بين حضارة الشرق والغرب
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&
&
&
ولد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وبعد مولده بخمس وأربعين سنه. مع إطلالة يوم جديد. في غار حراء. كانت انوار الحضارة قد بدأت تشع... وتشرق.
بزغت شمس الحضارة في ارض الاسلام عند العرب مع وهج الرسالة السماوية القاطع لتخاريف وجهالات القرون السابقة. لتنشأ الحضارة العظيمة التي سادت وامتدت وعمت وشملت العالم اجمع لترتقي به، في أخلاقه. في مفاهيمه. في تفكيره وتعاطيه لحقائق الكون فأثرت به ولم تبق ديانة ولا عقيدة بمعزل عن نور السماء الساطع والشمس المشرقة من قلب يثرب. رسالة انتشلت العرب من وئد البنات إلى إكرامهم والعلو بهم والتبشير بمقدمهم والهناءة والسعادة بهم. رفعت من أقدارهم بين مصاف الأمم من رعاة وسفاء أحلام إلى حكماء يتغني العالم بلغتهم فتعرّب الكلمات لتقارب كلماتهم، وتلتوي الالسنه لتحكي منطقهم ولهجتهم، من متنازعين على ابل وشاة وداحسٍ والغبراء إلى معارك لتحرير العباد من رق العباد ونزع القيود من ذل النفوس. وإطلاق العنان لكل أسير، أسره جهله وعميانه عن إبصار عقله والتفكر في الكون..
تحت يد حاكم واحد في وسط العالم في الشام كانت حضارة عريقة كأنما نبتت من عمق التاريخ السحيق وهي في حقيقتها لم تكمل إلا نيفاً ومئه معمّدة بكتاب من الله وهدي من نبيه راسخ لم يخطئه ولم ينصرف عنه من عرفه.
أكثر من عشرين دولة تحت يده. يحكمها فيعدل فيها. وينتشلها هي الأخرى من اوحالها. من عبّاد للجنس والعري كما في ديانات الهنود القدماء. من تدنيسٍ للمرأه وتنجيسها. من تقديس للجهل وإعدام للعقل. من رتع في حضائر الماضي (هذا ما وجدنا عليه آبائنا) إلى السير قدما إلى الصف جنبا لجنب مع اعلى الأمم وأرقاها.
هنا غار حراء.. هنا ابتدأت حضارتنا، وأينعت ثمار مجدنا وكتبنا التاريخ بأيدينا ودمائنا. وإيماننا بهذا الدين العظيم قبل كل شيء.
ومن نفس المكان الذي انطلقنا منه إلى العالم المشوش آنذاك.. من الدين والعقيدة. كان سبب تخلف الغرب في شتى الميادين. عدا ميادين القتال لأنها لا تحتاج إلى أكثر من جشع وطمع والعرب أهل كرم وجود ومروءة. فغلب جشعهم كرم العرب ومروءتهم. وانتصروا في القتال من حيث انتصرنا في إبقاء وميض النور لبقايا حضارة إنسانية مندثرة متصلاً إلى أن شاء رب العالمين هبوط أنواره إلى الأرض لتتم مسيرة النور وتتوهج من جديد رسالة خالدة وأخيرة ما أدعى بعدها دعِيّ إلا كاذب.
كانت أوروبا المسيحية المتشددة، تحرّم باسم الدين كل بزوغ لفكر، أو عقل ينير ظلمات السنون العصيبة. كانت بجبروتها تحارب أي كلمة تعارض نواميسهم الأبدية في الحكم على العالم والتحكم بسيرة... كانت العقول تفكر، والمحابر الكنسية تحرر صكوك حرمان من الرحمة ضدهم!. كان الناس يهيجون، يثورون ورهبانهم وقساوستهم يتوعدونهم بعذاب من الله عظيم!. في خضم زلازل اهتزت له ديار المسيحية في عمقها. التمعت الشرارة الأولى في الثورة. ثم اكتسحت الثورة أديرة الخزي ومتاريس التخلف تحت سلطة وهمية ادعاها رجال الدين من الله.
ابتدأت حضارتهم من ثورتهم على الكنيسة وتمردهم على الدين وتحرر الفكر والجسد من جميع القيود.. كان من نتائجها.. انتشار الإباحية بشكل مخيف بين عموم الطبقات وشيوع الفوضى المركبة.. وقلة من الناس كانت معذبة ومضظهدة في عهد الكنيسة التفتت إلى العلم والبحث.
بين الغرب الذي بدأ من الصفر عند اجتياحه لكل القيم وإلقاءه للدين في مزابل التاريخ.
والعرب الذين بدأو التاريخ بأول عروة وثقى تمسكوا بها... كانو قبلها قبائل متفرقة في بقاع الأرض.
بين هذي وتلك تتمدد مقالات تنادي باقتفاء آثار الغرب واحتذاء حذوهم لأنهم صنّاع الحضارة فبهم نقتدي.. ومن حيث وصلوا... وجب علينا الإكمال!
إن أبواق المنتصر ما تفتأ تنادي بإتباع الغالب. ولا إراديا هم يهتفون له بسبب مشاعر الكبت و القهر والإحباط المتكرر من وطن لم يحقق لهم نجاحاتهم المأمولة. فيصبون جام غضبهم على اعتى سلطة فيه. ليحملوها السبب الأول والرئيس حول الغبار المتراكم على أدمغتهم العربية!
بين حضارة الشرق والغرب مشوار بعيد ومسافة شاسعة وبينٌ مريع. لا يدركه المتعصب لمصالحه الشخصية والمتأمل في الفضاء ينتظر السماء تمطر عليه ذهبا وفضه. حضارتنا في بدايتها اختلفت عنه ولم ينفعنا عبوديتنا لهم أيام الجاهلية. ولم ينفعهم تمسكهم وتعصبهم لدينهم كما كنا متمسكين بديننا تلك الأيام.
إن الغرب مبدأ حضارته في التمرد وهو سائر عليها إن أراد المضي في طريق تمدنه وتطوره.. والشرق مبدأ حضارته في السكينه والعودة إلى نبع اصالته وعروته الوثقى. وإن قرر في يوم ما العودة إليها سيجدها تهلل به.
و سيبقى الشرق شرقاً تشرق عليه الشمس. والغرب غرباً نسمع من عنده آيات الأفول...
كاتب سعودي
M_BAKAHAIL@HOTMAIL.COM
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف