جريدة الجرائد

في لقاء شامل يحلل بعمق المقدمات وصولا للنتائجد. عزمي بشارة: أبو عمار يتحمل جزءاً من مسؤولية الفوضي الراهنة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شارك في اللقاء العزب الطيب الطاهر:القيادي الفلسطيني عزمي بشارة ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي لعرب فلسطين 1948 هو من الذين يجاهدون من منظور النار فهو يعيش ويمارس العمل السياسي تحت وطأة القانون الصهيوني ومواطنة الدولة العبرية هكذا وجد نفسه من جراء نكبة 1948.. بعد ان تمسك أهله بالأرض ولم يغادرها وقبلوا مقهورين كغيرهم من مئات الوف الفلسطينيين بالبقاء تحت سطوة القوة.
و. بشارة واحد من رموز التيار القومي العربي بين فلسطينيي 1948.. لذلك لابد حتما انه يضع صورة الزعيم الحاكم عبدالناصر متصدرة مكتبه بالكنيست.
إنه يواجه طغيان الدولة العبرية بالموقف السياسي. محاولا استخدام مايتاح له من امكانيات في اطار قانون هذه الدولة التي رغم كل ادعاءاتها بالديمقراطية فإنها تمارس اسوأ أنواع التمييز العنصري.
هنا حصيلة لقاء معه خلال زيارته للدوحة مؤخرا التي زارها ضمن الوفود العربية والاجنبية التي شاركت في تدشين المدينة التعليمية بقطر.
بداية دكتور عزمي كيف تقرأ المشهد الفلسطيني في ضوء المعطيات الاخيرة؟.
- الوضع علي الساحة الفلسطينية خطير للغاية وهو ليس بحاجة الي تشخيص جديد فالكل يستطيع ادراك خطورة مايحدث علي الساحة الفلسطينية دون ذكاء خارق لان شارون منفلت تماما ويستطيع كل طفل عربي أو إسرائيلي ان يدرك ان هذا الانفلات له علاقة بالغطاء الكامل الذي يحصل عليه من البيت الابيض منذ 11 سبتمبر وانه بدون هذا الغطاء لم يكن بوسع شارون ان ينفلت بهذا الشكل فهو يحاول عبر العقوبات الشاملة علي المناطق الفلسطينية وعن طريق الجدار العنصري ممارسة الضغوطات علي الشعب الفلسطيني لاختبار صموده والذي اثبت انه مؤهل للصمود ولديه جاهزية وكفاحية عالية ولكن بالامكان تسجيل نفس الصمود وبقدر اكبر وبتضحيات اقل لو كانت هناك استراتيجية فلسطينية موحدة ولو كانت هناك قيادة وطنية موحدة تقر الاهداف المرحلية وتقر الوسائل التي تناسب هذه الاهداف فكان بالامكان الصمود امام الاملاءات الاسرائيلية بضحاية اقل وبنجاح اكبر ولكن بالمجمل نستطيع القول ان شارون حتي الآن فشل في سياساته الامنية والاقتصادية والسياسية فهو سجل لأول مرة هبوطا كبيرا في شعبيته لدي الاسرائيليين ولم تتجاوز هذه الشعبية 40% في الاستطلاعات الاخيرة، اذ ان هذا امر هام ولكن لن يتحول الي نتائج سياسية حقيقية اذا لم يطرح له بديل سياسي حقيقي في الشارع الاسرائيلي واذا لم يتحول النضال الفلسطيني الي نضال فيه قدر اقل من العفوية والثأرية وقدر اكبر من التخطيط والاستراتيجية فان الصمود الفلسطيني لن يستثمر بشكل كاف وهذا يتطلب قيادة فلسطينية وطنية موحدة شاملة لديها تخطيط استراتيجي ولاتخضع للتنافسات الداخلية.
تناقضات داخلية
كيف يمكن حدوث ذلك في ظل التناقضات بين الرئيس عرفات وبين كل من أبو مازن وابو علاء حول ادارة شؤون الحكومة؟
- عندما تحدثت عن قيادة وطنية موحدة لم اقصد الحكومة الفلسطينية فهذه الحكومة يجب ان تكون احد ادوات القيادة الموحدة والحكومة الفلسطينية وظيفتها الاساسية ادارة الشؤون المدنية للسكان الفلسطينيين وادارة عملية التفاوض مع الطرف الاسرائيلي ضمن وفي اطار اتفاقية اوسلو وبشكل عملي علي قاعدة هذه الاتفاقية لانها لم تعد غطاء فهي انتهت واقعيا وهذا الوضع في الحكومة الفلسطينية اصبح مسرحا لتناقضات داخلية متعلقة بصراعات النفوذ مع التطلع الي مرحلة مابعد ياسر عرفات ليس فقط بين اشخاص - وهو ما يأسف له المرء في هذه المرحلة من تاريخنا ولكن هناك ايضا بين المؤسسات، كاللجنة المركزية لحركة فتح- التي تريد الآن ان تحدد دورها لما بعد هذه المرحلة وهذا امر طبيعي - والمجلس التشريعي الذي يسعي للهدف ذاته والحديث الآن عن دور هذه المؤسسات هام لانه لايهمني من هو الذي سيأتي بعد عرفات لان القضية ليست قضية وراثية والوراثية تستخدم في الملكيات وليس لحركات التحرر الوطني فلايوجد ولي عهد والمهم في التحرر هو وجود مؤسسات قادرة علي اتخاذ قرارات بما في ذلك من يكون رئيس السلطة فيما بعد لكن هذا لن يكون قرارها الوحيد فهناك ايضا فوضي بفعل دراما الفضائيات.
بالفعل ثم شعور بالفوضي في رأيك من هو المتسبب في هذه الفوضي وهل الرئيس عرفات يتحمل جزءاً منها؟
- علي المدي البعيد واحاول هنا ان اكون دقيقا فان ياسر عرفات يتحمل جزءاً من المسؤولية لانه لم يساهم في بناء المؤسسات وكل الخيوط كانت في يده سواء الأمنية أو المالية أو الكلمة الاخيرة في اتخاذ القرار السياسي، لكن ياسر عرفات لم يفعل ذلك رغم انه كان حريصا علي ان يتم ذلك في النهاية في اجتماعات ولو كانت شكلية فكانت دائما تنعقد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والحكومة واللجنة التنفيذية لحركة فتح وهو الوحيد من بينهم الذي يحفظ الدستور عن غيب فهو لايفعل ذلك لانه ملك او لانه ديكتاتور بل يحاول ايجاد البند المناسب لأي قرار يتخذه فهو يحافظ علي الشكليات وهي من الناحية القانونية هامة جدا، لكنه في واقع الحال ومن الناحية العملية كانت كل الأمور في يديه مما اضعف المؤسسات وبعد قيام السلطة الفلسطينية بعد اوسلو ضعفت مؤسسات حركة فتح وهي الآن (فتح) تحارب من اجل تكريس موقع اساسي مثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والتي اضعف انعقادها المستمر مع مؤسسات السلطة كلا من الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير وبالتالي لم يعرف صلاحيات وحدود ومسؤوليات كل جهة، لاشك ان عرفات يتحمل قدرا من المسؤولية ولكن ليس وحده فهناك الكثيرين في اطار السلطة الوطنية والذين لديهم طموحات ويتصرفون مثله ولكن بحجم اصغر وهم يبحثون عن دور اكبر من مؤسسات السلطة الوطنية.
في رأيك من هو الشخص المؤهل حاليا ليحتل مكان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية من بعد ياسر عرفات؟
- الرأي في مثل هذه الحالة لن يبريء احدا فلن يقولوا ان عزمي بشارة يتحدث كباحث وانما سيتحول الي موقف ضدي.
الان انت حملت عرفات مسؤولية الفوضي في السلطة الوطنية الفلسطينية؟
- أنا قلت تحديدا انه يتحمل جزءاً من المسؤولية وهناك الف سبب وسبب ولكن السبب الاساسي يكمن في السياسة الفلسطينية وعدم ديمقراطية النخب الفلسطينية فضلا عن التداخل بين حركة التحرر الوطنية وبين الدولة والخلط بين هذه الأمور كلها جعل الحالة هلامية غير واضحة المعالم فعرفات لايتحمل وحده المسؤولية بل النخب الفلسطينية المتنفذة في السلطة الوطنية نفسها تجد لديها نفس الطبيعة الثقافية والفكرية ولم تساهم في بناء المؤسسات ودخلت في حرب مع بعض الاشخاص في الوقت الذي لا توجد دولة ولا وزارات حقيقية ففي مثل هذه الاوضاع واجواء وصراعات نشأ انطباع لدي الجميع بأن ثمة تنافسا حادا فيما بينهم ولكن السؤال الجوهري هو علي ماذا يختلفون وأي كعكة يريدون اقتسامها في هذا الامر يجعل كل انسان يرفع حاجبيه استغرابا مما يجري وذلك ليس ذنب ياسر عرفات وحده ثمة عناصر تدلي بالتصريحات وكأنهم ناطقون باسم الحكومة وهذا ينشيء حالة من الفوضي وتجدهم يناقشون الامور الاستراتيجية الخاصة بالحكومة بشكل علني ومستمر ولا يجعلونها في داخل محيط الحكومة وقادة الاجهزة الامنية في كل دول العالم لا يتحدثون في الامور السياسة ولكن تجدهم في السلطة نجوما اعلاميين يتنقلون من فضائية الي اخري وهذا الامر لا يتحمله ياسر عرفات وحده ولكن اسلوبه في ادارة الامور التي يركز فيها علي جوانب معينة في حين يترك جوانب أخري منفلتة وهذان وجهان لعملة واحدة. لعب دوراً اساسيا في ذلك وبالتالي لا يجوز ان يركز كل الامور في يده ولا يجوز ان تنفلت كل الامور بهذا الشكل، لهذا انا اقول ان الحديث عن أي شخص سوف يتولي أو يرث السلطة بدل عرفات هو حديث يحمل موقفا وليس رأيا فليس من المفترض ان يكون لي رأي في هذا الموضوع، ولكن رأيي الذي اقوله هو أنه يجب ان تكون هناك مؤسسات قوية قادرة عندما يحين الوقت ان تتخذ القرارات بهذا الشأن، ومسودة الدستور الفلسطيني التي اقرت في المجلس التشريعي تنص علي انه يحل محل الرئيس في حالة غيابه رئيس المجلس التشريعي لحين عقد انتخابات جديدة لكن لو فرضنا انه لم تعقد انتخابات جديدة فكيف سيكون التصرف وقتها اعتقد انه يجب ضبط ذلك بشكل دقيق ومئة بالمائة.
دكتور عزمي هل تري ان الادارة الاميركية اعدت رئيساً جديداً للسلطة الوطنية الفلسطينية مثل ما صنعت في افغانستان والعراق؟
- الادارة الاميركية واسرائيل وربما بتعاون ما اقليمي عربي في بعض الحالات يدفعون باتجاه تشجيع قيادة سياسية فلسطينية تقبل الاملاءات الاميركية والاسرائيلية لذلك تجد الهجوم علي ياسر عرفات ليس ذا طابع شخصي بل ينطوي علي هدف سياسي وكذلك كان التضامن مع عرفات ذا بعد سياسي وليس شخصي فالناس التي خرجت للدفاع عن ياسر عرفات كانت تدرك ان الموضوع بات موضوع املاء الارادة الاسرائيلية والاميركية واذلال الشعب الفلسطيني عبر رئيسه المنتخب وعدم الاعتراف به وانه طالما ان هذا الشخص موجود من الصعب بلورة قيادات من النوع التي يريدها الاميركيون والاسرائيليون ولذلك يجب ازاحته من الطريق أو الضغط عليه بحيث يتيح الامكانية لصعود الذين علي استعداد للتعامل مع الاملاءات الاميركية والاسرائيلية.
هل تعتقد ان ابومازن لعب هذا الدور ولكنه فشل؟
- ابومازن ليس قياديا جديدا حتي يلعب هذا الدور فهو موجود في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كأمين لسرها لأكثر من عقد من الزمن وموجود في حركة فتح منذ قيامها وهو ينشر مواقفه منذ 15 عاما بالاتجاه الذي يتبناه وهو يمثل تيارا بعينه في منظمة التحرير ولابد ان ندرك ان الذي رشحه لرئاسة الحكومة هو عرفات شخصيا وعندما طرح مواقفه لم نستغرب منها لاننا نعرفها وهي كذلك دائما وان كنا نختلف معه وخصوصا حول خطابه الاخير في العقبة الذي كان خطابا غير مقبول فلسطينيا وعربيا.
هل هذا الخطاب هو السبب في ازاحته من منصبه مبكرا كرئيس للحكومة الفلسطينية؟
- لا شك ان تبنيه لهذا الخطاب السياسي في القضية الذي يدخل العمل الفلسطيني المسلح ضمن دائرة بالارهاب شكل عمليا انضماما الي المفهوم الدولي لظاهرة الارهاب الذي يقصد شيئا محددا جدا بعد 11 سبتمبر ويتعاطي مع الذين يتعاملون بالارهاب بشكل محدد فكيف يقال عن العمل الفلسطيني هذا الكلام من دون استعراض مسبباته بشكل واضح هذا ولا شك ان ذلك التوجه منع وجود حوار استراتيجي مع القوي الفلسطينية الاخري واعطي الفرصة لاوروبا ان تسمي العمل الفلسطيني ارهابا واذا ما كنا نحن نقول عنه ارهابا فبالتأكيد ستسميه هي ارهابا وبعد ذلك هل بمقدرونا ان نعاتب الاتحاد الاوروبي في الوقت الذي نحن نقول عنه ارهابا لا افهم ذلك ان هناك خطابا رسميا فلسطينيا اطلق عليه صفة الارهاب فكيف نعتب علي الاتحاد الاوروبي. اما هذا الخطاب ليس مجرد كلام بل هو تأسيس لموقف سياسي يستند اليه المجتمع الدولي ويؤسس عليه موقفه من أي ظاهرة معينة فعندما تقول ان هؤلاء ارهابيون فذلك يعني ان العالم سيتعامل معهم بشكل محدد جدا، وابومازن حظي بدعم كبير علي المستوي الدولي من البيت الابيض واوروبا ومصر والاردن لكن في نهاية المطاف تعرض للضغط الاسرائيلي عليه بتصعيد سياسة الاغتيالات للقيادة الفلسطينية ومحاولة اجباره لدخول حرب اهلية لكنه صمد ورفض الدخول فيها وهو غير قادر علي ذلك ولا شك ان دخول ابومازن في نقاشات مع الرئيس ياسر عرفات حول تركيز الاجهزة الامنية في يد وزارة واحدة كانت الامور التي ادت الي انهاء الموضوع بنوع من قصر النفس فقدم استقالته.
ماهي أهمية اللقاءات الاخيرة بين القياديين الفلسطينيين والاسرائيليين علي صعيد تهدئة الوضع ميدانيا؟
- ان شارون منزعج من هذه الاتصالات رغم انزعاجنا نحن الي حد ما لكن شارون منزعج اكثر لانها تنسف مقولته بأنه لا يوجد شريك فلسطيني وان الفلسطينيين لا يريدون السلام وهنا حاول بعض اليساريين من حزب العمل سابقا ان يثبتوا للشارع الاسرائيلي ان هناك امكانية للتوصل الي سلام مع الفلسطينيين وان كانت الحكومة الاسرائيلية تري ان ذلك يشكل خطرا لان الفلسطينيين يقدمون تنازلات للمعارضة الاسرائيلية وليس للحكومة وبدون مقابل، وشارون ينظر للجانب الاسرائيلي في هذه الاتصالات انه فقد عقله واتهمه بأن يطعن الحكومة الاسرائيلية بسكين في الظهر وانه غير مخول رسميا للتفاوض مع الفلسطينيين والتنازل عن الضفة والقطاع والجانب الاسرائيلي يحاول الاتصال بنا والاردن مؤخرا عدم قيامنا مهاجمتهم.
هل تم التوصل الي اتفاق في جنيف؟
- لا، جنيف تمثل بداية الاتصال مع المعارضة الاسرائيلية ولكن كانت هناك عدة مبادرات نشأت بعد مباحثات كامب ديفيد بين بارك وعرفات في العام 2000 لتصحيح الانطباع الذي كان سائدا بأن الفلسطينيين برفضهم للاملاءات الاسرائيلية يرفضون السلام فهم يريدون تصحيح هذا الانطباع.
اذن هل يمكن لهذه الاتصالات ان تسفر عن شيء محدد أم انها عبث؟
- هي اسفرت وتم التوقيع مؤخرا علي اتفاق نموذجي بين الطرفين سمي اتفاق سويسرا وهو يؤثر علي الميدان الاسرائيلي من جانب معنوي ويضع راية جديدة بيد القوي الاسرائيلية المعارضة لشارون لطرح ذلك علي الرأي العام الاسرائيلي وتوضح له برنامجها فالشعور العام بعد انهيار كامب ديفيد ان القوي التي تدعم التسوية في الساحة الاسرائيلية وترفض نهج شارون ليس لديها مشروع تفاوضي بعد ان فشلت في السابق ولكن فلسطينيا ومن خلال التفاوض مع المعارضة الاسرائيلية هنالك خطر من التنازل عن قضايا مثل حق العودة واذا قبلت اطراف عربية رسمية هذا التفاوض فماذا فعلت هذه الاطراف فهؤلاء تنازلوا عن مبادرة السلام العربية التي تتضمن حق العودة بعد ضغوط شديدة.
ونحن نتحدث عن حق العودة تردد ان العراق سيكون الوجهة لتجمع الفلسطينيين خصوصا وان اليهود بدأوا بشراء الاراضي لاعطاء صورة بأنه لهم أحقية في اجزاء من العراق؟
- لن يصدقهم احد في احقيتهم بالعراق فالصهاينة لم يستطيعوا ابتلاع قطاع غزة والضفة الغربية ويسعون الي فصل ديمقراطي مع السكان فكيف يستطيعون ابتلاع العراق، فهذه ليست المشكلة وانما المشكلة تكمن في ان الاختراق الاسرائيلي للوطن العربي سيبدأ من العراق وأنا اعرف انهم بدأوا في تنظيم وجودهم في العراق عن طريق ادخال شركاتهم وبحماية وتسهيلات اميركية كبيرة، والوجود الاسرائيلي في العراق يتمثل في فحص امكانيات الاستثمار الاقتصادي عبر شركات اميركية أو مباشرة وعبر الاستشارة الامنية وجمع معلومات امنية رهيبة عن العراق وامكانية ربط سياسيين عراقيين للمستقبل فهذه قضية خطيرة فالآن العراق يبني من جديد واسرائيل تبحث عن ولاءات وتحاول ان تبني علاقات مع السياسيين والقيادات العراقية المقبلة والامر الغائب في مواجهة ذلك، العمل العربي لانهم اتخذو موقفا عقائديا يحول دون التعامل مع الحالة العراقية وانا هنا لا اقول ان يعترفوا بمجلس الحكم، ولكن اين العرب في العراق فلا يوجد ممثل لجامعة الدول العربية ولم يقم وفد من الجامعة بزيارة بغداد للوقوف ميدانيا علي حقائق الامور في العراق لتقديم توصيات حول الوضع في العراق والشعب العراقي له الحق في ان يعتب علي قوي الامة العربية الاساسية من موقفها من صدام حسين بالتالي انت تحتاج الي فترة زمنية للمصالحة مع الشعب العراقي وتعيد ثقة هذا الشعب بالامة ويجب ان يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، مثلا ايران كانت اسرع بكثير منا واعترفت بمجلس الحكم، اما العرب فغائبون عن كل ذلك وهذا يتيح لاسرائيل التحرك في ظل هذه المظلة الاميركية.
كيف تنظر للاعتداء الإسرائيلي علي سوريا وهل تري أن ذلك تمهيد للحرب عليها؟
- نعم أقول بشكل قاطع نعم هذا عدوان خطير للغاية وهو أخطر تطور حصل منذ الاجتياح الإسرائيلي للمناطق العربية المحتلة باتجاه محاولة خلق وضع جديد يعيد النظر حتي في اتفاقيات أوسلو، الإسرائيليون يحاولون الآن إعادة رسم حدود نشاطهم وإعادة رسم المحرمات ما هو مسموح وما هو ممنوع بعد 11 سبتمبر وهم يحابون بذلك الولايات المتحدة ويعرفون أن هذا الكلام ينسجم مع الاستراتيجية الأميركية للضغط علي سوريا دون شن حرب عليها بعد العراق لأن إسرائيل تعرف أن موضوع مكافحة الإرهاب قضية دائمة لا تنتهي عند الحرب علي العراق ومحاولة الضغط علي سوريا وتقليص الدور السوري إلي داخل حدودها وهذا هو المطلوب ولبنان والأردن وفلسطين يجب أن تكون خارج نطاق السياسة السورية وبالتالي إسرائيل هنا تعرف أن ضرب سوريا لا يخدمها فقط بل يصب في مصلحة الولايات المتحدة ومن هنا جاء الاستعجال في الهجوم علي سوريا وإسرائيل ستستغل هذا الموضوع حتي النهاية.
كيف تري تعاطي الرئيس السوري بشار الأسد مع هذا الموضوع؟
- هناك حالتان لا ثالث لهما، الاخوان في سوريا يعرفون أن إسرائيل خلقت واقعاً جديداً ستحول البناء عليه وهو تكرار مثل هذه العمليات أو محاولة اغتيال ضد قيادات فلسطينية داخل سوريا والهجهوم علي سوريا أمر كان واضحاً منذ أشهر وهم أيضاً يتجهون إلي إرضاء المجتمع الإسرائيلي وشارون يحاول التحرك باتجاه مناطق جديدة تبعده عن فشله الأمني، لكن الأمر الاستراتيجي هو أنه بعد 11 سبتمبر وبعد الحرب علي العراق هناك مساع وجهود حثيثة لتقليل وتحجيم دور سوريا والاخوان في دمشق يعرفون ذلك وهناك طريقان اما إجراء إصلاحات شاملة داخلية توحد الشعب السوري خلف الثوابت الوطنية والقومية ضمن إصلاحات شاملة ترتب الأوضاع في سوريا ولبنان وعندها سيكسب القادة السوريون جزءاً أساسياً من الرأي العام العالمي ضد الولايات المتحدة وهما منعزلان تماماً في عدائهما لسوريا والتي تختلف عن العراق ولا تملك أسلحة دمار شامل والنظام السوري هو الذي أرضه محتلة وحتي بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا ليسوا مع أميركا ضد سوريا وهناك إمكانية أخري تتمثل في التنازل في القضايا الوطنية والقومية واستمرار الأوضاع السيئة الداخلية ومحاولة إرضاء الغرب بالتنازل في القضية الوطنية والقومية مما يدفع الغرب بالقبول بالوضع كما هو في لبنان وسوريا وشراء رضاءه عبر التنازل في القضايا الوطنية والقومية.
لكن من خلال معرفتك لشخصية بشار الأسد أي خيار سيتبعه في رأيك؟
- في رأيي الخيار الأول هو الذي سينتهجه الرئيس الأسد ولكن مع الأسف الشديد فإن قدرته علي التحرك والإصلاح الداخلي في سوريا ما زالت متأخرة ومقيدة بقيود اجتماعية وسياسية ويبدو أن ثمة مشكلة في التحرك بشكل سريع لإجراء إصلاحات في السياسة والاقتصاد من أجل الصمود لفترة أطول أمام الإملاءات الأميركية والإسرائيلية ولأن الرأي العام في سوريا ولبنان في الموضوع الوطني مع النظام بالأساس وهو ما يجعل الأمر يختلف عن العراق. والشعب السوري معبأ وطنياً وقومياً والهوية العربية هي جزء من هيوته الوطنية ففي مواجهة إسرائيل هناك اتفاق بين الشارع والنظام وأفضل شيء يحافظ علي إرساء هذا الاتفاق هو الإسراع في الإصلاحات الديمقراطية داخل سوريا.
أين النخبة السياسية العربية داخل إسرائيل هل صوتها أصبح خافتاً وهل أصبحت غير قادرة علي الفعل في ظل وجود حكومة شارون؟
- القضية الأساسية في هذا الموضوع هو الفرق في الظرف مثل ما يوجد الشعب الفلسطيني في الأردن يعيش في إطار المواطنة الأردنية طبعاً مع الفرق هي مواطنة عربية ويخضع لحقوق وقوانين أردنية، في إسرائيل بدرجة أقل، لأنه يوجد فيها تمييز عنصري ونحن نعتبر أقلية ولكن بالمجمل الأحزاب مسجلة إسرائيلياً والممارسات في إطار القانون الإسرائيلي فهذا واقع مختلف تماماً فلا تجد اقتصاداً فلسطينياً في الداخل ولا وجود لنزعة انفصالية فلسطينية بل هي المساواة والحفاظ علي الهوية القومية والوطنية وهذا يفرض أفقاً آخر للعمل السياسي وعندما نطرح القضايا والشعارات والبرامج السياسية فنحن نأخذ بعين الاعتبار أمراً أساسياً يتثمل في مدي جاهزية الجماهير الكفاحية والناس لا تستطيع أن تقوم بعصيان طويل المدي لأنها لا تريد أن تنفصل عن إسرائيل وفي اليوم التالي يذهبون إلي العمل في تل أبيب وباقي المناطق الإسرائيلية التي تعتبر مكان حياتهم والمطلوب أن نراعي هذا، فضلاً عن الهجوم الشرس علي التيار الإسلامي والقومي وهي الأكثر تحركاً.
إن المطلوب منا أن نصمد في إطار المواطنة وان كانت إسرائيلية وهو صحيح متناقض لكن هذا هو الواقع الذي نعيشه.
هل جهودكم وصوتكم يصل إلي الدول العربية أم أنها تقتصر علي المستوي الداخلي؟
- صوتنا يصل إلي العرب ولكن دورنا الداخلي بعيد المدي بمعني الصمود والحفاظ علي الهوية الوطنية والقومية وتأجيج التناقض بين المواطنة والصهيونية كل هذه الأمور أكثر ما يخشاه اليمين الصهيوني.
كيف تقرأ مقال رئيس الكنيست السابق حول نهاية الدولة الإسرائيلية؟
- أعتقد أن هذا المقال نبوءة غضب وعدم رضا عن حزب العمل وهو عملياًً يعبر عن إحباط من قياديين داخل حزب العمل ومن نهج هذا الحزب بأنه غير قادر علي طرح البديل وهو ينذر بالنهاية إذا لم تطرح القوي العقلانية في المجتمع الإسرائيلي بديلاً لسياسة شارون.
لكن هل هذا يشكل قناعة حقيقية أم مجرد غضب؟
- لا هو مجرد غضب وهجوم علي شارون وهو يعبر عن شيء في حين أن العرب يستوعبون شيئاً آخر فهم يريدون أي شيء يضر بإسرائيل في الوقت الذي هو يشعر أنه بمقالته يفيد إسرائيل ويحاول تنوير حزب العمل بأنه إذا استمر في هذا النهج فإن إسرائيل ستصل إلي الكارثة ومن ثم فإنه يجب تغيير هذا الواقع هذا هو هدفه من المقال وليس تقديم سلاح للدعاية العربية.
إذا كنتم أنتم عرب 48 تمثلون قناة حوار عربي إسرائيلي فما هو رأيك في مسألة تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية؟
- هناك اخوان عرب في الكنيست يزورون الدول العربية ويقولون أنهم قناة للحوار فهم يرون أن هذا دورهم وأن يكونوا جسر سلام لكن نحن لا نري ذلك ما نراه هو أننا عرب فلسطينيون ولدينا موقف من قضية السلام ونحن لسنا دبلومسايين وأزور الدول العربية ليس للعب دور ما بل لزيارة بلدي الثاني.
يعني أنت ضد التطبيع مع إسرائيل؟
- نعم وهذا أمر معروف لدي الجميع، وأي دولة عربية يجب أن تكون طرفاً في النزاع العربي الإسرائيلي وليس وسيطاً بين الجانبين وأنا منحاز للشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي وأحاول فتح أبواب للفلسطينيين في الداخل لعلاقات بنيهم هم وبين أمتهم العربية ونحن نريد أن تكون هناك علاقة شبه عادية بين العرب في الداخل وبين أمتهم العربية ونريد السلام وندعو إلي مبادرة السلام العربية وأن تلتزم بها الدول العربية وعدم التنازل عنها.
هل من رسالة إلي هيكل الذي استأذن الانصراف عن الكتابة مؤخراً؟!.
- هيكل صديق شخصي وأنا استغربت أن يرتبط بتاريخ معين إذا كان لديه شيء فإنه يمكن أن يقوله في أي وقت ومسألة الانصراف عن الكتابة عملية في تاريخ محدد لم أفهمها وهذا قراره الشخصي وأنا أعرف موقفه من قضايا الأمة وهو سيظل صديقاً لي سواء كتب أم لم يكتب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف