جزائر الموسيقى: مرآة الروح تكريم في باريس لرحلة "النوبة" الموسيقية العربية من الاندلس الي شمال افريقية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&رحلة"النوبة" الاندلسية
وقد كان هذا التكريم للتراث الموسيقي الجزائري في المعهد، بمثابة استكشاف للمصادر الاساسية لموسيقات الجزائر، و" بانوراما" لرحلة الموسيقي العربية في بلاد المغرب، تمتد من عام 1492 والي فترة مابعد استقلال الجزائر عام 1962، وهي الرحلة التي بدأت بخروج العرب من الاندلس عام 1492، وكانوا حملوا معهم في جعبتهم، عندما حطوا في بلاد المغرب ولجأوا اليها، بعض تقاليد الغناء الشفهي في الاندلس، وبعض الحان " النوبة "-الوصلة الغنائية- التي امتزجت واثرت بالموسيقي المحلية الجزائرية ومن هذا الخليط ولدت الموسيقي الجزائرية، لكن ماهي " النوبة" الجزائرية؟
" النوبة " الجزائرية لاتختلف عن " الوصلة" الغنائية المصرية، التي تتكون من عزف جماعي لمجموعة من الالات الموسيقية، ثم تقاسيم علي الآلات العربية التقليدية( العود والقانون والناي )، ثم غناء الليالي والموال واحيانا غناء احد الموشحات، ثم تختتم " الوصلة" بالدور الغنائي المصري، مع مراعاة ان جميع أجزاء الوصلة، يجب ان تكون من " مقام " واحد، ونفس هذا التقليد الادائي في " الوصلة " المصرية يراعي في" النوبة الاندلسية" التي تحمل الملامح الموروثة من حضارة العرب في الاندلس والتي استقرت في شمال افريقيا، وبخاصة في الجزائر والمغرب وتونس ..
وعلي الرغم من وجود اختلاف ايضا في مكونات النوبة في هذه البلاد، فانه غالبا ماتتكون النوبة الاندلسية من خمس الي تسع اجزاء من الصيغ الغنائية الفرعية (الاستفتاح، والمصدر، والابيات، والبطايحي، والتوشية، والبراول، والدرج، والانصراف، والملخص او الختم وهو غناء سريع تختتم به النوبة الاندلسية)، وبطبيعة الحال، فان أي نوبة مهما تعددت اجزاؤها، فانه يلزم ان تكون من مقام واحد، والمقامات العربية تكاد تكون واحدة في جميع البلاد العربية، الا ان الاختلاف يحدث في الاسماء فقط، فمثلا كلمة " مقام " في مصر، ترادف كلمة" طبع" في تونس، وثمة حاجة الي توحيد أسماء المقامات والايقاعات والانغام في الموسيقي العربية، باعتبارها" لغة واحدة"، لايجدر ان يحدث بها هذا الاختلاف في الشكل دون المضمون..
من " النوبة الاندلسية"، التي تزاوجت مع الموسيقي الجزائرية المحلية، وصار يطلق عليها ال" مولوف" في عنابة وقسطنطينة، و ال" غرناطي" في تلمسان، وال" صنعة" في العاصمة الجزائر" بدأت رحلة الموسيقي الجزائرية، وبمبادرة من فرانشيسكو سلفادور دانيال مؤسس " كونسرفتوار الجزائر" اقيم اول حفل للموسيقي الجزائرية عام 1865، وكانت باريس التي صارت عاصمة لموسيقي العالم والشعوب بقاعاتها وكباريهاتها، مثل كباريه " القصبة" وكباريه " بغداد" وغيرها، وبخاصة بعد استقلال الجزائرعام 1962، ساهمت في تكوين ارضية التقاء بين المغنيين من المهاجرين الجزائريين في العاصمة، وبين القادمين اليها للعمل وكسب الرزق، اثمرت في استحداث اشكال غنائية جديدة منفتحة علي التراث الموسيقي الغنائي الفرنسي الغربي، ومعبرة عن حياة المهاجرين وظروف غربتهم بعيدا عن الوطن، ومن رحم اللون الشعبي الذي استحدثه الحاج محمد العنقا في الموسيقي الجزائرية، واغنياته الشهيرة مثل اغنية " الحمام اللي ربيته مشي علي" بصوته الجميل العميق، وتذكرك بألحان الشيخ زكريا أحمد العظيم(وربما كانت صورته الحاج محمد العنقا، التي تتصدر ملصق التظاهرة وتذكرك بصورة المغني" الشيخ امام" من مصر، نوعا من التحية من قبل منظمي التظاهرة لحضوره المؤثرالفاعل) تطورت فنون الغناء الجزائري، وتعددت ان في العاصمة والاقاليم وجبال الاوراس، وصولا الي اغنية "الراي" بأصوات "خالد" و"الشاب مامي"، التي كسبت شعبية واسعة لها في فرنسا، وسافرت الي العالم..
وظهرت اصوات غنائية جزائرية، فرضت حضورها في الساحة، مثل صوت المغنية الشابة " سعاد ماسي"، وكانت الاغنية الجزائرية معبرة في كل فترة، عن الواقع الاجتماعي والمناخ السياسي الذي تعيشه البلاد،ومازالت الموسيقي الجزائرية، التي كشفت لنا تلك التظاهرة المهمةعن تراثها، بألوانه وأنواعه وتعدديته، وباعمال التجديد المتواصلة داخلها، ان لشدها اكثر الي التقاليد والاصول، وان لفتحها أرحب علي مبتكرات الحداثة والحساسية الموسيقية الجديدة، مازالت هذه الموسيقي " مرآة" لروح الجزائر الاصيلة وحسها الشعبي العميق، و"الوتد" الذي يشد اليه الجزائريين جميعا علي اختلاف انتماءاتهم، وتحية الي المعهد علي تلك التظاهرة، التي نأمل ان يطبع كل حفلاتها الموسيقية في اسرع وقت علي شريط، فتكون بمثابة "هدية" الي جمهوره، في موسم الاعياد واحتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف