أخبار

نساء على المحك لطمة جديدة تدعى مرسوم رقم 330

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فاديا سعد
&
&
في كل مرة ينتظر فيها السوريون مرسوماً يدلل على أن الحكومة جادة وصادقة في تحسين أوضاع المواطن عموماً يتلقى لطمة قوية ليعترف قائلاً: هذا هو الواقع.
كذلك حصل مع النساء السوريات اللواتي انتظرن طويلاً، وجاهدت الكثيرات منهن لكي توقيع الحكومة السورية على "اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة" ومثل العادة، إذ تمت الموافقة عليها ولكن مع تحفظات في المادة/2/ و/9/الفقرة الثانية و/15/الفقرة الرابعة والمادة/16/البند الأول الفقرات (ج-د-و-ز) والمادة /16/ و/19/ .
إن كل هذه المواد التي تم التحفظ بشأنها تقر علناً بأن المرأة كيان إنساني عاقل قادر على أن يخطط مستقبله بكامل الأهلية التي يتمتع بها الرجل، وبالتالي فإن التحفظ على هذه المواد ووضوح ما جاء فيه من قبل الحكومة السورية في هذا الأمر يعني: أنه أقر علناً& وبتوقيع من رئيس الجمهورية أنه لا يسمح للمرأة أن تكون كيان مؤهل إنسانياً، وإقراراً مرسومياً بالظلم، وما كانت النساء وممثلاتهن من الناشطات في الحركة النسائية تراه بصيص أمل يمنحها فرصة للتقليل من معوقاتها وفرصة لتحسين أداءها في المجتمع ،أتى ليخيب ظنها في حسن النوايا, ورغم أن البعض يرى أن هذه الاتفاقية منفصلة عن قانون الأحوال الشخصية إلا أنني أرى أن هناك نافذة بين الاثنين يطل أحدهما على الآخر، فالجرأة المطلوبة للتوقيع على اتفاقية بهذه الأهمية وبكافة بنودها، تشير إلى القدرة على التغيير الفعلي لقانون الأحوال الشخصية.
كذلك فإن التوقيع على الاتفاقية الدولية بهذه الطريقة وقد أصبح مرسوماً من رئيس الجمهورية فإن الحكومة تمنح دعماً غير معلن لقانون الأحوال الشخصية "سيئ الصيت"، في تثبت أقدامه على الأرض، ولتعطيه هذه الموافقة المجتزأة أيد إضافية لتطبيق الحيف بصورة شرعية وقانونية. وما رفع سن حضانة الأطفال الأخير دون أن يدعم ببنود لصالح المرأة كحاضنة مسؤولة سوى مثال على عدم القدرة بمس قوانين صارت أشبه بمقدسات.
في ضوء هذه الخيبة دعت الناشطات في مجال حقوق المرأة لندوة إقليمية خلال يومي 1 و2 كانون الثاني من هذا العام 2003& بعنوان "المرأة والمجتمع". تتناول فيها شؤون وأوضاع المرأة السورية على ضوء الاتفاقية وبعض التجارب الأخرى في البلدان العربية كاليمن والاردن والمغرب.
&تكتسب جلسات أعمال المؤتمر أهميتها من أمرين اثنين لهما ذات الشأن:أنه يشكل حاضنة لهمٍّ مشترك بين النساء من موقع مستقل عن مؤسسات السلطة الرسمية, وهذا بحد ذاته له وقع خاص. فالاتحاد النسائي الرسمي تحول إلى مؤسسة مستهلكة في مفاهيمها وأدائها، وقد نفضنا أيدينا منها منذ زمن، وهنا تخطرني تلك الزيارة التي قمت بها وبعض النساء المهتمات والناشطات إلى مبنى الاتحاد النسائي طالبات المساعدة في إيجاد أقنية للنشر في الجرائد الرسمية بخصوص الاتفاقية التي لم تكن الحكومة قد وقعتها بعد.
كان من الطبيعي ألا ننتظر أن يتم استقبالنا من قبل رئيسة الاتحاد السيدة "بكور"وإنما اجتمعت بنا بعض العاملات ذوات المناصب الأقل منها، وكان الاتفاق معهن أن نلتقي بصحفيات يسهلن لنا عملنا في مجال النشر. بعد أن عرضنا ما في جعبتنا من مقالات، والتي تم إعدادها باهتمام، قالت إحداهن وكانت صحفية " هذا الأمر ليس من اختصاصي.صحيح أنني مسؤولة عن الصفحة التي تنشر مثل هذه المواد لكن ليس من صلاحياتي نشر ها، غير أني سأحاول أن أتحدث إلى رئيس التحرير"، ثم تولت مسؤولة اللقاء الحديث بهذه الطريقة "إن الأمر صعب.. لكنني سأتحدث مع السيدة بكور، التي ستنقل رغبتكن إلى زوجة العميد "كذا"! الذي سينقل رغبتكن بالنشر إلى رئيس التحرير في جريدة الثورة!.. تفضلن الآن باحتساء القهوة.." شربنا القهوة، وتبادلنا المجاملات وبعض الأحاديث ذات الصلة بالاتفاقية قائلة: العنف ضد المرأة في بلدنا ليس ظاهرة وإنما حالات فردية!.
كان من الطبيعي أكثر من هذا اللقاء العجيب مع الاتحاد النسائي ألا تنشر مواد تخص مسألة بهذه الأهمية أي "اتفاقية"..
فماذا عن ممثلاتنا في مواقعهن غير الرسمية، في جلسات المؤتمر برز بوضوح المستوى المعرفي العالي الذي تمتعت به السيدة فريدة بناني أستاذة القانون والفقه في جامعة مراكش-والسيدة رؤوفة رئيسة مؤسسة تخطيط برامج التنمية الثقافية أستاذة الإعلام الاجتماعي في جامعة صنعاء- حيث طرحتا المشكلة القانونية جامعة الشمل من موقع الاختصاص والخبرة وامتلاك المعرفة الضرورية مما حمل المحاضرات: " الوضوح، والشفافية" وقد استدعى مستوى المحاضرات هذه، سؤال ضرورياً: لما لم تكن محاضرة ممثلتنا السورية على ذات الوضوح والشفافية؟ إذ ليس المطلوب عرض بنود الاتفاقية وشرح المواد التي تم التحفظ بشأنها بل أكثر من ذلك: "ليس المطلوب توصيفاً فحسب، لكن أيضاً ضمن رؤية معوقات الفعل"، وهذا ما يطرح مسألة الجرأة التي أشرنا إليها سابقاً والخروج من دائرة الخوف التي وُضعنا فيها منذ زمن وصارت ذاتية.
دعمت هذه المحاضرات القانونية بأخرى لها علاقة بالدين من قبل المحاضرين "الأرشمندريت أنطون مصلح-نائب قضائي، رئيس المحكمة البدائية في دمشق- و د. عبد الرزاق المؤنس&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& -معاون وزير الأوقاف، مفتي دمشق- حاولا كما هي العادة، بالهروب إلى الرؤية الروحانية للدين تجاه المرأة والرجال، مع اعتراف طفيف بفصل بعض القوانين الحقوقية عن الدين، و
هنا يجب الإشارة إلى أن& هذا إنجاز فكري حققه بعض رجال الدين المتنورين، وبالتالي يجب تقديره وتوظيفه لصالح قضية المرأة، إلا أن ما حصل في مداخلات بعض السيدات لم يشر إلى أنهن يدركن أهمية وجود بعض رجال الدين إلى جانبهن، وبدون وكأنهن يحملن عداء مسبقاً واستفزازياً،له علاقة بإرث، أقل ما يقال فيه: أنه ذات صلة بعلاقة هذه الوجوه النسائية بالأحزاب السياسية. مما أعطى المداخلات طابعاً انفعاليا لا يخدم معركتها، خارج جلسات الندوة.
لقد تجلت هذه الملاحظة في مقدمة المحاضرة التي ألقتها المحللة النفسية "أ.رفاه ناشد" حيث أكدت على وجود عنف مبطن يمارس على المرأة، من خلال بعض الحالات السريرية، فوفقت في بعض الأمثلة، وأخفقت في أخرى..
إذا ما كان هذا هو النوع فيمكن الحديث أيضاً عن الحضور من حيث الكم، فلو أحصينا نسبة& النساء اللواتي تواجدن في القاعة إلى النسبة الموجودة في دمشق لكانت النتيجة مثيرة للتساؤل والاستغراب، رغم الإعلان المبكر عن هذه الندوة، إذ أن أغلبية المقاعد بقيت فارغة على الرغم أن هذه القاعة لم تكن بتلك الضخامة، ولو أحصينا نسبة الذكور المهتمين بالشأن العام وبقضايا المرأة إلى نسبة تواجدهم في الأحزاب لوجدنا أن الأمر يطرح قضية حساسة وعميقة لها علاقة بالإيمان بقضية المساواة.
بكل حال فالنتيجة النهائية تدلل على أزمة تخص حضور وتواجد الحركات المستقلة& في الأوساط الواسعة للناس، ويعود أحد أهم أسباب هذا الفراغ إلى: سحب الثقة بالدرجة الأولى
فبطريقة مشابهة للاتحاد النسائي عوملت المرأة السورية من قبل ممثلاتها في الحركات غير الرسمية وقد أدركت المرأة في العمق بأنها عديمة الأهمية، إلا في اللحظة التي يتم الطلب عليها لتعبأ فراغ المقاعد في الاحتفالات الرسمية، لذلك قامت برد فعل، اعتاد عليه المهملون من قبل المؤسسات لتعلن عن موقفها في مثل هذه المؤتمرات: الإهمال وإدارة الظهر بحيث وصلت رسالة من نوع "أن السير الحسن في كل مسار يقوم على عاتقنا"
&لقد بادلت المرأة من الأوساط المتعلمة والمثقفة ممثلاتها داخل الحركات النسائية بالشكوك في القدرة على أن يكن حاملات بعضهن في قضية تمسهن جميعاً، وبالتالي إهمال مشترك، وقد توضح الخذلان هذا مع الوجه الرسمي من جهة، ومع من اعتبرتهن إلى جانبها من جهة أخرى.
إن الجدية في العمل يتطلب: تنظيم نسائي مستقل عن أزمات الأحزاب وتشوهاتها، فالحركة النسائية في مواجهة جدية، وغير متكافئة مع من ستضرر مصالحهم، والذين يشكلون تيار في السلطة يدلي بثقله، ومن مصلحته ألا تتغير القوانين. وألا يسير الموكب الاجتماعي للأفضل، وبالتالي فالاعتماد على وجوه في الحكم عندها النية الصادقة بالتغيير لا يكفي،بل يجب البحث عن حاملاً حقيقياً -يتجلى في جذب أكبر شريحة من النساء المتعلمات- قادر على أن يشكل ضغطاً،على الحكومة السورية قبل أن التوقيع على الاتفاقية ويتطلبه الآن من أجل متابعة العمل على تغيير قانون " سيئ الصيت"، وبدون هذا الحامل الحقيقي لا يمكن التصدي لأخطبوط الأعراف وبدون هذا الحامل الحقيقي يبقى عمل النساء له طابع نخبوي لا ينفع ولا يجدي إلى التغيير سبيلا..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف