يعتبرون القارئ درويشا ويكتبون عكس ما يؤمنون به: متى ينزل بعض الأدباء السوريين من أبراجهم العاجية؟!
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&
في الصحافة من يتحدث للآخرين بخجل فإنه لن يعرف تقدما مهنيا في حياته كما يعبر عن ذلك " إدوارد شيري" أحد أبرز المحررين الصحفيين في الولايات المتحدة الأمريكية. وعندما يندفع الصحافي للحديث مع الآخرين فكثيرة هي الأقنعة التي تسقط عن وجوههم أمامه. وقد أتيحت لي الفرصة، بحكم عملي في الصحافة، أن أتحدث إلى عدد لا بأس به من الأدباء السوريين الذين تركوا في مخيلتي انطباعات مختلفة.
أحد هؤلاء الأدباء، وهو روائي، يكره أمريكا كثيرا وينظّر دائما ضد الغرب معتبرا إياه " قوة الشر والتحكم بثروات العالم وأن وسائل إعلامه تخدم أهدافا مشبوهة ". ومع ذلك فإن هذا الروائي يفضل أن يجري حوارا مع صحيفة أوربية أو أمريكية على أن يجري حديثا، ولو مختصرا، مع صحافي عربي لأن الصحفي العربي أصبح مثل " ابن الضرة " كما يقال ولا يخيط أحد بإبرته. فماذا تبقى من مبادئ صديقنا الروائي هذا؟ وبكل تأكيد فهو قد فضل الصحافة الغربية على العربية لأنه في الغرب هنالك لجان تمنح جوائز، وبالطبع سوف تقرأ هذه الصحف، فقد يفوز بجائزة ما بعد أن تقرأ اللجان الأدبية حديثه عن الحرية والإنسان والقهر !
ويوجد بعض الأدباء الذين ينظرون ليلا نهارا لبعض المثل مثل " حقوق الإنسان " و " الديمقراطية "، ولكن فجأة، وبكل صدق، لا أرى أمامي سوى أديب " دكتاتور " يريد أن يضع الأسئلة ويجيب عليها بنفسه خوفا من الأسئلة المحرجة... فهو شفاف ويحب الجنون ولكن الأسئلة الصحفية تحرجه ! فهل يكتب هؤلاء الأدباء الكذب ثم الكذب ثم الكذب في أدبهم وما نراه ليس وجوها حقيقية بل أقنعة فوق أقنعة ؟!
بعض هؤلاء الأدباء تراه منهكا من الوضع المحيط به ويشكو من كل شئ، وعندما تطلب منه أن يتحدث عن ذلك للصحافة فإنه يعكس الآية ويقلب وضعه ويقول مثلا بأنه " يعيش أجمل الأيام وقصة حب مع زوجته والجيران والأولاد في الحارات... ". وفي بعض الأوقات يطلب إلى هذا الأديب / الأديبة أن يشارك في حدث ثقافي ما، له علاقة بالشأن العام، فيبدأ بخلق الحجج الأدبية من قبيل أنه مرتبط بمواعيد مع الصحافة، وبالواقع يكون في غرفته حيث يقفل الباب على نفسه ليكتب الأدب ! في حياتي لم أسمع أن أديبا يكتب عن الحياة والناس من غرفة مقفلة أو من وراء مكتب يصلح لرجل أعمال وسمسار وليس لأديب. وبعضهم يمكن له أن ينسج ألف رواية عن الاحتلال العثماني، ولكنه يعجز عن كتابة صفحة عن الواقع العربي الحالي.. فهل تحول الأديب السوري إلى باحث بشؤون التاريخ ؟!
وهؤلاء الأدباء يسخرون من أدونيس ومن فكرة " اللامنتمي "، وحالهم يقول أن أدونيس ينتمي أكثر منهم رغم أن كلا منهم يغني مواله على طريقته !... عندما نسمع أحد الأدباء يتحدث عن نفسه وأفكاره ونضاله في صحيفة ما، ننتظر فرصة اللقاء به، ولكن لحظة اللقاء تكون مزعجة لأننا نكتشف كيف التقينا بشخص غير الشخص الذي قرأنا عنه في الصحف.
هذا هو حال بعض الأدباء السوريين ومعظمهم من " كبار الأدباء "، يقيمون في أبراجهم العاجية وصوامعهم الفكرية والنظرية يسخرون من بعض القراء ويكتبون تماما عكس ما يجول في داخلهم. إلا هذا لا يمنع وجود عدد كبير من الأدباء الذين يعيشون في منهج مختلف تماما ويرفضون، مهما كانت أحوالهم، أن ينسلخوا عن الناس ليعيشوا في أبراج عاجية " أكل الزمان عليها وشرب ". إنها حالة غريبة بالفعل عندما يصبح لدى بعض الأدباء عندنا بعض الشهرة والنقود فتبدأ عملية انسلاخهم عن الناس فورا، بينما " بيل جيتز " لم ينسلخ عن الشعب الأمريكي حتى الآن ؟!
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف