ثقافات

يتبادلون مواقع المنفى!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نشمي مهنا
&
&
مرة قال كاتب البلاط الصدامي حميد سعيد (في عام 1986) عن معارضي النظام القمعي والله·· حين تنتهي الحرب سأجيء الى هنا، وكلما التقيت بواحد من أمثال هؤلاء سأخلع قندرتي وأضرب بها على رؤوسهم الخاوية ·
الآن بعد أن انتهت الحرب (الثالثة!)، وسقط التمثال وصاحبه الذي كافأه ذات يوم بحمل أمانة اتحاد الكتاب العرب (!) كيف سيتعامل العراقيون الأحرار مع أمثال هذا المروج لثقافة القنادر والضرب والاعتقال؟!
أعتقد، أن الكثير الآن من كتاب وشعراء وصحافيي السلطة المقبورة سيتبادلون مواقع المنفى مع من كانوا يضطهدونهم في السابق، هذا إن أتيحت لهم فرصة للهروب، مع اختلاف المكانة في المنفيين، وبوجود الفارق الحاد بينهما، حيث كان كتّاب وشعراء المعارضة العراقية ممن اضطروا الى اللجوء الى أصقاع الغربة، يحملون معهم سمو نفوسهم العنيدة، قابضين عن جمرات الشرف والكرامة، أما من سيبادلونهم المواقع الآن فما لهم سوى جرجرة الخيبات وطأطأة الرؤوس·
كيف سيجد شاعر مثل عبدالرزاق عبدالواحد (شاعر الرئيس) من يقيه نظرات الاحتقار، ومحاكمات التاريخ؟! وهو من ألّه الصنم، وعدّد أسماءه، وصفاته، ومعجزاته، وأوقف عليه شعره، للدرجة التي دعته الى الثبات على عمودياته ، عازفا عن تطوير شكلها الفني، لرغبة رئاسية، تهوى المدائح العمودية·
من ينسى قصيدته الاسترحامية الموجهة الى الطاغية لطلب المغفرة والعفو عن ابنه عدي (بعد قتله أحد مساعدي أبيه)، وتشبيهه العفو بقصة إبراهيم حينما فُدِي ابنه بكبش!
كيف تمحى تلك القصص، والكتابات، وقصائد المدائح والتحريض والتأليه والتعظيم التي نفخت صدر النظام السابق وزادت من طغيانه؟ كيف تمحى من ذاكرة الثقافة العراقية؟!
ما زالت الروايات الشعرية تحتفظ بأبيات سامة، قالها شعراء منتفعون، بعضهم غالى في غيّه واستمر الى ضحى التاسع من إبريل الماضي، وبعضهم حاول شطبها من ذاكرتنا، إلا أنها استعصت وظلت شاخصة بالمرارات، كقول نزار قباني شاعر الحب والمرأة، مرة إن صدام قطّر اللون الأخضر في عينيّ ، ومعصية البياتي حينما شبهه بشكل أسطوري هو الذي رأى كل شيء ·
اليوم، أي ملجأ أو منفى أو مخبأ لن يفضح رائحة نتنة لشاعر تفاخر مرة أنه قال في صدام شعرا لم يقله المتنبي في سيف الدولة، فهل سيحمل هذا الشاعر (عبدالرزاق عبدالواحد) روح جدنا المتنبي المتمردة، وشجاعته فيلاقي مصيره بكرامة، مثلما فعل المتنبي حينما قاده بيت من شعره الى حتفه؟!
لا أظن ذلك، إنما سيظلله وصحبه (سامي مهدي، رعد بندر، ساجدة الموسوي، وغيرهم) السواد والذلة، أو ستضرب رؤوسهم الخاوية بالقنادر كما قال حميد سعيد، وكأنما كان يتنبأ بنهايته المخزية·
&
nashmi@taleea.com
رئيس القسم الثقافي بجريدة الطليعة الكويتية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف