أخبار

الشطي يسرد التفاصيل ويلجأ "للعدالة" ضد الشيخ سعود الصباحرواياته ليست سوى مزاعم وأكاذيب لتصفية الحسابات مع التيار الاسلامي في الكويت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"ايلاف"&من الكويت: رد العضو البارز في تنظيم الاخوان المسلمين في الكويت الدكتور إسماعيل الشطي بعنف وتفصيل على الاتهامات التي وجهها وزير النفط ووزير الاعلام الكويتي السابق الشيخ سعود الناصر الصباح إلى موقف التنظيم إبان الغزو العراقي ومفادها أنه سعى إلى جمع 50 مليون دولار لمحاربة ما أسماه بالوجود الاجنبي في منطقة الخليج. وقال الشطي أن رواياته حول مناهضتي لقوات التحالف بحرب تحرير الكويت ليست سوى مزاعم لتصفية الحسابات مع التيار الاسلامي في الكويت ورغم أن الشطي لم ينف الدعوات القائلة بأن تنظيم الاخوان المسلمين في الكويت قد سعى أثناء الغزو إلى مواجهة الوجود الاجنبي والعمل على طرده من المنطقة لكنه قال أن مزاعم الشيخ سعود تنتهي إلى تهمتين هما :شذوذ التيار الإسلامي الكويتي عن الخطاب الكويتي الموحد حول تحرير الكويت والذي أجمعت عليه كل القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية في مؤتمر جدة والذي طالب بحث الأسرة الدولية (وليس الدول العربية أو الإسلامية) على تحمل مسؤولياتها في تحرير الكويت وإعادة الشرعية. والثانية: أنني - فوق كل هذه الصفاقة - كنت أسعى لتحصيل أموال من الحكومة الكويتية لدعم الانشقاق عن الإجماع الوطني في مسألة التحرير، وذلك بالاستغناء عن قوات التحالف واستبدالها بجيوش عربية - إسلامية أو بالاعتماد على ميليشيات إسلامية، وطبعا كل ذلك بخمسين مليون دولار ويضيف الشطي : ورغم غرابة روايته عن السياق العام لموقف الشعب الكويتي أثناء الاحتلال والذي كان موضع فخر ورغم هزلية فكرة تحرير الكويت بخمسين مليون دينار ورغم أن الغالبية من أهل الكويت تعلم أن إصرار الشيخ سعود على ترديد مزاعمه هو جزء من تصفية حساباته وثاراته مع التيار الإسلامي في الكويت فإنه كما يقولون ان الطلقة التي لا تصيب قد تشوش خاصة ان لديه من جلسائه وندمائه المقربين أو من خصوم التيار الإسلامي من يطرب لمثل تلك المزاعم وأن يتحول إلى "فداوية" له. كما أن الناس بعد مرور عقد ونيف على تحرير الكويت لم يعودوا يذكرون تفاصيل التاريخ الصغيرة التي يستغلها المزيفون فضلا عن نشوء جيل لم يكن في مستوى الإدراك& إبان فترة الغزو ومن حقه أن يعرف اليوم تلك التفاصيل الصغيرة، لذا كان من الضروري خرق موقف مبدئي كنت اتخذته منذ عهد مبكر يحميني من الانسياق في لعبة التراشق الصحفي، والتي يخطط لها البعض ببث روايات زائفة ومسيئة تشغل الطرف المتضرر وتستنزف طاقته بالنفي والتصدي للردود، غير أني& هذه المرة& لن أكتفي بالتكذيب وتفكيك رواياته المزعومة وتداعي بنائها وكشف سوء صناعتها بل سألجأ الى سرد التفاصيل الصغيرة حول موقعي المتواضع من السياق التاريخي للعمل الوطني في تلك الفترة، ليكتشف القارئ شذوذ هذه الرواية وغرابتها وخروجها عن المضمار الذي كنت أسير فيه ولينتهي بنفسه (أي القارئ) إلى استحالة أي تسويغ عقلي لمزاعم الشيخ سعود في ظل تلك المعطيات، وما كان يليق بي أن أشغل القارئ بتفاصيل عن جهد احتسبته لله لولا ضرورة الرد، غير أنني مع هذا الرد احتفظ بحقي الكامل باللجوء إلى العدالة لمقاضاة الشيخ سعود على إساءاته المتكررة والمتعمدة
ويضيف الشطي :& لقد كنت ككثيرين مثلي داخل الكويت إبان الغزو العراقي الغاشم وككثيرين مثلي صعقوا بوحشية الجيش الغازي وسلوكه البربري الذي لم يراع أيا من الحرمات التي أوصى بها الإسلام، لقد عشنا أياما اختزلت فيها الحياة بالسعي بحثا عن سبل لتفادي آلة الموت البعثية، فالموت كان ماثلا عند كل نقطة تفتيش وفي كل شارع وقرب كل مسجد، ولقد كانت مظاهر الاحتلال تطغى على كل شيء حتى بات اعتقاد لدينا أن صدام لم يترك شبرا دون مرمى رصاصه، وكان ذلك كافيا لمن أقام أياما تحت الاحتلال أن يدرك أن هذا الجيش العرمرم لا يتصدى له إلا جيش يفوقه ويتفوق عليه، وقد زاد من آلامنا أن كثيرا من النخب في عالمنا العربي والإسلامي جعلت من أرواح نصف الكويتيين الباقين تحت الاحتلال مسألة ثانوية، في مقابل إشكالية شرعية التدخل الأجنبي لفك النزاع العربي- العربي، لقد سطحت هذه النخبة الكارثة لتصورها نزاعا متجاهلة أن عداد الموت الذي كان يحصي العشرات مع كل يوم، يمر تحت الغزو، وإذا كان المنطلق السياسي التجريدي يقدم تفسيرا لموقف غالبية النخب القومية والليبرالية واليسارية، فإنه يصعب تفسير الموقف نفسه لبعض النخب الإسلامية لأن الموقف الإسلامي لا تحكمه السياسية فحسب، بل يرتكز على دعائم أخلاقية، وهو ما عظم الصدمة في نفوس الإسلاميين بالكويت وجعلهم يتخذون موقفا واضحا صريحا على تخطئة هذا البعض وضرورة التصدي لخطئه، ولقد كنت وآخرون نرى عدم الاكتفاء بالتخطئة والتصدي للخطأ بل يجب التصدي لأولئك الذين يقفون هذا الموقف الانتهازي وفضحهم، ولذا فإن تصور أن كويتيا عاش تحت الغزو وتبنى الموقف النخبوي الديماغوجي الرافض للحل الدولي لا يتم إلا من شخص على شاكلة الشيخ سعود، فهو لم يعش لحظة تحت الغزو لكي يدرك استحالة هذا التصور، فضلا على أنه ظل بعيدا معظم حياته العلمية خارج الكويت لا يعرف مكونات المجتمع السياسي الكويتي وأطره وفعالياته، ولذلك سهل عليه نسج روايات مزيفة تدعي بأني كنت رافضا لمجيء القوات الدولية وأني كنت أطالب باستبدالها بقوات عربية وإسلامية، وهذا محض افتراء وخلاف جدي للحقيقة، فالذي خدع الأمة الأميركية بكل ما تملكه من وسائل كشف الزيف يمكنه الكذب على الشعب الكويتي
ويقول الشطي : في ظروف احتلال بلادي لم يكن لي إلا أن أنشط ضمن التنظيمات السرية التي كانت تقاوم الاحتلال بالعصيان المدني، وقد كنت أحد المؤسسين لتنظيم المرابطين الذي ساهم مع غيره من التنظيمات في شد الأزر وتثبيت القلوب وتوفير الاحتياجات المعيشية الأساسية، حتى إذا ما أعلنت حكومة الكويت بالطائف عن نيتها تنظيم مؤتمر شعبي في جدة لكافة الفعاليات السياسية بالخارج، قرر المرابطون إرسالي هناك لإلقاء كلمتهم بالداخل، وبعد شهرين ونيف تحت الاحتلال خرجت قاطعا أطول مشوار في حياتي بين نقاط التفتيش المرعبة والمتناثرة على طريق الخفجي، وكنت كمن يقطع الدرب غائصا في الأعماق حابس الأنفاس وفوقي سرب من أسماك القرش، ومنذ اللحظة الأولى التي وصلت فيها إلى الخفجي قمت بمحادثة الصديق العزيز الشيخ ناصر المحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية من أجل ترتيب وصولي إلى المؤتمر، وهناك في مؤتمر جدة ألقيت كلمة المرابطين بالداخل والتي انسجمت مع الخطاب الوطني الكويتي إبان الاحتلال ونالت تصفيقا مدويا، وفي أثناء المؤتمر أجريت لقاءات صحفية متعددة معلنا الحرب ضد بعض القيادات الإسلامية التي عارضت مجيء قوات التحالف لتحرير الكويت، وقد اعتبر تصرفي هذا خروجا عن الخط الذي نهجه كثير من زملائي والمتمثل بمهاجمة الخطأ دون الدخول في نزاع مع الأشخاص، ولقد نشرت الصحف السعودية هجومي الكاسح على الترابي والغنوشي وغيرهم، ولم أتوان لحظة واحدة في التصدي لخطابهم الديماغوجي، مما جعل تلك القيادات تصنفني إلى عهد ليس ببعيد ضمن المتحاملين على الحركة الإسلامية
ويضيف : لقد التقيت بالشيخ سعد العبدالله(ولي العهد الكويتي) خلال المؤتمر في جدة وبعده بمقره بالطائف، واستمع إلى وجهة نظري حول واقع الشارع العربي والإسلامي، وقد أوضحت لسموه أن النظام العراقي يسعى لتهييج الشارع ضد استقبال القوات الدولية بأرض المملكة سعيا لإحراج النظام السعودي مع شعبه، وأن هذا من شأنه خلق مشكلة أمنية في المملكة في وقت الحرب العصيب، وكما فكرت الحكومة في تبني حملة إعلامية لمساندة الرئيس بوش لإقناع شعبه بإرسال قوات أميركية تشارك في تحرير الكويت، فإننا يجب أن نفكر في حملة مماثلة لمساندة حكومة خادم الحرمين الملك فهد في إقناع شعبها بأهمية استقبال المملكة لقوات التحالف من أجل تحرير الكويت ، وفي مساء ذلك اليوم كان لي لقاء آخر في جدة مع سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وفي لقائي معه بادرني بقوله «ان أقدر من يستطيع على التصدى لخطاب المؤيدين لصدام من الإسلاميين هم الإسلاميون الكويتيون)، وأكد على ضرورة تواجد الإسلاميين الكويتيين في كافة المنتديات التي تصنع الرأي، كما عرض كل الإمكانات المطلوبة للقيام بهذه المهمة الضرورية، وفي اليوم التالي التقيت بالأمير محمد بن سعود الكبير المستشار الديني في سفارة السعودية بواشنطن، وعرض علي الذهاب مع وفد كويتي إلى ساو باولو بالبرازيل للمشاركة في مؤتمر الجاليات الإسلامية في أميركا اللاتينية، وأكد أن مثل هذا المؤتمر يشكل أهمية لدى رؤساء دول أميركا اللاتينية، إذ أن من شأن مطالبة الجاليات الإسلامية لرؤساء دولهم بدعم الموقف الدولي لتحرير الكويت تخفيف الضغوط التي تمارسها عليهم المعارضة المدعومة من نظام صدام، وبين أن السفارة العراقية تنشط في كافة وسائل الترغيب والترهيب لدفع المؤتمر إلى اتخاذ موقف مؤيد لهم
في شهر نوفمبر من عام 1990، عقد في ساو باولو المؤتمر الدولي الخامس لمسلمي أميركا اللاتينية، وقد وجدت هناك عددا من الشخصيات الإسلامية التي دافعت بضراوة عن الخطاب الكويتي لتحرير الكويت، فقد كان هناك الشيخ صالح بن حميد إمام مسجد الحرام، ود. مزمل صديقي والشيخ طلال عيد ود. قطبي المهدي ومفتي جبل لبنان الشيخ الجوزو وسماحة السيد هادي مدرسي وغيرهم، ورغم أن السفارة السعودية قامت بترتيب استقبالنا واستضافتنا إلا أن سفيرنا فيصل الغيص فرح بوجودنا وبدأنا نشتغل مع السعوديين فريقا واحدا، وفوجئنا بالفنانين عبدالرسول سلمان وعادل البذالي يقيمان معرضا متنقلا ضمن فعاليات المؤتمر حول مآسي الغزو العراقي للكويت، واحتدم التنافس مع السفارة العراقية حتى وصلت تهديداتها لممثل الأزهر بالاغتيال إذا ما تحدث لصالح الخطاب الكويتي الداعي لتحرير الكويت عبر الأمم المتحدة، بينما عبرت الحكومة البرازيلية عن اهتمامها بالمؤتمر بإرسال رئيس الائتلاف الحكومي في البرلمان لحضور الجلسات، ولقد كانت لي محاضرة مسجلة بالفيديو بكى فيها الحاضرون من هول الفظائع التي ارتكبها الاحتلال، وانتهى المؤتمر بتأييد الموقف الدولي لتحرير الكويت في بيانه الختامي، وأرسل برقيات لكل من صاحب السمو أمير البلاد تؤكد تضامن مسلمي أميركا اللاتينية مع الحق الكويتي، ولخادم الحرمين الملك فهد، وللرئيس العراقي تطالبه بالانسحاب من الكويت دون قيد أو شرط، ولرئيس منظمة فلسطين ياسر عرفات تطالبه بتصحيح موقفه وانقاذ الفلسطينيين من التورط مع النظام العراقي، وبرقيات لجميع رؤساء أميركا اللاتينية، وبرقيتين لرئيس الدورة في مجلس الأمن وأخرى للأمين العام، وقد أرسلت تقريرا حينها بذلك لسمو الشيخ سعد على فاكس مكتبه في الطائف بتاريخ 14/11/1990 ونسخة أخرى للشيخ ناصر المحمد وزير الدولة للشؤون الخارجية
ويؤكد الشطي بأنه كان للنجاح الذي تحقق في البرازيل صدى طيب، اتصل على إثره سمو الأمير محمد المستشار الديني في السفارة السعودية بواشنطن يقترح علينا زيارة المراكز الإسلامية في الولايات المتحدة، وذلك للتصدي للحملة التي يقودها البعض لصالح النظام العراقي، وكانت محطتنا الأولى في تكساس حيث استقبلنا ممثلون من سفارة المملكة في واشنطن، ولم تخل جولاتنا في تلك المراكز من مواجهات حادة وصاخبة مع مناصري النظام العراقي، أو من المعارضين لوجود قوات أجنبية في أرض الجزيرة لتحرير الكويت، أما محطتنا الثانية فكانت في واشنطن حيث كان في استقبالنا موظفو السفارة السعودية، ولقد أقمنا ندوتين مسجلتين بالفيديو احداهما في جامعة جورج تاون (على ما أذكر) والأخرى في أحد المراكز الإسلامية، والتقينا بنجم الدبلوماسية الساطع في واشنطن إبان الغزو العراقي للكويت السفير الأمير بندر بن سلطان في جلسة استمرت ثلاث ساعات، وقد أحاطنا السفير السعودي بكثير من الملابسات الجارية في واشنطن حول قضية تحرير الكويت، إذ كان هو القطب آنذاك في هذا الموضوع بين جميع السفراء، وكثير من الجهود الدبلوماسية التي ينسبها البعض لنفسه كان الفضل الأساسي فيها لسفير المملكة الأمير بندر، وفي يوم قبل المغادرة نصحنا البعض بزيارة مجاملة لسفيرنا في واشنطن الشيخ سعود الصباح، وقد قمنا بزيارة قصيرة له لم نتطرق فيها لأي شيء مما ذكره في حديثه لجريدة «القبس»، بل اقتصر حديثنا على تحليل الأحداث الجارية أو الاستفسار عن مواقف بعض الأطراف في الولايات المتحدة الأميركية من الحق الكويتي، أو التوصية بمزيد من الاعتناء بنشاطات الطلبة الكويتيين لدعم قضية وطنهم، كنا نعلم جيدا أن هذا هو مقدار ما يمكن طرحه ونقاشه مع سفيرنا في واشنطن، وبعدها سافرنا إلى شيكاغو (وليس كما أدعى أنني تركت الولايات المتحدة نتيجة تحذيره لي) وهناك خضنا اعنف لقاء مع القيادات السودانية الطلابية التي كانت تسيطر على قيادة اتحاد الطلبة المسلمين العرب في أميركا
ويضيف : لقد كان علينا أن نغادر الولايات المتحدة سريعا للمشاركة في فعاليات المؤتمر الطلابي الإسلامي العالمي للتضامن مع الكويت، والذي يقيمه الاتحاد الوطني لطلبة الكويت بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة الإمارات في 25 نوفمبر بالشارقة، وهو مؤتمر حشدت له فعاليات طلابية من مختلف الدول الإسلامية، وقد كانت لي مشاركة مع د. عبداللطيف المحمود في ندوة جـــــماهيرية مساء يوم الإثنين 26 نوفمبر بعنوان الرؤية الإسلامية للقضية الكويتية، وقد تضمنت محاضـــــــرتي نقــــدا لاذعا لغياب المعايير والموازين التي يتــــــم من خلالها تقييم المواقف السياسية عند الإســـلاميين، إذ تناولت المواقف السياسية للحركـــــة الإسلامية خلال نصف قرن بنقد مباشر لا مـــــــواربة فيه، وسلطت الضوء على القواعد الأخلاقية التي تحكم المواقف السياسية عند الإسلاميين والتي غابت عن البعض بتأييد الطاغية بالعراق، وقد أثارت محاضرتي لغطا عند بعض من الإسلاميين الحضور، وجرى نقاش في القاعة بين كويتيين مخضرمين مثل المرحوم محمد المخلد والأخ الكبير خالد العيسى وبين غيرهم من أمثال المرحوم خليل الحامدي (الجماعة الإسلامية في باكستان) ود. كمال الهلباوي وغيره، مما جعل الندوة الجماهيرية الـــثالثة في اليوم التالي والتي شارك فيها المرحــــوم الشـــيخ مصطفى مشهور توجه خطابها كله لتقديم توضيحات حول ما ورد في محاضرتي
ويقول الشطي : بعد نهاية المؤتمر كان لا بد لي أن أعود سريعا إلى جدة للانضمام إلى الوفد الشعبي الذي انبثق من مؤتمر جدة لزيارة الدول العربية في الشمال الأفريقي، وقد تشكل وفدنا من كل من أحمد السعدون والمرحوم عبد العزيز الصرعاوي وسعد السعد والشيخ أحمد القطان ود. ناصر الصانع، واعتذر منه كل من جاسم القطامي وأحمد بزيع الياسين، ولقد كانت الجزائر أول محطات الوفد الشعبي الذي بدأ جولته في بداية ديسمبر حيث التحق معنا سفيرنا يوسف العنيزي، وقد كان في استقبالنا رئيس البرلمان الجزائري عبدالعزيز بلخادم، والتقى الوفد بأهم القيادات السياسية بالبلاد بدءاً من الرئيس الشاذلي بن جديد ورئيس وزرائه ووزير خارجيته، ومرورا بالقيادات الحزبية بالجزائر، وانتهاء بالجماهير العريضة، وقد شهد لقاؤنا مع الشيخ عباس مدني مشادة من الوزن الثقيل بيني وبينه حول الأساس الأخلاقي لموقفهم إزاء الغزو العراقي للكويت، واعتراضي على تردده في حسم الموقف حينذاك، غير أن أكثر المشاهد إثارة هو ذلك المهرجان الذي نظمته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في استاد 5 يوليو والذي حضره أكثر من مائة ألف شخص، وقد شهد هذا المهرجان سجالا خطابيا بين الشيخ الفلسطيني التميمي والشيخ أحمد القطان، إذ وقف الأول يدغدغ الجماهير باسم القدس الشريف للتحريض ضد الكويت والإشادة بالنظام العراقي ومهاجمة القوات الأجنبية بالسعودية، وقد ضاقت صدورنا ووجدنا انفسنا محاصرين بهتافات الجماهير الصاخبة ضد قوات التحالف، ولم ينقذ الموقف غير قيام الشيخ القطان للخطابة من بعده وتعرية كفر النظام العراقي وطغيانه بالكويت، مما جعل الجماهير تردد معه هتافات الله أكبر على الطغاة وتردد معه أدعية تسال الله أن يحفظ أهل الكويت في الكويت الصامدة من طغيان صدام، كما حضر الوفد في اليوم التالي مهرجانا خطابيا حشدت له جمعية الإرشاد والإصلاح جماهير بلغت ما يقارب 50 ألف شخص، وقد تفاعلت الجماهير بحماسة أخاذة مع خطبة الشيخ القطان وهتفت معه الله أكبر الله أكبر على الظالمين، ووقف رئيسها المرحوم الشيخ محفوظ النحناح معلنا تأييده لشعب الكويت ولكل الجهود الدولية الساعية لتخليصه من العدوان البعثي العراقي
ويسرد الشطي : في الخامس من ديسمبر بدأت زيارتنا لتونس والتي استقبلنا فيها رئيس مجلس النواب التونسي السابق ورئيس المجلس الدستوري لدى رئيس الدولة ووزير الدولة للشؤون الخارجية وسفيرنا بتونس عبدالمحسن الجيعان، وبدأ الوفد نشاطه بندوة جماهيرية تمت بقاعة سفارة الكويت باليوم الأول، وفي هذه الندوة فند أحمد السعدون مزاعم النظام العراقي ثم تطرق إلى نتائج الخيار العسكري وحذر من كارثة إذا ما قامت الحرب، ثم تحدث المرحوم الصرعاوي عن دور الكويت في نهضة الأمة العربية والخسارة التي لحقت العالم العربي بغياب هذا الدور، وتحدثت من بعده عن فظائع النظام العراقي بالكويت بصورة وصفتها وكالة الأنباء الكويتية (لقد بكى الدكتور الشطي وابكى الحاضرين)، ثم تحدث سعد السعد حول دور الغزو العراقي للكويت بصرف الأنظار عن الانتفاضة وجعل اسرائيل تحكم قبضتها على الفلسطينيين، ثم تحدث د. الصانع عن أهمية المعلومات الصحيحة للشعب التونسي حتى يكوّن موقفا سليما من الغزو العراقي، غير أن موقف الجكومة التونسية تغير تماما بعد هذه الندوة، إذ ألغت كل الندوات المقرر عقدها، وكانت سفارتنا قد نظمت لي ندوة جماهيرية حاشدة في استاد رياضي كبير، لكن الحكومة التونسية ألغتها وطوقت المنطقة واحاطتها برجال الأمن لمنع وصول الجماهير إلى الاستاد، كما منعتنا من أي لقاء مع القيادات الحزبية والشعبية، وحولت لقاء تلفزيونيا للوفد كان مقررا ببرنامج الزيارة إلى لقاء مع بعض موظفي التلفزيون، وضمن محاولات سفارتنا اختراق الحصار الرسمي حول الوفد للحيلولة دون الاتصال بالقوى الشعبية، أكدت أن هناك تيارا معارضا لموقف الغنوشي داخل حزب النهضة الإسلامي ويقوده الشيخ عبدالفتاح مورو، وأن الحكومة متضايقة من هذا الموقف وحذرت سفارتنا من تنظيم أي لقاء معه بالوفد، وطلبت مني سفارتنا الإلتقاء بمورو بعيدا عن أعين المخابرات الأمنية لشكره على موقفه، وفي آخر ليلة للوفد في تونس تم ترتيب لقاء لي مع مورو على هامش حفل استقبال أقامته السفارة في أحد الفنادق التي تملكه الكويت، وقد تسللت من أعين المرافق الأمني الذي كان لا يفارقني إلا عند باب غرفتي وذهبت لمقابلة مورو في أحد غرف الفندق، غير أن مخابرات الدولة التونسية مشطت تلك الليلة غرف الفندق واقتحمت علينا الغرفة بكل شراسة لتسوق مورو كفريسة بين أنياب ذئب، أما أنا فقد أخذوني في سيارتهم يجوبون بي المدينة حتى جاءتهم الأوامر بإعادتي إلى الفندق، وفي يوم المغادرة لم يكن في وداع الوفد سوى موظفين صغار من رئاسة الجمهورية وأعداد كبيرة من رجال المباحث
ويضيف : وكانت آخر المحطات التي شاركت الوفد الشعبي في زيارتها هي المغرب، حيث أتيحت لنا مقابلة العاهل المغربي الراحل حسن الثاني، والذي أفاض علينا بكل مشاعر الحب والتعاطف لمحنة الكويت وأهلها، وما زلت أذكر كلماته التي ترن في مسمعي عندما قال «إذا ضاقت عليكم الدنيا فالمغرب وطنكم الثاني حتى تتحرر الكويت، ونحن على استعداد أن تقاسمونا زادنا ومسكننا وحتى الهواء الذي نستنشقه»، كانت كلماته الأكثر تأثيرا في نفسي سمعتها من زعيم عربي في ظل المحنة، والتقينا بمختلف زعماء الأحزاب السياسية التي تفاوتت مواقفها من الحق الكويتي، ولعله من الضروري أن أسجل شهادتي هنا بأن الحزب الشيوعي المغربي كان الأكثر وضوحا في تأييد الحق الكويتي، ولم يكن لنا لقاء مع الجماهير سوى ندوة واحدة حاضرت فيها عن محنة أهل الكويت تحت الاحتلال بدعوة من جمعية أبي الرقراق، وكان علي أن أعود سريعا إلى الرياض للمشاركة في المؤتمر الإسلامي الثاني لدعم تحرير الكويت والذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود، وبعده قضيت معظم ما تبقى من وقت بالرياض أتجول بين بعض النخب السعودية في سجالات حول شرعية الاستعانة بالأجنبي لتحرير الكويت، وفي ذلك الوقت تداعت مجموعة من الكويتيين للدعوة إلى مؤتمر شعبي آخر يسعى لمتابعة مقررات المؤتمر الشعبي الأول في جدة، وقد كنت عضوا في لجنة الإعداد والتحضير والمكونة من الأخوة القديرين جاسم السعدون وعبدالله الطويل وعامر التميمي وسعد البراك ومحمد الفرحان، وشاء الله أن تتحرر الكويت قبل عقد هذا المؤتمر
ويؤكد : بعد أن منَّ الله علينا بتحرير الكويت، لم اصمت لترميم ما خسرته من علاقات بأوساط الحركة الإسلامية، إذ أن العلاقات والنفوذ هي رصيد العاملين بالسياسة، بل انتهزت أول فرصة اعتذار قدمها بعض القيادات الإسلامية للشعب الكويتي ووجهت نقدا أليما ما زال يتذكره البعض، ونالني من هذا النقد الشتيمة والسباب الكثير من أطراف قيادية في الحركة الاسلامية، فلقد كان شعاري المعلن آن ذاك أن الوطن فوق الحزب، وأن رصيد المرء الحزبي هو لخدمة الوطن، وبهذه المناسبة فأنا لا أعلن سرا إن قلت التهمة اللاصقة بالإسلاميين الكويتيين في الحركة الإسلامية بالعالم أنهم كويتيون أكثر مما هم إسلاميون، ولقد استخدم الترابي هذا المنطق في وجه من ناقشه من الإسلاميين الكويتيين أثناء الاحتلال لوصف موقفنا بأنه قطري عاطفي لا يستند إلى الإسلام
ويختم الشطي : إن الهدف من سرد هذه التفاصيل هو من أجل استقصاء الإطار الذي صببت فيه أنشطتي وجهودي المتواضعة أثناء الغزو، وهو إطار قائم على خطاب واضح قاتلت من أجله ألا وهو الدفاع عن شرعية الاستعانة بقوات التحالف لتحرير الكويت، وهو سرد لتاريخ لعبت فيه دورا ضمن شخصيات من ساسة الكويت وقياداتها ودبلوماسييها واعلامييها مما يسهل اختبار صدقيته، وليس إدعاء يشذ عن هذا الإطار ولا يمكن تفسيره ضمن سياق الأحداث التي سبقت أو عقبت رواية الشيخ سعود المزعومة. إن رواية الشيخ سعود مرفوضة ليس لأنها لا تستقيم مع هذا السرد التاريخي فحسب، بل تصطدم مع حقيقة تعلنها باستمرار الحكومة والشعب برمته من أن خطاب الكويتيين إبان الغزو العراقي كان موحدا تم الاتفاق عليه في مؤتمر جده، وأن الإسلاميين كان لهم دور فاعل وأساسي بهذا المؤتمر وبصياغة خطابه، إن الشيخ سعود بهذا الزعم يشوه الخطاب الوطني المشرف الذي صاغه الكويتيون جميعا إزاء رفض الاحتلال وتأييد الشرعية ودعم التحالف الدولي لتحرير الكويت، وهو موقف أذهل قادة دول آنذاك وأعطى للاسرة الحاكمة فيضا من الثقة، هل يريد الشيخ سعود أن يشوه هذا الموقف؟ هل تصفية حساباته مع التيار الإسلامي تدفعه للتضحية بمثل هذا الموقف التاريخي وتشويهه؟
ويضيف : إن رواية الشيخ سعود باطلة لأنها تتعارض مع شهادة الصامدين من الشعب الكويتي إبان الغزو، الذين أشادوا بمشاركات الإسلاميين المميزة والبطولية ضمن الجهود الوطنية تحت الاحتلال، كما تصطدم مع شهادة قوات التحالف حول جهود تنظيم المرابطين الذي قدم تسهيلات للسلاح الجوي الأميركي عند بدء العمليات العسكرية
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف