طرح السؤال يعنى أن المريض يبحث عن إجابة: د. سيد القمني: عروبة مصر "عبودية لاحتلال طال أمده أكثر مما ينبغى"
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وذلك سيبدو غريبا للكثيرين، وغالبية المصريون سيعتبرون هذه الدعوة نوع من الجنون أو الكفر فقد ارتبطت عقيدة الإسلام بالانتماء العربى. أفكار هذا الحزب ليست بالجديدة لكنها عادت هذه الأيام مثيرة جدل صاخب: نحن لسنا عربا بل مصريون، الفتح العربى لمصر لم يكن سوى احتلال، ارتباط مصر بالعرب أدى لتراجعها ونسيانها لقيمها الحضارية. هكذا، يرى المؤيدون لهذه الدعوة أن مصر ضحت بكل تاريخها وخضعت لأفكار محتل سلبها شخصيتها المتفردة.
تستحق هذه الرؤى التعرف عليها ومناقشتها والرد عليها بما يغنى القضية الأساسية وهى الهوية الضائعة لكل بلد عربى، تلك التى شوهتها الرغبات الفردية فى إقامة وحدة شكلية تتناسى ما لكل شعب من خصائص وطرق حياة لن يقبلها غيره بالضرورة.
بدأ القمنى بالتأكيد على أن طرح سؤال الهوية بهذه الحدة والتكرار ليس قاصرا على مصر بل هو كان مطروحا حتى فى أعتى النظم ادعاءا للعروبة فكان مطروحا فى زمن وجود صدام حسين ومعظم الرؤى وقتها كانت تتحدث عن قطرية العراق، البابلية، الآكادية، السومرية، الآشورية، إلخ.
وقال أنه يعتقد بأن: طرح هذا السؤال الآن يدل على سلامة صحية قد أصابتنا بعد طول مرض وعلى أن المريض يرغب فى العثور على إجابة شافية، اعترافا منا ولو ضمنيا بالهزيمة الحضارية التى نعانى منها حتى النخاع، اعترافا منا بهزيمة لم يسبق لنا فى التاريخ أن عايناها.
تخلف علمى فادح، غياب للحريات، غياب للمنهج العلمى، غياب لحقوق الإنسان، غياب من أى دور على خريطة العالم.
فيبدو أن طرح السؤال الآن قد جاء قبل غيابنا من الوجود خاصة عندما اكتشفنا بعد كثير من التراجعات والهزائم أننا لسنا أمة واحدة بل شعوب مختلفة بدليل أن الحدود التى قيل لنا أنها مصطنعة قد تقاتلنا عليها دولة عربية أمام دولة عربية أخرى بل اكتشفنا أن تلك الحدود حدود مقدسة، وأنه كان زمن العروبة التنكر للقطر والوطن، كما تنكرنا لمصر فأسقطنا اسمها وقلنا الجمهورية العربية المتحدة وطلينا علمها وتبرأنا من تاريخها فكان الثمن ما وصلت إليه أحوالنا.
قال القمنى إنه -ولكى يكون شفافا- فعندما تكون لمصر مصالح مع أى دولة عربية أو غير عربية فلابد من مراعاتها.
& إنما و على مستوى التحديد الدقيق للمفاهيم: أسأل نفسى ولا أحمل عداءا مبدئيا لأحد، عندما أقول مصر هل هى عربية أم مصرية فلابد أن يسبق السؤال أولا ما هى العروبة، هل هىالوطنية، هل هى القومية، هل هى الأمة، أم هى الأمة، أم للأمة مفهوم آخر وتعريف علمى آخر..هل هى حركة أم هى مشروع سياسى فكرى، هل هى مفهوم ايديولوجى عقائدى فحسب؟ هل المقصود بالعروبة اللغة العربية أم المقصود بها الدين الإسلامى، هل المقصود بها الثقافة؟
ومضى القمنى يقول:لو قلت أن هوية مصر عربية فمعنى ذلك أنى ألقى بتاريخ مصر ما قبل الغزو العربى ومجئ جيوش عمرو بن العاص إلى العريش فى المجهول.
لو قلنا أن هوية مصر عربية ألغيت كل ما سبق الاحتلال العربىلها من ثقافة.
ما أريد أن أوضحه وأؤكد عليه أن العربية جزء من ثقافة مصر وليست هى كل الثقافة المصرية وأنها عندما تستبعد ثقافات مصر السابقة وتلغيها ونؤيد ذلك نكون قد قمنا بالتفكير بطريقة الغازى المستوطن الذى يريد أن يلغى من تاريخ الوطن الذى احتله واستوطنه كل ما كان فى تاريخ هذا الوطن من ثقافات وتاريخ قبل دخوله إليه، هذه عقلية الغازى المستوطن.
&لكن عندما أقول أن ثقافة مصر مصرية فهى تعنى كل ما تضفر فى هذا التاريخ من ثقافات: ثقافة مصر القديمة، الثقافة اليونانية وإن كانت جزء يسير، الثقافة الرومانية، ثقافة الزمن القبطى الذى ألقينا به فى المجهول فلا يعلم طلابنا فى المدارس عنه شيئا حتى الآن، 1300 سنة رميناهم لا تعلم لماذا مع أنه تاريخ مصرى، كان هذا تاريخا للمصريين وليس لقوم من المريخ.
&لو قلت أن هوية مصر مصرية فهذا يعنى ثقافة وأيضا مواطنة لأن الثقافة ليست شيئا مجردا عقليا هلاميا، الثقافة ترتبط بالجغرافيا، بالأرض، الثقافة ترتبط بالإنسان الذى أنتجها فى جسده وعلاقته ببيئته وطبيعته وما تماس به من ثقافات محيطة به، الثقافة ليست مجردا ذهنيا وعلاقتها ليست بالعرق فليس هناك ما يمكن أن أقول عنه ثقافة عربية لأن لها علاقة لها بالعنصر العربى، حتى القرآن نفسه دخلته ألفاظ أعجمية كثيرة جدا وتجادل مع المحيط ومع الحضارات السابقة وقال رأيه فيها وأخذ وتعاطى معها وهو ما يعنى أنى عندما أقول أن مصر مصرية فإن كل هذه الثقافات تندمج معا وتتضفر مع الأرض ومع الإنسان ومع التاريخ ومع مفهوم المواطنة ومفهوم الوطن وما أفرزه من ثقافات أو أفكار أو إبداعات الخ.
&وأوضح القمنى أن اللغة ليست أيضا محددا للهوية: النمسا وهى بلد مستقل تتحدث الألمانية ولا تقول أنا ألمانية، وسويسرا تتحدث أربع لغات، كندا تتحدث لغتين، أمريكا اللاتينية تتحدث البرتغالية والأسبانية ولا تقول أنا أسبانية ولا أنا برتغالية، الأمريكان أنجلو ساكسون عملوا ثورتهم واستقلوا ويتحدثون الإنجليزية ولا يقولون نحن إنجليز.
الحالة الوحيدة فى التاريخ يا سادة التى يحتفل فيها شعب بذكر احتلاله بكل تمجيد واحترام هى حالتنا نحن لأنه إذا كان قد جاء لينشر الإسلام ودعوته ونشرها فلماذا استمر باقيا هنا، ونعيب على الآخرين احتلالهم الاستيطانى للأرض وإن فعلت عار عليك عظيم.
من قال أن مصر كانت تبحث عن هوية حتى نبحث عن هوية عربية ؟كانت لها هويتها وكانت لها حضارتها وتاريخها المشرف العظيم.
&من قال أننا كنا فى حاجة إلى هوية حتى يعطيها لنا الاحتلال العربى؟ هل يقبل العربى مثلا أن يكون هنديا؟! بعد الاحتلال وهذا الأغرب أصبحت هوية مصر لا تتحدد من داخلها ولكن من عواصم الخلافة المختلفة فهى إما أموية أو عباسية وإما إخشيدية وإما أيوبية وإما حمدانية.
&كان العقد المعلن هو أن تدفع الجزية كى أحميك إن كنت غير مسلم أو تعطينى الخراج كى أحميك إن كنت مسلما من الموالى، للدفاع عن المسلم والذمى كانت تدفع الأموال.لكن الغريب أن القاعدة كما يقول صديقى قد طبقت من جانب واحد فقط....من جانبنا نحن، كنا ندفع ولا نجد من يحمينا، ليأتينا فاتح آخر يحمل نفس الشعارات ونفس الألوية ونفس المبادئ: ادفعوا كى أحميكم ثم يذهب ليلهو بجواريه وغلمانه ومجالس الطرب والشراب ليأتينا غاز جديد، و فاتح جديد ومحتل جديد ويقول ادفع.
كلهم فتحوا واعتدوا باسم العروبة والإسلام وآن لنا أن نحدد المفاهيم.
&ليست هناك حالة عداء مع أحد كل ما فى الأمر أننا اليوم فى موقف لا نحسد عليه، العرب خرجوا أعضاء تنظيم القاعدة كله، مصر أعطت رجال الصف الثانى فيه.
&نحن فى أزمة تتغير فيها الجغرافيا وسيتغير فيها التاريخ وستضيع بلدان وتتخلق بلدان، إذن علينا أن نقف مع أنفسنا نراجع مفاهيمنا، مراجعة للاصطلاحات، علينا أن نعترف بهدوء وبساطة بما حدث ولا نجمل التاريخ ونعلق عليه أوسمة مزيفة. ثقافتنا أصبحت جدباء بعد أن كنا مصدر عطاء، أصبحنا نتسول الغذاء بعد أن كنا سلة غذاء الإمبراطورية الرومانية.
&وأنهى القمنى رؤيته قائلا أن ما يريد التأكيد عليه هو أن:المصرية مواطنة وثقافة وتجمع ثلاث ثقافات كبرى.... المصرية القديمة، والقبطية، والعربية، ولا غناء عن العربية، لكن عندما أقول مصر عربية وعروبة فهى تبعية لاحتلال طال أمده أكثر مما ينبغى.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف