ثقافات

الإغراء: بين فنّ سعاد حسني واستعراض هيفاء وروبي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
زاد الخير من بيروت: هل نجح مؤدو الأغنية الشبابية ومؤديات الإثارة بجذب الشباب العربي من عشاق الفن الغربي بعيداً عن أغاني البوب والراب والآر إن بي الأميركي؟ يبدو أن عدد الشباب العرب الذين يسمعون الغربي في إزدياد، فها نحن نرى&فضائيات كثيرة ومنها أخيراً قناة مصر الفضائية التي بدأت بعرض الكليبات الغربية.&ولهذه الظاهرة عدّة أسباب، فقد تكون نتيجة تقليد المؤديين العرب لنوع معين من الفن الأميركي بحجة العولمة والموضة الفنية وبالتالي عوّدوا الشباب على هذه النوعية من الأغاني، إلا أن الكثير من هؤلاء الشباب ربما وجدوا في الأصل إثارة اكبر. وقد يكون ذلك أيضاً نتيجة غياب الإبداع الحقيقي أو تغييبه، ونتيجة إنتشار المفهوم الخاطئ للعولمة الذي يبثه الإعلام العربي، فكأن العولمة تنحصر في إستقبال المنتج الفني الأميركي من أفلام إلى فيديو كليبات وليس التعارف والتبادل الثقافي بين شعوب العالم.
التحجّج بأن هناك من ينتقد المؤديات العربيات الأقل تعرّياً من شاكيرا بينما يمتدح شاكيرا، لا يعني أن هؤلاء المؤديات على حق. وخطأ وإزدواجية معايير بعض الصحفيين العرب لا يبرر خطأ وإبتذال المؤديات العربيات وإن كانوا أقل تعرّياً من الغربيات، رغم أنهن لسن كذك في كثير من الأحيان.&وهل إنجذاب فئة من الشباب للفيديو كليبات الغربية المثيرة والعربية المقلدة يبرّر قبولنا كعرب بإنحدار مستوى الفن العربي وإستنساخ الأغاني واللهث وراء تقليد الفيديو كليبات الأميريكة؟& يستطيع هؤلاء الشباب الإستمتاع بالفن الأميركي&إن أرادوا ولكن هذا لا يعني أن يتحول الفن العربي إلى نسخة ممسوخة من الأميركي لإرضاء هؤلاء الذين لن يعتبروا هذا الفن الممسوخ أصلاً بديلاً للأميركي الأكثر إثارة والأضخم إنتاجاً غالباً. ولماذا علينا الإستكانة والرضوخ لهذا بإسم العولمة، ولماذا نجاري الثقافة الأميركية وحتى ما هو مثار للجدل أميركياً؟ فالكثير من مغنيي البوب والراب في الغرب كبريتني سبيرز وريكي مارتن
&وإمينم وكريستينا أجيليرا مهم محط انتقاد واثارة&للجدل في المجتمع الأميركي نفسه، مع أن المجتمع الأميركي لديه قيم إجتماعية مختلفة عن العرب. وإن كان الإغراء المبتذل والإثارة تستحوذ على عقول بعض الشباب المهووسين بالجنس، أفلا يجب على المجتمع والإعلام والمثقفين معالجة المشكلة بدل الرضوخ لها؟ وإن كانت موجة المؤديات ذوات المواهب الجسدية جزء "تفرضه" علينا العولمة كما يقول البعض وأنهم وُجدوا ليشبعوا إحتياج الشباب لهذه النوعية الهابطة فنياً، فلما ما زالت هذه الظاهرة مرفوضة من قبل عدد كبير من الشباب العربي وأنا منهم؟ هذا إن همّشنا الأجيال الأخرى كالعادة!&بينما من جهة أخرى نرى فنانة ملتزمة مثل جوليا بطرس وغير "متعولمة" بمعنى الإغراء المبتذل يُجمع عليها ويحترمها عدد كبير جداً من الشباب والأجيال الأخرى حتى الذين يحبون الموجة الشبابية. فجوليا التي يحبها ويحترمها الجمهور إن دُعمت إعلامياً وإنتاجياً بنفس الطريقة المكثفة التي تُدعم بها أي مبتدئة إغرائية لكانت من الأكثر مبيعاً، ولكنها رغم ذلك ناجحة فنياً وتجارياً، مع أنه ليس هناك من دليل ملموس على كون مؤديات الجسد الأكثر مبيعاً في سوق الكاسيت. الفنان الملتزم فنياً ووطنياً غير مثير للجدل بين الشباب أنفسهم، بينما المؤديات اللواتي ينتهجن أسلوب الإثارة مثار جدل كبير. لماذا هم مثار للجدل بين الشباب أنفسهم إن كانوا ظهروا على الساحة لإرضاء الشباب العربي عموماً ويتمتعون بشعبية طاغية كما تروّج بعض وسائل الإعلام؟& فالشهرة والظهور الإعلامي المكثف ليس دليل إجماع جماهيري. وإن كانت الموجة الشبابية لم تزل مثار جدل حتى الآن في الشارع العربي، فما بالنا بموجة مؤديات الجسد؟& وهناك الكثير من الشباب الذين لا يتقبلون هيفاء وهبي وأمثالها لأسباب مختلفة منها فنية وثقافية ومنها أخلاقية ودينية.
الإغراء في الفن له قواعده، فعليه أن يكون موظفاً في العمل الفني وليس متطفلاً عليه، وهناك فرق بين الإغراء الفني من جهة وبين الإبتذال والإثارة لأجل الإثارة من جهة أخرى. فمثلاً هند رستم ملكة الإغراء في السينما العربية قدمت أفلاماً هامة على المستوى الفني وكان الإغراء منسجماً مع العمل كفيلم "باب الحديد" و"شفيقة القبطية" و"إنت حبيبي" و"رد قلبي" مثلاً.&وسعاد حسني سندرلا الشاشة أدت أيضاً أدوار إغراء وظهرت بملابس مثيرة ولكن الطريقة التي كانت تـُقدم فيها كانت غير مبتذلة. فمضمون الشخصية والقصة وأسلوب الإخراج والتصوير لهم دور كبير في الطريقة التي يظهر فيها الإغراء.&فهل كانت الراقصة سامية جمال ترقص وتصوَر بنفس طريقة فيفي عبده الهابطة؟ وهل كانت شادية تمثـّل أدوار الإغراء والشقاوة بأسلوب روبي المبتذل في فيديو كليباتها؟
هل إلغاء الإبداع الفني لصالح الإستنساخ وتحقير المرأة وتحوليها إلى مجرد جسد وأعضاء معيّنة يخدم التقدّم والرقي وحرية المرأة؟& هناك شواهد كثيرة تؤكد العكس، منها زيادة نسبة المعاكسات في الشوارع بشكل ملحوظ، غياب أثر حركات تحرير المرأة في المجتمعات العربية لأن الحرية أصبحت في نظر البعض حرية الإثارة الجنسية فقط مما ينفّر الكثيرين منها، ضعف الإقبال على الثقافة والإنتفاح الصحّي على شعوب العالم وكأن شعوب العالم وحضاراتها تتلخص في أغاني البوب في أميركا وغرب أوروبا، وزيادة التطرّف وتحريم الفن ككل وإصدار فتاوى بهذا الشأن.&& فالتطرّف في الإثارة والإغراء يثير تطرّفاً من نوع آخر، بدأنا نلمس آثاره في نظرة دونية من قبل بعض العرب للمجتمعات العربية التي ينتمي إليها الكثير من مؤديي ومؤديات الإثارة.& فالتزمّت ضد الفن ككل حجته الإنحدار الفني والأخلاقي الذي نشهده في الفيديو كليبات وبعض البرامج الفنية، وها هو برنامج "سوبر ستار" يؤخذ بجريرة برنامج "ستار أكاديمي" الفقير فنياً وإنسانياُ، مع أن "سوبر ستار" لم يكن في السابق يُنتقد عموماً من ناحية أخلاقية ودينية.& طوهكذا يقع الفن العربي بين السندان والمطرقة!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف