عبدالرحمن أحمد عثمان: في نقد مواقف المعارضة العراقية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا يمكن لنا ان نقف على الحياد ولن يكون هناك أحمد جلبي سوري في المعارضة الديمقراطية".. هذه العبارة التاريخية جاءت على لسان أحد رجال المعارضة السورية وهو الدكتور هيثم مناع ناشط سوري في مجال حقوق الإنسان مقيم في باريس..
" هذا المعارض السياسي قد أعطى النموذج لكل المعارضين الوطنيين في كل مكان بمبادئه وأفكاره ومواقفه.. بمبادئ لم يساوم عليها على الإطلاق لأنها تاج على رأس صاحبها ونجوم في قلبه.. وأفكار تجسد الضمير الإنساني اليقظ الذي لا يمكن ان يشترى ولو بكنوز الدنيا.. ومواقف وطنية تدفع صاحبها إلى الوفاء للشعب والانتماء للوطن والولاء للقضية حتى في احلك الظروف سواداً وقسوة، وان جاءت على حساب حياته واستشهاده.. هذه المواقف هي خطوط حمراء لصاحبها لا يمكن تجاوزها أو خرقها لأنها تعبر عن مصداقية جوهر الإنسان المناضل الذي يحث الخطى في النهوض بالمفاهيم السياسية والاجتماعية والقيم الاخلاقية والأدبية، ويتجلى بالانتماءات الفكرية والايديولوجية بوضوح الرؤى وترسيخ المفاهيم والأبعاد إلى درجة الوعي السياسي والنضج الفكري والاجتماعي، ويتميز بأرقى القرارات الوطنية والقومية والأممية والإنسانية.. فيجسد هذا المعارض ضمير المقاومة ووجدان المعارضة المناضلة التي تمثل خلاصة الشعب،
وتجسد أهدافه وطموحاته، ودفاع هذه المعارضة عن الأرض والذود عن الوطن بكل مصداقية الأمانة الوطنية والمبدئية والتاريخية بقدر التصاق هذا المعارض بالوطن وتراب الوطن، سواء المعارض الذي عانى ما يعانيه تحت طائلة السجون والمعتقلات والملاحقات داخل الوطن، أو المعارض الذي حمل حقيبته بعد ان شرد من وطنه وهجر من أرضه قسراً وعاش في المنفى السياسي خارج الوطن يعاني الاغتراب، ولكن بالرغم من ذلك كله يبقى الوطن هاجسه في أعماق ذاكرته ويظل قلقه العظيم بين جوانحه ووجدانه وفي أغواره وعقله وتفكيره... مثلما أبدع الشاعر الفلسطيني العربي (محمود درويش) بولائه للوطن (فلسطين الجريحة) وانشد قصيدته الرائعة "وطني ليس حقيبة.. وأنا لست مسافر. انني العاشق.. والأرض حبيبة."، لعل هذه العلاقة الحقيقية الأبدية الحميمة ما بين (المواطن والوطن) عبر عنها المعارض السوري (هيثم مناع) بقوله:"لن نكون على الحياد، سنكون طرفاً في المقاومة والدفاع عن بلدنا، لن نعود على طائرة أمريكية".. رسالة بليغة المعاني والدلالات موجهة لبعض فصائل المعارضة العراقية التي خانت الوطن وتاجرت بالقضية.. هذه المعارضة عادت إلى الوطن لتبارك إدارة بوش بغزوها العراق وتعلن الولاء المطيع لأسيادها الغزاة، وبالتالي استلاب كرامتها وسمعتها من خلال اجتماعها الأول في مدينة أور بالناصرية واجتماعها الثاني في بغداد مع أسيادها الجنرالات الأمريكان المتقاعدين.. وكم هو مخزن ووصمة العار على جبين هذه المعارضة حينما تشابكت أيادي الزعيمين الكرديين (جلال طالباني ومسعود البرزاني) مع يدي الجنرال المتقاعد الأمريكي الصهيوني (جاي جارنر) في شمال العراق،
وكم هو مقرف حين يفتتح جاي جارنر ومساعده البرلمان الكردي العراقي على أرض عراق الرشيد وعراق الرافدين.. وكم هو مخجل حقاً ان يظهر أحد المعارضين الإسلاميين المعممين في الفضائيات ويعلن بكل صفاقه بقوله:"الشعب العراقي مدين للولايات المتحدة والمملكة المتحدة لانقاذه من براثن الدكتاتورية للنظام العراقي"... وكم هي جريمة لا تغتفر حين استمرأت هذه المعارضة الاحتلال الانجلو/أمريكي/الصهيوني بعد ان ظلت هذه المعارضة خارج العراق أداة طيعة تحت طائلة الإملاءات والوصايا الأمريكية والبريطانية باعت كرامتها وساومت على مبادئها مقابل حفنة من الدولارات المقدمة إليها من الإدارة الأمريكية.. وبالتالي تشابكت أياديها داخل العراق مع ثلة من المنفيين العراقيين الذين اعدتهم الولايات المتحدة على نمط الطبخة السياسية الأمريكية بسموم الفكر الإمبريالي والصهيوني من أجل توليهم مناصب في الحكومة الانتقالية في العراق لمختلف ثلاث وعشرين وزارة من بينهم (عماد ضياء) الذي سيصبح المستشار العراقي للحاكم العسكري الأمريكي وفي مقدمة هذه الطغمة الجديدة (الزبيدي والسمرائي والخزرجي) وعلى رأسهم العميل الأمريكي (أحمد الجلبي) رئيس المؤتمر الوطني العراقي... هكذا معارض وهو (الجلبي) المدعوم من صقور واشنطون هو وطغمته أتوا إلى العراق جميعاً على الدبابات والطائرات الأمريكية... وهكذا معارض وهو (الجلبي ) يظل قائداً وطنياً بعد ان كان مطلوباً من الحكومة الأردنية في اتهامه باختلاس الملايين من الدولارات فيلتقي هذا المعارض بأخلاقياته وسلوكياته مع أنساق السياسة الأمريكية القائمة على نهب مقدرات الشعوب بقدر ما اقدمت الولايات المتحدة على سرقة وطن بأكمله وهو العراق وتقسيمه إلى مقاطعات (شمالاً وجنوباً ووسطاً).. هذا التقسيم ليس تقسيماً أمني فحسب ولكنه تقسيم جغرافي وسياسي واستراتيجي في ظل إدارة أمريكية ستمثل خنجراً في خاصرة العرب.. تهيمن على حقول النفط ومنابع النفط وخيرات الشعب.. فتقسيم العراق تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني يندرج تحت مفهوم فرق تسد ومن ثم جاء ليسهل القضاء على المقاومة العراقية لهذا الاحتلال الأجنبي.. ليس هذا فحسب وانما يأتي هذا التقسيم ضمن تصفية حسابات مع العراق وسوريا ولبنان وإيران بقدر ما يكون بداية لتقسيم الوطن العربي في اعادة رسم الخريطة السياسية تأتي لمصلحة الكيان الصهيوني.. وبالتالي إقامة الإدارة الأمريكية في العراق علاقات ودية وحميمة مع هذا الكيان الصهيوني والتطبيع معه سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً وامداده بالنفطالعراقي ليصل إلى حيفا، وفتح المجال واسعاً أمام هذا العدو في تصفية الانتفاضة الفلسطينية على يد المجرم شارون وطغمته الصهاينة، ومحاولته تهجير ربع مليون فلسطيني أو أكثر إلى العراق ضمن مؤامرة أمريكية صهيونية.. اضف إلى ذلك ان هذا الكيان الصهيوني سيشكل أكثر خطورة على الوطن العربي من أي وقت مضى ومن ثم ازدياد هذا الوطن العربي الكبير وهناً وهشاشة وترسيخه انقساماً وتكريسه تشرذماً.. كان حزن العرب على فلسطين المحتلة طيلة أكثر من نصف قرن فتضاعف هذا الحزن بعد أن احتلت أمريكا العراق.. فأصبح هناك احتلالان (الصهيوني والامبريالي) (شارون فلسطين وشارون العراق).. ولكن مهما طال الاحتلال الصهيوني لفلسطين فان شعب فلسطين العظيم قد عقد العزم على مواصلة النضال والمقاومة حتى يتحقق النصر.. ومهما طال الاحتلال الانجلو/أمريكي للعراق فلا بد ان ترفرف راية الحق والكرامة في سماء العراق، وسيظل العراق شامخاً بشعبه العظيم ويظل صامداً بمعارضته السياسية الشريفة سواء المعارضة داخل العراق أو خارجه أكانت ماركسية ام شيوعية ام ليبرالية ام إسلامية التي آلت على نفسها الا ترتضي المذلة والهوان، وتأبى الاحتلال وترفض الاملاءات والتبعية والإدارة الأجنبية في العراق.. انطلاقا من إيمان هذا الشعب واقطاب هذه المعارضة بأن الحكومة العراقية يجب ان تأتي من اوساط الشعب واختيار الشعب ومنتخبة من أبناء الشعب وإرادة الشعب بمختلف فئاته وطبقاته وتياراته واتجاهاته.. بقدر ايمانه بأن الديمقراطية لا تفرض من الخارج أو تملى من الأجنبي الغازي للوطن.. لن تأتي الديمقراطية على الدبابات الأمريكية والبريطانية أو بقصف قاذفات (بي 52) وصواريخ كروز وتدمير المنشآت العراقية وذبح الشعب العراقي وفي مقدمته الأطفال والنساء.. لكون الديمقراطية هي مفاهيم وانساق ومعايير وتاريخ وحضارة تتأصل حقائقها وتداعياتها في عقل ونفس وتفكير ووجدان الإنسان.. الديمقراطية هي تربية وطنية في المجتمع والبيت والمدرسة والجامعة، ومختلف مؤسسات المجتمع المدني.. والديمقراطي لا تمنح ولا تعطى بل تؤخذ وتنتزع بنضالات الشعوب وتضحيات رموزها ومفكريها وروادها ومثقفيها الملتزمين بقضاياهم الوطنية والمبدئية والتاريخية... وهكذا يكون شعب العراق مناضلاً ضد الاحتلال الأمريكي، مقاوماً سياسة إدارة بوش الأمريكية الاستعمارية وصقور البنتاجون.. سينتفض شعب العراق ضد الوجود الانجلو/أمريكي في بلاده مثلما قاوم الاحتلال البريطاني بثورته الوطنية العراقية عام 1920م ولقنه درساً قاسياً في المقاومة الشعبية والبطولات الفدائية وكبد قواته آنذاك خسائر فادحة سجلها التاريخ كشهادة على بسالة هذا الشعب وتضحياته وفي تحقيق مصيره وما تمخض عن انتزاع مكتسباته الوطنية وانجازاته التاريخية تمثلت في سن الدستورالعراقي الأول عام 1925م وإجراء أول انتخابات برلمانية حرة في تاريخ العراق.. في نهاية المطاف لنا ان نفخر بالقول: ان شعب العراق بمقاومته الباسلة ومعارضته الوطنية لا بد انه سينتصر على الاحتلال الانجلو/أمريكي للعراق.. بل سيجعل هذا الشعب العظيم العراق مقبرة للغزاة وملاذا للشرفاء الوطنيين واحرار العالم قاطبة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف