العقلية الفاشية

أحمد نجاد وأخوته كنماذج

مثلما هي طبائع الاستبداد والمستبدين واحدة – كما يقول عبد الرحمن الكواكبي، في كتابه الشهير طبائع الاستبداد -.. كذلك عقول وتفكير الفاشيين في كل مكان واحدة، وأيا كانت جنسياتهم، أو وظائفهم، أو مكاناتهم في المجتمع..
فالانسان ذو العقلية والتفكير الفاشي لا يهمه البشر ولا أرواح الناس ولا دمائهم لا من حيث الكم ولا الكيف أو قربهم منه أو بعدهم عنه عند شروعه في تنفيذ مخططاته أوتصوراته في ايذائهم أو حتي ابادتهم..
وقد اخترنا ثلاثة نماذج من واقعنا الجاري لندلل بها علي ذلك.. النموذج الأول من مصر..، والنموذج الثاني من السعودية.. أما الثالث فهو من ايران..
النموذج الأول هو من عامة الناس.. – كما يبدو - مجرد قاريء كتب تعليقا صريحا علي مقال منشور، ولم يكتب اسمه الحقيقي.. الا أنه قد عبر بصدق شديد عن فاشسيته وبعفوية وتلقائية شديدة وبساطة متناهية.. كيف يمكن التصرف في البشر..
والثاني هو زعيم تنظيم عالمي ديني متشدد له فروع بكافة أنحاء العالم لتوزيع الرعب علي الكرة الأرضية وبالتساوي دونما تفرقة بين بلد أو آخر سواء كان البلد هو أمريكا أو فرنسا أو اندونيسيا أو مصر أوهولندا أو العراق أو حتي بلده هو نفسه الذي هو السعودية... انه : " أسامة بن لادن "
والثالث : ليس مجرد شخص عادي كالأول.. ولا مجرد زعيم منظمة متشددة، مطلوب للعدالة في بلده والعديد من دول العالم - كأسامة بن لادن -.. كلا وانما هو رئيس دولة هي عضو بالأمم المتحدة..(!) ولم يأت للسلطة علي رأس دبابة وانما بالاختيار.. بالانتخاب...
وسوف نعرض الآن ما قاله الأول كتعليق بجريدة.. مجرد تعليق ضمن تعليقات كثيرة لقراء كثيرين بصحف كثيرة..، وما فعله – ويفعله الثاني " أسامة بن لادن -، وما صرح به علي الملأ، علي مرأي ومسمع من الدنيا كلها السيد الشيخ الملا - أحمد نجاد.. رئيس ايران -..

ولو قارنا بين عقلية وتفكير الثلاثة فلن نجد بينهم فارقا البتة.. فالقاريء العادي هذا صاحب التعليق.. يصلح لأن يكون هو أسامة بن لادن، يحل محله.. وربما كان هو أحد أعوانه.. نائبه الظواهري " وهو مصري ".. ومن الممكن أن يكون أيضا رئيسا لايران بدلا من " نجاد " فهو يحمل نفس التفكير ونفس العقلية.. ومن الممكن أيضا أن يقود " نجاد.. الرئيس الايراني. منظمة القاعدة.. ومن الممكن أن يتولي " أسامة بن لادن " رئاسة ايران بدلا من الرئيس " نجاد ".. لولا اختلاف المذهب السني الاسلامي الذي يدين به " بن لادن" عن المذهب الشيعي
الذي تدين به ايران ورئيسها " الرئيس نجاد "......
نبدأ بالأول.. فماذا قال – لا فض فوه ؟!- القاريء الذي أسمي نفسه " المندرق " – ذكر في تعليق آخر انه عضو بالجماعة المحظورة في مصر - في جريدة ايلاف الالكترونية يوم5/11/2005 ضمن تعليقات قراء علي مقال الكاتب " سامي البحيري " وتعليقات القراء علي ردود بعضهم البعض ؟
قال " سنحل مشاكلنا علي قفا الأقباط – أي المصريين الذين يدينون بالمسيحية -..، وهذا الرقم – أي 20 مليون مصري مسيحي – مناسب لكل أزمات مصر.. فالبطالة ممكن بطرد 5 خمسة ملايين قبطي.. بالنسبة لأزمة الغذاء يمكن بطرد 5 خمسة ملايين قبطي ثانيين، فيتوفر الغذاء..، بالنسبة للا نفجار السكاني، ممكن طرد 5 ملايين ثانيين فنوفر سكن لبقية المصريين..، وبالنسبة للقروض وفوائدها.. سيتم استبدالها بالخمسة الباقيين – أي الخمسة ملايين قبطي- كعمالة غير قابلة للاسترجاع..، بالنسبة للسياحة : سيتم بيع الآثار لمن يرغب علي اعتبار أنها أوثان وأصنام لا تليق بوجودها في بلد مسلم، وسنشتري بها أسلحة ومعدات، ستسرب الي الفلسطينيين لتحرير بلادهم من من اليهود الأنجاس..، أما محاربة أمريكا فلا..فان الانتخابات سوف تأتي بديموقراطي انعزالي سيوجه اهتمامه لمشاكل أمريكا..الداخلية التي تفاقمت في العراق وأفغانسان والأعاصير وثوران بركان.. "
هذا ما قاله مجرد قاريء – عضو بالجماعةالشهيرة بالمحظورة في مصر "..( !!).. ان ما قاله هو البرنامج السياسي الحقيقي والصريح لتلك الجماعة عند تسلمها السلطة في مصر.. قاله بمنتهي العفوية والتلقائية الشديدة الصدق.. تلك هي الطريقة التي يرونها – أو حتي يراها ذاك الشخص – لحل مشاكل مصر.. والحل كما ترون يخلو تماما من أي مشروع زراعي أو صناعي أو تجاري.. لعله الحل الاسلامي.. ولخصه لنا وصرح بأنه : طرد عشرين مليونا من البشر من وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم.... ( ملحوظة : مساحة مصر أكثر من مساحة اليابان.. وسكان مصر أقل كثيرا من تعداد اليابانيين – أقل بعشرات الملايين – واليابان فقيرة من حيث الثروات الطبيعة أو الموقع الجغرافي بالنسبة لمصر.. ومع ذلك فان دخل المواطن الياباني كدخل مواطن أمريكا ( أغني دولة بالعالم ).. ولم تحل اليابان مشاكلها بطرد 20 مليونا من مواطنيها (!!) فاليابانيون أخلاقهم وديانتهم البوذية ليست مجردة من الانسانية الي تلك الدرجة.. لأن ذلك تفكير العقليات الفاشية الاجرامية فقط.. والصين عندما بدأت النهضة والتنمية عام 1949 كانت مشاكلها كثيرة وعدادها مخيف، ونهضت وصارت دولة عظمي دون أن تحل مشاكلها بالتفكير بطرد ال50 مليون مسلم صيني الي خارج وطنهم فأخلاق أهل الصين وعقيدة أغلبهم – الشيوعية - ليست مجردة من الانسانية الي هذا الحد..فذاك فكر فاشي، اجرامي..!!!
هكذا الانسان والعقل والتفكير الفاشي.. نراه يتكلم عن البشر كما يتكلم التاجر الذي يقوم بتصدير الفاكهة.. وكأن هؤلاء البشر مجرد أقفاص فاكهة سوف يصدرها فيقول : ال 5 مليون قفص هذه نرسلها الي أمريكا.. والخمسة ملايين قفص تلك نبعث بها الي روسيا و5 ملايين قفص الي دول الخليج والسعودية.. وهكذا البشر كأنها مجرد أقفاص فاكهة نصدرها ونحل مشاكلنا من وراء تصديرها...... أما عن تاريخ الوطن : الأثار.. فهي مجرد أوثان وأصنام، غير مرغوب فيها ببلادنا – نفس رؤية أخوته الطالبانين.. - ويتم بيعها لمن يشاء لنحل مشاكلنا..(!)
هكذا هي العقلية القاحلة الاجرامية لا توجد لديها أية طرق أخري عاقلة لحل مشاكل وطن سوي تلك الطرق !!
انها عقلية لا تري سوي ما هو تحت أقدامها.. عقلية لا تنظر للأمام.. عقلية لا تقرأ عواقب أبدا لما تقوله أو تفعله
.. !!!
النموذج الثاني للعقلية الفاشية التي لا تنظر أمامها ولا تقرأ عواقب أبدا لفعلها أو قولها :
أسامة بن لادن : زعيم تنظيم القاعدة..
قرر " بن لادن " أن يطعن أقوي دولة بالعالم في عينها..
وهي عملية سهلة جدا وبسيطة جدا فالبعوضة بمقدورها لدغ الأسد في عينه – كما يقول الشاعر : ان البعوضة تدمي مقلة الأسد - !، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ ما هي العاقبة ؟..
العاقبة هي : أن يطبق الأسد جفنه علي البعوضة فتلقي مصرعها في التو والحال – ونالت الشهادة !!.. أما الأسد فسيبقي هو الأسد.. ملك الغابة.. كما هو..
وبالفعل بعد ضربة الناموسة – بن لادن – لأمركا في عينها وتدمير أعلي الأبراج ومبني البنتاجون.. رمز أقوي قوة بالعالم.. لا تزال أمريكا كما هي.. أما بن لادن، فقد فر.. وتسبب في اسقاط الدولة والنظام الذي يعيش في كنفه
وتسبب في تشريد ملايين من الشعب الأفغاني المسكين لشتي الدول المجاورة – فر من فروا الي ايران، ولجأمن لجأوا الي أوزباكستان، ولاذ من لاذوا ب طاجيكسان.. و هرع من هرعوا االي باكستان.. مأساة انسانية مروعة.. لحقتها مأساة انسانية أخري لنفس السبب ( قرصة لناموسة ) بتدمير العراق.. ولا يزال في أفغانسان والعراق من رجال " بن لادن " من يسفكون دماء البشر من الأفغان والعراقيين المساكين – وسوريا والسوريين قد يكونوا في طريقهم الي ذلك أيضا - أكثر من دماء الأجانب : لكي ينالوا الشهادة... ولا يهم البشر ولا تهم أرواح البشر ودمائهم.. فذأك ما لايفكر فيه
أصحاب العقول الفاشية الاجرامية.. لا يدخلون البشر مهما كان تعدادهم في حساباتهم.. ف "أسامة بن لادن" لا يمكن أن يخطر بعقل واحد مثله أن يحسب : كم مسلما ملتحيا وكم مسلمة محجبة وكم مسلمة منقبة كانوا يتناولون الغذاء أو يتناولون مشروبا أو ينجزون مصالحا لهم أو يزورون قريبا أو صديقا في مبني برج التجارة والأبراج الأخري وقت تفجيرها في سبتمبر 2001 بأمريكا.. ؟!! لايهمه البشر.. أيا كانوا ولا يهمه العدد أيا كان..(!!)

النموذج الثالث : الرئيس الايراني " أحمد نجاد " رئيس الدولة الدينية الاسلامية النظام – ايران –
صرح الرئس الايرني الملهم منذ أيام قليلة ماضية بما أدهش العالم كله من أن اسرائيل يجب محوها تماما..
وقد قال تصريحه في وقت بلده لا تمتلك قنبلة ذرية واحدة – علي الأرجح.. وفي الغالب.. – بينما اسرائيل وكما هو معلوم للجميع منذ عشرات السنين لديها عشرات من القنابل الذرية – ليست كتلك القنابل الذرية التي ضربت بها اليابان من 60 سنة.. كلا فقد تطور كل شيء بالدنيا..
فماذا لو أن شارون قام في اليوم التالي لتصريح " نجاد " بطرق الحديد وهو ساخن و القاء 4 أو 5 قنابل ذرية علي أهم مدن ايران ؟(!!) أو محا ايران تماما من الخريطة.. قبل أن يسبقه الي ذلك " نجاد "..؟!
عزيزي القاريء : كم بالمائة في رأيك بالعالم سوف يلومون شارون ويدينوه وكم بالمائه سوف يقولون بل طبيعي جدا أن يدافع عن بلده وعن شعبه، انه دفاع مشروع عن النفس ؟ وكم بالمائة بالعالم لن يلوموا سوي "نجاد"؟
وماذا تقول أنت عزيزي القاريء ؟، خاصة وأن قائل التصريح ليس وزير خارجية ايران ولا حتي وزير الدفاع الايراني وانما هو رئيس الدولة شخصيا الذي بيده هو قرار الحرب ؟!!
وفي تقديرك عزيزي القاريء : كم دولة كبري وصغري بالعالم ستقف لتتفرج علي محو اسرائيل من الوجود وكم دولة سوف تساعد في ذلك؟
وفي تقديرك عزيزي القاريء : لكي يتم محو اسرائيل من علي الخريطة.. كم مواطنا فلسطينيا يمكن أن يبقي بعدها علي قيد الحياة ؟
وكم سيكون عدد الضحايا في رأيك عزيزي القاريء.. من الفلسطينيين والاسرائليين لاسيما وأن اسرائيل دولة ذرية؟ هل سيكونوا بعشرات الآلاف ؟ أم بمئات الآلاف ؟ أم بالملايين ؟ وكم سيكون – في تقديرك عزيزي القاريء –
عدد المشردين من الاسرائليين والفلسطينيين ؟.. ألا يجوز مراجعة وتأمل مثل تلك الحسابات ؟!
ولكن من المؤكد أن الرئيس " نجاد " لا يراجع مثل تلك الأرقام المتعلقة بالبشر فكلها في رأيه أمور دنياوية.. وأهم شيء عنده هو: الجهاد والاستشهاد.. أما أرواح وحياة البشر أيا كان عددها فتلك أشياء لم تدخل في حسابه..
بمقياس الدنيا ودواعي السياسة والدبلوماسية وما تقتضيه من الحكمة.. هل تري عزيزي القاريء تصريح " نجاد " لائقا سياسيا أو دبلوماسيا.. ؟!!
وبمقياس الدين : ان مؤسس الدين الاسلامي، الذي يدين به الرئيس نجاد ويحكم بأحكامه أوصي بالقول " استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان " – سياسة.. - والقرآن أوصاه بالقول : " وكأن الذي بينك وبينه عداوة، كأنه ولي حميم " – دبلوماسية.. -
فتري عزيزي القاريء : هل تري تصريح الرئيس " نجاد " تصريحا عاقلا – بمقياس الدنيا -..؟
أم أنك تراه تصريحا حكيما - بمقياس الدين -..؟
وأخيرا عزيزي القاريء : النماذج السابقة الثلاثة.. هل تري بينها ثمة فارق ؟
أم تري أن جميعهم : بن لادن..؟

صلاح الدين محسن