قلعة سمعان العامودي: عراقة و براعة الحضارة المشرقية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
تعتبر قلعة سمعان، من أهم القلاع والمواقع الأثرية التي مازالت ماثلة بشموخ واباء، بأوابدها وشواهدها التي تكشف عن حضارة عريقة وثرية، بجانبها المادي والروحي التي سادت منطقة شرقي المتوسط في العصور الغابرة والتي توارثتها الأجيال المتعاقبة بكل مافبها من عناصر ومعاني الروعة والجمال.
تقع قلعة سمعان، فوق مرتفع صخري، يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر نحو 564 متراً الى الشمال الغربي من سوريا. وتعتبر عفرين أقرب مدينة اليها حيث تربطها بطريق اسفلتي طوله نحو10 كيلو متر الى الجنوب منها. وتحيطها الأودية ومجموعة من القرى القديمة والحديثة مثل برج عبدالو وباصوفان سواها... وتتربع في وسط القلعة كنيسة شهيرة، كانت قد شيدت تمجيداً وتخليداً للقديس سمعان العامودي والتي عرفت القلعة بأسمه أيضا" بعد أن عرف بمآثره وأعماله التي جابت الأنحاء والآفاق. كان القديس سمعان العامودي من قرية قريبة من "رها " أو أورفا تدعى "سيسان"، من أبوين فقيرين من رعاة الأغنام و زلك في عام392 م. حيث بدأ منز نعومة أظفاره يميل نحو العبادة والايمان وهو الأمر الزي دفعه نحو الالتحاق بأحد الرهبانيات. وبعد مكوثه نحو أكثر من عشر سنوات انفصل عنها و جاء الى تيلانيسوس (مكان القلعة الحالي) ليلتحق بالدير الذي كان موجودا" فيها ولكنه كان أتخز نظاما" قاسيا" في حياته خاصا"به وكان يعتمد على العبادة والترهب والبساطة بكل ما يتصل بالمأ كل والمشرب والملبس، الى جانب ترويض نفسه للقساوة والتحمل. هذا الأسلوب المتخذ من جانبه، كان تسبب له بالأزمات وبالمشاكل مع القائمين على الدير مما تسبب في طرده خارج الدير واضطرأن يلتجئ نحو أحد الكهوف القريبة من الديرالمذكور، متخذا" له كمكان للعبادة والتنسك مبتعدأ" عن الأمور الدنيوية وكافة أنواع الملذات، عاكفا"على العبادة والتقرب من الخالق. وأتخذ من أحد العواميد التي كان يبلغ ارتفاعه نحو 20 مترا"، كمكان للعبادة طيلة 39عاما"الا أن عرف بالمآثر والأعمال المختلفة، مثل شفاء المرضى من الأمراض وكذلك شفاءالعميان و المكسوحين وما سوى ذلك.، ولذلك الأمر ضربت شهرته أنحاء" بعيدة وهو ما دفع بالكثيرين ليأتو اليه للتبريك و التمجيد لأعماله. وسرعان ما ظهر له الكثير من التلاميذ، الذين أتخذوا من مساره ومنهجه في العبادة والايمان، كمسار ومنهج لهم وعرف منهم على سبيل المثال، دانيال العامودي الذي نشر وأكمل من بعده مساره ومنهجه في المجال المذكور. وأعتبر سمعان العامودي، من أبرز الشخصيات الدينية في العصر البيزنطي. وعند وفاته في عام 459 م، نقل جثمانه الى كنيسة قسطنطين الكبير في أنطاكية وكان قد أمر ببناء كنيسة بأسمه في نفس المكان الذي اتخذه لنفسه، كمكان للعبادة، بعد طرده من الدير. ولدى وفاة الأمبراطور ليو عام 474 م لم يكن أن تم الانتهاء من أعمال بناء الكنيسة المذكورة وكان الأمبراطور زينون قد أنهى بناء الكنيسة عام 495م، بالتوازي مع بناء بعض الأبراج والأبنية الأخرى، كدورأخرى، مرتبطة بخدمة الكنيسة والرهبان. ويشار بأن الزلزال الذي ضرب المنطقة عام 528 م، كان قد ألحق بعض الأذى بجدران وأعمدة الكنيسة. ومنذ القرن العاشر الميلادي، كانت الكنيسة قد تحولت الى قلعة حصينة، بعد أن أضيفت اليها الأسوار والأبراج العالية وكذلك تم حفر بعض الخزانات لتخزين المياه في الشتاء للاستفادة منها. وبعد الفتوحات الاسلامية، بقي دير مار سمعان العامودي وكل أمورها بيد المؤمنين المسيحيين كما كان من ذي قبل، الا أن سعد الدولة و هو أبن سيف الدولة الحمداني كان سيطر على القلعة عام 986 م. وبعدها تم السيطرة عليها مجددا" على يد الفاطميين بعد أن تم تحصينها على قدر كبير، حيث أرادو الاستفادة من موقعها الهام و ذلك في عام1017 م. وتشير الروايات، بأن القلعة تم هجرها تدريجيا".. وبعدها نرى بأن القلعة لم تشكل أهمية تذكر و خاصة للأهداف العسكرية والاستفادة من موقعها رغم أنها تشرف على أودية و سهول تشقها نهر عفرين قبل أن يصب في بحيرة العمق.
ولدى القاء الزائر، نظرة على أهم معالم قلعة سمعان وكنيستها و بقية الشواهد والأوابد التي تزخر بها من أبنية وجدران وأعمدة وأقواس وتيجان وقناطر وزخارف وكتابات وما سوى ذلك، يستطيع الزائر أن يتلمس على الفور مقدار البراعة الفائقة والقدرة الزائدة للقائمين على بناء وتشييد القلعة والأبنية الملحقة بها في ابراز ما يمكن ابرازه لعناصر البراعة والجمال في العمارة المشرقية. مما يدل ويكشف على وجود ما يمكن تسميته بمدرسة للعمارة المشرقية منذ تلك العهود والأزمان على الرغم من وجود دلائل واشارات على تأثر تلك المدرسة المعمارية بالتقاليد المعمارية التي كانت سائدة في العصور الهيلينية والتي شكلت كأساس للتقاليد المعمارية والحضارية لمناطق واسعة من سوريا والمناطق الأخرى شرقي المتوسط. ولجملة من الأمور التي مر ذكرها للبعض منها، تكتسب قلعة مار سمعان العامودي، أهمية حضارية و ثقافية وروحية بالغة الأهمية، ولذلك يتكاثرأعداد زوار قلعة مار سمعان العامودي من عام الى آخر، ومن كافة الأنحاء و الأرجاءالقريبة و البعيدة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف