أصداء

الاعلام العربي و تحدي حقوق الانسان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لماذا تجاهل الاعلام العربي اعمال هيئة الانصاف و المصالحة المغربية،التي اعلنت عن انتهاء اشغالها مؤخرا؟(هيأة مكلفة بتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الانسان بالمغرب مابين 1956 و 1999 ).و هي بادرة غير مسبوقة في العالم العربي، كشفت عن ملف شائك، كان يعتبر الاقتراب منه مساسا" بالمقدسات العربية". حيث لاول مرة،تعترف الدولة المغربية رسميا بمسؤوليتها عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، التي عرفها المغرب.هل لان اشغال الهيئة لا تتوفر على الاثارة الكافية التي تبحث عنها قنواتنا العربية من تشهير بدماء الابرياء، و قطع للرؤوس ام لان السجون المغربية لا تشبه السجون العراقية؟ ام لان الصحافيين و المراسلين العرب في الرباط لم يقدروا الامر حق التقدير. فضيعوا فرصة على القارئ و المشاهد العربي الذي هو في امس الحاجة لمعرفة حقوقه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
التجربة المغربية قدمت تحديا للدول العربية، و للاعلام العربي الذي لم يكن في مستوى التجاوب الايجابي مع الحدث. فالهيئة فتحت موضوع حقوق الانسان و جعلته نقاشا مجتمعيا مفتوحا، ظل رهينة الصمت أو الطابو أو الشائعات لسنوات عديدة.وشارك في هذا النقاش، جمعيات لحقوق الانسان و احزاب و جمعيات وكذا باحثين و اكاديميين و مهتمين بحقوق الانسان. ونظمت الهيئة جلسات عمومية، لاكثر من 200 شخص ضحايا شهود في 6 مدن مغربية،تعرضوا لاختفاءات قسرية او اختطافات سياسية او عمليات اعتقال تعسفي او تعذيب داخل مراكز مجهولة. الم يكن هذا مادة مثيرة لاعلامنا العربي، يشرك فيها المواطن العربي لكي يتعرف على تاريخه السياسي، و اسباب هذه الانتهاكات الفكرية و السياسية،و ما عرفته دولنا العربية من عنف سياسي بين الدولة و المجتمع ؟.ام ان هذه الجلسات لم تكن مثيرة بما فيه الكفاية، على شكل محاكمات فيها قضاة و متهمين جلادين يجب ذكر اسمائهم و التشهير بهم و شهود و ضحايا.على شاكلة محاكمة صدام.
الاعلام العربي في عمومه لا يهمه" مصالحة الشعوب العربية مع ماضيها المليء بالقمع السياسي ".التاريخ الذي يهم القنوات العربية هو التاريخ الرسمي، تاريخ حسنين هيكل ومنقاد العراقي ". التاريخ الذي يرفض التوثيق لذاكرة الشعوب العربية، بناءا على التحريات و الكشوف الميدانية و المقابلات الشخصية مع الضحايا و تحديد مدافن المعتقلين المتوفين داخل مراكز الاعتقال، و تاريخ و فاتهم و ظروف عائلاتهم المعيشية.كما فعلت الهيئة المغربية،بلو الانفتاح و التعامل مع كل التيارات، التي تعرضت لكل انواع العنف بغض النظر عن انتمائها السياسي و الايديولوجي.اعلامنا العربي اعلام انتقائي يهدف الاثارة و الفتنةو التحريض لا الخبر و المعلومة و تقصي الحقائق من مصادرها.
النموذج المغربي في طي ملف حقوق الانسان لازال في بداية مشواره،و البحوث و الدراسات التي قامت بها الهيئة حول العنف السياسي بالمغرب،وأزماته، و الاسباب السياسيةو الفكرية والتاريخية لانتهاكات حقوق الإنسان التي عرفها المغرب منذ بداية الاستقلال، و مدى انعكاس ذلك على التطورالسياسي بالمغرب، تحتاج الى المزيد من التراكم. والاعلام مدعو للعب دوره في مناقشة هذه القضايا و تخصيص حلقات مستفيضة، تشرك الراي العام في النقاش حول حقوقه المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
أزمات العنف السياسي التي عرفها المغرب متعددة و معقدة،شارك فيها فاعلون دولتيون،كالجيش والمخابرات و الامن العام، وغير دولتيين أحيانا، لذا اكتشف خصاص خطير جدا في تنظيم أرشيف الدولة، و كانت الفرصة امام اعلامنا لسد هذه الفجوة باعداد ربورتاجات موثقة عن الجلسات العمومية التي كانت مفتوحة امام الجميع بدون استثناء، و لم يكن هنا اي عذر امام اعلامنا.
الهيئة كانت لها توصيات مهمة " كدعم التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا،وذلك عبر ترسيخ مبادئ سمو القانون الدولي على القانون الوطني. وقرينة البراءة والحق. وتطبيق استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب." وتعتبر الهيئة أن توطيد دولة القانون يتطلب إضافة إلى ذلك، "إصلاحات في مجالات الأمن والعدالة والتشريع والقانون و اتخاذ آليـات للمتابعة". كما ناشدت الاعلام بلعب دوره الكبير في نشر ثقافة حقوق الانسان، بهدف خلق جيل واع مؤمن بقيم المواطنة والتسامح والتعددية والاختلاف، وتوفير بيئة، تيسر نشوء
علاقات على أساس احترام الكرامة الانسانية وإعمال العقل و التفكير و الابداع.وذلك لكي يثبت اعلامنا مقولة "الاعلام ابن بيئته".


خالد فتحي
باحث صحفي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف