الأسلام دين و دولة.. حقبقة أم وسيلة للوصول للسلطة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
أن المعوق الحقيقي لشعوب الشرق الأوسط لكي تتمتع بالديمقراطية الحقيقية التي نفتقدها في عالمنا المنكوب بالقهر و الظلم و انعدام حقوق الأنسان ليس فقط الحكومات ولكنها تيارات الاسلام السياسي التي تسيطر للأسف علي الشارع والتي تستخدمها الحكومات الديكتاتورية كبعبع تخيف به قوي المجتمع المدني في بلادنا أو تستخدمه بعضها كغطاء شرعي تسوغ بها قهر شعوبها والتحكم في مقدراتها.. وكل من يرفع صوته مطالبا بالحرية و الديمقراطية يجد نفسه في مواجهة الحكومة و جهازها الأمني وهو للعلم أقل وطأه مما قد يجده من تيارات الأسلام السياسي من اتهامات الكفر و الألحاد و الزندقة و أنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة ألي آخر قائمة الأتهامات المعهودة.. والحقيقة أن سجن الحكومة قد يكون أقل ايلاما للنفس و أيذاءا للبدن من هذه الأتهامات.. فضريبة السجن مستعد أن يدفعها الكثير من الأحرار في سبيل مستقبل أفضل لبلادهم.. أما تلويث السمعة باتهامات الكفر و الألحاد و ما يتبعها من احتمالات هدم الأسرة ونظرة الرفاق و الأصدقاء بل و أحيانا التصفية الجسدية علي أيدي المهووسين من الشباب المغرر بهم.. فهو ثمن باهظ ينحني أمامه الكثيرون و تاريخنا مليء بالأمثلة فلا داعي لتكرارها.
والحجة التي يستخدمها مدعو امتلاك الحقيقة في أن الأسلام دين و دولة هي الآية 44 من سورة المائدة فتم اقتطاع جزء من سياق الآية وتم تجاهل الآية نفسها مع الآية التالية، فلنقرأ معا:
بسم الله الرحمن الرحيم
&إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناًّ قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
فمعني من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون واضح و مقصود به التقاضي و الحكم في الجرائم كما تؤيده سياق و معني الآية التالية 45 و الآيتين فيهما تأكيد أن نفس الأحكام موجودة في التوراة ويحكم بها الأحبار ولم يكن مقصودا بها نظام الحكم أو الخلافة التي عرفت الوجود بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم كاجتهاد بشري من الصحابة في اجتماع السقيفة وتم اختيار أبو بكر لأسباب سياسة و قبلية و لم يتم الأحتجاج بأي نص ديني في هذا الأجتماع لا من القرآن و لا من السنة لأن الرسول نفسه لم يوصي لأي شخص و لا بأي نظام للحكم كما أجمع أهل السنة والجماعة ولو تم الأستدلال بهذه الآية أن الأسلام دين و دولة لكان من حق أحبار اليهود أن يطالبوا بحكمنا!
أن الكلمة التي تعبر عن الحكم بمعناه السياسي المتعارف عليه حاليا هي الأمارة،، منا الأمراء و منكم الوزراء،، أمير المؤمنين و أمير الجيش وتم استحداث كلمة الخلافة في عهد سيدنا أبو بكر رضي الله عنه.
ونظام الحكم في صدر الأسلام و حتي القرن العشرين لم يكن يختلف في الحقيقة عن نظم الحكم المتعارف عليه في العالم أجمع.. رجل واحد وصل الي الحكم سواء بالبيعة أو الوراثة أو قوة السلاح أو القبيلة التي تقف ورائه (قريش في القرون الأولي) يعين الولاة ويتحكم في كل شيء و يختار المستشارين من أهل الحل و العقد وهو غير ملزم برأيهم فأن صلح هذا الرجل وكان قويا صلحت الدولة،، عهد عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز وأن كان ضعيفا قامت الفتن والثورات حتي يقتل فيخرج خليفة أو حاكم أو سلطان يتبعه الناس رهبة أو رغبة.. نفس ما كان يحدث في الأمبراطورية الفارسية أو الأغريقية أو الرومانية أو الملكيات الأوروبية فيما بعد وكلاهما كان يعمد الي اكتساب فقهاء السلطة بقوة المال او السيف وكثير من الفتاوي التي تملأ بطون كتب الفقه والتي تمنع الخروج علي الحاكم حتي لو كان فاجرا أو ظالما طالما كان يقيم شعائر الدين و يحمي الثغور هي نفس الحجة التي كان يستخدمها ملوك أوروبا.. لا فرق اطلاقا.. ولكنهم تمردوا علي الظلم و القهر وعرفوا الدولة المدنية و دولة المؤسسات التي تستمد شرعيتها من الشعب من خلال صناديق الأنتخابات ولكننا نصر علي المضي في دولة الفرد سواء باسم الدين أو بقوة السلاح ولذا تقدموا و مازلنا نحن محلك سر.
لاأحد يعترض علي أن يكون الأسلام دين الدولة الرسمي و المصدر الأساسي للتشريع مع احترام حقوق الأقليات في المواطنة الكاملة بما تعنيه من حقوق وواجبات، أما نظام الحكم فيجب ان يكون ديمقراطيا الحاكم فيه هو مجرد موظف عند الشعب وهو الذي له الحق في اختياره أو عزله سلميا و دوريا دون الحاجة الي قتله أو سحله في ظل نظام تعددي يفصل بوضوح بين السلطات والجميع فيه حكاما و محكومين سواء أمام القانون.
أني لا أري فرقا بين جميع النظم الحاكمة في العالم العربي الآن سواء كانت جمهورية أو ملكية وبين جميع النظم التي كانت تحكم العالم كله في العصور الوسطي، رجل واحد يحكم ومعه شلة من المنافقين و المنتفعين أما باقي الشعب فهم مجرد رعايا و ليسوا مواطنين، ليس لهم أي حقوق ألا ما يسمح به الحاكم.. قد يحدث في غفلة من الزمن أن يكون صالحا ولكنها صدفة لا تتكرر كثيرا فالسلطة لها بريق أخاذ ولذا تقاتل عليها البشر حتي صحابة الرسول رضوان الله عليهم.
فألي كل من يدعون أنهم يتكلمون باسم الأسلام السياسي دعونا نكافح حكوماتنا الظالمة فنحن قد نستطيع أن نحتمل سجونها وسجانيها ولكن السجن المعنوي الذي تفرضونه علينا و اتهامات التكفير التي تستغلون بها مشاعر العامة الذين يحبون دينهم مثلنا تماما فهي سلاح أشد فتكا من أي نظام بوليسى حكومي وهو سلاح ضار سيبقي شعوبنا أكثر شعوب الأرض تخلفا.
أن الصراع مع الحكومات الديكتاتورية الظالمة لهو أسهل كثيرا من الصراع مع جماعات الأسلام السياسي والتي تستخدم الأبتزاز المعنوي والقتل العشوائي للأبرياء و الذي ينفذه للأسف شباب مغرر بهم فالقاتل و المقتول هم في الحقيقة ضحايا للقادة الطامعين في السلطة.
ولكني أبشرهم أن التاريخ لا يرجع الي الوراء والديمقراطية ستسود في النهاية رغما عنهم وعن حكامنا وعن أمريكا.. مهما سقط من من ضحايا فقد ثبت أن الديمقراطية هي أقل نظم الحم شرا أن لم تكن أفضلها.
أما رجال الدين،، رغم أن الأسلام ليس فيه رجال دين،، فيجب ان يعودوا الي واجبهم الأصلي في تعليم الناس شعائر دينهم و نشر مكارم الأخلاق بين أنفسهم أولا قبل الناس.. لانريد مرشدا عاما أو خاصا و لا هيئة كبار العلماء أو غيرها.. تفتش في ضمائر الناس و تنشر فتاوي التكفير و قرارات مصادرة الحريات و الأفكار لندع البشر يقررون بأنفسهم ليتسني لله أن يحاسبهم في الآخرة وهي حكمة الأستخلاف في الأرض، أن الحساب في الأرض هو لمن خالف القانون المدني الذي ارتضاه المجتمع أما النوايا و الضمائر فمتروك لله أن الله أمر رسوله الكريم أن يكون مذكرا وليس مسيطرا وحتي من تولي و كفر فلله أيابه و عليه حسابه ثم يأتي من يريد السيطرة علينا باسم الدين.
أن حرية العقيدة و حرية التعبد دون أرهاب الآخرين هي من أبسط حقوق الأنسان.. ثم يأتي من يقتل باسم العقيدة أو الدين.. أن لم يكن هذا هو الأرهاب فماذا يكون الأرهاب.. أرهاب معنوي و جسدي لا بد أن نتصدي له جميعا أن أردنا أن نكون في يوم من الأيام شعوبا متحضرة.. اللهم احمنا ممن يدعون التحدث باسمك ظلما و عدوانا أما أعداء الشعوب من الحكام فشعوبهم كفيلة بهم.. لنا الله
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف