ثقافات

لو بقي هتلر رساماً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلطان السعد القحطاني
&
&

خلافا للصورة القاتمه التي ترتسم في أذهان العديد من الأشخاص عن الزعيم النازي هتلر فإن هناك العديد من الأشياء المضيئه التي تغيب عن الكثير، فهذا القائد الديكتاتور و العنصري حتى النخاع، هو هتلر الرسام الفاشل الذي كان يحاول أن يصبح أحد الرسامين العظام، وأن يجعل الفن الألماني أعظم الفنون والإنسان الألماني أعظم البشر، وكما حاول أن يقيم المدينة الفاضلة من السلالة الأنقى فقط حاول أيضا أن يقيم المجموعة الفاضلة الفنية التي لا يعيش في رحابها سوى الفن الألماني&وعندما كان الجيش السوفيتي على وشك شن هجومه المدمر والنهائي على برلين، وكان البريطانيون والأمريكان على مشارف الحدود الألمانية من جهة الغرب على أهبة الاستعداد للاكتساح الشامل.
كان أدولف هتلر قابعا هناك، يحدق وهو يجرفه الحنين إلى نموذج إعادة بناء مدينة لينز، المدينة التي نشأ فيها، والتي أراد أن تصبح رمزا مهيبا للرايخ .الألماني، من هذا المنطلق يتسرب لي زعم هتلر: إنه في الواقع لم يكن سياسيا أبدا، ولكنه كان دائما فنانا،& كما أن هناك نقطه هامة وهي أن هتلر بسبب جنون العظمة الذي كان يتغلغل فيه حتى النخاع، قد ادعى أيضا العبقرية في الهندسة، والتاريخ والإستراتيجية العسكرية، لم يكن اهتمام هتلر الجوهري منصبا على الفن، ولكنه كان مهووسا بإيجاد مجموعة فاضلة عرقية لايوجد فيها سوى العنصر الألماني الآري الأرقى الذي رأى أنه متفوق على بقية البشر في الفن وفي كل شيء آخر، لقد كان الفن والسياسة وجهين لعملة واحدة وهي عملة التعصب والعنصرية.
كان هتلر دائما يستبد به الحلم في أن يصبح رساما عظيما ولكنه فشل في أن يجد مكانا له في عالم الرسم بالألوان المائية ولذلك قرر أن يرسم بدم الشعوب، لقد فشل في أن يجد له مكانا في مدرسة الفنون ولكنه نجح في النهاية في أن يشيد قصورا من الكلمات الرنانة والروح العسكرية وجنون العظمة
كما أدى إحساس هتلر بالجمال إلى صبغ سياسته بالأبهة الفارغة والنظر إلى الإمبراطورية الألمانية عبر منظور ثقافي يتجلى عبر انتصار الموسيقى الألمانية الرومانسية وعمارة وفن الكلاسيكية الجديدة، والبنايات الهائلة التي تم تصميمها لكي تظل شامخة على مدى الأجيال، وعلى خلاف وجهة النظر السائدة التي تقول بأن هتلر لم يكن له وجود خارج الحياة السياسة، يتأكدُ لي جليا وواضحا ولعه بالفنون وتعصبه الأعمى لها على نحو يماثل تعصبه العنصري ويقدم العديد من الصور واللوحات، بما في ذلك إعادة إنتاج لوحاته التي قام برسمها باستخدام الألوان المائية والتي يرجع تاريخها إلى عام1925، كما يقدم تحليلا كاملا لأعماله الأولى، بالإضافة إلى استعراض مجموعته الفنية الخاصة وولعه بالأوبرا والموسيقى السيمفونية وحتى اهتمامه بصناعة السيارة الألمانية الشهيرة «فولكس فاجن» أو السيارة الشعبية، يقول هتلر لقد أصبحت سياسيا ضد رغبتي، فلو عاد بي الزمن إلى الوراء لما اخترت الدخول إلى معترك السياسة، ولكنت أصبحت فنانا أو فيلسوفا، أدولف هتلر.
وعند في الساعات الأولى من صباح 6 يونيو من عام 1944وبينما جاءت التقارير عن أن هجوم الحلفاء لاجتياح ألمانيا قد أصبح قاب قوسين أو أدنى كان هتلر وحوبيلز يتحدثان عن الموسيقى والرسم، وعبر كافة سنواته في السلطة وحتى أثناء الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، كان هتلر يقضي جانبا كبيرا من وقته منشغلا بمشاريع معمارية جديدة أو إنتاج أوبرا أو إقامة معرض فني، وكان يشكو كيف أن الحرب تمنعه من تحقيق حلمه الأعظم الذي راوده دوما ألا وهو تشييد صروح ثقافية تغير وجه ألمانيا وتخلد اسمه في سجل العظماء،
و على الرغم من أن هتلر كان يضيق بالسياسة ويتبرم منها، فقد أدرك على نحو عميق الدور المحوري الذي تلعبه الثقافة والقيم الجمالية في القبض على السلطة وترسيخ أركانها، لقد أراد هتلر منح الألمان الشعور بالمشاركة السياسية من خلال الاستعراضات والمواكب الجماعية، ويضيف سبوتس إن هتلر قد اعتبر السياسة وليس الفن هو الوسيلة لتحقيق غاياته، ألا وهي الفن، ومن هنا حدثت المفارقة لسياسي جمع بين هدوء الفن وعظمة الدكتاتور.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف