متى نشطب صدام من ذاكرتنا؟
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&
&
وأسأل متى ننسى أسم الرئيس البائد؟
متى نستعيد أنفاسنا فنزيح كابوسه من هواجسنا وكوابيس أحلامنا؟
كيف لنا أن نلغيه من ذاكرتنا وأن نشطبه من زماننا، وأن لاندع تأثير الخوف من الأسم داخل أرواح أطفالنا، كيف نتمكن أن نرميه من أيامنا القادمة فنحن على أعتاب زمن عراقي جميل تخلص من صدام ، وطن خالي من كل منغصات الحياة وعوائق الروح.
كيف نجعل الأطفال يلغون من ذاكرة الطفولة البريئة كلمة مرعبة، وزمن رديء أسمه صدام ، وأن نتخلص من كل ما يمت للرئيس البائد بصلة، حتى نجعل الناس يعيشون أياماً خالية من الموت والرهبة والرعب والاعتقال والزنازين والأنفاق والظلمة والليل والأقفال وخوف السؤال والحروب.
كيف لنا أن نمسح صدام البائد من ذاكرة نساؤنا وهن يرتعبن من مجرد ذكر الأسم، وهن اللواتي سفحن الدموع في ليالي الصمت والوحشة والوحدة، وهن يتطلعن الى السماء يناجين الله من ظلم السلطان وماحل بالعراق.
علينا أن ننسى أسم صدام الذي أحال وطننا الى جحيم ودروبنا الى طرق موحشة ومدننا الى مقابر مفتوحة وثقافتنا الى مسرحية هزلية نحن ممثليها ومتفرجيها؟ يجب أن ننسى ونمسح الأسم من ذاكرتنا المرهقة والممتلئة بالوجع والألم؟ آن لنا أن نرميه بعيداً عنا؟؟
حين كان الحزن يتلبس أرواح أهلنا يتوجهن أمهاتنا الى قبور الأولياء والى قبور الأهل، ينحبن قريباً منها ويتخلصن من حالة الكبت والانقباض بالبكاء المرير، فترتاح الروح ويتخفف عبء النفس، وحين يرجعن الى مطحنة أيامهن تعود كل محنة العمر تكلكل أيامها فوق ماترسب من حزن في أرواحهن، فتستحيل الوجوه النظرة الجميلة الى هرمة وأكلها الزمن وعصرتها السنين العجاف وعفرها الزمن بالأنين.
هل نستطيع أن ننسى؟؟ وأية نعمة وهبها الله لنا أن ننسى كل هذا التراكم الهائل من الوجع والدماء والموت الذي كنا نستنشقه مع الهواء.
ومع أن الزمن كفيل للمساهمة بالنسيان ، وهو عامل مساعد للأنسان يساهم في نزع الصورة من الذاكرة، لكننا نريد أن نستعجل هذا النزع من الذاكرة فلانجعل للأسم والحالة التي ألغت زماننا العراقي وعطلت بهجة أعمارنا وصادرت ابتسامة أطفالنا وغيرت لون السعف وزرقة السماء.
عليكم أيها الشعراء أن تلغوا من ذاكرتكم أسماً لايليق بشعركم ولاينسجم مع تموجات بحوركم وموسيقاها، عليكم يا كتاب القصة القصيرة والرواية أن تشطبوا على الأسم من مدوناتكم لئلاً تجعلوا دماملاً من القيح الأسود بين سطوركم ووحشاً يفترس كل قصصكم الجميلة ، أيها الفنانون أشطبوا الأسم من لوحاتكم وجدارياتكم لئلا تصير ألوانكم هجينة لالون لها ولالغة لها وأرسموا لنا ورداً عراقياً من كل الأوان الزاهية.
أيها الفلاحون أشطبوا الأسم من الذاكرة وتمعنوا في زرعكم وأرضكم.
&أيها العمال أشطبوا الأسم من ذاكرتكم فأنه سيرحل خارج الذاكرة و خارج مكان العمل حيث لاتجانس بينهما.
أيها الزمن العراقي القادم أهلاً تعال الينا نعيش حياة مليئة بالأحلام، لا تشرخها لحظات الوهم والجنون والموت والرصاص والقبور والدماء مع أسم الطاغية ، دع أحلامنا ملونة يرقص فيها أطفالنا على نغمات موسيقانا الشعبية، أرسم معنا صلواتنا ودعواتنا نمارسها بحرية كاملة في جوامعنا ومقاماتنا وأضرحتنا وكنائسنا ، نصفق لمسارحنا الخالية من كل هجين.
دعونا سوية ننسى الأسم فلانردده شفقة لمشاعرنا وأحاسيسنا وزماننا الجديد، دعونا نتفق أن لا نردد الأسم لئلا نستعيد جزء من ذاكرة الزمن الذي ضاع منا وعمر أنزلقت أيامه مثل الرمل مابين أصابعنا.
دعونا ننسى الأسم حتى لانهرس أرواح أمهاتنا وشيوخنا، وأن لانجعل جثث أطفالنا المدفونين مع أمهاتهم تفز وجلة من بشاعة الأسم.
دعونا ننزع الأسم من تاريخ هذا العراق الجميل فلانجعل النخل يرتعد وشجرة الجوز تسقط حملها قبل الأوان ويمتنع الرمان أن يزهر ، دعونا نتمعن قليلاً أليس لنا أن نترك الأسم في بعيداً عن التاريخ العراقي ننتزعه انتزاعا ونقلعه كما نقتلع الفالول من الأيدي الصحيحة ونرمية بعيداً عنا؟
دعوا الأسم فقد أتعبنا وأرهقنا حينما كان يمتص من دمنا وأرواحنا، وبات حتى بعد صريره يخدش الذاكرة، ولن نتغلب على كل هذا الا بشطبه من ذاكرة كل هذا العراق.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف