لمواجهة عواصف محتملة من الداخل والخارجالاشتراكيون الإسبان يعقدون حلفا غير مكتوب مع الملك خوان كارلوس
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ويخامر الحزب الاشتراكي المنتصر، شعور بالحيرة والقلق. لم يتصور أكثر المتفائلين فيه أن ينعطف الرأي العام الإسباني الانعطافة الكبرى، لصالحه، إلى درجة إقصاء حزب "ماريا أثنار" عن قصر، لا منكلوا. وأقصى ما كان يطمح إليه الاشتراكيون أن يحسنوا وضعهم في البرلمان، خاصة وأن رئيس الوزراء المنتهية& ولايته اختار للإبقاء عليهم في المعارضة، حيلة بارعة: الانسحاب من حلبة السياسة، وإسناد& قيادة الأمور الحزبية والوطنية إلى خليفة، يجمع كثير من المعلقين على أنه يمثل النسخة المعدلة من أثنار أي بدون استبداد وكبرياء. يتعلق الأمر بالمرشح السيئ الحظ ماريانو راخوي الذي احتل الآن، مقعد، ثباتيرو، في صف المعارضة.
وأخطر مايواجه رئيس الحكومة الاشتراكي الشاب، الإرهاب المزدوج: التقليدي الذي تمثله منظمة، إيتا، الانفصالية، والتي تعاملت في الماضي، على حد سواء، مع الحكومات الاشتراكية واليمينية المتعاقبة، على الرغم من الغزل العفيف الذي أظهرته للقادم الجديد إلى السلطة، بعد إعلان فوزه في الانتخابات.
أما التحدي الإرهابي الثاني، فتمثله مؤقتا، وإلى أن تجلو الصورة تماما، تنظيمات غامضة من بينها القاعدة التي ضربت ضربتها الموجعة يوم 11 مارس، وعاودت التهديد في الأيام الأخيرة.
تتوفر الأجهزة الأمنية في إسبانيا على خبرة واستراتيجية التعامل مع، إيتا، فلعبة الكر والفر قائمة بينهما منذ عقودمن الزمن. ولا تنسى المنظمة المطالبة باستقلال إقليم الباسك، أنها تتحرك فوق التراب الوطني، فلا توقع الضربات الموجعة بالمواطنين، وتختار في الغالب ضحاياها من المدنيين والعسكريين. أما نمط الإرهاب الذي عاشته إسبانيا في الآونة الأخيرة، فهو أعمى وإجرامي . فكيف لحكومة فتية أن تقاومه بفعالية، وقد فشلت في ذات المهمة القوة العظمى؟
يتوفر زعيم الاشتراكيين الإسبان، رغم ما يروج اليمين عن قلة خبرته بالسياسة وضعف شخصيته، ومباغتة الانتصار الذي حققه، يتوفر على عدة أسلحة فعالة، يبدو أنه بدأ يستعملها بمهارة ومرونة. أولها أنه لم ينتش بالنصر ولم يعبر عن حس ثأري، بل حرص منذ البداية على مد يده للجميع،واعدا بنهج& أسلوب التشاور والتراضي مع المكونات السياسية، بصدد القضايا الكبرى، بما فيها التعيينات في المناصب الكبرى التي يجب أن تراعى في إسنادها الاستقامة والكفاءة، كالقضاء والإعلام والديبلوماسية.
ويعلم ثباتيرو قبل غيره أن تصديه ومعارضته لسياسة الولايات المتحدة في العراق، سيجلب له أضرارا سياسية واقتصادية، وهو غير مستعد لاعتبارات أخلاقية وسياسية أن يمثل دور التابع الخانع لإملاءات واشنطن، حتى ولو كان الأمر مجرد تمثيلية وانتهازية محسوبة. وفي هذه الحالة، يجب أن يبحث عن ستار واق من جموح عناصر في الإدارة الأمريكية، يمكن أن تخلق له المتاعب، وتؤلب عليه قوى صاحبة المصلحة في إخفاق تجربته.
وترتيبا على ما سبق يفكر رئيس الوزراء الجديد، في إقامة حلف رمزي بينه وبين الملك خوان كارلوس. فهذا الأخير، لا يتدخل طبقا للدستور في الشأن العام السياسي، ولم يحدث منذ إرساء الديموقراطية في إسبانيا، أن نشبت أزمة دستورية بين عاهل البلاد ورئيس الجهاز التنفيذي. وجرت العادة أن يتحرك العاهل الإسباني سياسيا، عندما يطلب منه ذلك يرى فيه مصلحة عليا للبلاد، دون تماس أو احتكاك مع رئيس الحكومة.تلك أصبحت بديهية الحياة السياسية.
لقد لمح "ثباتيرو" إلى هذا الحلف الواقي، منذ اللحظات الأولى& فقد أعرب عن التزامه بوجوب الاحترام للملك، وأن حكومته ستسند له مهام رفيعة على المستوى الدولي للاستفادة من خبرته ووزنه المعنوي، بل وصفه بأنه سيكون أحسن من يمثل إسبانيا لدى سائر الدول.
واختار ثباتيرو مناسبة تشكيل الحكومة، ليضع الملك في تمام الصورة منذ لحظات التكوين الأولى .ناقش معه الأسماء ووضع أمامه حيثيات اختيار هذا دون ذاك.وقد تمت تلك الاستشارات والمشاورات، طبقا لما نشرته الصحف، في جلسات عمل لم يعلن عنها كلها، وبواسطة الاتصال بالهاتف.
ويبدو أن الإعلان التدريجي عن أسماء أعضاء الحكومة الإسبانية المقبلة، ربما يكون راجعا إلى الحرص على معرفة رأي الملك وخاصة في المسؤوليات الكبيرة.
وإذا لم يقدر اليمين الإسباني صعوبة تلك التحديات، ليتعامل مع الحكومة الجديدة بروح ديموقراطية ، فإن معاناة الاشتراكيين ستكون عصيبة. لذا لا مفر لهم من الاستناد إلى حليف ذي قوة معنوية، يمثلها الملك، باعتباره ضامن الوحدة والاستقرار.
ويدرك ثباتيرو والاشتراكيون البراغماتيون معه، أن إسبانيا مقبلة على خوض تجارب سياسية كبرى في الداخل، نذكر منها على سبيل المثال التعديل الدستوري الذي تطالب به فعاليات سياسية تحت ذرائع متباينة، كما يمكن أن يوضع على الطاولة مشكل إقليم الباسك، إذا قررت منظمة إيتا التخلي عن العنف، على غرار ما فعلته منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندية، إضافة إلى الأقاليم المحكومة ذاتيا والتي تنزع نحو مزيد من الاستقلالية عن الحكومةالمركزية.
إذا سار رئيس الحكومة الإسبانية وهو الاشتراكي، على هذا النهج في التساكن مع الملك، فليس في ذلك أي خرق للأعراف ولا خروجا على العقيدة الاشتراكية، فصانع التشاور الهادئ والمتصل مع عاهل البلاد هو الزعيم السابق "فيليبي غونثالث" الذي مارسه، باقتناع، في ظرف دولي ووطني خاص.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف