الحكيم ينتقم من عبد الكريم قاسم.. ونساء العراق يدفعن الثمن
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
&
يبدو أن لكلّ واحد من أعضاء مجلس الحكم أجندته الخاصة في الانتقام، فهذا يريد أن (يجتثّ) البعث وهو لم يثبت لنا حتى الآن اختلافاً كبيراً عنه في الممارسة السياسية، وذاك يريد أن ينتقم من الريفيين البسطاء الذين غرر بهم النظام الفاشي ومنحهم بيوتاً في كركوك ضمن مخططاته العنصرية، وآخرون يختصرون مشاكل العراق في مشكلة (المعادلة الطائفية المختلة) فينتقمون من الطرف الذي كان مستفيداً منها وهكذا، لكلٍّ أعداؤه التاريخيون وكلٌّ يسابق الزمن ليأخذ بثأره قبل أن تنتهي مرحلة (المجلس).
وإذا كانت الانتقامات سالفة الذكر متوقعة إلى حدٍّ ما، فإن أحداً منا لم يدرْ في باله أن الانتقامات ستمتدّ لتشمل المرحوم عبد الكريم قاسم، فعهده صار تراثاً في ذمة التاريخ، وما حصل بعده من نوائب ومصائب لا بدّ أن تشغل أعداءه عن التفكير بالثأر منه. يبدو أننا واهمون، فالثأر يبقى ثأراً في ثقافة داحس والغبراء.
الرغبة بالثأر وحدها ما يفسـّر الطريقة الغامضة والتآمرية التي تمكن عبد العزيز الحكيم من خلالها من إصدار قرارٍ من مجلس الحكم يلغي بجرة قلم كلّ الحقوق التي كانت المرأة العراقية تتمتع بها (وهي حقوق ناقصة أساساً، وغالباً لا يتمّ تطبيقها بشكل صحيح). فللحكيم ثأر قديم مع الرجل الذي أصدر قانون الأحوال المدنية العراقية، ثأرٌ يتعلق أساساً بهذا القانون، فنحن نعرف أن قانون الأحوال المدنية كان تحدياً للسلطة الدينية التقليدية التي يمثل آل الحكيم أهم رموزها، رغم أن قاسم لم يكن راغباً بتحديها، بل كان يكنّ لها الاحترام الحقيقي، لكن احترامه لمبادئه التقدمية كان هو الأكبر. وما إن تولى عبد العزيز الحكيم رئاسة مجلس الحكم الدورية حتى سارع إلى ردّ الاعتبار لعائلته وما تمثله من سلطة بإلغائه ذلك القانون وإبداله بسلطة الفقهاء الظلاميين.
قرارات مجلس الحكم عموماً أتخذت بطريقة متعجلة وعديمة الشفافية، لكن هذا القرار هو المثال الأوضح لذلك، حتى أننا يمكن أن نقول عنه إنه (أمرٌ دُبـّر بليل). فلم تسبقه أية مناقشات على الإطلاق، وجاء مفاجئاً جداً، خاصة وأن هذا الأمر ليس من الأولويات الملحة التي تـُفضل معالجتها بسرعة وحزم. فلا أعتقد أن عراقياً واحداً يرى من أولوياته الأساسية في هذه المرحلة إعادة النظر في قوانين الأحول الشخصية. فما الذي دفع الحكيم إلى هذه الخطوة؟ بالتأكيد أن هذه الخطوة تصب في مصلحة الحكيم وتعزز من موقعه لدى التيارات الدينية والعشائرية، وهي التيارات الأقوى حالياً في العراق، لكني لا أجد هذا الأمر كافياً لتفسير الطريقة العجول التي اتخذ بها القرار. أعتقد أن الدافع الأساسي هو العقدة النفسية تجاه المرحوم عبد الكريم قاسم ومشاعر الضغينة والرغبة بالثأر من رجل تجرأ للمرة الأولى في تاريخ العراق على منازعة السلطة الدينية التقليدية في المساحة التي اعتبرتها دائماً مساحتها الخاصة: المرأة وحقوقها، والعائلة وسبل حمايتها.
إذا كان لرجال العهد الجديد في أفغانستان أن يفخروا بشيء فلهم أن يفخروا بما حققوه للمرأة الأفغانية من إنهاء لقوانين الكهوف الطالبانية، وإذا كان على رجال العهد الجديد في العراق أن يخجلوا من شيء، فليخجلوا من سلبهم المرأة العراقية ما كان لها من حقوق في العهد السابق ليعيدوها إلى الكهوف.
التعجل في إصدار القرار كانت نتيجته أن رأينا مشهداً عجيباً يصعب تصور حدوثه في بلد آخر: وزيرة تقود تظاهرة احتجاج على الحكومة.. وهي نتيجة غير مفرحة بالتأكيد لصاحب القرار، لكنها مفرحة لنا، نحن الذين نراهن على شجاعة قوى التنوير في مواجهة الظلام، حتى لو كانت قوى التنوير هذه جزءاً من اللوحة المظلمة
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف