إيلاف+

الدولة اللبنانية تشدد الحصار على المخيمات والانسان الفلسطيني لا يتمتع بأي حقوق مدنية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&
بيروت: ريما زهار: تتولى وكالة الغوث الأنروا الجانب التعليمي للشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان ولها مدارس في جميع المخيمات الفلسطينية، وهذه المدارس تقتصراطفال فلسطينيون يطلبون الحمايةفقط على المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وعددها 77 مدرسة في لبنان وهي مدارس في معظمها ذات دوامين صباحي ومسائي وذلك يعود إلى قلة عدد المدارس بالنسبة لعدد الطلاب، وهو نظام له آثاره السلبية على الطلاب، فالصفوف تتسع لأقل من ثلاثين طالب.
وإلى جانب مدارس الأنروا تتواجد في المخيمات رياض للأطفال ترعاها مؤسسات أهلية ومنظمات فلسطينية وقد أصبحت رياض الأطفال أمراً واقعياً ضرورياً في مخيمات لبنان ويسجل هنا إقبال الأهالي على تسجيل أطفالهم في هذه الرياض، وتتسم هذه الرياض بانخفاض ملحوظ في قيمة الأقساط بالنسبة للرياض في المدن اللبنانية ولكن معظمها أو كلها تقريباً غير مسجلة بشكل رسمي لدى الدوائر الحكومية وذلك لأن المنازل والأراضي المنشأة عليها هي ليست أملاك خاصة، والدولة لا تعترف إلا بالأنروا راعية للجانب التعليمي في المخيمات.
ثانياً في السنوات الماضية وقبيل الحرب الأهلية اللبنانية وانتشار التنظيمات الفلسطينية كان الشعب الفلسطيني في لبنان يسجل نسب عالية في المستويات التعليمية حيث كان التعليم يشمل جميع الأطفال، ثم بدأت هذه النسب في التراجع لتزداد نسبة التسرب من المدارس ونسبة الأمية، حيث شكلت هذه النسبة في إحصاء أخير أجراه المكتب المركزي للإحصاء والمصادر الطبيعية الفلسطيني، وبالتعاون الفني مع الأنروا، فذكر التقرير "بلغت نسبة الأميين وأشباه الأميين ما يقارب 48% من مجموع السكان، ترتفع للإناث إلى 51% وتنخفض للذكور إلى 45%، في حين بلغت نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية فما فوق 4.2%".
أهم المشاكل التعليمية
يواجه أبناء المخيمات وخلال تحصيلهم العلمي صعوبات كثير، وكثيراً ما تكون هذه الصعوبات عاملاً مهماً في تسرب الطلاب من المدارس واتجاههم إلى العمل في سن مبكرة، فمن ناحية سجلت مدارس الأنروا تراجعاً كبيراً في الخدمات التعليمية والتي كانت تقدمها للطلاب، حيث أن هذه المدارس هي مجانية في جميع أمورها (كتب، قرطاسية، أقساط) وقبل سنوات لم تعد الأنروا تؤمن القرطاسية ثم أصبح الطالب يدفع رسم دخول وتسجيل وأصبح كذلك يدفع ثمن أوراق الامتحانات وبدأت إدارات المدارس مسؤولة عن تحسينات المدارس وبهذا فإن نظام الأنروا سيصبح مطابقاً لنظام المدارس الرسمية في لبنان وكل هذه الأعباء المالية لم يكن يشعر بها اللاجئ الفلسطيني في لبنان. كما وقد ازدادت هذه الأعباء على الأهل في المخيمات بدفع الأقساط لرياض الأطفال ومتطلباتها وهي أمور لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة وكذلك يواجه طلاب مدارس الأنروا مشكلة تأمين متابعة الدراسة الثانوية والذي لا تغطيه الأنروا، فإما أن يلتحق الطالب بالمدارس الرسمية اللبنانية وإما بالمدارس الخاصة الباهظة التكاليف
والمشكلة الكبرى للطالب الفلسطيني هي المرحلة ما بعد الثانوية مرحلة الالتحاق بالجامعة أو الكلية بحيث يضطر الطالب إلى التوجه إلى الجامعة اللبنانية رسمية تختص فقط بالناحية الأدبية أو على الطالب أن يتوجه إلى معهد سبلين للتعليم المهني (أنروا) وهنا يسجل فقدان المنح التعليمية حيث كانت منظمة التحرير تؤمن منحاً تعليمية إلى الدول الاشتراكية، ساهمت كثيراً في متابعة الكثير من الطلاب للتحصيل العلمي.
أما بعد التخرج يواجه الفلسطيني مشكلة إيجاد عمل يتلاءم مع التحصيل العلمي، فهناك أكثر من ستون مهنة ممنوع على الفلسطيني مزاولتها إلا ضمن أطر ضيقة كوظائف الأنروا(tm) ومن بعض هذه المهن الطب والهندسة والمحاماة والتعليم الجامعي والثانوي.. إلخ.
كما وأنه في العام 1996 صدر مرسوم من الأنروا يقضي بعدم قبول الأساتذة أصحاب الشهادات الجامعية، ويقبل فقط حملة البكالوريا اللبنانية لعامها والمقصود بهذا القرار، تخفيف رواتب المعلمين وهذا يؤدي إلى تراجع المستوى التحصيلي والتعليمي لدى المدرسين في مدارس الأنروا، وكذلك إلى امتناع الطلاب عن متابعة التحصيل الجامعي حيث لا فائدة من الشهادة الجامعية
الواقع الصحي في المخيمات
تشكل الناحية الصحية والاستشفائية أزمة كبيرة وهماً عظيماً عند أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهذا الواقع الصحي قد مر بمراحل مختلفة فمن المرحلة البدائية في العناية الصحية إلى مرحلة الصعود الكبير في توفر الخدمات الطبية إلى مرحلة الهبوط المستمر في تقليص الخدمات الطبية والاستشفائية عند الفلسطينيين وقبل استعراض هذه المراحل لابد من الإشارة إلى أن الناحية الصحية لأبناء الشعب الفلسطيني في لبنان هي ضمن اختصاص وإشراف الأنروا كهيئة عالمية مسؤولة عن هذه الناحية، يساعدها في ذلك مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني.
المرحلة الأولى المرحلة البدائية
يحدثنا الكبار في السن عن المستوصفات التي كانت عبارة عن خيم كبيرة تهتم بالأمور الطبية وهذه الفترة تلازمت مع السنوات الأولى من النزوح إلى لبنان وهي كانت متلائمة مع وضع المخيمات خيم وتجمعات منازل الزينكو وهي فترة كانت يكثر فيها انتشار الأمراض المعدية في الوسط الفلسطيني من الكوليرا واليرقان والتيفوئيد والقمل وذلك عائد إلى سوء الأوضاع البيئية والتي كان يعيش فيها اللاجئ الفلسطيني، وكذلك إلى قلة التوعية وعدم الاهتمام الصحي من قبل الأنروا والأهل على حد سواء
المرحلة الثانية مرحلة الترف الطبي
في سنوات المجد للأنروا السبعينات وبداية الثمانينات بلغت الخدمات الطبية والتي كانت تقدم للشعب الفلسطيني أوجها، ففي كل تجمع ومخيم أقيم عيادات صحية للأنروا إشراف صحي مستمر على طلاب المدارس تعاقد مع أكبر المستشفيات الخاصة حيث كان يحول إليها المريص الفلسطيني حيث كان يتلقى العلاج مجانياً وعلى حساب الأنروا.
وقد شهدت هذه الفترة أيضاً الصعود الكبير لمؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني، مستوصف في كل مخيم ، مستشفيات متطورة مثل مستشفى عكا في بيروت ومستشفى في مدينة صيدا، طاقم طبي جيد جداً يضم أطباء من دول أوروبية أو عربية، إضافة إلى كون هذه المؤسسة مؤسسة مجانية العلاج.
فلم يكن فلسطينيو لبنان يشعرون بثقل الهم الاستشفائي، لدرجة أنهم كانوا يُحسدون من قبل اللبنانيين على النعيم الذي هم فيه.
المرحلة الثالثة - الهبوط المستمر
بدأت هذه المرحلة منذ عام 1984 وهي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، وقد أدى إلى ذلك عوامل كثيرة نذكر منها: خروج القيادة الفلسطينية المركزية من لبنان وتقليص الأنروا للخدمات التي تقدمها للشعب الفلسطيني في لبنان وتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان بشكل عام.
وقد نتج عن ذلك أن مؤسسات الهلال الأحمر تدنت خدماتها الصحية إلى أن وصلت إلى نقطة الصفر، فهجرها معظم الأطباء والعاملين فيها نتيجة لتدني الأجور وبشكل غير معقول فراتب الطبيب 150 ليرة لبنانية، ثم أغلقت الكثير من مراكزها الصحية في المخيمات، وشهدت المؤسسة إضرابات كثيرة تطالب بتحسين وضع العاملين فيها، ثم أن هذه المؤسسة تحولت وبجميع فروعها من مؤسسة مجانية إلي مؤسسة ذات نظام شبيه بنظام المؤسسات الخاصة فأصبح الإنسان الفلسطيني العادي لا يستطيع الاستفادة من خدمات هذه المؤسسة إلا بدفع المال وفي الوقت الذي فقد فيه الفلسطيني في لبنان من المداخيل المالية والمساعدات العينية والتي كانت تصله سواء من المنظمات أم من الأنروا.
ثم إن هذه المؤسسة فقدت جودة الطاقم الطبي العامل فيها، وازداد الأمر سوء عندما ألغت هذه المؤسسة التحويلات الطبية إلى المستشفيات الخاصة، وبحجة سوء الأوضاع المالية للمؤسسة في هذه المرحلة شهد مستشفى الهمشري والتابع للجمعية إدخال تحسينات ملحوظة وبدعم من مؤسسات أوروبية. أما فيما يخص الأنروا فقد تدنت خدماتها الصحية في هذه المرحلة إلى درجة متدنية جداً، وذلك بالمقارنة عما كانت عليه سابقاً وأهم معالم هذه المرحلة هي:
* تقليص عدد التحويلات إلى المستشفيات الخاصة خلال الشهر الواحد
* التعاقد مع أضعف المستشفيات الخاصة في المناطق
* حصر تحويلات علاج الأمراض المستعصية بمستشفى أوتيل ديو في بيروت
* تحسين أوضاع العيادات الصحية في المخيمات وإضافة أفراع جديدة، والكل يشكو من سوء المعاملة، عدم وجود أدوية، ضعف الكادر الطبي العامل في هذه العيادات
الهم الصحي
في هذه المرحلة شعر الإنسان الفلسطيني بثقل الهم الصحي، فالتجأ إلى المستوصفات الأهلية يتعالج فيها، ثم حمل لوحده هم تأمين تكاليف الاستشفاء من الأمراض المستعصية قلب، كلى، سرطان، والتجأ الناس إلى الجمعيات الإنسانية والخيرية يطلبون العون والمساعدة، ثم الوقوف أمام المساجد لجمع التبرعات لمريض احتاج إلى عملية جراحية، وقد وصلت الحالة بالبعض أن جال على المنازل يطلب المساعدة من أجل مريض ابتلاه الله بمرض فلم يجد من يساعده كل ذلك في وقت ارتفعت فيه تكاليف الاستشفاء في لبنان حتى شكى منها الأغنياء وتكبر المأساة حين لا تجد من يساعد من المؤسسات الخيرية في الجانب الصحي
الواقع الاجتماعي للمخيمات الفلسطينية
المخيمات الفلسطينية في لبنان تشكو من واقع اجتماعي صعب، إن كان هذا الواقع يتمثل في البيوت غير الصحية أم في الطرقات الرديئة، أم في عدم توفر مقومات البيئة السكنية السليمة فالمخيم عبارة عن بيوت كانت في البدء من الخيم (الشوادر) ثم تطورت بجهد أهلها فأصبحت من الزينكو والآن معظمها من الباطون المسلح، وهي منازل متراصة بعضها على بعض وذلك نتيجة للكثافة السكانية المتزايدة مع عدم زيادة مساحة المخيم العامة، حتى أنه في بعض المخيمات سقفت الأزقة وبني فوقها فأصبحت ممرات ضيقة لا ترى نور الشمس فيها.
وقد عمد أهل المخيم إلى بناء المنازل ذات الطوابق المتعددة وذلك عند عدم توفر قطعة أرض لبناء منزل عليها لشاب يريد أن يتزوج، والمنازل في معظمها تتألف من غرف تضيق بسكانها، وهناك الكثير من المنازل التي لاتزال مسقوفة بالزينكو، وهذا واقع اجتماعي صعب يؤدي إلى أمراض اجتماعية وخيمة تشكو الكثير من العائلات منها والمخيمات في معظمها تشكو من الطرقات المحفرة ومن مجاري الصرف الصحي المكشوفة ومن قلة مياه الشرب وتلوثها في كثير من المخيمات ومن تراكم النفايات في الشوارع، كل ذلك يعود إلى عدم قيام الأنروا بواجبها تجاه هذه المخيمات، والحديث في دوائر الأنروا يدور منذ أكثر من سنة عن تجديد البنى التحتية للمخيمات، ووفود أجنبية تزور المخيمات وخرائط ترسم والمشروع لم ير النور بعد.
أما فيما يختص بالكهرباء فالأمر في غاية التعقيد الناس بحاجة إلي الكهرباء وشبكات الكهرباء في المخيمات لم تجدد مع شبكات المناطق اللبنانية بحجة أن الناس لا يسددون فواتير الكهرباء الشهرية وأن المخيمات لم تقدم طلبات للحصول على عداد للكهرباء، فالناس يقضون فصل الشتاء يعانون من عدم توفر الكهرباء وتدخل اللجان الشعبية في المخيمات مع شركة كهرباء لبنان في مباحثات طويلة لحل مشكلة الكهرباء في المخيمات ولكن حتى اليوم نسمع تهديد شركة الكهرباء بقطع التيار الكهربائي عن المخيمات لعدم تجاوبهم معها والناس معظمهم بدأوا التجاوب مع شركة الكهرباء ولكن الأوضاع الاقتصادية صعبة وشركة الكهرباء لا تراعي هذه الأمور بحيث يتوجب على المشترك دفع نصف مليون ليرة للحصول على عداد للكهرباء.
وأما التمديدات الهاتفية ممنوعة على المخيمات، ومنذ شهرين منعت السلطة اللبنانية دخول مواد البناء إلى مخيمات مدينة صور، كذلك فإن عدد كبير من البيوت في المخيمات قد بنيت خلال الأحداث على أراض هي ملك للدولة، وأملاك خاصة واليوم كل هذه المنازل مهددة بالهدم والإزالة مع إعطاء شيئاً من التعويضات لساكينها.
وأما بالنسبة للمدخول المالي لأسر المخيمات، فإن مخيمات مدينة صور والشمال والبقـــاع يعمـــل معظــــم أهلها في الزراعة والبساتين، وأما مخيمات مدينــــة بيروت وصيدا فيعمل معظمهم في مهن البنــــاء والصناعة وإن كان هناك الكثير من الأسر الفلسطينية ذات المدخول المرتفع جداً إلا أن هذا الواقع لا يبعد ظلال الفقر عن الكثير من أبناء هذه المخيمات ذلك يترافق مع كثرة أسر وعائلات الشهداء والمعوقين والأرامل داخل المجتمع الفلسطيني نتيجة لسلسلة الحروب التي قد مرت على المخيمات
المؤسسات الاجتماعية العامة على ساحـة المخيمات
ونحن نتحدث عن الواقع الاجتماعي للمخيمات الفلسطينية في لبنان، لابد أن نلقي الضوء على المؤسسات الأهلية والإنسانية العاملة ضمن المخيمات، ولها الفضل في تخفيف المعاناة الاجتماعية عن الأهل في المخيمات وإن هذه المؤسسات الأهلية والإنسانية، وإن كان عملها ذات طابع إنساني إلا أنها في معظمها لها منطلقاتها الفكرية والسياسية الخاصة بها فمنها المؤسسات التبشيرية والعلمانية والإسلامية ومنها المؤسسات الأوروبية والعربية واللبنانية والفلسطينية وأبرز هذه المؤسسات
* مؤسسة الشؤون (الأنروا) تساعد الأرامل وأسر المرضى الذين لا يستطيعون العمل، وأسر الكبار في السن، ويقدمون خدمات هي عبارة عن مواد تموينية كل شهرين وأحياناً مساعدات مالية
* مؤسسة الشؤون، منظمة التحرير ترعى أسر الشهداء براتب شهري في حده الأقصى 140ألف ليرة لبنانة
* مؤسسة النجدة الشعبية، الجبهة الديمقراطية مشاغل ودورات تعلمية للنساء
* الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، فتح روضات ومشاغل خياطة للنساء
* اتحاد المعوقين الفلسطينيين اهتمم ورعاية شؤون المعوقين
* مؤسسة الصمود كفالة أيتام ومشاريع قروض
* هيئة الأعمال الخيرية، مكتب لبنان كفالة أيتام، روضات، بناء مساجد
* الهيئة الإسلامية للرعاية كفالة أيتــــام فـــــي منطقة الجنوب فقط، مشاريع موسمية، أضاحي ومساعدات
* المساعدات الشعبية النروجية اهتمام بالمعوقين، مساعدات موسمية
* المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية والهيئة الاجتماعية للرعاية ومؤسسات كثيرة تعمل في الوسط الفلسطيني ضمن جوانب متعددة واهتمامات خاصة وهي في جميعها حتى الآن لا تسد الحاجة فتجد الكثير من الأيتام غير المكفولين والكثير من المعوقين بلا مساعـــــدة، وفي هذا المجال أسست جمعية سنابل ممثلة كل المخيمات الفلسطينية، لتكون رافداً هامـــــاً مـــــن روافد العمل الاجتماعي داخل المخيمات وقد اتخــــذت لها أفرعاً ومندوبين في جميع المناطق التواجد الفلسطيني
أزمة الهوية والمصير
في ضوء المراحل السابقة والتي عاشها الفلسطينيون في لبنان، ومن بداية النكبة ومروراً بفترة تصاعد الثورة الفلسطينية وفترة ما بعد الاجتياح الإسرائيلي للعام 1982 وانتهاءً بالحروب التي اندلعت حول المخيمات ومن ثم السير بعملية التسوية في المنطقة وما نتج عنها من واقع جديد في المنطقة، عانى الفلسطينيون الأمرين على صعيد الحفاظ على هويتهم ونتيجة لانتمائهم لهذه الهوية والفلسطينيون حتى اليوم لايزالون يطالبون بالحقوق المدنية، وهذا لا يخفى على أحد ، والدولة اللبنانية تشدد عليهم حصارها في مخيماتهم وخارج المخيمات بدلاً من إعطاء الإنسان الفلسطيني الحقوق المدنية التي يتمتع بها أي إنسان يعيش على هذه الأرض وكل ذلك بحجة أن الدولة لا تريد توطين الفلسطيني في لبنان لكي لا ينسى وطنه.
فلا حقوق مدنية كما في سائر الدول وقرارات حكومية تشدد الخناق على الفلسطيني في لبنان (تأشيرة سفر، إجازة عمل، فرض ضرائب باهظة على الشركات التي توظف عمالاً فلسطينيين)، كل ذلك يؤدي إلى تزايد حالة اليأس والتي يعيش فيها الشباب الفلسطيني في لبنان فلا يجد أمامه سوى محاولة الهجرة (الهروب) إلى ألمانيا وكندا وإلى جانب هذه الأمور تأتي قرارات الدولة لإزالة المنازل المخالفة في المخيمات ومنع دخول مواد البناء إلى المخيمات وخصوصاً في مدينة صور، ثم الحديث عن ضرورة إزالة مخيمات بيروت ومن ثم الكلام المتكرر من قبل جميع السياسيين اللبنانيين بعدم القبول بمنح الجنسية أو التوطين وكلام عن ترحيل جماعي إلى العراق ورفض لمقترحات تتقدم بها وكالة الغوث أنروا لتحسين أوضاع الفلسطينيين في لبنان.
كل هذه الأمور شكلت هاجساً قوياً عند الفلسطيني في لبنان، وجعلت الاستعداد أقوى عند الجميع للسفر إلى الخارج، وأصبحت تجد الكثير من الأسر في المخيمات الزوج مهاجر والأم وأولادها في لبنان، لا يستطيعون اللحاق به، والمسافر لا يستطيع القدوم إلى لبنان إلا بجهد جهيد، كل هذه الأمور كان لها انعكاســـات سلبية على الواقع الاجتماعي والاقتصاد في المخيمات.
واليوم يفتقد الفلسطينيون في لبنان إلى المرجعية القوية والتي تحمل همومهم وتتحدث باسمهم، فلا أحد يدري أتكون المرجعية رجالات فكر تنشأ مرجعية جديــــــدة أم رجال دين أم هي المنظمات المعارضة لنهج التسوية في وقت تشهد الساحة الفلسطينية فيه عودة ملحوظة لرجالات سلطة منظمة التحرير الموالية لياسر عرفات، وزيارات متكررة للوفود الفلسطينية إلــــى لبنان.
وأمام كل هذا لا يستطيع الإنسان الفلسطيني في المخيمات إلا أن ينتظر ويترقب ما ستؤول إليه أوضاع المخيمات مع تجهيز جميع مستلزمات السفر على أمل أن يفتح باب للهجرة وأي مأساة بعد هذا الضياع والخوف الدائم من مصير مجهول الجميع يتباحث فيه سوى الأهل المعنيين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف