مراجعة القرن العشرين: اكتشاف التوتاليتارية:عدو كلي، حرب كلية، دولة كلية
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هتلر وموسوليني وفرانكو وديكتاتور البرتغال سالازا
حنا آرندت و"أصول التوتاليتارية
أمام هذه المراجعة التاريخية، يرى الباحث أنه يجب التمييز بين الأنظمة والحركات ومختلف الأهواء التوتاليتارية. ويجب التفكير أيضا بأن استمرار الأنظمة التوتاليتارية بات أكثر فأكثر صعوبة بباعث من انتشار شبكات الاعلامياء الجديدة (فاكس، أنترنيت، بريد ألكتروني، الخ.) التي تمد الأفراد بقدرات واسعة على الافلات من الصمت والعزلة الفكرية.
تمتاز الحركات التوتاليتارية الحالية بصغرها وتشرذمها
وأمام غياب الدولة التوتاليتارية، ينشأ اليوم في الغرب خطر الحركات التوتاليتارية. لفهم هذا، ينبغي البدء بتحديد معني التوتاليتارية. هي في نظر الباحث كل حركة تدعي حيازة الحقيقة المطلقة وتبشر بها كمعتقد جازم وصارم وتلزم أتباعها بالخضوع المطلق. انها كل حركة تقيم معارضة حاسمة بين "نحن" و"الآخرين" وتزيل جميع الموانع الأخلاقية والمثل العليا التي كانت الديانات والفلسفات المختلفة، بما فيها العلمانية، أفرزتها وأرستها& في الموروث الثقافي والسلوكي للانسانية. بايجاز، هي كل حركة تنهض كديانة جديدة تلزم أتباعها بالامتثال المطلق والتنفيذ الحرفي والأعمى لتعاليم تصدر عن "الرأس" وتطبقها "القاعدة" في بناء يظل هرميا ومراتبيا. وتشكل ملة "أوم" اليابانية التي نشرت الغازات في أنفاق القطار الجوفي (المترو) في طوكيو مثالا حديثا على هذا النوع من الحركات التوتاليتارية.
حتى تقوم حركة توتاليتارية، يلزم أن يتوفر ما يدعوه الباحث بالهوى التوتاليتاري أو العصبية التوتاليتارية. وهي تتلخص برفض كل نسبية والايمان بحقيقة مفردة لا تقبل النقاش والقول بوجود أخيار ينبغي استمالتهم ولو بالعنف وأشرار يجب ابادتهم. هذه الأهواء التوتاليتارية تتمخض، لدي دخولها حيز التنفيذ، عن دينامية توتاليتارية. وتستمد هذه الحركات قوتها من تلاعبها بشعارات نبيلة كرفض عدم المساواة والنفعية المادية. كما تقوم على فراغ الساحة الفكرية وخلو الحياة في الغرب من القناعات الروحية. انها تستغل ارادة في التغيير وتطلعا الى الانعتاق وتوجههما نحو العنف. وتمتاز الحركات التوتاليتارية الحالية بصغرها وتشرذمها، فهي تعوض أساسا عن غياب الدولة التوتاليتارية والأيديولوجيات الاستبدادية الكبرى كالنازية.
"عدو كلي، حرب كلية، دولة كلية"
ان فكرة الدينامية التوتاليتارية هذه هي الابتكار الرئيس لآرندت. فلم يعد من المهم أن تتقدم دولة ما أو حركة ما بآيديولوجية توتاليتارية وأن تتوفر على الشروط الخمسة التي ذكرها ك. ج. فريدريك وزبغنيو بريزنسكي أم لا. المهم هو أن تتوفر هذه الدينامية التوتاليتارية وما يرافقها من عنف لا يرتدع أمام جميع النوازع الدينية والأخلاقية والفكرية. يكفي أن تؤمن حركة بامتلاكها& السبيل الى الخلاص الأمثل وسعيها الى تعجيل مسار التاريخ من أجل ذلك. هذه الأشياء التي كان الفيلسوف والحقوقي الألماني كارل شميت قد لخصها منذ 1937 في مقالة حملت العنوان شديد الدلالة: "عدو كلي، حرب كلية، دولة كلية". انه تصور عدو شامل يمكن أن يكون طبقة معينة أو أمة أو نمطا من البشر، تجب ابادته في حرب شاملة سعيا الى هيمنة كلية.
عرض كاظم جهاد
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف