حلم العودة ومرثية بغداد 14
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&
&
الوساوس تتقلبُ على فراش قلبي.. والخيال تشخبُ من أوداجه
ذكريات مقتولة... المواويل يرفسُ في أحشائها النوح... كسَرتْ الريح عمود الخيمة التي جلس تحت ظلها صغاري.. يرتجفُ الخوف في عيونهم.. ويمطرُ على ثيابهم العرق... كانوا
يبتسمون للفراغ.. الوجوم ينفث ُ في وجناتهم الحيرة.. مثل بلابل محشورة في قفص.. حركاتهم موبوءة بالتودد والوجل.. ينحت الصمت في أحداقهم علامات البكاء والتساؤل...
لا يعرفون ما يجري حولهم.. أشبه برأسٍ وقعت علية صخرة
كانوا حائرين.. لا يعرفون ما يُراد بهم.. تـتقاذفني أمواج الهموم مثل خشبة في بحر.. شعرت بفشلي.. فشلتُ في أن
أكون إبناً.. ترك عنادي وشقائي روح أبي وأمي في محرقة.. وفشلت في أن أكون زوجاً.. حكمتُ على شريكة العمر بالغربة ومفارقة الأهل ومرابع الطفولة.. كانت تأتيني الى سجن الخاصة في أبي غريب وهي تحمل على رأسها ما أشتهي..يدفعها الحراس ويصبغون ظهرها بالكلام الساقط.. وتبتسم اذا رأتني راضية!!.. وعمَلتْ في غربة وجعي وعمليّات فـَخذي الجراحية الكثيرة ممرضة وخادمة.. لم أر منها تبرما وتأففا... 14 سنة لم تقابل والدتها العليلة... و23 عاما لم يرتفع صوتها على صوتي. وفشلتُ في أن أكون أبا... أضعتُ أطفالي في دروب الرحيل.. خسروا بلدهم ومستقبلهم وألقيتهم في فم الحوت.. التيه
حوتٌ إسطوري.. يخنق الأنفس ويجعلها مسلوخة أشبه بذبيحة وفشلتُ في أن أكون صديقاً.. رجعتُ من علاقاتي معهم بخفي حنين وبجراحات دامية.. وتخلـّى عني مَن أحبه في أشد أحتياجي إليه... أنا جذع نخلة يابسة يسكنها الدود والخراب لا تصلح& حطباً لموقد.. لعل الخلل في تصرفي!.. طلب مني أحدهم أن
أرسل مَن يستلم الأرزاق.. قلتُ له إن الأرزاق على الله!!
ضحك..قال أقصد المواد الغذائية..كان الأخوة في المملكة كراماً يبذلون من غير حساب في إرسال ما ينفخ الكروش ويجمع
الدهون على عظام طحنها اليأس وأبلتها رهبة المجهول..
&كانت الشاحنات تملأ بطون الناس بما طاب.. كنا أشبه بجواميس مربوطة يأتيها علفها بأمر العسكر.. تأكل وتنام لتجتر أيامها الماضية... وتحدق في السماء علها تأتي بالفرج
في رفحاء توقف الزمن لا تحتاج الى ساعة وتواريخ.. اليوم كحبل طويل ليس له آخر.. الوقت ليس له حاجة.. كانت الشهور
جامدة لا تتحرك والسنون تعدل أحقابا... لم أذكر أنني زرت المدينة خلال سنتين إلا مرة واحدة وبتصريح.. كنت مثل سجين قديم خرج من معتقله.. لأول مرة سأرى الأشجار والدكاكين
والمكتبات ونافورات الماء... حين يختمر السكون والملل في مساماتك يتبدّى عليك التوقع.. ويغسل وجهك إحساس
لا يوصف!!
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف