حكاية تونس الغريبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تحتضن تونس القمة العالمية لمجتمع المعلومات و التي افتتحت أشغالها في قصر المعارض في الكرم بالضاحية الشمالية للعاصمة بحضور ممثلي 170 دولة من المجتمع المدني والمنظمات الدولية والقطاع الخاص. الغريب في هذا الملتقى هو انعقاده ببلد يتناقض كليا مع الأهداف الأممية الرامية عامة إلى تحرير الإعلام من قبضة القمع و الرقابة. فكيف يمكن أن تتحرر المعلومة و النظام التونسي مازال لم يحرر مواطنيه و أخص بالذكر أساسا المعتقلين و المضربين عن الطعام من الرموز الوطنية التونسية و الذين اختاروا الجوع بدل الخضوع.
فانعقاد هذا الملتقى يعد فرصة للوقوف عند هذه المفارقة العجيبة في بلد يراقب فيه النظام و أجهزته القمعية حركات و سكنات المعارضين التونسيين ضدا على كل القوانين الدولية و المواثيق الحقوقية. هذا الوضع دفع و منذ عقد من الزمن العديد من المنظمات الدولية إلى الاحتجاج و التنديد بهذا الواقع الذي سيظل وصمة عار على جبين نظام بن علي،و على سبيل الذكر لا الحصر: أمنستي الدولية، صحافيون بلا حدود، اللجنة الدولية لرجال القانون وغيرها ، بل أكثر من ذلك هناك حملة دولية من أجل التعريف بدوافع المضربين عن الطعام من جهة و المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين و رفع يد نظام بن علي عن سياسية الزج بالمواطنين و المعارضين التونسيين في السجون ن جهة ثانية. فبكندا مثلا لبى العديد من الكنديين و أبناء الجالية التونسية دعوة اللجنة الكندية لمساندة حركة 18 أكتوبر للمشاركة في فعاليات النشاط التحسيسي بمطالب وأهداف الرموز الوطنية المضربة عن الطعام في تونس. أما البرلمانية وممثلة حزب الكثلة الكيبيكية مايلي فاي فقد وضعت لدي البرلمان الكندي نسخة من اللا ئحة الاولى للتوقيعات و عددها 10000 توقيعا يطالب فيها المواطنون بضرورة مطالبة رئيس الوزراء الكندي بول مارتان بمشاركة كل المنظمات التونسية المستقلة في الملتقى العالمي لمجتمع المعلومات بحرية و بدون قمع.
بسويسرا ،أعلنت جمعية الصحافيين المنفيين أن بادرة تنظيم ملتقى عالمي من أجل مجتمع المعلومات بتونس يعد فرصة سانحة للرئيس من أجل تشديد قبضته على الصحافة المستقلة. منظمة أمنستي اعتبرت تهديد المناضلة راضية نصراوي وممارسة العنف ضدها يوم 11 نونبر المنصرم دليلا أكبر على إصرار النظام التونسي على إقبار كل صوت يقول لا لسياسة الرئيس وأجهزته.
الكثير من المحللين و العارفين بخفايا النظام التونسي يعرفون جيدا أن الرئيس بن علي يلعب بورقة اتخاذ تدابير محاربة الإرهاب و مغازلة إسرائيل إرضاء لأمريكا و إخفاء لحقائق الإكراه الرسمي. في هذا الإطار، صرح المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية ليور بن دور لوكالة فرانس برس : إننا نرغب في استئناف هذه العلاقات منذ الآن . وتابع لم انتظار التسوية النهائية للنزاع؟ يمكن لتونس منذ الآن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل خصوصا بعد الانسحاب من قطاع غزة.
تتضح أكثر إرادة تونس السياسية عندما نتأمل تطورات الأحداث ببعض البلدان المجاورة والتي بالرغم من نهجها لنفس الأسلوب لتكميم الأفواه قامت بعدة تغييرات و مبادرات تؤهلها لتفعيل الممارسة الديموقراطية. بالمقابل، نجد النظام التونسي يؤكد يوميا على تعنته ضد كل تغيير يتوخى إلى تحرير المواطن التونسي. فواقع تونس الحقوقي و احتضانه للقمة العالمية لمجتمع المعلومات يمكن أن يكون فصلا من فصول المهازل و الضحك على الذقون التي ترى و تسمع في كل بقاع العالم.
إن حكاية تونس مع القمة العالمية لمجتمع الإعلام تعد مخجلة بل أغرب من الخيال، لذلك كيف سيساهم النظام التونسي في تحرير المعلومات و هو لم يحرر الأصوات التي تنتقده وتريد بناء دولة ديموقراطية بعيدا عن عصا الرئيس التي تنزل على كل الرؤوس الرافضة لسياسته.
محمد نبيل
صحافي مقيم بكندا
falsafa71@hotmail.com