أصداء

عبر زلزال باكستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ما الذي أوصل تفكير بعض المسلمين إلى هذا الحد من السطحية و التشفي في ضحايا أبرياء من كوارث طبيعية شملت المسلم أو المسيحي أو اليهودي و من ر ديانات أخرى، هل الكوارث و المصائب مقتصرة على من لا يدين بالدين الإسلامي، ارتفعت التهليلات و التبريكات عندما حدثت كارثة كاترينا و قبلها تسونامي و بدأ التحليل و التأويل الغيبي بأن هذا عقاب من الله العلي القدير الذي أراد أن يلقن كما يطلقون عليهم الكفار الظلام الذين ظلموا العباد و خربوا البلاد، بالرغم لو أحصيت الكوارث و الدمار الطبيعي و غير الطبيعي لوجدنا كوارث و مصائب الدول الإسلامية أكثر من كوارث الدول التي يطلق عليه بلاد الكفر، ألا يحدث بشكل سنوي تقريبا زلزال في إيران و تركيا و مصر و أفغانستان، و أن كان التشفي حتى في فئات و جماعات إسلامية التي يحكم عليهم بالكفر و الخروج عن الطريق المستقيم، ألا يدمي القلب أن يصل مستوى تفكير المسلمين من الفرح و السرور، حتى بلغ المستوى من بعض الشعراء و الكتاب الذين يشار لهم بالبنان أن يشمروا عن ساعديهم و يسطروا الملاحم الشعرية و القصائد و الكتابة النثرية و يبدعوا في تصوير غضب الله في هؤلاء الكفار و الظلام، تناسوا أو خانتهم الذاكرة بأن أكثر المصائب و الكوارث تصيب بلاد المسلمين بأيديهم، أوقفوا تاريخ المصائب و الكوارث عند كاترينا و ريتا و جسر الأئمة، نؤمن أيمانا مطلقا بأن الكوارث الطبيعية و المصائب عظة و عبرة للكل و لكن لا يخص قوم أو جماعة دون غيرها من الكوارث و لكن يعم البلاء الجميع و نؤمن أن بعض الكوارث تصيب أقوام نتيجة ما ارتكبت أيديهم و ما اغترفوا من أثم، و لكننا كبشر نشترك مع إخواننا من مختلف الجنسيات و الديانات إلا المشاركة بالمشاعر الإنسانية نحزن و نأسف لكل كارثة تحدث للإنسان البريء الآمن في سكنه و نهب في مساعدته و الوقوف في محنته و نواسيه مهما كان معتقده.

ما حدث من دمار و خراب و موت جماعي في الشق الباكستاني من كشمير أحزننا و أبكانا كثير بغض النظر عن معتقدهم و دينهم، الشعور و المسئولية الإنسانية تحتم علينا مواساتهم عند مصائبهم بغض النظر عن أي دين و معتقد يعتنقوه، ألا يعطينا هذا الزلازل عبرة و عظة و دروس، وهو أن الزلزال حدث في شق الدولة الباكستانية التي يعتنق معظم سكانها الإسلام و يطلق عليها دولة إسلامية و لا يحدث في الشق الهندي الهندوسية و البوذية و السيخية التي تحتضن أقلية إسلامية للتعريف فقط و ليست طائفية، لماذا يكون تفكير بعض المسلمين قاصر و لا يتعدى نظره أرنبة أنفه، ألا يجدر بنا كمسلمين أن نكون أقرب إلى قلوب و مشاعر كل الناس و نكون دعاة بألسنتنا و مشاعرنا و نقرب العالم ألينا.

زلزال كشمير الذي أودى بحياة 23 ألف قتيل في آخر إحصائية و تشريد أكثر 2و5 مليون شخص حسب تصريح لرئيس وزراء باكستان برويز مشرف، هذه الكارثة التي جعلت ممن نتهم بالكفر و الزندقة الذين يستحقون الموت من وجهة نظر البعض القتل و النحر أن يهبوا في مساعدة الضحايا و يرسلوا المؤن و العدة لإسعاف أسر الضحايا و المشردين الذين يفترشون الأرض و يلتحفون بالسماء، ألم تهب المنظمات و الهيئات الدولية في مساعدة و عون هؤلاء المسلمين بالرغم من حدوث كوارث في بلدانهم في فيتنام و الصين و أمريكا و فنزويلا و المكسيك، ما هذا المرض النفسي التي أصاب بعض جماعات الأمة الإسلامية حتى يصل الأمر بالشماتة و التشفي بمصائب و كوارث من يخالفنا المعتقد و الرأي، من المسئول عن هذه التربية و الثقافة التي أزالت أي قواسم مشتركة مع بقية الأديان و المعتقدات المختلفة، ألا نستفيد منهم صناعيا و تقنيا و تعتمد أغلب اقتصاديات الدول الإسلامية على هذه الدول التي نكفرها في جانب و نتوسلهم في استيراد العلوم و التقنية و نستعين بخبراتهم في الصناعة و التجارة.

الأمر العجيب إننا لن نستفيد من التجارب و ما زالوا هؤلاء التكفيريين المتطرفين يمدوا و يدعموا ماديا و معنويا ليستخدموا درعا واقيا لأغراض خاصة، هل ننتظر الدمار الكامل الشامل بعدما أصاب أجزاء من عالمنا الإسلامي، و لا نزال نتساءل ما الذي أوصل هؤلاء الأقصائيين و الإرهابيين إلى تلك القوة و التحكم في أفكار و مصائر الآخرين و يوزعون الجنة و النار حسب أهوائهم و نصوصهم.

الأحرى أن ننشغل بقضايانا و مشاكلنا و إدارة الأزمات و كيفية المساعدة و العون لهؤلاء المنكوبين و المصابين في عالمنا الإسلامي و أي دولة تصاب بكارثة و مصيبة، هذه باكستان تعاني من نقص المؤن و الإسعافات لمئات الألوف من المشردين و المصابين الذين ينتظرون هؤلاء المنظرون الذين انشغلوا بتفسير الكوارث الطبيعية و أرجعوها غضبا من الله على العباد بالمطلق.

هل ضمنا أن لا نصاب بالكوارث و المصائب و أمنا الشر، لأننا نعتقد إنها لا تصيب ألا الكفار حسب الإدعاء، و إذا بقي التفكير هكذا فلننتظر الكوارث و المصائب حتى نفيق من أفكارنا السودواية.

علي عيسى

aawabari@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف