يلتهمُ الحِداد. الهلالُ اللامعُ
يجذبُ
افرداً كثيرين
يفضحُ
حيرةَ الحدائقِ بين الحقيقةِ و الزيف. صخورٌ أسمنتيةٌ
جسورٌ معلقةٌ
وضمائرُ هائمةٌ تطرقُ
وتُصَّد.
أفرادٌ
تريدُ و لا تقوى
تطالبُ و لا تحصل
تستسلمُ و لا تهان. ليلٌ متعاقِب على
منازلَ مُهدمة.
في جنباتِها تؤوي
أنهاراً جافة
تحيا الفراغ. دواب ُتقْعى، منتظرةً القرار
فراشاتٌ بنيةٌ تَحُطُ على اعلى المنازل المحصنة
تفضحُ المفارقة.
أطفالٌ كثيرون
يُمهدون طريق المصفحات.
1988 سلبيات مبهمةٌ هي القصائد التي تُكتبُ عبر القارات. ولكنها كالفجرِ تحيلُ الحكاياتِ إلى المرايا القابعةِ على شواطئِ البحور حيث الرصاصاتُ تحملُ صمتَ التنفسِ الثقيل.
سلبتُ من الثعابينِ مرقَدَها و تندرتُ على جهامة الحروفِ و الطواحينِ و القبور. شَعريَ السابحُ مع الهوام
قد يَقْنَعُ بحكايا الترجمان
لكنكَ سترى
أنني لن أتحدثَ أبداً مع النملِ القابعِ
في أعماقِكَ
ولكنني سأعشقُ كالتلميذِ العفيفِ شَعرك الجليديَ
في يومٍ عاديٍ من الأيامِ القديمةِ بين حوائطِ الدارِ الجديدة
حين سبقتني الألسنةُ والسحالي و الثعالب
لتقتل ملابسيَ الجديدةَ التي أعبدُ فيها روائحَ كثيرة
كنتُ غامضةٌ-أليس كذلك؟
مرتبكةٌ أيضاً
أعترفُ
بينما كانت حورُ الجنةِ الرابضةُ على أكفِّ الباعة الجائلين
تقولُ
لم تكتبينَ كلَّ هذه البيوتِ الشريدة
لمَ الإيمانُ بكلِّ هذه التعاويذ
تلكَ الحورُ العقلانيةُ المتوجةُ بالسنابلِ الكثيرة
صارتْ
تقولُ و تقول و تقول
وأنتَ و هو وهي و كثيرونَ
من همُ الآخرون؟
من أين جاءتْ تلك الأصواتُ الأخرى...التي أعرفُها فعلاً؟
ثم لمن كانت هذه الأصواتُ البعيدة؟ تمتمَ شريانيَ وللمرةِ الواحدةِ و الأخيرةِ-يوم أنسحبَ
الشعاعُ من تحت قدمي الضابطِ الذي
سَبَقني للظهورِ علي مسرحِ الخليقة حين حلَّقَ مع شهبِ
الاختفاء- إن الكلماتِ التي زدنا عنها بالأسنانِ والضروس
لصيقةِ الحوائطِ و الأذهان
هل ذابتْ ذاكَ اليوم الذي
خطفوا فيه الروحَ السابعةَ...التاسعةَ
في مدينة التوحيد؟ تساؤلاتُ الغريبِ تخطو معهُ إلى الجدرانِ
التي عَرفها كثيرا في الأيام المُشمسة
ذاتُ الجدرانِ رحلتْ معهُ فوق مظلة شمسيةٍ
لتقعى خلف منضدةٍ بيضاء
ليست بالسرير. فالأسَّرةُ ماتت من زمنٍ بعيد
وليست بالخطاب لأن الحياءَ التهم كلماتِها
كما انها قد لا تكونُ بذهبِ المعاصمِ لأن أحلامَ يديهِ هربتْ
يوم أطرقَ النخيل.
ما هو الموضوع؟
أيتوج الكَذِب وجناتِ البنات الصغيرات
كي يتصوروكَ؟
أو أنهم لم يعودوا آباءً للمناجمِ الصغيرة
ولا لعَبَدةِ الشيطانِ
فتاهوا على عتباتِ المعابدِ
لمقايضةِ الرحمةِ بالفضول
أتريدُ فعلاً أن تفهمَ ما أقول
أو ان أكتُبَ لك خطاباً تُمزِّقهُ
أو أن أشُكَ في جمجمتِكَ البائدةِ
أو أن أدفنَ أسلاكَ التليفون في فحيحِ حيواناتِك السريةِ
ثم ما أنا فاعلةٌ بكل هذهِ الأجولةِ
المُعَّبئةِ بأنفاسيَ الثقيلة أأحْمِلها للكلابِ التي لا تحمل اسماً يُكفنها
أم أبيعُها لعازفِ الناي يوزِّعُها على العازفين
أم...ماذا تقول؟
شموسُكَ بعيدةٌ في وجهِ العَدَم أنتَ الصديق
هل هناك في ذلكَ المكان أرواحٌ شجيةٌ؟
حيث ارتفعتْ كلماتٌ و حوائطُ
لأنني أو أنني لا أكتبُ المفرداتِ يوم لجأتُ لصرحٍ
يكرهُ الحروف.َ
وديعٌ أنتَ و هو والآخرون
وداعاً
لأنني سأتسلقُ الشارعَ سريعاً
لاقتناء بعض الصورِ الراكضةِ هناك
لأنني أبحثُ عن كلماتٍ أرتديها
هكذا تمنيتُ أن أكونَ يوماً شاعرةً تموتُ وهي
تجترُّ أرواحَها السبعةَ...أو التسعةَ على أرضِ الأربعين مونتريال 1977
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف