أصداء

مبارك في المولد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


في كلمته بمناسبة المولد النبوي، طالب خليفة مصر حسني مبارك من العلماء، بعد خراب مالطة، أن يغيروا فكر المسلمين "بأن الدين لله والوطن للجميع... وبأنه ليس من حق فرد أو جماعة الادعاء بأفضلية خاصة أو مرتبة أعلى... تتيح لهم احتكار الدين، أو تنصيب أنفسهم أوصياء عليه، أو التحدث باسمه نيابة عن جموع المؤمنين."
لم يقل لنا الخليفة كيف يمكن أن يقوم العلماء بهذه المهمة والتي تتعارض مع المادة الثانية من الدستور ؟ لقد أشرت في مقالة سابقة أن الرئيس مبارك أتعبنا من هذه الأحاديث غير المجدية. فهو كغيره من المسئولين في الدولة لا يعرفون إلا فن الكلام أو يؤجرون أشخاصاً لهم هذه المواهب. لأنهم يقولون ولا يفعلون. وينطبق على مبارك وشركاءه ما قاله هو نفسه في هذا الخطاب "أن الريادة والتفوق لا يتحققان أبداً بالكلمات والشعارات مهما يكن بريقها. وإنما يتحقق ذلك كله بالسعي الموصول، والعمل المخلص الدءوب، والإنتاج الجيد الوفير، والإبداع في كل ميادين الحياة.. إبداع تصنعه العقول الذكية والإرادات الحرة والهمم العالية." لا احد يعترض على هذا الكلام، ولكن ألم يكن بالأولى أن يبدأ الرئيس مبارك بنفسه ؟ أقصد أن يحقق مبدأ المواطنة بالكامل وأن الدين لله والوطن للجميع بإلغاء المادة الثانية من الدستور حتى يحق له وللعلماء أن يعلموا المسلمين هذا المبدأ ويكون هو في هذه الحالة هو نفسه قدوة يحتذى بها لأن (فاقد الشئ لا يعطيه). بما أن الدستور يخص الوطن ونظامه وأسسه وحقوق ووجبات مواطنيه، فـــلابد أن يعبر ذلك الدستور عن هذا الواقع أي أن يعلن بلا لبس حقيقةً هذا المبدأ وليس فقط في خطب ليس لها قوة القانون (ما هو الكلام ببلاش).
أن كان الرئيس مبارك صادق في كلامه ويتمنى فعلاً خير هذا الوطن، فلماذا لا يقوم بإصلاح دستوري فوري بتحقيق ما قاله بأنه ليس من حق فرد أو جماعة الادعاء بأفضلية خاصة، وذلك بجعل الدستور يخص جميع المصريين على اختلاف دياناتهم وعقائدهم ومذاهبهم وإعطاء الدستور صبغة عامة لا تخص ديناً معيناً أو شريعة خاصة ؟
قد يقول البعض أن في عصر مبارك بنينا وشيدنا وفعلنا هذا وذاك. وأنا أقول أن مبارك يغالط نفسه والشعب، فغالبية المشاريع التي أقيمت في عصره، لم تحقق أية تقدم أو رخاء للشعب المصري على الإطلاق. فهي مشاريع خادعة فإذا بنى مشروع، هدم عشرات المشاريع القائمة ! فعصره يشبه الشجرة الجميلة الشكل من الخارج، ولكن السوس يأكلها من الداخل حتى تنهار فجأة ! وهنا أستشهد بكلمات السيد المسيح له المجد عندما قال للكتبة والفريسيون "أنكم تشبهون قبوراً مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضاً من خارج تظهرون للناس أبراراً ولكنكم من داخل مشحونون رياءً وآثماً."
أن ما يقوله مبارك عن الدين لله والوطن للجميع، ليس إلا عبارات رنانة وفارغة (اسطوانة مشروخة). لأن الواقع المرير الذي يعيشه المصريين عموماً والأقباط خاصة في هذا العهد الأسود لمبارك ليس له مثيل. أن ما يحدث في ربوع مصر ضد الأقباط من قتل وخطف واعتداء على أرواح وممتلكات الأقباط أنما يدل أن مصر لم تعد كما كانت من قبل تحترم هذا المبدأ "الدين لله والوطن للجميع ". أن مبارك يستخدم لغة مزدوجة أو بحكم عسكريته يتكلم بالشفرة. ففي الوقت الذي يقول أن الدين لله والوطن للجميع، فهو يتكلم فقط عن انتماءاته الدينية، وهذا ما عبر عنه بقوله "وضربنا على أيدي الذين يسعون إلي بث الفتنة والفرقة بيننا، وإثارة البغضاء والشحناء في صفوفنا " وهو هنا يقصد الأقباط. لأنه عندما يذهب قبطي للشكوى يتهم فوراً بأنه يثير الفتنة والفرقة! عندما يطالب القبطي بحقه أو برد اعتداء حدث له من مسلم، تتهمه السلطات بالفتنة وتقوم بحبسه وتهديده وتعذيبه ! هذا هو ما يفعله مبارك تضامناً ومساندةً لجهاز أمن الدولة وهو ضرب الأقباط والقضاء عليهم.
هل يمكن أن نصدق رئيس يقول شيئاً ثم يفعل شيئاً عكسه ؟ أنني أتعجب من بعض الأقباط الذين ما زالوا يمتدحون عصر مبارك وأنه عصر حرية للأقباط ؟ لقد فقد الشعب المصري حريته منذ ثورة الحرامية وزاد ذلك في عصر مبارك. فما بالك بالأقباط ومبارك يواصل تنفيذ الخطة الوهابية بتصفية المسيحية والمسيحيين من الشرق الأوسط ؟
أننا نقول لمبارك : نريد فعل وليس كلام ! أن كنت صادق في كلامك فبرهن بالفعل على ذلك ؟ البرهان الوحيد على أن الدين لله والوطن للجميع هو إلغاء المادة الثانية من الدستور وتدعيم الحريات العامة بلا تحفظ.
أما غير ذلك فما هو إلا كما (نقول بالعامية) فض مجالس وضحك على الذقون، واستخفاف بعقلية المواطن البسيط.
كفاية يا مبارك كلام. لقد سئم الشعب عموماً والأقباط خصوصاً من الوعود الكاذبة. الشعب يريد حياة كريمة وكذلك الأقباط يريدون حريتهم الكاملة والمساواة كمواطنين مثلهم مثل غيرهم بلا زيادة ولا نقصان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف