هؤلاء هم الأبطال.. يا مفجّري الجوامع والكنائس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس جديداً أن تتعرّض أماكن عبادتنا للتدمير، وقتل المصلّين الآمنين، فالأحداث المتتالية تخبرنا الكثير الكثير عن ذلك، مروراً بلبنان وفلسطين والعراق وغيرها.. وغيرها.
ولكن الجديد في الأمر، أن يبيض (من باض) الإرهابيّون منظمة جديدة كل ربع ساعة، تدّعي مسؤوليتها عن الدمار المخزي الذي ألحقته بالجوامع والكنائس على حدّ سواء.
مرّة، أحرق أحد المهووسين جامعاً في مدينة أدليد الأسترالية، فألقي القبض عليه وأودع السجن، وسط ازدراء سكّان المنطقة المسيحيين لجريمته اللاأخلاقية واللاإنسانية، وتبرعاتهم السخيّة من أجل إعادة بناء الجامع.
مرة ثانية، كنت أعرّف حفلة خيرية من أجل إعادة بناء كنيسة أحرقت خلال الحرب اللبنانية الوسخة، وقبل أن أعتلي المسرح لجمع التبرعات، اقترب مني تاجر مسلم، وهمس في أذني، والله يشهد على ذلك، وأعضاء جمعية تلك القرية:
ـ هذا شيك مفتوح، لا يوجد عليه سوى توقيعي، أرجوك، متى انتهيت من جمع التبرعات أن تضاعف المبلغ المحصّل بهذا الشيك، دون أن تذكر اسمي. وهكذا صار.. رحمك الله يا أبا أحمد، فلقد دخلت الجنة من أحد أبوابها الثمانية.
مرّة ثالثة، تبرعّت امرأة مسيحيّة، منذ أسبوعين فقط، بخاتم زواجها من أجل شراء جامع في سيدني، لجماعة سلفية، ترفض استدانة المبلغ من المصارف، وكانت المرأة تخدم المجتمعين (كنادلة) في إحدى القاعات الكبرى من أجل جمع التبرعات، وقد فاجأت الحضور بالتفاتتها المؤثرة تلك، فأعيد بيع خاتمها عشرات المرّات، أي أن كل من اشتراه، كان يعيد بيعه، فجمعوا من جرّاء ذلك آلاف الدولارات. وعندما سئلت (أم جورج) عن ذلك، قالت: هذا بيت الله، ومن حقي أن أشارك بشرائه، كي يحمي الله أطفالي.
مرّة رابعة، طلبت امرأة أسترالية مسيحية من كاهن الكنيسة التي تصلّي بها، أن يزورها عند الساعة الخامسة صباحاً، دون أن أي اعتراض أو تأخير، وكم كان حزنه عظيماً عندما أوقفته على شبّاك جيرانها المسلمين المشردين من بلدانهم، ووجد أربعة أطفال ينامون على الأرض بدون فراش أو غطاء، فهرع إلى مكتبه، واتصل بمؤسسة القديس فنسنت الخيرية، فأرسلت شاحنة كبرى من المفروشات لتلك العائلة المنكوبة.
وأتحدّى كل من يقول ان الكنائس الأسترالية، التي فتحت أبوابها لمشردي أفغانستان والعراق وغيرهما، وآوتهم، قد طلبت من أحد منهم أن يتنصرن. هم أحياء، وبإمكان أي مؤسسة إسلامية أن تجري بحثاً في ذلك. حتى أن الكنيسة ترفض إخضاع الفتاة المسلمة (أو أي فتاة من دين آخر) لسرّ المعموديّة. لأن الإخضاع، بعرف الكنيسة ضغط، أو بالأحرى (إرهاب)، قد تتعرّض له الفتاة بسبب غرامها بالشاب المسيحي، والكنيسة ترفض ممارسات كهذه، خاصة إذا كانت الفتاة مؤمنة بالأساس بالله الواحد الأحد.
مرّة خامسة، أخبرني أحد أصدقائي المسيحيين، أن محسناً مسلماً كان أحد أكثر المتبرعين من أجل بناء كنيسة في قريتهم اللبنانية، وأن مسلماً آخر من أبناء طرابلس الفيحاء، تبرع بتعبيد الطريق إلى الكنيسة، وكم وجدته فرحاً ومتباهياً عندما اعترف أمامي: أن كنيسة قريته بناها المسلمون.
مرة سادسة، إن أنسى لا أنسى يوم دعاني جدي، رئيس أخويّة العذراء مريم، منذ أربعين سنة تقريباً، إلى المجيء معه من أجل مرافقة وفد إسلامي جاء ليجمع التبرعات من أجل بناء جامع، كان يريدني أن أدوّن أرقام المبالغ المحصلة من أبناء قريتي. وكم كانت فرحتي عظيمة عندما قال لنا الوفد: أن المبلغ الذي جمعناه يضاهي جميع المبالغ التي جمعها من باقي القرى.
قصص كثيرة حقيقية، كهذه، بإمكاني أن أخبركم عنها، مرات ومرات، ولكن القارىء يفضّل مقالات (التايك أواي) السريعة، ولهذا سأكتفي بما ذكرت، مع تحيّة كبرى لشعب العراق الحبيب المسالم، أعرفه والله أعرفه، والتمني عليه أن لا يستسلم للطائفية، فإذا هدموا جامعاً، فليبنه المسيحيون، وإذا هدموا كنيسة، فليبنها المسلمون. تماماً كما فعلت أم جورج يوم تبرعت بخاتم زواجها من أجل شراء الجامع، أو كما فعل أبو أحمد يوم تبرع بشيك مفتوح من أجل بناء الكنيسة.
هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون يا مفجّري الجوامع والكنائس، وهؤلاء هم الداخلون إلى الجنة من جميع أبوابها، لأنهم أبناء الله يدعون.
baini@elaph.com
أستراليا