خيرالله خيرالله :هل تقول رغد صدام حسين الحقيقة يوما؟
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كاتب لبناني
كان ظهور رغد صدام حسين الابنة الكبري للرئيس العراقي المخلوع فصلا آخر وليس اخيرا من فصول المأساة التي عاشتها عائلة رجل غير طبيعي بكل المقاييس.
رجل قتل زوجي ابنتيه بعد فرارهما معهما الي عمان في العام 1995 وعودتهما الي بغداد في فبراير من العام 1996 وذلك من دون ان يسأل لماذا حصل ذلك، أقله ان يسأل ابنتيه ما الذي جعلهما تقدمان علي مثل هذا العمل؟
يختصر كلام رغد الذي قالته عبر احدي الفضائيات العربية وضع امرأة فرت مع زوجها الخائف من ابيها وشقيقتها، واضطرت الي العود معه بعدما صدق كل الكلام عن الضمانات بأنه لن يمس. واذا كان كلمة ايجابية يمكن ان تقال عن كبري بنات صدام فهي انها لم تخل بالاتفاق الذي توصلت اليه مع الذين اخرجوها من العراق الي الأردن، ولهذا السبب يمكن فهم كلامها من زاوية انه ضريبة توجب عليها تأديتها في مقابل استعادة حريتها مع شقيقتها رنا وابنائهما.
كانت المقابلة التي أدلت بها ارملة حسين كامل حسن المجيد مجرد فاتورة. اما الحقيقة فلا بد ان تظهر يوما خصوصا ان كلاما كثيرا صدر عن المرأة المنكوبة بعائلتها مرتبط اولا واخيرا بعمليات تصفية حسابات بين التكارتة، خصوصا بين الفرع الذي ينتمي اليه والد صدام حسين من جهة والفرع الذي ينتمي اليه اخوته من أمه من جهة اخري، وهؤلاء ثلاثة اكبرهم سبعاوي والثاني برزان والثالث وطبان والأخير اطلق عليه عدي صدام حسين النار في اغسطس من العام 1995 واصابه في ساقه في وقت كان موكب حسين كامل وشقيقه في طريقه الي عمان.
في انتظار ظهور الحقيقة، يمكن ايراد بعض الملاحظات في شأن كلام رغد الذي يكشف ما الذي تستهدفه المجموعة التي اخرجتها من بغداد الي عمان مجددا مع بطاقة الي الحرية، هذه المرة. ويمكن اطلاق تسمية ما بقي من شلة حسين كامل علي هذه المجموعة التي تسعي الي الانتقام من آخرين في العائلة وهي لا تدرك ان كل شيء تغير في العراق وان الوقت ليس وقت الالاعيب الرخيصة نظرا الي ان ما علي المحك اكبر من ذلك بكثير. انه مصير بلد ومنطقة وليس مصير عشيرة او عائلة كان تتحكم بالعراق سقطت مع سقوط النظام.
قبل كل شيء، لا بد من الاشارة الي ان حسين كامل كان علي علم بالضمانات التي اعطيت من اجل استدراجه الي بغداد، وقد حاولت رغد التي لم تنكر ذلك، التحدث شخصيا الي والدتها ساجدة قبيل الانطلاق من عمان، لكن الشخص الوحيد الذي استطاعت الوصول اليه وقتذاك كان شقيقها عدي الذي تحدث الي زوجها وأكد له انه يستطيع العودة، مضيفا انه يقول هذا الكلام ويده علي شاربيه .
اذن، ان قرار تصفية حسين كامل ومن معه اتخذ علي اعلي المستويات، اي علي مستوي صدام وعدي وقصي وإلا لما استدرج عدي صهره الي بغداد باعطائه وعدا بأنه لن يمس. ولا بد من ملاحظة ان رغد تجاهلت في المقابلة اي اشارة الي عدي وقصي ودورهما في تصفية حسين كامل مع شقيقه صدام وحكيم واخته زوجة عزالدين محمد حسن المجيد، واولادها الأربعة، وكان عزالدين الوحيد في الشلة الذي فضل عدم العودة الي بغداد ليس لأنه كان في تركيا لحظة اتخاذ القرار بالعودة، بل لأنه كان يعتقد ان الهلاك ينتظر العائدين. والدليل علي ذلك انه قال للذي اتصل به طالبا منه الالتحاق بقافلة العائدين: لن أعود الي بغداد حتي لو حكم الملك حسين (رحمه الله) العراق ، عادت زوجة عزالدين وهي ابنة عمه الي بغداد وبقي هو خارج العراق.. والآن تحمل رغد صدام حسين علي حسن المجيد المسؤولية الكاملة المترتبة علي قتل زوجها. هل كان ممكنا ان يقوم علي حسن المجيد المعروف بدمويته بمثل هذا العمل من دون موافقة صدام، وهل يستطيع عدي وقصي مرافقة علي حسن المجيد الذي هو ابن عم والدهما لارتكاب مجزرة، في حق حسين كامل ومرافقيه من دون ضوء أخضر من والديهما؟
مرة اخري، ان الوقت ليس وقت تصفية حسابات عائلية، وهذا الكلام ليس موجها الي رغد صدام حسين التي وجدت نفسها مضطرة الي قول ما قالته لاعتبارات مرتبطة بحماية نفسها واختها واولادهما، بل هو موجه الي الذين دفعوها الي الافتراء علي عدد من افراد العائلة فأظهرت ان هؤلاء كانوا خارج دائرة القرار السياسي والعسكري والأمني منذ العام ،1983 وربما ساهمت بذلك في الرد علي التهم الموجهة اليهم او تلك التي قد توجه اليهم، والمعنيون هنا هم الأعمام الثلاثة سبعاوي وبرزان ووطبان، والأول لا يزال طليقا فيما الآخران في سجن اقامه الاميركيون قرب مطار بغداد.
ومن حيث تدري او لا تدري، دفعت رغد عن برزان تهمة ادارة اموال العائلة من جنيف التي امضي فيها عشر سنوات سفيرا لبلاده لدي مقر الأمم المتحدة وذلك بعد ابعاده عن مديرية المخابرات. كيف كان يمكن لبرزان ادارة اموال العائلة التي يقدرها بعضهم بمليارات الدولارات ما دام علي خلاف في العمق مع صدام حسين منذ العام 1983؟ وكان اساس الخلاف زواج رغد من حسين كامل بتشجيع من والدتها، وللتاريخ فقط، يمكن ايراد الرواية الآتية عن الجلسة التي حصل فيها الخلاف: استدعي صدام اخوته الثلاثة لابلاغهم بأنه قرر تزويج ابنته رغد من حسين كامل الذي كان مجرد مرافق لزوجته ساجدة مكلف حمايتها بعدما كان مجرد جندي من الذين يركبون دراجة نارية ويكلفون حماية الشخصيات الرسمية، في تلك الجلسة اعترض برزان، وبين الأسباب التي استند اليها انه سبق لوالد حسين كامل ان خان الرئيس العراقي وتبرأ منه عندما كان لا يزال يناضل سرا في صفوف حزب البعث، واضاف انه قبل توظيف حسين كامل في صفوف المجموعة التي تحمي الشخصيات الرسمية علي الرغم من ان صدام لم يستسغ ذلك كونه لا يثق بهذا الفرع من ابناء عمومته. في المقابل اقترح برزان تزويج رغد من ياسر ابن شقيقه الأكبر سبعاوي، وانتهي الاجتماع علي خلاف خرج علي إثره برزان من مديرية المخابرات حين أصر صدام علي رأيه.
منذ العام 1983 وهناك قطيعة بين صدام وبرزان، فأي دخل للرجل في التحريض علي حسين كامل باستثناء ان الرئيس العراقي المخلوع اعترف للمرة الأولي عام 1995 بعد فرار صهره الي الأردن بأن برزان كان علي حق منذ البداية .
لا يمكن الا فهم الوضع الذي وجدت رغد نفسها فيه، ولا بد من احترامها علي رباطة جأشها، الا ان ما لا يمكن تناسيه ان مشكلة النظام العراقي الذي قضي علي العراق والعراقيين كان في صدام نفسه وليس في علي حسن المجيد الملقب علي الكيماوي أو بحسين كامل الجندي المتدرب علي قيادة الدراجة النارية وحماية كبار الشخصيات الذي اصبح وزيرا للتصنيع الحربي ووزيرا للدفاع والذي تحكم بين 1985 و1990 بنحو 72 في المائة من موازنة بلد مثل العراق. هل وجد رئيس دولة في العالم يمكن ان يجعل من علي حسن المجيد الذي كان سائقا برتبة عريف في قاعدة كركوك العسكرية ثم تحول سائقا لوزير الدفاع، وزيرا للدفاع بمجرد انه ابن عمه وانه يقتل ويذبح من دون سؤال؟
لم يكن الحق يوما لا علي علي حسن المجيد ولا علي حسين كامل اللذين تحكما برقاب العراقيين وأرزاقهم، الحق كل الحق علي صدام نفسه الذي لم يجد من بين اولئك الذين يحرسون غرفة نومه من يوجه اليه نصيحة صادقة. ولذلك لم يرتكب سوي الحماقات، وكبري حماقاته دخول الكويت واحتلال بلد عربي بعد اشهر من دعوته الي ميثاق شرف عربي يحمي الدول العربية الصغيرة، سيأتي يوم تقول فيه رغد صدام حسين الحقيقة، وربما استطاعت ان تقول عن والدها قاتل زوجها وزوج اختها: انها نهاية طبيعية لرجل غير طبيعي، ربما ستقول هذا الكلام اذا تحررت من ضغوط الذين جاءوا بها الي عمان.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف