حكاية البولشوي.. حكاية روسياهل ستنعكس أمراض روسيا على مسرح البولشوى؟
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هذه البداية غير التقليدية جاءت في إطار مرحلة من أخطر المراحل في تاريخ مسرح البولشوي الروسي حيث اختلط الفن بالسياسة بالإعلام بالاقتصاد الأمر الذي أنتج مجموعة هائلة من المفاجآت التي لا يزال يقف الناقد الروسي أمامها في حيرة شديدة، ناهيك عن البلبلة التي أصابت المتفرج البسيط الذي اعتاد ارتياد مسرح البولشوي مثلما اعتاد بسطاء الناس ارتياد المقاهي والحدائق العامة.
وإذا كنا سنركز هنا على جانب فني-إداري-سياسي، فالأمر لا يخلو طبعا من خلفية في غاية الخطورة ارتبطت بالدرجة الأولى بالتراكيب "المافياوية" التي ظهرت في روسيا منذ بداية التسعينات. والمقصود هنا التصرفات والسلوكيات ذات الطبيعة "المافياوية" أو شبهة تدخل "المافيا" الروسية في مسرح البولشوي على حد سواء. إذ أن الأمر هنا يذكِّرنا بأحد مشاهد الجزء الأول من فيلم "الأب الروحي" عندما حاول "الدون كرليونى"-مارلون براندو-لدى أحد مخرجى هوليوود من أجل إسناد الدور الرئيسي في أحد الأعمال الفنية إلى أحد المعارف المقربين للدون كرليونى.
حكاية البولشوي
ظل مسرح البولشوي يمثل طوال ما يقرب من قرنين إحدى أهم القلاع الثقافية في روسيا والعالم. طوال قرنين وقف هذا المسرح في مواجهة العديد من التغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية، ولم تستطع أية عاصفة اقتلاعه أو التأثير عليه سلبا. المدهش أن كل تغير في الأنظمة السياسية أو الاقتصادية أو التوجهات الثقافية لم يفعل أي شيء سوى زيادة صلابة هذه القلعة وترسيخها وإثراء برنامجها الفني.
إذا كانت روسيا واحدة من أغنى دول العالم بثرواتها الطبيعية، إن لم تكن أغناها على الإطلاق، فهناك مصدر آخر للدخل القومي الروسي يعود على الخزينة بمئات الملايين من الدولارات سنويا. وبدون مبالغة، فهذا المصدر هو مسرح البولشوي الذي لا يمكن وصفه بكلمة واحدة فهو أكبر بكثير من مسرح، ومن بناء معمارى رائع، ومن معمل فني، ومن مفاعل نووي. إنه ببساطة: سبارتاكوس وبحيرة البجع والجميلة النائمة وجيزيل وكسارة البندق.
انهارت روسيا القيصرية عام 1917. وانهار الاتحاد السوفيتي عام 1991. ومع ذلك ظل البولشوى صامدا، يمثل مزيجا من الحقب و"الحضارات الفنية"، والقيم التي جمعت بين ميثولوجيا الشرق والغرب في ثوب روسي ورسالة فنية روسية تنظر إلى إنتاج العالم الفني باهتمام وتسامح. من هنا يخضع مسرح البولشوى مباشرة لرئيس الدولة في روسيا . أي لا يتم أي تغيير فيه إلا بمرسوم رئاسي. وبالتالي فهذه العلاقة منحت مدير البولشوى وضعا استثنائيا وأعطته حق "الفيتو" في المجال الثقافي-السياسي لروسيا. ورغم الانهيار التام الذي بدأ مع بداية التسعينات قام الرئيس يلتسين بإصدار مرسوم رئاسي في 17 مارس 1995 بتعيين فلاديمير فاسيليف مديرا عاما لمسرح البولشوى. على أثر هذا القرار انتعشت الأوساط الثقافية والفنية، وفي ذات الوقت تحفزت المجموعات الأخرى: فمسرح البولشوى يملك كل مقومات الدولة بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية والاقتصادية. وفاسيليف أحد أعمدة فن الباليه الروسي راقصا ومصمما وبروفيسور في أكاديمية الثقافة الروسية، وأحد المجددين الراديكاليين في فن الباليه العالمي.
فى بداية الموسم 219، بداية فترة فلاديمير فاسيليف، اختفى من الافتتاح عرض أوبرا "إيفان سوسانين" بموسيقى يورى جريجوريفيتش (أحد المناوئين لفاسيليف) وحلت محله أوبرا "المرأة البستوني". ومن أجل تأكيد سلطته، قام فاسيليف بافتتاح الموسم 220 بباليه "سبارتاكوس". في تلك الفترة اتهم فاسيليف باختلاس أموال الدولة بسبب الرواج المادي الذي حدث للمسرح من جراء عروضه في الخارج، وبالذات في أوروبا وأمريكا، وانتشرت الشائعات بأن فاسيليف جعل من زوجته يكاترينا مكسيموفا الراقصة الأولى والوحيدة في مسرح البولشوي. تزامنت الصراعات السياسية في روسيا في أواسط التسعينات مع الصراعات في "دولة البولشوى". وبرأت المحكمة ساحة فاسيليف. ومع كل ذلك لم يتوقف عن التغييرات الفنية الجذرية في العديد من عروض الباليه التي ارتبطت وستبقى مرتبطة باسمه في تاريخ هذا الفن.
في نهاية الموسم 224 أعلن فاسيليف عن "خبطة" فنية في غاية الخطورة: سوف يتضمن برنامج البولشوي للموسم اليوبيلى 225 عرض باليه "ابنة فرعون"، وسوف ترقص نينا أنانياشفيلى أمام الأهرامات فى مصر. وفعلا قدمت أنانياشفيلى عرض الافتتاح في موسكو. وبدأت حملة صحفية ضد العرض وبصورة لم يسبق لها مثيل منذ بداية التسعينات.
بعد أن قام مسرح البولشوي في السنوات الأخيرة بعرض مجموعة من الباليهات الضخمة مثل "سبارتاكوس" و"سلفيدا" و"دون كيخوت"، أراد في موسمه اليوبيلي أن يفاجئ المتفرج الروسي بواحد من أكثر عروض الباليه إثارة للإشكاليات منذ قرن ونصف. وبالرغم من عدم جرأة المخرجين الروس على تناول هذا الموضوع طوال سنوات عديدة، فقد صممت إدارة "البولشوى" على عرضه حتى ولو بمخرج فرنسى.
بيير لاكوت المخرج أو مصمم الباليه الفرنسى الشهير بـ "مرمم الباليهات القديمة"، والذي استطاع بمهارة عالية ترميم وإحياء باليه "سلفيدا" عام 1975، كان صاحب الفرصة والمشكلة على خشبات مسرح البولشوي وعلي صفحات الجرائد والمجلات الروسية في آن واحد. أما سبب عدم رغبة لاكوت في تصميم هذا الباليه علي المسارح الفرنسية وبراقصين فرنسيين، ما يزال موضع دهشة العديد من النقاد والصحفيين وتساؤلاتهم التي لا تخلو من الغمز واللمز. بيد أن السبب المباشر والواضح تماما هو أن باليه "ابنة فرعون" مأخوذ عن رواية الكاتب الفرنسى تيوفيل جوتييه "المومياء"، وقام بتصميمه لأول مرة المخرج الروسي ماريوس إيفانوفيتش بيتيب عام 1862 على مسارح بطرسبورج بموسيقى سيزار بون التي كتبها في زمنه خلال ستة أسابيع فقط.
بالرغم من أن باليه "ابنة فرعون" لم يكن أبدا أحد التحف الفنية مثل "سبارتاكوس" أو "دون كيخوت" إلا إنه لاقى إقبالا غير عادى في روسيا حتى عام 1928، وهى السنة التي تم فيها استبعاده من قائمة عروض المسرح بعد عدة أيام من عرضه نتيجة لسخرية النقاد والمتفرجين بسبب عدم معقوليته.
كانت ماريا سوروفشيكوفسكايا-زوجة ماريوس بيتيب-هي أول راقصة تقوم بدور ابنـة فرعون، ثم جاء بعدها ماتيلدا كشيسينسكايا وآنَّا بافلوفا. ولاشك أن راقصات القرن التاسع عشر استطعن أداء مثل هذا الدور بحرفية فنية عالية ارتكازا إلى تعاليم مدرسة الباليه الروسية من ناحية، وعبقرية بيتيب من ناحية أخرى. ولكن مع الأسف الشديد فقد ضاعت جميع تصميمات هذا الباليه ولعله الأمر الذي دفع مرمم الباليهات بيير لاكوت إلى إحيائه من جديد وعلى مسرح البولشوي العريق وبتقنيات فرنسية غير جديدة على الباليه الروسي ولكنها صعبة للغاية ومجهدة للراقصين والراقصات على حد سواء.
اللورد الإنجليزي يلوذ بالهرم هاربا من إحدى العواصف الصحراوية. وهناك يدخِّن بعض المخدرات. فجأة تدب الحياة أمامه في إحدى المومياوات، ويتضح أنها ابنة فرعون. من هذه الفكرة بدأ ماريوس بيتيب من قرن ونصف في تصميم سينوجرافية في غاية الضخمة والفخامة والأبهة: هرم ضخم، ونيل عظيم، ومواكب فرعونية هائلة، وأعمدة، وبشر كثيرون، وأحصنة وجِمَال وقرود وطيور... لدرجة أن الأمر ظل يبدو حقيقيا حتى عام 1928. وبعد قرن ونصف جاء لاكوت ليحيي مومياء ابنة فرعون مرة أخري بنفس البناءات والتصميمات، ولكنه كان متأثرا بشدة بأوبرا "عايدة" حيث جاءت المواكب الفرعونية غاية في الفخامة والضخامة، وبدت السينوجرافيا على خشبة المسرح-من فرط ضخامتها-غير معقولة. إضافة إلى أن الباليه كعرض بدا أيضا قديما للغاية وعتيقا وغير معقول، ومزدحم بالناس والألوان، ولم يبق لاكوت من حيوانات بيتيب الكثيرة إلا على حصان واحد فقط.
قصة الحب، أو بالأحري وهم قصة الحب بين اللورد الإنجليزي وابنة فرعون هو البطل الرئيسي للعرض. ويبدو أن نينا أنانياشفيلى قد استطاعت، رغم شكواها المرة من التقنيات الفرنسية الصارمة والصعبة، من أداء دورها ببراعة جعلت الجمهور في حالة دهشة حقيقية.
مدرسة الباليه الفرنسية تشترك في العديد من عناصرها بمدارس الباليه الأوروبية والأمريكية من حيث الإحساس المادي والتقنيات الرفيعة والاستدارات المفاجئة والحركات القصيرة الضيقة. ومدرسة الباليه الروسية تتميز بالرسوخ والروحانية واتساع الحركة والانسيابية. ولعل هذا هو السبب في الإجهاد الشديد الذي حدث لسيرجي فيلين-اللورد الإنجليزي-الذي أدى دوره بمهارة تبعث على الحسد.
اجتمع رأي النقاد الروس على أن هذا العرض "صالح تماما من أجل السياح الذين يرغبون في رؤية مسرح البولشوي ومشاهدة الملاعق المذهبة وثريات الكريستال الضخمة. و"ابنة فرعون"-عرض رائع من أجل النزهة والراحة الأسرية مع الأطفال حيث اجتمع الباليه والسيرك وحديقة الحيوانات في عرض واحد. ولكن من أجل الفن الرفيع والراقي فهناك معرض تريتياكوف للفن التشكيلى".
مرة أخرى يصطدم الرأي العام الثقافي والفني بالمعادلة الصعبة بين النقاد والجمهور. فالنقاد يسخرون بشدة من تصميم العرض "السياحى". ومع ذلك يحدث إقبال منقطع النظير على العرض. إقبال لم يحدث منذ أكثر من خمس سنوات حينما عرضوا "سلفيدا" التي لم ترها خشبات المسارح الروسية منذ ما يقرب من سبعين عاما. النقاد يرون العرض تافها وسخيفا وغير معقول، والجمهور يرى العرض رائعا وفخما، وضخما جدا: يليق بمسرح البولشوي، ويليق بنجمة الباليه نينا أنانياشفيلى السمراء، الجورجية الأصل، ربيبة مدرسة الباليه الروسية، والتى رقصت هذه المرة بعقل فرنسي وقدرات خاصة: قدرات البولشوي الهائلة وقدراتها التي جعلت منها إحدى أهم راقصات الباليه في العالم.
قرن جديد.. بولشوى جديد
في منتصف سبتمبر 2000، وقبل بداية الموسم اليوبيلي الذي استعدت له إدارة مسرح البولشوي ببرنامج ضخم سيغزو دول الشرق والغرب، صدر قرار مفاجئ بإقالة فاسيليف وتعيين المايسترو جينادي راجديستفينسكي مديرا عاما لمسرح البولشوى.
اسم راجديستفينسكي مرتبط ارتباطا تاريخيا بالأوبرا وبمسرح البولشوي على حد سواء. ومنذ عام 1992 يعمل قائدا للأوركسترا السيمفوني الملكي في السويد. وبداية تعاونه مع هذا الأوركسترا تعود إلى عام 1973 حيث استطاع أن يقدم خلال مرحلتي (1973-1977) و(1989-1995) 150 حفلا موسيقيا& وعزف 150 مؤلفا موسيقيا منها 57 لمؤلفين روس. وهو أيضا من المجددين الراديكاليين في مجال الموسيقي الأوبرالية والباليه.
قرر المدير الجديد أن يكون التغيير كاملا وشاملا. وأعلن أن أبرا الافتتاح هي "بوريس جودونوف" برؤية يورى جريجوريفيتش (من مجموعة راجديستفينسكي وأحد المناوئين لفاسيليف)، وهي من ناحية أخرى يمكنها أن تكشف بصدق عن آلام روسيا ومعاناتها في السنوات الأخيرة وتفضح العديد من المشاهد التي لا تستطيع وسائل الإعلام الخوض فيها.
أما أخطر قرارات الإدارة الجديدة كانت استبعاد باليه "ابنة فرعون" نهائيا من برنامج المسرح، واستبعاد العروض التي ستعرض في اليابان ولندن، واستبعاد أحد العروض لمصمم يونانى. قام راجديستفينسكي باستبعاد باليه "القرصان"، ثم عاد ليعلن أن القضية مفتوحة ومن الممكن عرض الباليه ولكن برؤية موسيقية غير التي طرحتها الإدارة القديمة، أي بموسيقى لمؤلف آخر وقائد أوركسترا آخر هو يوري جريجوريفيتش (كما تكهنت الأوساط الثقافية والفنية فى موسكو آنذاك).
الإدارة الجديدة في مسرح البولشوي استبعدت أعمال فاسيليف من برنامجها، ووضعت سياسات جديدة لعروض المسرح في الخارج مثلما فعل بالضبط فاسيليف مع أعمال راجديستفينسكى وجريجوريفيتش. وقام الناقد فاديم جايفسكي بتوجيه انتقادات لاذعة إلى فاسيليف قائلا بأن الأخير حول مسرح البولشوي إلي مسرح للباليه فقط وقلص مساحة العروض الأوبرالية على الرغم من أن مسرح البولشوي هو مسرح للباليه والأوبرا. الانتقاد الثاني هو أن فاسيليف اشترى النقاد والصحفيين وخلال الخمس سنوات التي أدار فيها مسرح البولشوي لم تكتب مقالة نقدية جادة عن أي عرض من العروض واكتفت الصحف بالإشادة و"التطبيل" لعروض فاسيليف.
ما وراء الكواليس
الأسباب المذكور أعلاه كلها أسباب شخصية بالدرجة الأولى. والاتهامات التي وجهها كل من الطرفين وأنصارهما تمثل نصف الحقيقة الموجودة داخل المسرح والمرئية للجميع. ولكن بما أن المسرح يمثل دولة داخل الدولة، وتجري التغييرات فيه بمراسيم رئاسية ووزارية، وتمتلك إدارته وضعا استثنائيا يقارب الحصانة الدبلوماسية داخل الدولة، وبما أن للمسرح كواليس وللسياسة أيضا كواليس، إذا لا يخلو الأمر من تغيير ألوان الطيف الثقافي-الفني-السياسي في مسرح البولشوي. ولعل وسائل الإعلام الروسية لم تأت بجديد حينما أشارت إلى تغيير السياسة الثقافية وتوجهاتها بإقالة فاسيليف وتعيين راجديستفينسكي.
فهل سيظل مسرح البولشوي هو الأكاديمية الفنية العتيدة التي استطاعت بمهارة وحنكة تاريخية وفنية من ممارسة رسالة إنسانية جمعت بين حضارات الشرق والغرب؟ وهل سيحافظ مسرح البولشوي على توجهاته الثقافية الفنية في رسالته التاريخية وخطابه الثقافي-الفكري للشرق والغرب؟ أم أن استبعاده العديد من العروض المبنية على مثيولوجيا شرقية ستكون مؤشرا لانزياحه نحو الغرب؟ في هذه الحالة، هل سيظل البولشوى تلك القلعة الثقافية والفنية التليدة ومصدرا للدخل القومي الروسي، أم سيصبح مثل الكثير من المؤسسات الروسية التي ابتعدت عن المعادلة الصعبة (التي حافظت عليها روسيا لفترات طويلة في التوازن بين الشرق والغرب) وتوهمت بأن الغرب يفتح لها صدره فتخلت عن الحذر، ولا تزال إلى وقتنا هذا تتأرجح في الفراغ الخانق؟!
المايسترو راجديستفينسكي وفريقه لم يصمد إلا عدة أشهر فقط أمام ضربات "الأعداء"، وأمام عداواته هو نفسه لفريق فاسيليف. وخلال العامين الأخيرين جاء فريق ثالث في فترة من أحط فترات مسرح البولشوي. وكانت النتيجة-صفر. إذ لم يتمكن المسرح، الذي أصبحت ميزانيته السنوية من الدولة 40 مليون دولار، من إنتاج عرض واحد جديد، وإنما ظل يكرر الريبورتوارات القديمة السابقة مع بعض "التعديلات والترميمات". وظهرت وجوه "نجوم ونجمات" ما أنزل الله بها من سلطان، وهو ما يعيدنا إلى بداية الموضوع، وحالة الانزلاق الهادئ إلى أسفل. ولعل مشكلة الراقصة "أنستاسيا فولوتشكوفا" أحد تجليات مصائب مسرح البولشوي، إذ قامت جميع وسائل الإعلام الروسية والعالمية بتناول المشكلة على اعتبار أن فولوتشكوفا راقصة من الطراز الأول، وحمل وديع، وضحية& لمجموعة من الموظفين البيروقراطيين، وأن القضاء أصفها وأعادها رغما عن البيروقراطيين إلى المسرح لترقص من جديد. غير أن الموضوع على العكس تماما، إذ أن فولوتشكوفا تم "تنجيمها" على طريقة& فيلم "الأب الروحي" خلال عدة سنوات، وأصبحت موجودة على صفحات الصحف والمجلات، وفي استوديوهات المحطات التلفزيونية أكثر بكثير من وجودها فىي المسرح أو على خشباته، وصدقت "النجمة" نفسها فبدأت ترفض الأدوار التي تسند إليها بحجة أنها أدوار صغيرة ولا تتناسب مع "عبقريتها" و"فتوحاتها" في فن الباليه. علما بأن جالينا أولانوفا على سبيل المثال كانت تلعب نفس هذه الأدوار بصرف النظر عن صغر الدور أو كبره، وكذلك مايا بليسيتسكايا ومكسيموفا وأنانياشفيلي وغيرهن من عظيمات روسيا الحقيقيات في فن الباليه.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف