أخبار

فاوضتها لضمها الى حكومة كابول وفشلت..اميركا تسعى لشق طالبان "بجيش المسلم"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بيروت- ايلاف: تسعى الولايات المتحد جاهدة للتعامل بفاعلية مع تصاعد التوترات الامنية الميدانية في افغانستان لتفادي احتمالات السقوط، لاسيما وان الحكومة الافغانية ،المنقسمة أصلا، لا تتجاوز سيطرتها حدود العاصمة كابول، في لحظة تتنامى فيها الاعمال العسكرية ضد القوات الدولية كماً ونوعا الى حد دفع ببعض المراقبين الى القول بأن حجم المقاومة الحالية يتجاوز باربعة اضعاف حجم تلك التي واجهت الاتحاد السوفياتي.
ولعل ابرز الخطوات التي ترسم مسار الولايات المتحدة عبر تضاريس المسألة الافغانية تلك التي تحدثت عنها اطراف اسلامية باكستانية وتفيد بأن واشنطن تعمل على استقطاب قيادات طالبانية للتفاهم معها حول اشراكها في الحكومة مقابل وقف الهجمات المسلحة.
وتبعا للمصدر الباكستاني الاسلامي الذي لعب دورا في ترتيب هذه الاتصالات والإجتماعات بين الاطراف المعنية قال إن اللقاء الاول الذي ضم ممثلين عن المخابرات الباكستانية وعناصر من جهاز الإف بي أي الاميركي ومندوبين لحركة طالبان إحتضنته القاعدة الجوية الباكستانية في منطقة سامنغلي بالقرب من كويتا.
وأوضح المصدر ان الاميركيين طرحوا اربعة شروط لانجاز تسوية سياسية امنية مع حركة طالبان تفتح المجال امام الحركة للمشاركة في الحكومة الافغانية، أما الشروط فيوردها المصدر على الشكل التالي:
أولاً: ازاحة الملا عمر عن القيادة العليا لحركة طالبان.
ثانياً: إجلاء كل المقاتلين الباكستانيين والعرب المتورطين في شن اعمال عسكرية ضد القوات الدولية المتواجدة في افغانستان.
ثالثاً: الافراج عن كل المعتقلين أكانوا جنودا اميركيين او جنوداً تابعين للقوات الاخرى في التحالف الممسك بزمام الامور في افغانستان.
رابعاً: السماح للمغتربين الافغان لا سيما المقيمين منهم في الولايات المتحدة وبريطانيا بأن يكونوا جزء من الحكومة المحلية عبر اتاحة المجال امامهم للمشاركة في الانتخابات، بصرف النظر عن عدم اجادة البعض منهم للغات الأفغانية الام.
وإذ ابدت حركة طالبان بعض المرونة حيال الشروط الثلاثة الاخيرة بدا واضحا، بحسب المصدر الباكستاني، ان شرط ازاحة الملا عمر كان موضع رفض وسببا لفشل المباحثات.
غير أن فشل الاجتماع جعل الاسباب التي دعت اليه أكثر الحاحاً لا سيما مع سقوط المزيد من القتلى في صفوف الاميركيين وقوات التحالف وتطور اعمال المقاومة وتحالفاتها باتجاهات لا يمكن حصرها او التحكم بها لتنوع مرجعياتها الخارجية وارتباطاتها الاستخباراتية بين ايران وروسيا والسعودية وتنظيم القاعدة.
وعليه تفيد المصادر نفسها ان الاميركيين اطلقوا بالتعاون مع الاستخبارات الباكستانية ورشة انشاء طابور افغاني خامس يعمل على شق الحركة ويبلبل صفوفها المنتظمة في سياق مجهود حربي بات يكبد الأميركيين الكثير من الخسائر.
وتشير المصادر الباكستانية الى ان الاعلان عن فصيل "جيش المسلم" في مدينة بيشاور الباكستانية الحدودية في السابع عشر من الشهر الجاري بزعامة أكبر آغا يندرج في هذا السياق المبتدء منذ مطلع العام وهو يضم بين صفوفه الملا عبد الرزاق ،وزير الدفاع السابق في نظام طالبان، الى جانب عدد من القيادات الطالبانية المتواضعة. وعلى الرغم من أن اكبر اغا الذي يتزعم "جيش المسلم" قد دعا في اولى تصريحاته الى "الجهاد ضد الغزاة الاميركيين" الا انه ضمن تصريحاته انتقادات " للسياسات الشخصية التي ينتهجها الملا عمر". وقد ربط مراقبون بين تزامن هذه التصريحات مع أخرى جاءت على لسان الرئيس الافغاني الحالي عبد الحميد كرزاي نوه فيها بأن ليس كل الطالبانيين متورطين بجرائم حرب خلال حكم الحركة بين عامي 1996 و2001 مضيفا أن إمكانية ضم هؤلاء الى الحكومة الافغانية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار.
وتقول مصادر مطلعة على مجريات المباحثات التي افضت الى تشكيل "جيش المسلم" ان المهمات المنوطة بالفصيل الجديد تقضي بتصفية مخيمات التدريب الافغانية ،حيث يتم تأهيل و"تصنيع" المجاهدين، مقابل عروض اميركية سخية تتصل بالمشاركة بالحكم وغض النظر عن الملفات الجنائية للبعض منهم. واذا ما نجحت محاولة شق الحركة هذه فسيكون الامر ضربة معنوية وميدانية ضخمة لحركة طالبان ونجاحا مطلوبا في سياق الحرب على الارهاب فيما يخشى ان يؤدي الفشل الى اشعال حرب اهلية افغانية تأكل الاميركيين قبل ان تتحلى بالافغان.
ولعل الصعوبة البالغة التي ينطوي عليها اكتساب اي تنظيم افغاني ذي اصول طالبانية للشرعية بعيدا عن الملا عمر، من الامور التي تعزز من هذه المخاوف، لا سيما وان "جيش المسلم" قد نبت في تراب غير افغاني وهي حقيقية تتجاوز المعطى الجغرافي الصرف الى عمق فاعليته السياسية والاثنية.
كما ان الشواهد الطازجة من التاريخ القريب لا تشي بكثير من التفاؤل حيال نجاح هذه التجربة. فعندما اندحرت قوات حركة طالبان عن معاقلها في كابول وقندهار ظهر تنظيم جديد باسم "جمعية خدم القرآن" وهو الاسم الاصلي لحركة طالبان الذي تشكلت تحت رايته مطلع عقد الثمانينات في كويتا وبيشاور، بمساعدة اجهزة الاستخبارات الباكستانية.
وما العودة الى هذا الاسم الا للتأكيد من قبل اعضائها، ومعظمهم من وزراء طالبان الذي ساءهم كثيرا احتضان الملا عمر لاسامة بن لادن، على رغبة في العودة الى اصل التنظيم واحيائه على ضوء ادبيات النشأة.
لكن التنظيم الجديد- القديم ما لبث عن اختفى عن شاشة الاحداث قبل ان تتسرب معلومات استخبارية تفيد بعودته للتحالف مع حركة طالبان في الحرب ضد الاميركيين.
وعليه فإن شق طالبان لن يكون الا معجزة من معجزات الحرب الدائرة في ذاك الشطر من العالم، لا سيما في ظل الانقسامات التي تعتري الحكومة الافغانية الحالية والتي ينظر اليها مراقبون على انها مهبط اضطراري بين حربين لا بد وان تستأنفها الاطراف الافغانية عاجلا ام اجلاً وهي التي سيسهلها على الارجح فشل الاميركيين حتى اللحظة في تكوين ائتلاف محلي جدي باشتوني يوازن علاقتهم مع فصائل "تحالف الشمال" غير الباشتوني.
استندت معلومات المقال الى تحقيقات واخبار نشرها موقع www.atimes.com .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف