الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟8
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية ؟ ( الحلقة الثامنة)
في "الحلقة السابعة" من الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية ؟ ذكرنا بعض المعلومات، ويمكن تلخيصها في مايلي : الإطار الإقليمي والإداري والفضاء الذي يتحرك فيه السكان، قلة عدد السكان والأعراق والهويات المختلفة والموقع الإستراتيجي، الأخطاء التي أرتكبت بحق سكان المنطقة بفعل تطبيق السياسات الإستعمارية، تأثير جذور الحقبة العثمانية على المنطقة والضغوط الإنجليزية عليها، النزعة العرقية ومؤشراتها الديموغرافية من منظور تاريخي، التيارات المختلفة التي قامت عليها الهجرة والنمو السكاني والفئات التي تكون منها المجتمع في شبه جزيرة سيناء، القوانين التي لاتخدم العدالة الإنسانية بين التوليفة السكانية، دور سكان المنطقة في التجارة البينية بين طرفي الحدود، منطقة العريش وأثرها على الفلسطينيين وتأثرها بهم، إعادة سيناء وأثر إتفاقية السلام السلبي على مجمل الأوضاع، الضغوط الإسرائيلية وأثرها السلبي على أبناء المنطقة وتكوين الحاضنات لتفريخ الجماعات الإرهابية، تهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها كنتيجة للقيود المفروضة على أبناء المنطقة.
وفي "الحلقة الثامنة" سنحرر العقل من قيوده ومن المنهجية التي يتبعها في الكتابة عله يبدع بين السطور مايفيد القاريء الذي يريد أن يدرس هذه المنطقة بل هذا الجزء المهم من العالم.
وعندما فكرنا في الكتابة عن الإرهاب في سيناء بعد التداعيات الخطيرة التي نتجت عن التفجيرات في طابا وشرم الشيخ وبداية أزمة جديدة ألقت بظلالها على المنطقة جعلتنا نذهل من هول الصدمة التي أصابت الجميع الأمر الذي دعانا أن نفكر في الأسباب التي أدت الى مثل تلك الأعمال التي لن تكون الأخيرة لأننا نتعامل مع المستقبل والمجهول فالماضي محسوم أمره أما المستقبل فأحداثه حبلى بالكثير من التطورات ولاسيما أن تاريخ المنطقة جعل العلماء يؤكدون تصنيفها على إنها منطقة حروب مستمرة.
ولهذا عندما نحاول أن نتخذ طريقة منهجية في الكتابة عن المنطقة تتداعى الأحداث وتؤثر في الذاكرة المؤقتة الأمر الذي يجعلنا نتفاعل مع أي خبر له علاقة بالمنطقة وبموضوع هذه الحلقات ليتم الحديث عنه أثناء الكتابة، ففي وقت لاحق أعلن الجنرال أهارون زئيفي فركش رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية عبر وسائل الإعلام المختلفة عن قيام تنظيم شبكة القاعدة بإقامة قاعدة لها في شبه جزيرة سيناء وهذه التصريحات أدلى بها أمام الحكومة الإسرائيلية مكرراً القول بأن الحكومة المصرية على علم بوجود مثل هذه القاعدة التابعة لشبكة أسامة بن لادن على أراضيها وحاولت تفكيكها.
ولم يكتفي بهذا فقط وإنما حاول أن يعقب عليه بالقول أن الحكومة المصرية تفضل أن تتوخى الحذر لأنها تخشى مواجهة مع القاعدة يمكن أن تؤدي الى موجة إعتداءات في مصر ويستمر في تصريحاته بأن هذه القاعدة كانت محمية بشبكة الغام وبيت القصيد من هذه التصريحات التركيز على أن ناشطي القاعدة تمكنوا من التسلل الى قطاع غزة وإقامة قاعدة لهم في مدينة غزة.
ولكن على الطرف الآخر هناك نفي من جانب الحكومة المصرية للتصريحات التي أدلى بها رئيس الإستخبارات الإسرائيلية وقالت هذه المصادر أنه لايوجد أي تنظيم في سيناء لشبكة القاعدة وأضاف المصدر ذاته أن الحكومة المصرية إستبعدت أي علاقة لمنفذي تفجيرات سيناء بالقاعدة.
ومن هنا تبرز عدة تناقضات ولابد من تحليل معمق لها حتى يتم التعرف على الفاعل الحقيقي لمثل تلك التفجيرات فإذا تم إكتشاف أن تنظيم القاعدة وراء تلك التفجيرات فإن ذلك يؤدي الى إستنتاج مهم للغاية هو نجاح القاعدة من خلال الإنجازات التي تحققت وبالتالي يستطيع تنظيم القاعدة وزعماءه أن يبرهنوا على أنهم الوحيدون الذين يتصدون للإرهاب الإسرائيلي الرسمي وهو بمثابة إنتقام لضحايا الإرهاب الإسرائيلي من الفلسطينيين العزل.
ولاسيما أن العلاقات الودية بين الحكومة الإسرائيلية والحكومية المصرية بعد إتفاقيات كامب ديفيد والتطبيع مع إسرائيل قد أفرز نتائج خطيرة على مستقبل القضية العربية وزادت عدد الأطراف التي تزايد على حراج التقسيم والتطبيع وكأنما الكل يرغب في المضاربات على إعتبار أن القضية هي سوق للأسهم والسندات من يدخل في الإستثمار فيها يحقق مكاسب مادية كبيرة وعلى حساب الفلسطينيين والأقصى.
إنهم ضحايا العلاقات العربية الإسرائيلية التي تنمو بشكل مضطرد وسمحت لأكثر من أربعين ألف إسرائيلي أن يتواجدوا في فترة قصيرة من الزمن ليحتفلوا بعيد المظلة الإسرائيلي في طابا والمناطق السياحية في شبه جزيرة سيناء وهنا نؤكد فرضية تقول إذا أقدمت بعض الدول العربية على إقامة علاقات دبلوماسية قسرية مع إسرائيل وبدأت الوفود السياحية الإسرائيلية لزيارة مناطق تعتبر تاريخية بالنسبة لهم فإن الأمر سيتكرر بعمل إرهابي جديد لن يقل بشاعة عن الأعمال التي حدثت وراح ضحيتها الكثير من الأبرياء سواء كانوا عرب أم يهود أم أجانب، وبالتالي يستطيع تنظيم شبكة القاعدة القول أنه لايفل الإرهاب إلا الإرهاب.
ولم يتأكد رسميا بأن تنظيم القاعدة يقف خلف هذه العمليات ولكن من المرجح أن نربط بين هذه العمليات والعمليات التي تأكد رسمياً بأن القاعدة كانت وراء تنفيذها وخصوصاً بعد الإنتقادات التي وجهت لتنظيم القاعدة بأنه يذهب الى مهاجمة أهداف غير ذات أهمية وفي أطراف العالم الإسلامي، ويبتعد كليا عن مهاجمة اهداف اسرائيلية.
الأمر الذي غير من إستراتيجية التنظيم وظهر ذلك جلياً بعد تأكيد الدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الذي بثته قناة الجزيرة مؤخراً يؤكد استراتيجية التنظيم الجديدة، أي التركيز علي أهداف اسرائيلية، عندما طالب شباب الامة بالتحرك للتصدي للإرهاب الاسرائيلي، والإقدام علي ضربات استباقية للانظمة واعداد العرب حتي لا يفاجأوا باحتلال بلادهم، مثلما حدث في العراق وافغانستان.
وهو يريد في الوقت نفسه بأن يعزز شعبيته في أوساط ملايين المحبطين في الوطن العربي من عجز الانظمة العربية الرسمية ورضوخها للاذلال الامريكي ـ الاسرائيلي في فلسطين والعراق وهناك بعض الدلائل التي تشير الى نتائج إيجابية تحققت لتنظيم القاعدة وكذلك نتائج إيجابية تحققت لإسرائيل ولاسيما بعد الإجتماعات التي عقدها وزير خارجية إسرائيل مع العديد من وزراء خارجية بعض الدول العربية والإسلامية.
ومن نتائج تحليل أحداث تفجيرات طابا هناك دروس مستفادة تؤكد على أن حرب الابادة التي تشنها حكومة شارون ضد الشعب الفلسطيني بدأت تعطي نتائج عكسية تماما، فالفلسطينيون الذين ابتعدوا دائما، رسميون او مواطنون عاديون، عن تنظيم القاعدة، لم يحزنوا مطلقا لعمليته الاخيرة في طابا ولم يتعاطفوا مطلقا مع ضحاياها، لان غالبية الاسرائيليين لم تتعاطف مع ضحاياهم الذين سقطوا ويسقطون يوميا برصاص الطائرات والدبابات الاسرائيلية.
وعندما نقوم بتحليل لما جاء أعلاه من كلام رئيس الإستخبارات الإسرائيلي عن وجود تنظيم جديد للقاعدة في غزة فهل هذا يعني أن الحكومة الاسرائيلية التي رفضت التفاوض مع جهات فلسطينية متعددة باعتبارها ارهابية متطرفة حسب تصنيفها، بات عليها ان تتعامل الان مع تنظيم القاعدة الاكثر تطرفا، واحتمالات تزايد عناصره من خلال القاعدة الجديدة له في غزة.
وبعد الحرب على العراق وتزايد وتيرة الأعمال الإرهابية في العديد من الدول العربية ومنها تفجيرات طابا وشرم الشيخ يمكن القول بأن المنطقة العربية باتت تسبح في بحر من الفوضي الدموية، وتتحمل إسرائيل والدول الغربية بما فيها أمريكا وبعض الانظمة العربية مسؤولية هذا الوضع، ولأسباب متعددة ولكن المخرج له مسار واحد للخروج من دائرة العنف المرعبة وهو الاصلاحات، والاستماع الي أنين المواطنين، ومطالبهم العادلة والمشروعة في تعايش وسلام حقيقيين يقومان علي العدالة والمساواة وإنهاء الإحتلال في المنطقة برمتها.
وبدلاً من التفكير في بناء جدار أمني أحدهما في إسرائيل والآخر في طابا لمنع هجمات إرهابية محتملة فكأنما نعود الى القرون الأولى من حيث التفكير عندما شرعت الصين في بناء سور الصين العظيم وتلتها ألمانيا في بناء جدار برلين ولحقت بركبهما إسرائيل وبنت خط بارليف الذي تحطم تحت أقدام المقاتلين المصريين في معركة العاشر من رمضان وتريد الحكومة المصرية أن تلحق بالركب حسب ما أوردته الأنباء مؤخراً لبناء جدار أمني حول منتجع شرم الشيخ السياحي قد يليها جدر أخرى حول المنتجعات السياحية الأخرى لتجنب وقوع هجمات مشابهة لتلك التي شهدتها منتجعات شرم الشيخ في يوليو/تموز عام 2005م.
والهدف من بناء الجدار هو منع السيارات من دخول المنطقة السياحية من أماكن أخرى غير النقاط الأربع المحددة، وذلك من أجل تجنب هجمات محتملة، ويبلغ طول الجدار الذي انطلق بناؤه 10 كلم وارتفاعه 1.5م، وتقدر تكاليف البناء بنحو 3.5 ملايين دولار، وكانت ردود الأفعال الأولية حول الجدار هناك من تساءل "ما الفرق بين حكومة مصر وبين حكومة شارون التي أقامت جدارا عازلا لمنع المقاومة الفلسطينية".
والرد الآخر قال أن "تصرف الحكومة الغريب سيخلق جدارا نفسيا عازلا بين الحكومة ومواطنيها في جنوب سيناء أعلى من الجدار الذي تحاول بناءه ولن يحقق أمنا ولن يمنع إرهابا"، الأمر الذي يجعلنا بحاجة الى المزيد من القراءة والتحليل لندرك الإجابة على سؤال : هو مازال ماثل أمامنا : الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية ؟
مصطفى الغريب – شيكاغو