رضا هلال الذي أكله الذئب:النيابة تحفظ تحقيقاتها استناداً لـ "اليقين الإرادي"نجيب محفوظ يسأل عنه والصحف المصرية نسيته
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هذا الرجل المهموم برضا هو نجيب محفوظ، الأديب المصري الكبير، الذي كان هلال يلتقيه أسبوعياً مع عدد من "الحرافيش"، وكان محفوظ شديد الإعجاب به، وكثيراً ما تنبأ له بمستقبل باهر ككاتب سياسي رصين، يمتلك أدواته المهنية، ويتمتع بقدرة متميزة على التحليل والرؤية الواضحة للأحداث، والقدرة على ربطها بمنطق متماسك، واستقراء الأحداث في سياقها الصحيح.
حفظ القضية
وعلى صعيد المتابعة الميدانية لتطورات القضية، وبعد مرور ثلاثة وأربعين يوماً على اختفاء هلال الغامض، قال مصدر قضائي إن النيابة العامة المصرية تعتزم حفظ القضية "مؤقتاً"، بعد أن انتهت من تحقيقاتها فيها، وتلقت تحريات أجهزة الأمن التي أشارت فيها الى انتفاء القصد الجنائي وراء الواقعة، وأنه لم تتوافر لديها أية أدلة أو قرائن على وجود شبهة جنائية في الأمر، لذا صنفت الاختفاء بأنه تم بما أسمته اسلوب "اليقين الارادي"، مما يعني اختفاء هلال بمحض ارادته، مستندة في ذلك إلى بعض الشواهد منها وجود قفل علي باب شقة الصحافي للايحاء بأنه غير موجود بداخلها، وتعليق خط الهاتف، فضلاً عن مشاهدته آخر مرة في أحد المطاعم الشهيرة بشارع قصر العيني وسط القاهرة، ورغم ذلك فقد أكد مصدر أمني أن مباحث القاهرة ستواصل جهودها من خلال فريق البحث الذي شكلته لهذا الغرض، رغم يقين اجهزة الامن بالاختفاء الارادي، على حد تعبير المصدر ذاته.
طريق مسدود
وكان رضا هلال قد أنهى عمله في صحيفة "الأهرام" مساء يوم الاثنين الموافق 11 آب (أغسطس) الماضي، وأقلته سيارة المؤسسة إلى منزله في شارع قصر العيني, وأفاد سائق الأهرام أنه غادر السيارة في صحة جيدة, وفي اليوم التالي تخلف عن الحضور إلى عمله رغم ارتباطه بالدورة النهارية لدسك التحرير المركزي في الصحيفة, رغم ما عرف عنه من انضباط والتزام بمواعيد العمل, مما أثار قلق زملائه, ودفعهم للاتصال به دون أن يتلقوا أي جواب, ثم الاتصال بأسرته في الدقهلية فحضر شقيقه, وفتح مسكنه فلم يجده ووجد نوافذ المسكن مفتوحة, فتم إبلاغ الشرطة التي بدأت رحلة البحث عنه من دون نتائج حتى الآن.
من جانبها تؤكد مصادر أمنية أنه تم البحث عن معلومات حول هلال من خلال سؤال أكثر من 500 شخصا يمثلون أهم الشخصيات المحيطة به، سواء في نطاق الزمالة والصداقة والقرابة والجيرة, وفي الوقائع أيضا، أن الأجهزة الرسمية التي تتابع تفاصيل التحقيقات، باتت مقتنعة أن غموض الاختفاء لن يحل قريبا، ذلك أن المعلومات المتوفرة لا تشير إلى خيوط يمكن أن تؤدي إليه.
أما بورصة الشائعات والتكهنات، فبدأت تفقد طابعها الساخر المطمئن إلى أن الاختفاء لن يطول، وأن الأمر لن يتجاوز كونه مجرد "نزوة إنسانية"، كسفر مفاجئ بعيدا عن ملل القاهرة وزحامها، وتحول الأمر من حال استسهال السخرية إلى التحفظ الذي بات يتخذ أشكالاً من التوجس والريبة، لدرجة أن هناك من بات لا يتحدث عن الأمر إلا باستخدام عبارات عامة، وجمل مبتسرة، لا يلبث أن يجنح إلى تغيير الموضوع، وسط شعور بأن هناك شيئاً ما يخيم على هذه القضية التي توشك على دخول دهاليز النسيان.
أكله الذئب
إحدى زميلات هلال التي كانت تربطها صلة طيبة معه، أكدت أن "علاقاته الاجتماعية كانت منحصرة في مجموعات قليلة بعضها من زملاء العمل في (الأهرام) وبعضها من حضور بعض المنتديات الثقافية، مثل ندوة "حرافيش" نجيب محفوظ الأسبوعية".
ومضت قائلة إنها لم تعرف لرضا اي علاقات أو مغامرات نسائية، بل كانت كل علاقاته يسودها الاحترام داخل المؤسسة التي يعمل فيها، حتى انها لم تسمع انه اقام علاقات مع أي سيدة أثناء المنتديات أو الندوات التي كان يحضرها، بل كان يتهرب منهن دائماً.
أما شقيقه الأصغر السيد هلال، الذي يقيم في شقته منذ اختفائه قال لـ (إيلاف) إن رجال المباحث يأتون كل يوم الى الشقة لسؤاله ويوجد رجال شرطة أمام المنزل لجمع المعلومات، لكن "كلنا نضرب أخماسا في أسداس" في اشارة الى حالة الحيرة التي صارت تسيطر على كافة المتصلين بالتحقيق في الحادث، غير أنه استدرك قائلاً : "رغم ذلك لم نفقد الامل وننتظر رجوعه بفارغ الصبر".
ومضى السيد هلال الذي يعمل مدرسا للغة الفرنسية بمدينة المنصورة التي تبعد حوالي 150 كيلومترا شمالي القاهرة "كل يوم أستيقظ من النوم وأطلب هاتفه النقال لعل وعسى، ولكن الرد يأتيني قاسيا: الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليا من فضلك حاول الاتصال في وقت اخر"، واختتم حديثه بأسى قائلاً: "ابنتي التلميذة في المدرسة الابتدائية بالمنصورة تفعل نفس الشئ".
وبعد قراءة كل هذه الاحتمالات، والإشادة بجهود البحث، تتبقى ثمة أمور ترقى إلى مرتبة الحقائق، وهي أن رضا اختفى، وأن اختفاءه لم يحدث في الصحراء الكبرى ولا الربع الخالي، ولا جمهورية أرض الصومال، بل كان في قلب القاهرة، وان أحداً لم يتوصل إلى أي دليل أو قرينة أو معلومة تفسر الأمر، ومع ذلك فهناك من يرى أن "الذئب ربما أكله"، كما حدث في قصة يوسف.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف