الجنرال وكرسي الرئاسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد نفي دام لخمسة عشر عاماً عاد الجنرال عون إلى لبنان ؛ عاد كبيراً وعظيماً كبر وعظم التسونامي بوصف وليد جنبلاط. كنت آنذاك، والحق أقول لكم، عونياً أشد حماسة من نشطاء التيار الوطني الحر. كنت سأنتخب الجنرال ليس رئيساً للجمهورية فقط بل وبطريركاً للموارنة ومفتياً للجمهورية ومرجعاً أعلى للشيعة وشيخ عقل للدروز.
وفي ليلة ليلاء علق في رأس الجنرال أن يصبح رئيساً للجمهورية وكنت أعتقد جازماً أن كرسي الرئاسة صغيرة بالنسبة له مما أصابني كعوني متحمس في مقتل. وفي إحباط شديد وخيبة أمل أشد بدأت صورة الجنرال تنكمش في مخيلتي ولعلها تنكمش أيضاً في العيون المسيحية غير المتعصبة. استخف الجنرال بحمله الوطني الثقيل وذهب بخفة ما بعدها خفة يتحالف مع أزلام أعدائه الذين بعدائه لهم، وليس بغير ذلك، أصبح بطلاً وطنياً كبيراً وعظيماً كالتسونامي. وبرر خطأه الذي لا يغتفر بخطأ منافسيه وقد إقترفوا قبله ذات الخطأ والخطيئة. كيف للخطيئة أن تبرر الخطيئة ؟ بل وزاد على ذلك بأن أخذ يعلن أنه لم يعد يضمر أية عداوة ليس للشعب السوري بل للنظام السوري معمداً النظام السوري ممثلاً شرعياً للشعب السوري. يعلن ذلك بمناسبة وبغير مناسبة مؤملاً أن يرفعه أزلام سوريا من اللبنانيين إلى كرسي الرئاسة التي أصبحت معشوقته المتيم بها دون أن يعلم أن هذه الكرسي قد حطت من قدره كثيراً وكثيراً جداً.
ما يستفز المرء العاقل بل ونصف العاقل اليوم هو أن يعلن الجنرال، بصورة لا أسمح لنفسي بوصفها، أن يعلن أنه إذا أراد اللبنانيين أن يحققوا في حالة المقبرة الجماعية في عنجر والأخرى في اليرزة فعليهم أن يحققوا أيضاً في كل المقابر الجماعية وهي كثيرة في الأراضي اللبنانية. ويضيف أن مثل هذه التحقيقات ستكشف الوجوه القميئة لكثيرين من الطبقة السياسية اللبنانية. وهكذا يفصح الجنرال بكل وضوح عن رغبته في طي مسألة المقبرتين في عنجر وفي اليرزة !!
عجيب عجيب أن يرغب الجنرال في هذا !! فرفات الجنود في مقبرة وزارة الدفاع في اليرزه تعود قطعاً إلى الجنود الذي قاتلوا كتفاً لكتف مع الجنرال نفسه ضد الهجوم الكاسح لقوات حافظ الآسد، بل أكثر من ذلك، فإنها تعود لجنود جرى إعدامهم بعد الإستسلام بدليل الطلقة الواحدة في مؤخرة الجمجمة وهو ما يشكل جريمة حرب. أما مقبرة عنجر فيرجح أنها تحوي الذين ماتوا تحت التعذيب من قبل المخابرات السورية، ويرجح أيضاً أن معظمهم كانوا من نشطاء التيار العوني رفاق الجنرال.
لسنا بحاجة لأي ذكاء كي نعرف ما وراء صيحات أزلام سوريا حول وجود مقابر جماعية كثيرة في لبنان إقترفتها ميليشيات لبنانية مختلفة. هم يريدون تهوين الأمر على النظام السوري والطلب غير المباشر بعدم التحقيق في جريمتي عنجر واليرزة اللتين إقترفتهما دون شك سرايا نظام الأسد. نحن موقنون من هذا لكن ما نصر أن نعرفه من الجنرال هو أسباب رغبته بطي ملفي اليرزه وعنجر !!
ـ لماذا يضم الجنرال صوته إلى أصوات أزلام النظام السوري ؟
ـ لماذا الصراخ حول المقابر الأخرى الآن فقط، بعد إكتشاف جرائم سرايا نظام الأسد ؟
ـ هل المقابر الأخرى تعود لقتلى الحرب وهي بذلك لا تشكل جريمة ؟
وهل المقابر التي إقترفها اللبنانيون لها ذات الإعتبار القانوني الذي لتلك التي إقترفها السوريون الغرباء ؟
ـ وهل قتل المدفونون في عنجر قبل صدور قانون العفو كيما تكون الجريمة مشمولة بالعفو ؟
على الجنرال عون أو أحد مريديه أن يجيبنا على كل ما طرحنا من تساؤلات ؟
عبد الغني مصطفى