أخبار

بعد أن تم ختانها جسديا وفكرياهل تخرج المرأة السعودية من قفص الدجاج؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
إيمان القحطاني
شاهدت فيلما هوليووديا رائعا (هروب الدجاج) عدة مرات وطالما كان المشهد الأخير يترك دوما تساؤلا في ذهني (هل ستخرج المرأة السعودية من قفص الدجاج؟) كما فعلت جينجر الثورية برفيقاتها الدجاجات حينما أقنعتهن بأن العالم الخارجي يحمل أسرارا جميلة وكانت الدجاجات يسألنها: ماذا سنجد هناك هل يوجد من يطعمنا ويوفر لنا المسكن؟ فترد عليهن جينجر بأن عليهن الاعتماد على أنفسهن للخروج والبحث عن لقمة العيش.
كانت أسوار القفص والكلاب المتوحشة وصاحبا المزرعة (الزوج الأحمق والزوجة المتسلطة ) يذكرانني كثيرا بالقيود الاجتماعية التي تشل حركة النساء في بلادي.
مؤخرا توالت علي بريدي الإلكتروني رسائل تلومني على ما أكتبه حول حقوق المرأة السعودية والمؤلم في تلك الرسائل حقا هي أنها آتية من أبناء قبيلتي يتبرءون مما اكتب ويحذرونني من مزالق الانفلات وراء الدعاوى الغربية والتهافت وراء أهل الفساد بل ويعتقدون بأنني اسبب حرجا كبيرا لاسمي !
المؤلم هنا أننا مازلنا نتحدث بعقلية القبيلة العقيمة والتي ألغاها الرسول من على المنبر منذ فتح مكة، بل وكان من ركائز الدين عدم التفرقة بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا تحت معيار التقوى.
ولو أدرك قومي هذا لما كلفوا أنفسهم عناء النصح والإرشاد فلقد انتهت عصور القبيلة واصبح الفرد هو المعيار في ميزان القوى العالمية ولكننا مازلنا في بلدنا نستفسر حول المعايير الجاهلية فهل هو ابن قبيلة عريقة وان أتتنا الإجابة بالنفي فنقول هذا تفسير منطقي لما قام به، بل ونقوم بتزوير الأوراق للحصول على فخذ عالي القيمة بينما العالم من حولنا يركض بجنون لتطوير التقنيات والآليات التي تضمن للفرد الحياة الكريمة.
إن غياب مفهوم الفردية Individualism لدينا لهو العائق الأكبر لحركة التنمية الاجتماعية وبالتالي فقد الإنسان قيمته كلية.
فلا غرابة إذا أن تكون المرأة السعودية محاصرة اجتماعيا فهي إن قررت الاختلاف والمضي في طريقها أصبحت موضع عار لأسرتها وقبيلتها أجمع. فان هي أرادت مثلا امتهان الطب فربما وجدت اعتراضا شديدا من لدن أسرتها وربما يأتي الاعتراض - وهنا مكمن الخطر- من أخيها الأصغر الذي سيواجه حرجا شديدا أمام أصدقائه إن أخته عملت في مشفى يضم في أرجائه الرجال وللأسف هذه الحادثة وقعت لصديقتي والتي كانت الأولى على منطقتها وهي تنحدر من أسرة عريقة.
وبناءا على هذه النظرة الذكورية التي ترتكز على أسس القبيلة نجد أقساما وتخصصات غير متاحة للمرأة السعودية كالصحافة والإعلام والطيران المدني والهندسة، ماعدا بالطبع هندسة الديكور.
إن أي مسألة اجتماعية قائمة على المفهوم القبلي لهي أكبر عائق أمام المساواة الإنسانية، بل هي خطر حقيقي يهدد الكيان المجتمعي.
ولإيضاح الصورة بشكل أوسع فلزم التطرق للفتاوى الصادرة من قبل مشائخ سعوديين أو من قبل مشائخ عرب كالشعراوي والغزالي والتي ساهمت في دعم هذه النظرة الذكورية ضد ما يطلق عليه المساواة الاجتماعية بين الجنسين فمبدأ "المساواة"&"Equality" مرفوض على الإطلاق لديهم، لذا فقد تهربت بعض الحركات النسوية الإسلاموية من استخدامه واستبدلته بمفهوم"العدالة" "Justice" حتى تؤطر مطالباتها ضمن المفهوم الشرعي والذي لاقى قبولا لدى الأوساط الإسلامية كما انه طرح كبديل من قبلهن لمفهوم المساواة خلال المؤتمر العالمي للمرأة في بكين عام
&1995م.
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام السعودية - رحمه الله - في إحدى كتبه بان الله أمر في كتابه بتحجب النساء و لزومهن البيت ونهاهن عن تبرج الجاهلية ويستند في ذلك على الآية (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء حتى أخر الآية.. وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى إلى آخر الآية، ويقول وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحههن وإيمانهن فغيرهن أولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن ويشير في ذات الكتاب إلى الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجل المؤدي للاختلاط سواء كان ذلك من التصريح أو التلميح أو التلويح بحجة مقتضيات العصر والذي له تبعاته وثمراته المرة رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.
ويذكر الشيخ بن باز بان الكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه فأمر أمهات المؤمنين وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن و إبعادهن عن وسائل الفساد لان الخروج لغير حاجة قد يفضي إلى التبرج كما قد يفضي إلى شرور أخرى. انتهى
أما الشيخ الشعراوي فيقول إن وظيفة المرأة هي الحنان وإذا كانت ترغب في العمل فيؤكد بان بإمكانها ذلك " في مملكة بيتها : وزيرة صحة، ووزيرة تعليم، ووزيرة مالية، وقاضية بين أولادها".
وفي مسالة أخرى تخص ختان الإناث فلم يكن راغبا في إدانة ممارسة ختان الإناث بأي حال ويشير إليه بكلمة خفاض ويرى أن شرط إجراء هذه العملية للنساء هو أن يكون البظر : زائدا وعاليا عن حواف محلها فينقطع الزائد منه فقط لأن بروزه يجعله عرضة لاحتكاك الثوب فتظل الأنثى معرضة للاشتهاء فتتاهفت على الرجل مما يسقط كرامتها عنده.
مع انه لم يثبت نص في انه يجب شرعا ختان الأنثى.
أما الشيخ محمد الغزالي فيقول في كتابه "قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة"إلى أن قضية المرأة هي قضية هامشية تم إساءة استخدامها من جانب معسكرين - كلاهما يهدد الإسلام وهذان المعسكران هما الغربيون والمستشرقون والمتطرفون داخل الإسلام ذاته.
اختلفت آراء العلماء المطروحة في النصوص السابقة ولكنها تصب في قالب الرؤى الذكورية من منطوق إسلامي تجاه المرأة.
فهؤلاء العلماء الاجلاء في واد والمرأة في واد، حيث أنها خرجت وتعلمت وعملت ولكن ما هو الأثر الخطير لتلك الفتاوى التي تنتشر في ردهات مدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا ومستشفياتنا، ويكمن الخطر في ضخها من قبل جهات عليا حكومية رسمية كمنظور حياتي مجتمعي، ومن ثم تلقي وامتصاص عقول العوام لها.
قرأت مؤخرا مقالا مطولا للدكتور محمد فاروق (أيتها المرأة السعودية رأسك على قائمة الاغتيالات الأمريكية) ويقول فيه" يبدو أن الدور قد حان على نسائنا ليلحقوا بركب الحضارة الغربية الماجنة، فبين عشية وضحاها صارت بلد كالسعودية مطالبة بشكل أو بآخر بالامتزاج في هذا التيار الجديد والذي أصبح لا همّ له إلا إعطاء المرأة السعودية الغافلة حقوقها (الإنسانية) بداية ولكي نفهم طبيعة هذه المؤامرة التي تحاك لهذا المجتمع النسائي المكنون، لابد أن نتعرف أولا على ماهية تلك الأفكار التي تتحدث عن (تحرير) المرأة المسلمة وتحديد هوية المستنقعات الفكرية العفنة التي تفرز مثل هذه الأفكار، المرأة لا ينظر إليها في المفهوم الغربي إلا على أنها فرد بدرجة (مواطن). المقال طويل ولا مجال لاستعراضه هنا وبغض النظر عن الطرح التقليدي لنظرية المؤامرة الغربية التي يطرحها الكاتب والتي أقرتها خطاباتنا منذ عقود ماهي إلا تتمة لدائرة التسطيح الفكري الذي شمل ذلك الخطاب فهو ينبري دائما للتحذير من مخاطر وهمية ومؤامرات تحاك ضد شرف المرأة العربية والسعودية تحديدا وذلك بسبب الخصوصية التي تحاط بها وتجعلها نوعا ما مختلفة سلبا عن نساء الخليج والعالم العربي.
كم هي مسكينة المرأة السعودية فلم يكفهم تحملها للضغوط الاجتماعية المحلية حتى يأتي من يزايد على قضاياها بسذاجة وسطحية.
ونتاجا لتلك الفتاوى التي تقمع المرأة شكلا ومضمونا فقد قامت بعض المشاركات في الحوار الوطني الأخير في المدينة والذي تناول قضايا المرأة السعودية حقوقها وواجباتها بتقديم خمس توصيات - تختلف عن التوصيات التسعة عشرة التي خرج بها اللقاء الثالث - لولي العهد و جاء من ضمنها تشكيل لجنة نسائية استشارية لهيئة كبار العلماء السعودية لجمع البيانات والمعلومات، وإعداد الدراسات الاجتماعية لدعم مهمة العلماء في إصدار فتاوى.
ومن الضروري تفعيل تلك التوصية في الوقت الحاضر، وعدم التواني في آليات تنفيذها، ومنبع ذلك يأتي من الخطر المحدق الذي تسببت به تلك الفتاوى الخارجة عن إطار العصر ومتطلباته في وضع المرأة السعودية وانتقالها لتؤثر سلبا على وضع المرأة العربية بشكل عام.

** صحافية سعودية
خاص بإيلاف
faith2020@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف