نداء سياسي موجه إلى جلال الطالباني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فخامة السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية العراقية المحترم
الاخوة والاخوات رئيس واعضاء الجمعية الوطنية العراقية المحترمون
الاخوة والاخوات في الاحزاب والهيئات والقوى السياسية والدينية العراقية المحترمون
ايها العراقيون والعراقيات في كل مكان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اجتمعت نخبة عريضة من المثقفين والتكنوقراط العراقيين من انحاء مختلفة من هذا العالم ليلة الخامس والعشرين من شهر نيسان / ابريل 2005 وناقشت بهدوء حالة العراق الصعبة اليوم والاحتقانات الاجتماعية المريرة التي انتجتها سلسلة الاخفاقات السياسية التي منيت بها العملية السياسية في العراق .. كما تداول المجتمعون جملة من الاقتراحات وحللوا قسما من الاوضاع وطبيعة العلاقات ذات الشأن الداخلي وخصوصا ما يعج على الساحة العراقية الساخنة من اضطرابات قوية في عموم البلاد بحيث اختلطت الاوراق ما بين من يدعي مقاومة المحتل بعمليات الارهاب البشعة وما تفعله التدخلات الخفية لدول الطوق العراقي في الشؤون السياسية العراقية ناهيكم عما يجهله كل العراقيين من اجندة السياسة الامريكية وما الذي تريده الولايات المتحدة الامريكية من هكذا خلخلة مع الاحتفاظ بدورها وعلاقاتها بكل الاطراف ذات الشأن الداخلي والاقليمي والدولي .. ان الضرورة تدفعنا لكي نعرض امام السيد رئيس الدولة والجمعية العامة التي من المفترض ان تمّثل شعب العراق نداءنا من اجل حلول واقعية وبعيدة عن هذه الوضعية الصعبة التي يتصارع قادتنا الجدد على مناصب معينة من دون مصالح العراق العليا .
ولقد تداول المجتمعون ايضا الاوضاع المأساوية للشعب العراقي وحاجته الى الامن و الاستقرار والبناء والخدمات والرخاء والحفاظ على كل مكتسباته التاريخية والديمقراطية مع ضرورة تطلعاتهم الى الاستقلال والتحرر الوطني .. ناهيكم عن الحفاظ على الوحدة الوطنية التي هي من اهم ما يمكن الحفاظ عليه في المرحلة الراهنة .. ان المأزق الذي تعيشه القوى السياسية العراقية في داخل البلاد والذي خلقته لنفسها بسعي الاطراف الكبيرة التي استطاعت ان تحّصل على اكبر النسب من تصويت الناخبين في العملية الانتخابية التي باركها الشعب العراقي وامتنع عن المشاركة فيها من حالت الظروف الصعبة عن أدائه لها .. ان المأزق السياسي هذا يكاد يكون مأزقا تاريخيا وقد تكوة ن هناك اياد خفية في صنع المأساة ، ولكن القادة الجدد من السياسيين العراقيين فضلّوا مصالحهم الفئوية والطائفية والحزبية والعرقية والمحلية والهامشية وحتى الشخصية الضيقة على مصالح العراق الوطنية العليا .. مع ما يلازمهم من الضعف وما زالوا على غيهم يعمهون من دون ان يطلقوا ما الذي يريدونه بوضوح على الشعب العراقي فضلا عن كتمانهم كل ما يجري بينهم وبين الامريكيين من محادثات بل وما يمليه عليهم الامريكيون ..
أن قانون أدارة الدولة العراقية الذي أصدره مجلس الحكم السابق يعد مرجعا وحيدا لعموم فئات و شرائح المجتمع العراقي المتنوع, لما فيه من حلول سريعة وواقعية لعراق موحد مع ضوابط أساسية لضمان حقوق الأقليات أمام أستغلال الأكثرية, وعليه يكون الأساس الضروري والعادل لكتابة دستور دائم لعراق المستقبل. ولكنه بنفس الوقت يصعب تطبيعه عند تشكيل حكومة مؤقتة لمدة قصيرة, والتي ستكون أستثنائية تتصدى لمهام جسيمة وتراكم لمشاكل حياتية أساسية تسحق المواطن الذي نفذ صبره أنتظاراً لحلول واقعية, حكومة تضع مصلحة المواطن والعراق قبل كل الولآءات الأخرى. ودليلنا على هذا هو مرور ثلاثة أشهر من أحدى عشر شهراً (ما يقارب 30%) من فترة هذه الحكومة من دون الوصول لتشكيلة ترضي كافة الأطراف المتصارعة. وقد يكون هذا مقبولاً في ظروف طبيعية ولكن ليس في حالة العراق الحالية .
ان ما وصلت اليه الاوضاع في البلاد من افتقاد للامن وانتشار هائل للارهاب وحطام في كل مؤسسات الدولة وتوقف حركة اعمار العراق ونهب الثروات وتفاقم الانقسامات الطائفية نتيجة المجاهرة بالطائفية المقيتة واستشراء قوى العهد السابق في كل مرافق الدولة الوليدة والمجتمع وافتقاد الحلم الذي عاش عليه العراقيون لاربعة عقود من الزمن .. كل ذلك يجعلنا نعلن للملأ عن بياننا السياسي من اجل معالجة سريعة بتشكيل حكومة انقاذ لملأ الفراغ السياسي وان ننادي كل العراقيين وكل من له شيم واخلاق واعراق ويحمل قيم العراق الحضارية الى مطالبة القادة الجدد من العراقيين ان يبقوا في مواقعهم ضمن الجمعية العامة ممثلين للسلطة التشريعية في البلاد .. ونطالب ان لا يأتي احدهم ابدا الى الحكومة العراقية .. ان الفراغ السياسي والامني الذي خلقته سوء الادارة الامريكية وسوء القيادة العراقية بحاجة الى ان تملأه رجالات ونسوة من التكنوقراط العراقيين الحقيقيين المستقلين الذين لا علاقة لهم ابدا مع الاحزاب السائدة اليوم .. ولهم سمعتهم العلمية والدولية ولهم نزاهتهم ونظافة اياديهم وقوة دورهم وشجاعتهم وذكاءهم .. وان يتم اختيارهم لا على اساس المحاصصة ومزايداتها ، بل على اساس التوزيع السكاني للمناطق العراقية كافة .
ان سلطة تنفيذية من التكنوقراط لكل الوزارات السيادية والعادية ستملأ الفراغ بالضرورة من دون ان يتدخّل احد في شؤونها ابدا خلال المرحلة الانتقالية الحالية .. وسيدرك الامريكيون بأن حيرتهم ستتوقف ما دام الفراغ قد ملأته قوى لامعة من المختصين المعروفين عالميا الذين باستطاعتهم التعبير عن ارادة العراقيين الحقيقية لا ارادات متصارعة .. والذين سيتركون مواقعهم حال اجراء انتخابات قادمة توفرها حكومة توكنوقراط مستقلة لتكون انتخابات نزيهة ونظيفة وسياسية حقيقية لا تدخل لأي قوى او مرجعيات أو هيئات فيها .. اننا ندعو الى ان تتشكّل وزارة من اناس بعيدون جدا عن هذا السباق الماراثوني للسلطة وان تظهر الوزارة الانتقالية التي يمثلها اناس عمليون لا علاقات لهم بأي مرجعية باستثناء السلطة التشريعية في البلاد ولا علاقة للحكومة باي مرجعية دينية ولا بأي نزوعات عرقية ولا بأي تقسيمات طائفية ولا باي قوى حزبية .. ولا بأي عواطف شوفينية او بأي علاقات اقليمية ..
اننا ندعو الى ان يقف كل العراقيين معنا من اجل تطبيق هذا النداء اذا ما تبنّاه بأصرار السيد رئيس الجمهورية كي تحظى مثل هذه الوزارة بموافقة الجمعية العامة التي سوف لن يتفق اعضاؤها على اي شراكة سياسية حقيقية وسيبقى العراق غارقا في مشكلاته الجديدة ولم يستطع حسم مشكلاته المزمنة .. واننا ندعو الى ان يكاشف السياسيون العراقيين الشعب بما يمليه عليهم الامريكان بتطبيق واضح للشفافية لا المناداة بها فقط .
اننا ندعو كل القوى الدينية العراقية الى تأييد هذا " النداء " الذي يأتي من أناس لا طمع لهم بأي سلطة ولا بأي مصالح ولا بأي حسابات .. نداء من اجل انقاذ العراق الذي يراه كل العقلاء ينحدر يوما بعد آخر الى الهاوية من خلال حالة التشرذم السياسي والمحاصصات والمساومات والمفاوضات وكأننا ليس ابناء وطن واحد .. اننا ننادي كل اعضاء الجمعية العامة ان يدركوا بأن تأييدهم لأي حكومة مستقلة عنهم ستبعد العراق عن مخاطر عدة ستواجه اي حكومة انتقالية يؤلفها الجعفري او يؤلفها غيره من الساسة الجدد الذين اخفقوا الى حد اليوم جميعا في تقديم ما يحتاجه العراق واهلنا في العراق .. نتمنى ان يتعاطف شعب العراق مع هذا النداء الذي هو خطوة اولى على طريق انقاذ العراق والعراقيين .. وان يدعم هذا المشروع كل اهلنا ونخبنا ومثقفينا وكل من يريد خير العراق ومستقبل العراقيين من جماهيرنا بالكتابة والتعبير الحر .. مع تمنياتنا للعراق والعراقيين بالانتصار من اجل تحقيق الاهداف والتطلعات الكبرى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
نخبة من المثقفين والتكنوقراط العراقيين
كتب في السادس والعشرين من شهر نيسان / ابريل 2005