أخبار

الإصرار الأمريكي على دخول الفلوجة، أسبابه.. وأبعاده

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&صبري حجير
&
&
الفلوجة، مدينة صغيرة، تبعد عن بغداد حوالي أربعين كيلومتراً، وتقع في غرب العراق، ويعيش فيها حوالي ثلاثمائة ألف عراقي.
هذه المدينة الصغيرة، قاوم شعبُها الجيشَ الأمريكي، بتشكيلاته المختلفة، وبعتاده المتطور، وصمدَ مقاوموها أمام جحافل الغزاة.
منذُ بديء المعارك في مدينة الفلوجة،& قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، والجيش الأمريكي يتعرض لخسائر ضخمة في صفوف أفراده، وعرباته، ودبّاباته،& وطائراته، وتنقل المحطات الفضائيّة، العربيّة والعالميّة، صوراً لأفراد المارينز، وهم يخرجون من دبّاباتهم يتلوون من الألم، والنيران تأكل أجسادهم.
في بداية الهجوم الأمريكي على& مدينة الفلوجة، أطلّ علينا الجنرال " مارك كيميت " نائب قائد العمليات العسكريّة لقوات الإحتلال في العراق، بمؤتمرات صحفيّة، يشرح سير العمليات العسكريّة في مدينة الفلوجة، ويشير الى& الخرائط العسكريّة، وكأنّ معركة احتلال العراق بدأت من جديد! ورفض كيميت أيّ نوع من أنواع المفاوضات أو المحادثات مع الأعداء، حسب رأيه.
بعدَ أيّام من القتال الشرس، وسقوط عشرات القتلى والجرحى من الأمريكيين، طلبت ادارة الإحتلال من بعض أفراد مجلس الحكم العراقي الدخول في محادثات مع المقاومين في الفلوجة، لعقد هدنة، لإعادة الأمور الى ما كانت عليه. كانت القوات الأمريكيّة،& قد أحاطت بالمدينة،& قبل بديء الهجوم، ومنعت المواطنين العراقيين من الدخول والخروج منها، بناء على قرار من مجلس الأمن القومي الأمريكي، برئاسة جورج بوش، بهدف القيام بحملة عسكريّة تأديبيّة& للمدينة، التي قُتل& فيها& أربعة من رجال الأمن الأمريكيين، وسُحلوا في شوارعها، أمام كميرات& المحطات الإعلاميّة العربيّة والعالميّة.
كثيراً ما حاولت إدارة الإحتلال،& نصب شباك التضليل والخداع للمقاومين العراقيين، واستغلال بعض حالات الهدوء النسبي في المدينة، لإحداث اختراقات عسكريّة مفاجئة، لبسط السيطرة على أحيائها المقاومة، واثبات قدرة الجيش الأمريكي على احتلال المدينة، ومن ثمّ فرض شروط الإذلال على سكانها، إلاّ أنّ محاولاتها قد باءت بالفشل، لأنّ المقاومة العراقيّة في الفلوجة كانت على يقظة من أمرها، وتعرف مدى الكذب والدجل الأمريكيين. وقد أثبت الطرف العراقي المفاوض، الذي مثلته هيئة علماء المسلمين،& وأطراف اسلاميّة أخرى، قدراً عالياً من المسؤوليّة الوطنيّة،& اتجاه المدينة المحاصرة& وأهلها، حيثُ كانت الهيئة حريصة على تحقيق شروط أهالي الفلوجة ومقاوميها، دون الإذعان& لللإملاءات الأمريكيّة، رغم محاولات المباغتة، والتوغل في شوارع المدينة، واشتداد القصف الجوي الذي طال الأطفال والشيوخ والنساء، الذين ضاقت بهم ساحات المدينة ومستشفياتها المتواضعة. اعتبر الأمريكيون مدينة الفلوجة بأطفالها ونسائها وشيوخها، ساحة عمليات عسكريّة، لكنّ المدينة ببساطتها ضربت على الجيش الأمريكي المذلة والرهبة، وألحقت به الهزيمة، فلا قدرات عسكريّة متفوقة فلحت، ولا غذارة& نيران& نجحت،& ولاحدّة القصف أثنت شعبها عن المقاومة، وبات الشعب في الفلوجة هو صاحب قراره الوطني.
يوم الأربعاء 28 نيسان الماضي قال الرئيس الأمريكي جورج بوش: أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة ستتخذ الإجراءات المطلوبة والضروريّة لتوفير الأمن في مدينة الفلوجة، وأنّ القيادة العسكريّة في العراق، سوف تحسم أمر هذه المدينة، وسوف تفعل ماتراه مناسباً في هذا الشأن.
في الوم التالي لتصريحات جورج بوش، أي يوم الخميس، بدأت الطائرات الأمريكيّة والمروحيّات والقاذفات ( أي سي 103 ) تقصف البيوت، وتشعل الحرائق في أحياء المدينة، ردّ المقاومون العراقيون على الإختراقات الأمريكيّة، وأجبروها على التراجع، وشاهد العالم على شاشات التلفزة& كيف خرج الأمريكيون& من دباباتهم والنيران تحرق& رؤوسهم.
السؤال الذي يستدعي الإجابة هو: لماذا هذا الإصرار الأمريكي على دخول المدينة عنوة، واستباحتها& عسكرياً؟ رغم أن أهالي الفلوجة عقدوا اتفاقيات هدنة مع الجانب الأمريكي، وتوصّلوا الى خلاصات مكتوبة وموقعة، تقضي بوقف العمليات العسكريّة الأمريكيّة، وفكّ الطوق عن المدينة، وانسحاب القوات الأمريكيّة من حولها.
الجواب على هذا السؤال يقتضي التذكير بأنّ العالم كلّهُ شَاهَدَ وشَهِدَ على تقهقر الجيش الأمريكي، وهزيمته على أبواب الفلوجة، وعرفَ العراقيّون،& قبلَ غيرهم، أنّ القوات الأمريكيّة& لم تستطع دخول أيّة مدينة عراقيّة إذاما أرادَ أهلها الذودَ عنها، والتضحية من أجلها. والمعادلة العسكريّة في مدينة الفلوجة يكونها طرفان، الأول، تمثله القوى الإحتلاليّة، بما تمتلكه من قدرات وتقنيات عسكريّة متطورة. والطرف الثاني يجسده شعب أعزل لا يمتلك من السلاح إلاّ قليله، لكنّه يمتلك إيماناً راسخاً& وإرادةً صلبةً، تتحدى غطرسة الإحتلال، وترفع هامة الإنسان العراقيّ الذي يأبى الذلّ.
في معارك الفلوجة سقطت العقيدة العسكريّة الأمريكيّة، القائمة على الآلة العسكريّة المتطورة، والمعتمدة على أرقى شبكات الإتصالات والتنصت، لكنّها تفتقر الى العامل الحاسم في الحرب، وهو الإنسان والمؤمن بأهداف القتال.
البنتاغون الأمريكي يحاول تقوية نزعة الهجوم والسيطرة لدى قواته المحتلة، بإرسال مزيد من الآليات والدبابات وغيرها، كما جاء على لسان رئيس أركان الجيوش الأمريكيّة، ريتشارد مايرز، يوم الخميس 29 نيسان الماضي، حيثُ قال: أنّ البنتاغون يدرس الآن إمكانيّة إرسال مزيد من الآليات المدرعة الثقيلة الى العراق. وهذا كلّه يأتي في محاولة لتحقيق نصر عسكري على أرض الفلوجة، وإعادة شيء& من الإعتبار للعقيدة العسكريّة الأمريكيّة.
الدلالة الحاضرة أمامنا تؤكد انّ الجيش الأمريكي الذي احتلّ بغداد بسرعة غير متوقعة، بدأ يندحر ويتقهقر أمام المدن العراقيّة، وفي شوارعها. لقد شاهد العالم كيف يرفع الطفل العراقي إشارة النصر أمام الدبابة الأمريكيّة المحترقة، ولهذه الصور انعكاساتها على سيكيولوجية الجيوش الغازية.
الفلوجة& بداية الهزيمة للغزاة الأمريكيين، وبداية تحرر العالم من النوازع الشريرة، التي تحرك الإدارة الأمريكيّة للسيطرة على العراق، وسرقة نفطه..

السويد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف