أخبار

أزمة المرجعية الدينية أم غياب المرجعيات الفاعلةكشف المستور عن خفايا وأسباب الصراع الفكري الجاري على الساحة الخليجية عقب وفاة الميرزا الحائري

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف"&من الدمام: تصاعدت وتيرة الحوار الديني في منطقة الخليج العربي مؤخرا عقب وفاة المرجع الديني الميرزا عبد الرسول الحائري نزيل الكويت في بداية الشهر الجاري . وامتد النقاش حول شروط وأهلية المرجع الجديد في ظل الفراغ الذي سببته وفاة الحائري .&وزاد من وتيرة النقاش الذي شمل معظم الشرائح الاجتماعية وجود المواقع و المنتديات الإلكترونية التي يتصفحها ويشارك فيها الآلاف من الشباب الخليجيين في الآونة الأخيرة . بعدما كانت الحوارات مقتصرة في السابق على المجالس التقليدية و الجلسات الاجتماعية و الحوزات العلمية .
لذلك فقد امتد النقاش الساخن من مدينة النجف العراقية مرورا بدولة الكويت و انتهاء بالعديد من مدن المنطقة الشرقية با السعودية حيث يتواجد بكثافة مقلدين ثلاثة من مراجع الشيعة الكبار السيد علي السستاني الموجود في العراق , والسيد صادق الشيرازي المتواجد في العراق أيضا , و الميرزا الحائري المقيم في الكويت .
&إلا أن ذلك النقاش ليس جديدا في الأوساط الشيعية , والذي يحدث عادة بعد وفاة أحد مراجع الشيعية الكبار , لولا وجود الإنترنت وقيام أحد أئمة المساجد با الدمام بتناول موضوع التقليد على المنبر في يوم الجمعة , ونسب إليه المصلين اتهامه لمقلدي الحائري الراحل (بأنهم أشبه بعبدة البقر ) . الأمر الذي أدى لتفجر الصراع الفكري بشكل دراماتيكي بين مختلف الأجنحة الشيعية الثلاثة في منطقة الخليج العربي .
&
&
&
&
&

&وبعد بضعة أيام من خطبة الجمعة تلك تجرأ أحد طلبة العلوم الدينية على المرجع الحائري الراحل في مدينة المبرز , الأمر الذي أدى إلى استنكار واسع من معظم الشرائح الاجتماعية وتطور الموقف لا حقا بشكل سريع باندفاع الحشود المتواجدة للنيل من هذا الخطيب . مما استدعى حضور وحدات من شرطة مكافحة الشغب لتفريق الحشود الغاضبة .
&
&وفي ظل الجدل الساخن وفي ظل الحملة الانتخابية الجديدة والتي مازالت مشتعلة حتى الآن . والتي يسعى فيها كل طرف من المقلدين لاكتساب أعدادا اكبر من الناس لمقلده علينا بقراءة سريعة وموضوعية للمرجعيات الدينية الثلاث الأكثر رواجا في المنطقة .
&مرجعية السيد علي السستاني زعيم الحوزة العلمية في النجف , وتتمتع بأنها الأوسع انتشارا في العراق ودول الخليج العربي . مستمدة قوتها من مكانة النجف الدينية في الأوساط الشيعية , وهي مرجعية وريثة للسيد الخوئي زعيم الحوزة العلمية السابق . وتأخذ بشرط الأعلمية عند تقليد المجتهد الجامع للشرائط .
&ومرجعية السيد صادق الشيرازي الذي خلف اخوة السيد محمد الحسيني الشيرازي عقب وفاته .وتستمد قوتها بفاعليتها على الساحة , والدعوة إلى الانفتاح على القضايا الإسلامية المعاصرة بكل جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية والتقنية . و استطاع هذا الاتجاه الذي أسسه السيد الشيرازي الراحل منذ الستينات أن يكسب الكثير من الشباب الشيعي لملامسته قضاياهم . و القدرة على التخاطب معهم . كل ذلك ضمن الإطار الفكري الإسلامي الشيعي . ومع تعدد مرجعيات هذه المدرسة مثل مرجعية السيد المدرسي ومرجعية السيد القز ويني فمن المرجح إنها ستكون من أقوى المرجعيات الخليجية فاعلية , و أوسعها انتشارا في العقد القادم .

&أما مرجعية الميرزا عبد الرسول الحائري فتستمد قوتها من اتكائها على النهج العقائدي للشيخ احمد بن زين الدين الأحسائي أحد ابرز العلماء و الفلاسفة في القرن الثالث عشر الهجري ,لذلك فيتبعها العديد من المقلدين منذ قرنين من الزمن تقريبا . واستفادت مرجعية الحائري من الانفتاح الاجتماعي بالكويت ومن قربها المكاني لتهيمن على قطاعات واسعة من المقلدين في مدن الخليج العربية . في ظل تسامح كبير صبغ هذا المرجعية منذ بداياتها الأولى . كما إن إسهاماتها في العمل الاجتماعي في العديد من المدن الإسلامية غير العربية اكسبها العديد من المقلدين في تلك المدن .
&
&ويبقى شرط الأعلمية الواجب توفره في الفقيه المجتهد الجامع للشرائط هو المتهم الأول في تصاعد الجدل و الخلاف الشيعي الشيعي عند تحديد المرجع الديني . فقد عاشت الحوزات و الأوساط الشيعية ثلاثة عشر قرنا من الزمن لا تعير شرط الأعلمية أهمية تذكر . ويتقدم شرط العدالة على بقية الشروط الأخرى . بل ان الفقهاء لم يتناولوا شرط الأعلمية بمفهومه المطلق إلا في زمن الشيخ الأنصاري المتوفى عام 1281 هجري .
&ومن هذا المدخل لتحديد من هو الأعلم احتدم النقاش . فكل من أنصار و اتباع المقلدين الثلاثة يرى إن مرجعهم هو الأعلم . ورغم هذا الجدل الساخن والصدام العنيف بين العامة يؤكد الباحثون إن شرط الأعلمية ( أفقه الفقهاء ) ليس له أصل ولا دليل يدعمه لا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية ولا في الروايات المروية عن آل البيت ولا دليل عقلي بوجوبه ولا سيرة العقلاء تدعمه . بل إن كل تلك الأدلة قابله للنقاش والنقض .

&ويتسع الجدل في بعض المدارس الحوزوية ليشمل أسئلة أخرى هامة عن من يحدد ويعين الفقيه الأعلم ؟ هل هم ذوي الخبرة أم المراجع قبل وفاتهم ؟ ومن يحدد أهل الخبرة ؟ وهل تحديد أهل الخبرة ملزما أم غير ملزم ؟ وهل هو خاص ببلد محدد أم هو لكل البلاد الإسلامية ؟ وهل أن شرط الأعلمية واجب على التعيين أم انه شرط تفضيلي ؟ وهل واجب التعيين مطلقا أم في المسائل الخلافية فقط ؟
يبدو أن هذه الأسئلة غير محسومة في الفكر الشيعي . وان نظرية الأعلمية التي لا يأخذ بها أصلا بعض مراجع الشيعة الكبار , لم تأخذ مكانها بعد على المستوى التطبيقي على ارض الواقع مع تعدد المرجعية الشيعية منذ القرن الأول وحتى اليوم في كل البلدان الإسلامية . وان التعددية هي الأصل .

وليس من المتوقع أن تخف حدة النقاش و الصدامات في المدن الخليجية بعد وفاة الميرزا الحائري
فعقب وفاته تقدم العلماء و المشائخ و اندفعت الحشود للميرزا عبد الله الحائري طالبة منه التصدي لموقع المرجعية الدينية عقب رحيل والده إلا انه لم يجبهم حتى الآن على ذلك . و يعتقد هؤلاء أن الميرزا عبد الله هو الأعلم في التوحيد و العقائد , وهو الأعلم بمقامات آل البيت وهو الفقيه الأعدل و الأورع من بين الفقهاء .
&
&ويجادل مقلدي السيد السستاني بأن الميرزا عبد الله الحائري غير مجتهد , وان ثبت اجتهاده فأنه ليس الأعلم من بين الفقهاء الشيعة . ويرد عليهم أنصار الحائري بأن بيان جماعة المدرسين في مدينة قم بعد رحيل المرجع الآراكي و الذي رشح سبعة من المراجع الشيعة الكبار باعتبارهم الأعلم لم يشر إلى السيد السستاني مطلقا .
&
&ويرد أنصار السيد السستاني بأن البيان المذكور خاص بإيران وليس شاملا علماء العراق . ويجيب أنصار الحائري أن التسليم بأن لكل بلد أعلميه هو دليل على إن مفهوم الأعلمية ليس مفهوما مطلقا كما يتصور البعض وهذا هو المطلوب إثباته .

&وتتطلع شيعة الخليج بترقب شديد في الأيام المقبلة للكويت منتظرة قبول الميرزا عبد الله الحائري لمنصب المرجعية عند إلحاح علماء الأحساء و الدمام وسيهات و الكويت وتبريز وغيرها من علماء المدن الإسلامية بهذا المنصب حيث ستتجدد دورة النقاش الساخن عند شيعة الخليج . وهناك العديد من التحديات التي تواجه المرجع الحائري الجديد الذي لم يكمل عقده الخمسيني من العمر بعد . إلا انه من المنتظر أن تكون مرجعيته المرجعية الناشطة كما لقبها البعض . القادرة على الدخول لعالم المرجعية وتجديد آليات عملها على الصعيد الاجتماعي ,والإسهام في إثراء الفكر الشيعي بعطائها العلمي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف