ثقافات

كيفية إنتشار الاسلام في اليابان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف" من مسقط: تعطي الحكومة اليابانية الحرية الكاملة للمسلمين لممارسة شعائرهم اليومية أسوة بالديانات الأخرى السائدة في اليابان وأهمها "الشنتو" الذي يعتبر الدين الأصلي لليابانيين، وجزءا من حياة الناس.
"والشنتو" تترجم عادة في اللغة اليابانية بمعنى طريق الآلهة، واليابانيون لا يشعرون بالغربة تجاه الأديان الأخرى لأن اهتماماتهم بها يزداد على مر السنين. وشهد القرن العشرين انتشار عدد من الأديان الجديدة في اليابان منها الدين الإسلامي الحنيف.
ويؤكد الدستور الياباني الصادر في 3 أيار(مايو) 1974 وفي مادته 20 على حرية ممارسة العقائد والأديان للجميع مشيرا إلى أن "حرية العقيدة مكفولة للجميع. ولا يجوز لأية هيئة دينية تلقي أية امتيازات من الدولة ، أو ممارسة أية سلطة سياسية ولا يجوز إرغام أي شخص على المشاركة في أي عمل أو احتفال أو طقوس أو ممارسات دينية "
إنطلاقا من نص هذا الدستور،&نرى أن هناك حرصا من الحكومة والشعب الياباني على فهم الإسلام والعالم الإسلامي والمسلمين أفرادا وجماعات. وزاد شغف هذا الشعب على معرفة الإسلام في أعقاب الهجمات على مركز التجارة الدولي في نيويورك في 11 أيلول(سبتمبر) عام 2001.
وتشير بعض الحقائق الصادرة إلى أن الحكومة اليابانية أجرت دراسات عديدة حول أحوال الأجانب في اليابان، حيث بينت إحدى الدراسات&أن المسلمين هم من أهدأ الجاليات وأقلها إثارة للمشاكل.
وفي هذا الصدد يقول رئيس المركز الإسلامي في اليابان الدكتور صالح مهدي السامرائي&"إن اليابانيين، حكومة وشعبا، يستحقون كل تقدير واحترام، فما ان يسمعوا كلمة "الإسلام" حتى يعبروا عن عمق احترامهم وارتياحهم لهذا الدين، بل يعربون عن أسفهم، مسلمين وغير مسلمين؟، من تأخر وصول الإسلام إلى بلادهم حتى أواخر القرن التاسع عشر في الوقت الذي كان قد وصل فيه إلى الصين والفلبين" في تلك الفترة.
أما عن كيفية وصول نور الإسلام إلى اليابان، فتشير بعض المصادر والوثائق المتاحة إلى أن الإسلام قد وصل إلى اليابان في أواخر القرن التاسع عشر وتحديدا في بداية عصر النهضة اليابانية وعصر "ميجي" الذي بدأ العام 1868، مشيرة إلى أن الدولتان العثمانية واليابانية كانتا تقيمان علاقات ودية فيما بينهما وتتبادلان الزيارات، ونتج عن&ذلك قيام بعثة أرسلها السلطان عبد الحميد الثاني إلى اليابان عام 1890 على الباخرة "آل طغرل" وعلى متنها اكثر من 600 ضابط وجندي عثماني.
وبعد أن أدت البعثة مهمتها، وقابل رئيسها الأميرال "عثمان باشا" إمبراطور اليابان عادت أدراجها، إلا أنها وهي لا تزال على الشواطئ اليابانية ، ليس بعيدة عن "أوساكا" هبّ عليها إعصار شديد أدى إلى تحطمها، وهوت مع 550 شخصا بمن فيهم شقيق السلطان العثماني وقائدها "عثمان باشا".
وتشير هذه الحادثة التي أوردتها بعض المصادر العربية نقلا عن وثائق يابانية أن حادث غرق السفينة وموت ركابها هزت الطرفين، ودفن الموتى المسلمين عند ذلك الموقع الياباني وأقيم متحف بجانبهم.
وإلى يومنا هذا يحتفل اليابانيون والأتراك بهذا الحادث كل خمس سنوات مما يدل على إخلاص اليابانيين تجاه هذه القضية الإنسانية. كما تشير المصادر أنه بعد سنة من الحادث، تصدى صحفي ياباني شاب اسمه "أوشتا رونودا" لجمع تبرعات من اليابان لأسر الشهداء العثمانيين وتوجه إلى "اسطنبول" وسلم التبرعات للسلطات العثمانية، وقابل السلطان عبد الحميد الثاني.
وفي أثناء أقامته في "اسطنبول" التقى بأول مسلم إنكليزي هو "عبدالله غليام" وهو من مدينة "ليفربول" وبعد حديث معه&حول دين الإسلام، واطلق على نفسه تسمية&"عبد الحليم"، وهكذا يُعتبر "عبدالحليم رونودا" أول مسلم ياباني، ثم تبعه مواطن ياباني اسمه "يامادا" الذي إلى "اسطنبول " العام 1893 حاملاً التبرعات لعوائل الشهداء، فطلب إليه السلطان عبد الحميد تدريس اللغة اليابانية للضباط العثمانيين، واتخذ لنفسه اسم "خليل أو عبد الخليل" ويعتبر بذلك ثاني مسلم ياباني.
أما ثالث مسلم ياباني فهو "أحمد أريخا" وكان مسيحيا يعمل في التجارة، زار مدينة "بومباي" الهندية العام 1900 وجذب نظره مسجد فيها فدخله، وهناك أسلم ثم عاد داعية، وشارك في إحدى ترجمات القرآن الكريم إلى لليابانية.
وفي غضون ذلك سكن تجار مسلمون من الهند في كل "طوكيو" و"يوكوهاما" و"كوبيه" وبهذا اعتبروا أول جالية إسلامية تقيم في اليابان، ثم توالت هجرات المسلمين إلى&اليابان طوال العقود التالية وحتى اليوم من شتى دول العالمين العربي والإسلامي حتى انتشر الإسلام في أرجائها وبين أهلها كما نلمس اليوم.
وحول عدد المسلمين في اليابان، يوضح رئيس المركز الإسلامي في اليابان الدكتور صالح مهدي السامرائي&أنه ليس هناك إحصاء محدد لهم إلا أن في اليابان أكثر من مائة جمعية وتجمّع إسلامي وعشرات إن لم يكن مئات من المساجد والمصليات، ويدخل يوميا عن طريق هذه الجمعيات عددا من السيّاح اليابانيين لاعتناق الإسلام بعد توجههم في زيارات إلى بعض الدول العربية والاسلامية، وآخرين يدخلون الإسلام عند زياراتهم لأوروبا أو أميركا وفقا للرسائل التي تصل إلى المركز الإسلامي بالبريد الإلكتروني.
ويضيف السامرائي أن هناك آلافا من اليابانيين ممن يرغبون في التعرف إلى الإسلام ويطلبون إمدادهم بالكتب الإسلامية باللغة اليابانية ، موضحاً أن عدد المسلمين اليابانيين وفقا للإحصاءات المتاحة لدى المركز يقارب المائة ألف أو يزيدون ، في حين يبلغ عدد المسلمون الأجانب "أي من غير اليابانيين" نحو ثلاثمائة ألف أو يزيدون ، موضحاً أن هذه أرقام تقديرية ينظر إليها المراقبون من زوايا مختلفة ويعطون أرقاما متعددة.&
ويرى الكثير من المسلمين في اليابان أن الشعب الياباني من أقرب شعوب الأرض للإسلام إذ يحترم المواطن الياباني هذا الدين ويرى فيه تأكيدا لمثله وتقاليده المعروفة، موضحا أن الشعب الياباني تتمثل به الأخلاق العالية والصفات الكريمة&، التي ينال الإسلام استحسانه، لاسيما وأن هذا الشعب يتمتع بصفات أصلية ورثها عن زعمائه وقواده الفرسان المعروفين تاريخياً بـ (السامورائي) والتي تتفق مع كثير من تعاليم الإسلام ومبادئه.
فالفارس الياباني (السامورائي) لاينسى المعروف ، ويبتعد عن الخمر والنساء ، وكثرة الأكل، ويحترم الوالدين ويطيعهم ، ولا&يظهر أي إمتعاض مهما فعلوا له، كما أن (السامورائي) يغسل يديه ورجليه نهاراً وليلاً وكذلك يحب المحافظة على نظافة جسمه ومظهره، ويصرف النظر عما لا يعنيه، ولا يتحدث عنه أو فيه.
ومن صفات (السامورائي) أيضا عمل الخير وما هو مقبول، والابتعاد عن الخطأ والقبيح، والاتصاف بالأمانة والاهتمام بالدرس والتحصيل العلمي والاستفادة من كل أوقاته، والعيش بعزة وعدم إيذاء الآخرين، وعدم العيش عالة على الغير، وعدم اختياره أصدقاء السوء، وهذه الصفات يقدّرها ويجللها الإسلام في كل مكان وزمان.&
لقد أدت هجرة الطلبة المسلمين الوافدين&من البلدان الإسلامية كإندونيسيا وماليزيا وباكستان والهند وبنغلاديش وكذلك العرب والترك والإيرانيين والأفارقة ليشكلوا اليوم تجمعات مشتركة في كل مدينة يقيمون فيها حيث يقومون بتأجير مصلى لهم لممارسة شعائر الصلاة، وبدؤوا بإقامة مساجد ثابتة مملوكة لهم بجانب تأسيسهم لمحلات بيع اللحم الحلال.
كما أن وصول المتدربين من الدول العربية الإسلامية إلى اليابان وبأعداد كبيرة في إطار التعاون الاقتصادي والفني التي تقيمها اليابان مع مختلف تلك الدول يزيد من احتياجات المسلمين في المجتمع الياباني، في الوقت الذي يؤدي إلى نشر الإسلام في هذا الوسط الآسيوي الكبير.
الأسئلة التي ترد إلى المراكز الإسلامية في اليابان كثيرة ومتعددة ومتنوعة نتيجة للإقبال المتزايد على الإسلام تتعلق بالصلاة والشهادتين والختان، ومغزى منع الإسلام وتحريمه لأكل لحم الخنزير، وضرورة وضع المرأة للنقاب (الحجاب)، في حين تصل بعض الاستفسارات إلى تلك المراكز بضرورة وجود بنك إسلامي غير ربوي في اليابان.
وهذه المطالب تصل إلى كل من المركز الإسلامي في طوكيو أو إلى المعهد الإسلامي، أو مسجد طوكيو، أو مسجد كوبيه، أو الجمعيات الإسلامية الأخرى كجمعية " مسلمي اليابان التي تأسست في العام 1953". فهذه التجمعات الإسلامية تهئ فرصة جيدة للمسلمين الجدد أن يلتفوا حولها ويتعلموا الحياة الإسلامية ويحققوا رغباتهم وبما يدور في خلجات أنفسهم من تساؤلات واستفسارات شتى.
وأدت هذه المطالب إلى زيادة عدد الصفحات الألكترونية الناطقة عن الإسلام باللغة اليابانية لتمكين المزيد من الباحثين على فهم تعاليم الإسلام واستغلال هذه الوسيلة للوصول إلى أكبر قدر من هؤلاء الاشخاص.
وتشير البيانات الواردة من مختلف الدول الإسلامية إلى قيام بعض اليابانيين بإشهار إسلامهم واعتناق الدين الإسلامي في مختلف دول العالم بغض النظر عما إذا كانت في دمشق أو القاهرة أو طهران أو جاكرتا أو اسلام أباد، أو غيرها من العواصم الإسلامية الأخرى. وهناك جمعيات تلعب دوراُ كبيراً في هذا الإتجاه منها جمعية (اوموتو) التي تتخذ السلام والعدالة الاجتماعية شعارا لها حيث أن البحث عن السلام والعدالة في الحقيقة هو الذي يجعل أعضاءها يتعرفون على الدين الإسلامي ويعتنقونه&بعد فترة من الدراسة والتحقيق.
وتقول السيدة ميكوسنسي وهي أحد أعضاء وفد جمعية (اوموتو) التي اعتنقت الإسلام مع مجموعة من السيّاح اليابانيين مؤلفة من 44 شخصا معظمهم من الشباب والنساء والفتيات اليابانيات في يوم الخامس من شهر تشرين الثاني(نوفمبر) عام 2002- الذي كان يصادف شهر رمضان المبارك حينه، والتي حضرت إلى إيران بإرادتها في الكلمة التي ألقتها في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في العاصمة طهران بهذه المناسبة، تقول "إن هناك وجوه مشتركة بين الدين الإسلامي ودين "الشنتو" الذي يعتنقه القسم الأعظم من الشعب الياباني مشيرة إلى أنها قامت بدراسات وأبحاث عديدة منذ حوالي اكثر من خمس سنوات عن الدين الإسلامي حتى توصلت إلى هذه النتيجة وهو أن الدين الإسلامي هو الدين الكامل والأفضل".
كما أكدّ هذا الأمر الحاج محمد ساوادا الذي ترأس هذه المجموعة من السيّاح في نفس المناسبة قائلا "إن قضية تعرفه على الإسلام وأسباب اعتناقه لهذا الدين منذ فترة طويلة وإلى المميزات التي يمتاز بها الدين الإسلامي عن بقية الأديان هي التي جعلت هذه المجموعة من الفتيات والنساء الشابات وهؤلاء الشباب يبدون رغبة شديدة في اعتناق الإسلام".
ومن أجل دعم تطلعات الشعب الياباني نحو الاسلام قامت عدة جهات اسلامية يابانية خلال السنوات الأخيرة بعقد عدة ندوات ومؤتمرات حول الإسلام ، كما استضافت العديد من الشخصيات الاسلامية للتحدث عن مختلف الجوانب المرتبطة بالاسلام والسلام الدولي .
اليابانيون يبدون رغبة شديدة في التعرف على الإسلام والتعريف به وهذا نابع من اهتمامهم بالتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى بالرغم من تفوقهم الاقتصادي والتكنولوجي والصناعي وفي مختلف الميادين الأخرى.
والدين الإسلامي هو دين التوحيد والمحبة والرحمة ودين المودة والإخاء والمساواة. ومن وجهة نظر الإسلام فإن البشرية قد خلقت من أب واحد وأم واحدة ، وأن الجميع متساوون لا فرق بين أحد منهم إلا بالتقوى، وأن جميع الناس رجالاً كانوا أم نساء، ومن أي عرق كانوا وبأية لغة يتكلمون يستطيعون ودون أي واسطة الارتباط بالله عزوجل ومناجاته، وأن الله عزوجل هو الواحد الأحد الذي خلق البشرية ويعلم بما نفكر به وما تكنه الصدور.
ان حب اليابانيين للثقافات الاجنبية وخاصة الثقافة الاسلامية نابع من اهتمامهم بثقافتهم قبل كل شئ، ففيها الكثير من الأمور التي يقدرها الإسلام وتتطابق مع ما يريده الله سبحانه وتعالى كالصدق والأمانة والإخاء والمحبة وخاصة بين أفراد الأسرة الواحدة واحترام الصغار والكبار واحترام الأديان وإفشاء السلام مع الجميع.&
وأخيرا نقول بأنه في إطار الهجمة على الإسلام في أميركا ودول الغرب في أعقاب أحداث 11 أيلول(سبتمبر) 2001، يبذل المسلمون في اليابان جهودا كبيرة لتغيير الصورة التي انتشرت عن المسلمين.
وفي هذا الصدد يقول فضل الله تشانع مدير المركز الإسلامي في طوكيو أن هناك عددا من التحديات التي تواجه المسلمين في اليابان وفي مقدمتها انتشار الصورة المشوهة عن الإسلام مؤخرا حيث أن هذا الأمر يضع آلاف المسلمين الذين يعيشون في اليابان في وضع حرج مشيراً إلى أن الكثير من وسائل الإعلام اليابانية تستقي معلوماتها وتقاريرها من وسائل الإعلام الأميركية المتحيزة ضد المسلمين.
أما على المستوى الحكومي فيشير هذا المسؤول إلى أن هناك قانوناً يسمح بحرية العقيدة ويمنع أي تمييز على أساسها مشيرا الى ان هجمات 11 أيلول(سبتمبر) جعلت بعض اليابانيين يعتبرون المسلمين إرهابيين وأن المركز تلقى العديد من التهديدات عبر الهاتف حيث كان يقول البعض "اخرجوا من اليابان وإلا سنقتلكم" ولكن تلك التهديدات ما هي إلا سجلات فردية لا تعبر عن موقف كل الشعب الياباني.&
ورغم تلك المحاولات نجد ان نور الاسلام يضئ وجدان الكثير من اليابانيين كل يوم، خاصة وأن هؤلاء المتقدمين نحو الاسلام يأتون لاشهار اسلامهم عن قناعة وارادة قويين. فهم يبحثون في هذا الدين عن مختلف جوانبه، وكلما كان هناك حديث ايجابي او سلبي عن الاسلام يبادر هؤلاء الاخوة اليابانيين بالبحث عن الحقيقة، ويجدون عندها شيئا مختلفا عن هذا الدين الذي ينادى في أول لقاء مع الاخرين بافشاء السلام عند رؤية شخص لشخص آخر ليقول له " السلام عليكم".
ونحن نردد دائما ونقول للجميع "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". فالسلام من مبادئ الاسلام، والاسلام كدين رباني حريص على ايجاد المحبة والاخوة والسلام في كل بقعة من بقاع العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف