أخبار

مذكرات ديفيد روكفلر (الحلقة الخامسة)على من يريد النفوذ في الشرق الاوسط ان يلتقي عبد الناصر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
.. تواصل "إيلاف" نشر مقتطفات من ذكريات الملياردير الاميركي ديفيد روكفلر ولقاءاته مع زعماء المنطقة العربية خلال جولاتهالتي قام بها في سني الستينيات، وفي هذه الحلقة يروي روكفلر ذكرياته عن لقائه مع الزعيم المصري جمال عبد الناصر والى الحلقة الجديدة:
.. خلال عقد الستينات، كان على من يريد كسب شيء من النفوذ السياسي في العالم العربي، ان يلتقي بجمال عبد الناصر. ومع ان كثيرين في الولايات المتحدة كانوا يعتبرونه محراكا متعبا وخطيرا، حظي عبد الناصر في منطقته العربية باحترام مشفوعا بهالة كاريزمية طاغية، حتى انه اعتبر نبي أمة عربية جديدة ابى المساومة مع "الغرب الامبريالي".
فقد صمد عبد الناصر ابان أزمة السويس عام 1956، بعدما أمم القناة، ثم تمكن من مجابهة الغزو البريطاني الفرنسي الاسرائيلي الذي كان يهدف الى الاطاحة به. والواقع انه خرج من تلك الأزمة بطلا، اذ رسخ سلطته في مصر، ومن ثم تقدم ليوسع رقعة زعيما للقوى الراديكالية التحديثية في العالم العربي. وكانت خطبه الاسبوعية من اذاعة القاهرة تجتذب الملايين المتحرقة للاصغاء اليه وهو يشرح ببلاغة منظوره المشرق - والغامض ايضا- لمفهومه المثالي لقومية عربية اشتراكية، او وهو يهاجم الأنظمة التقليدية في منطقة الخليج.
&
ناصر في احضان السوفيات
يوجين بلاك (السياسي والاقتصادي الأميركي) الذي كان قد انضم الى مجلس ادارة بنك تشايس مانهاتن في مطلع الستينات، كان يعتقد ان الرفض الانجلو اميركي لطلبه تمويل بناء السد العالي في اسوان ابان أزمة السويس كان غلطة كارثية دفعت عبد الناصر بالرغم منه الى احضان السوفيات.
بلاك كان مقتنعا وباصرار أن عبد الناصر أكثر مرونة وأقل عدائية للغرب مما كان يستشف من نبرة خطابه السياسي. وكان بلاك مؤمنا بأن الاتصالات مع رجال اعمال غربيين من شأنها اقناع الرئيس المصري بتبني مواقف اكثر اعتدالا، وفي أعقاب تعرضنا للمقاطعة العربية، أقنعني بالالتقاء به.
بلاك رتب أمر أول لقاء لي مع عبد الناصر في ديسمبر (كانون الأول) 1965، وبالفعل التقينا في مكتبه البسيط التأثيث الواقع في مبنى صغير متواضع قريب من مطار القاهرة.
كانت صور عبد الناصر مع قادة الدول الأجنبية تملأ منضدته والطاولات والأرفف المكتبية المحيطة بها، وكانت بينها صور تحمل تواقيع أصحابها مثل نيكيتا خروتشوف وشو ان لاي وجواهرلال نهرو وجوزيف بروز تيتو. وكان الأخيران (نهرو وتيتو) يقودان مع عبد الناصر حركة عدم الانحياز. اما اصحاب الصور الآخرون فمعظمهم من العالم الثالث او الدول الاشتراكية، ولست أذكر بينهم أي من القادة الاوروبيين الغربيين كما لم يكن بينهم أي زعيم اميركي.
&
لقاء صريح
خلال لقائنا تناقشت وعبد الناصر بصراحة الوضع في الشرق الأوسط، واستنكر بحرارة الدعم الأميركي غير المشروط لاسرائيل. الا انه بالرغم من ضيقه الواضح من السياسة الأميركية، فانه ابلغني انه سيسعد بالابقاء على الاتصالات في ما بيننا عبر السفير المصري في واشنطن. وعلى الأثر ابلغت وزارة الخارجية الأميركية بهذا الأمر، لكن ادارة الرئيس ليندون جونسون كانت يومذاك متورطة بحرب فيتنام المتوسعة الرقعة، وكانت اما راغبة عن او عاجزة عن التفكير بانتهاج سياسة أكثر توازنا في الشرق الأوسط. وتولد عندي بالتالي شعور بأن واشنطن كانت تأمل بألا يبلغ الوضع في الشرق الأوسط حد الغليان، بينما هي منصرفة الى قضايا أكثر الحاحا. وكان في هذا افراط كبير بالتفاؤل.
* غدا (حرب الايام الستة واذلال العرب)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف