مجدي خليل ينفخ في قربة مقطوعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مجدي خليل كاتب ومثقف معروف، وكطبيب أكاد أجزم أن جينات الكتابة كائنة في كروموسومات أجداده. ينفخ في قربة مقطوعة، مثل كثير الإستعمال، لا يحتاج إلى تفسير ويعبر بوضوح عن معناه.
مجدي خليل حزين على مصر يكاد الإنسان وبالعين المجردة يرى الحزن الكامن داخله على مصر وما يجري في مصر. وله الحق كل الحق لأن الذي يحدث في مصر لا يسر عدوا ولا حبيبا. ومصر حلوة أصلا وموضوعا ومن الخسارة أن يحدث لها ما هو حادث الآن. منذ حوالي خمس سنوات قرأت زجلا في إحدى الجرائد العربية في الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا. ولا أزال أذكر بداية هذا الزجل
اللي في عشه واللي في قصر شافوا عجايب ملهاش حصر
مصر الحلوة فيها إرهاب يا خسارة يا حبيبتي يا مصر
عندما نقرأ لمجدي خليل نشعر أنه شخص يعرف ما يجري من الأمور وأن الرؤية واضحة أمامه. يتحدث عن الدولة الدينية والدولة العلمانية ويعرف تاريخ مصر- خاصة تاريخها الحديث ويحدد بوضوح الشخصيات التي دافعت عن الدولة العلمانية ويعرف ما لقي الكثير منهم من العنف. ويعرف أيضا مؤيدوا الدولة الدينية والمتعصبين والمتشنجين – يعرفهم جيدا بل ويرتبهم حسب درجة تشددهم وتشنجاتهم.
وتكاد تحس بانفعلات مجدي خليل – تشعر أنه يكاد يحترق – وتشعر في الوقت نفسه أن هناك أملا يراوده بأن الإصلاح ممكن بل تكاد تري بين سطور كتاباته ما يشبه الثقة بأن الأحوال ستتحسن وبأن العقل سيتغلب على التشنجات وبأن الحق سيظهر على الباطل وأن الأخلاق ستننتصر على عدم الأخلاق وأن التفكير الهادئ الرزين سيكون له اليد العليا على التصرف الأهوج المتشنج. وأقرأ هذا كله وأشعر بما يشعر به مجدي خليل، لأننا نحب مصر كما يحبها مجدي خليل أشعر بالأسي مع مجدي خليل وعلى مجهوده وعلى آماله وأنا آراه ينفخ في قرب مقطوعة أو كما يقولون "يؤذن في مالطة" وأسأل نفسي هل يعرف مجدي خليل أنه سيستمر في النفخ حتى تنقطع أنفاسه والقربة لن تنتفخ لسبب بسيط وهي أنها قربة مقطوعة .
في مصر يكرهون أمريكا ويكرهون كل من يحبها ويكرهون من يهادنها بل ويكرهون كل من لا يكرهها مثلهم رغم المعونات المالية والغذائية والمادية التي تقدمها أمريكا.
ويحبون صدام حسين وهم يعلمون عن 8 سنوات حربه مع إيران وحربه مع الكويت ويعلمون فظائعه وفظائع أولاده في الشعب العراقي ويعرفون قصص الوحشية واللاإنسانية التي فعلها في شعبه- بل وكلهم لا يزالون يذكرون نعوش المصريين العائدة من العراق. وتسألني لمذا هذا المنطق الغير مقبول؟ وليس لي جواب على ذلك إلا أن أقول إن القربة مقطوعة.
وتقع حوادث 11 سبتمبر ويرقصون في الشوراع ويوزعون الشربات في مصر والإسكندرية والمدن الكبري وفي فلسطين وحتى هنا في باترسون في أمريكا، وتسألني كيف يرقصون ويفرحون ويوزعون الشربات في مثل هذه المناسبة اللاإنسانية؟ وليس هناك جواب سوي أن القربة مقطوعة ويتحدث مجدي خليل ويغني ويكتب ويصرخ ويخبط على الطاولة بكلتا يديه وسيستمر في ذلك حتى تتورم يداه وهو لا يدري أنه ينفخ في قربة مقطوعة وأنه يؤذن في مالطة. وقد يدري ولكنه يعتقد أنه في الإمكان إصلاح هذه القربة المقطوعة.
في السنيين الأولي لثورة عبد الناصر قال أحد أساتذة الاقتصاد في جامعة الإسكندرية تعليقا على قرارات من أسموا أنفسهم بالضباط الأحرار . قال أن الحجر الضخم يتدحرج من أعلا الجبل ولا أحد يدري ما الذي سيحدث عندما يرتطم بالقاع هذا علمه عند الله.
عندما أستعرض ما حدث إبتداء من حوادث 11 سبتمبر ومرورا بما يحدث الآن .
عندما أقرأ عن كل ما يحدث الآن في مصر والبلاد العربية
عندما أري تشنجات الإعلام المسموع والمقروء في مصر.
عندما أري أن كل ما يحدث يجد آذانا صاغية ومشجعة على المستوي الرسمي والسياسي والشعبي.
عندما أري كل هذا أشعر بفداحة القطع الذي في القربة ولا أجد في تفكيري أملا في الإصلاح كالأمل الذي أراه في كتابات مجدي خليل .
ولكنني أشعر أن هناك إرادة عليا توجه هذا كله إلى الطريق المرسوم لها، أما ما هذه الإرادة العليا فلست أدري وإن كنت أخمن فلست من الذين يذكرون الشئ على سبيل التخمين وأترك ذلك لمن يهتم بمصر ويحب مصر كما يحبها صديقي مجدي خليل .
بعدما كتبت هذه الكلمات قرأت مقالين للأستاذ مجدي خليل استعرض فيها أراءه في الدولة الدينية والدولة العلمانية. تحدث عن حرية الفرد وعن المرأة وعن الحرية الدينية وعن إشراف دولي يراقب الحريات فى الدول العربية، وفي النهاية قال ما يفيد أن هذه الأمور والشروط كلهاتتناقض تماما مع مبادئ الإسلاميين وبالذات الإخوان المسلمين وقال أن قبولهم لها يقترب من الإستحالة.
إذن فمجدي خليل يعرف أن القربة مقطوعة.
والذي أود أن ألف نظر مجدي خليل له هو أن جميع الأحزاب في مصر وبلا استثناء بل وجميع حكام الدول العربية وحكام مصر بدءا من جمال عبد الناصر ومن جميع الضباط الأحرار ومرورا بأنور السادات الرئيس المسلم لدولة إسلامية وحتى الرئيس حسني مبارك ،وأضيف إلى هؤلاء جميعا الإعلام المصري بل والإعلام العربي مقروءا كان أو مسموعا – بل وحتى الأفراد وعلى المستوي الشعبي لا أظن أن أحدا من هؤلاء يؤيد ما كتبه مجدي خليل عن الدولة العلمانية بالشروط والمواصفات التي ذكرها.
منذ عدة شهور قرأت في أحد الجرائد المصرية الكبري من يلوم كمال أتا تورك على ضعف تركيا. ويقول له إن قوة تركيا كانت نابعة من الوحدة الإسلامية وسيطرة تركيا على كل الدول الإسلامية.
وقرأت ايضا أن قناة الجزيرة قامت باستفتاء كل العرب. الذين في الشرق الاوسط والمهجر عن رأيهم في خطف الرهائن وذبحهم مثل الشاة وكان النتيجة أن 94% منهم يوافقون على ذلك ويؤيدونه، إلا تري معي يا صديقي أن القربة مقطوعة والقطع كبير جدا.
هوامش
في إستطلاع للرأي قامت به قناة الجزيرة القطرية في برنامج الاتجاه المعاكس حول شرعية خطف الرهائن الأجانب أو العراقيين فإن 94% من الذين قاموا بالتصويت على الإنترنت من جميع إنحاء العالم العربي أو العرب المقيمين بالخارج أيدوا خطف ونحر الرهائن كالذبائح .. لا أريد أن اصدق أن 94% لم ترتعش أيديهم أو تدمع عيونهم أو تصعق قلوبهم أمام هذه المشاهد الدامية لإنسان يذبح بقطع رأسه وتوضع فوق جسده بطريقة وحشية لا إنسانية، إن 6% فقط هم الذين رفضوا هذه الأساليب الوحشية تحت أي مسمي . مرة أخرى لا أريد أن أصدق!!!!!
الدكتور منقريوس بهمان طبيب امراض باطنية بولاية نيوجيرسى الامريكية ومن الرعيل الاول للمهاجرين المصريين ، حيث هاجر الى امريكا فى الخمسينات من القرن الماضى.